فضاء الرأي

أباطرة المحروقات.. وانتخابات فنزويلا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تتوفر فنزويلا على احتياطي هائل من المحروقات يجعلها وفقا لعديد الدراسات من بين دول ثمان قادرة على توفير نصف حاجيات العالم من المواد البترولية بحلول سنة 2020. إضافة إلى ذلك فإن هذا البلد هو من أهم المنتجين للمحروقات على المستوى العالمي في الوقت الراهن، وهو عضو في منظمة الأوبك وتتزود منه واشنطن بكميات كبيرة من وارداتها البترولية بكلفة زهيدة.

فكاراكاس تتميز عن الإمارات والممالك الخليجية بقربها الجغرافي من أراضي العام سام ما يجعل كلفة نقل البترول منخفضة كما أن وصوله مشحونا في ناقلات إلى سواحل الولايات المتحدة يتم في زمن قياسي مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط. وهي خصائص تجعل أنظار ساسة البيت الأبيض كما شركات النفط الأمريكية تنصب على فنزويلا كما المكسيك وعددا آخر من بلدان أمريكا اللاتينية المنتجة والمصدرة للبترول.

المستبد العادل

لكن وصول هوغو تشافيز الذي يلقبه البعض بـ"المستبد العادل" والبعض الآخر بـ"سيمون بوليفار" إلى السدة الحكم في فنزويلا نهاية القرن الماضي، واتباعه لسياسات إشتراكية هدفت للقضاء على الفقر وتحقيق العدالة الإجتماعية في البلاد، عرض المصالح الأمريكية في فنزويلا إلى الخطر وجعل كاراكاس واحدة من العواصم "المزعجة" لصناع القرار في واشنطن وكذا لأباطرة صناعة النفط في الولايات المتحدة.

لقد أعاد تشافيز بعد عقود من الفساد "الهيبة" لفنزويلا من خلال جعلها تتحكم بمواردها الطاقية من خلال صراع خاضه مع شركة النفط الوطنية التي تغولت خلال العقود التي سبقته حتى أصبحت دولة داخل الدولة ونخرها الفساد. وقد ارتبطت هذه الشركة بعلاقات وطيدة وبمصالح مع الولايات المتحدة حتى افتتحت مقرا على الأراضي الأمريكية وأصبح ساسة البلاد عاجزين عن إخضاعها وبعضهم كان يسعى لنيل رضاها.

صراع

لقد تمتعت هذه الشركة قبل وصول تشافيز باستقلالية القرار على حساب وزارة الإشراف قبل أن يعيدها "بوليفار فنزويلا" "إلى الجادة" من خلال سلسلة من الإجراءات شملت إقالة مسؤولين كبار داخلها وتعويضهم بموالين لسياسات الرئيس القادم من المؤسسة العسكرية. وكذلك من خلال الحد من هامش ربحها لصالح الدولة التي أصبحت مع تشافيز تتمتع بمداخيل إضافية لخدمة سياساتها الإجتماعية.

ولم يكن هذا الصراع مع الشركة النفطية هينا على تشافيز مع حداثة عهده بالحكم، نظرا لتغلغل هذه المؤسسة في شرايين الدولة ونظرا لسطوتها ونفوذها الواسع وارتباطاتها بالخارج، حيث تتهمها جهات عديدة بأنها تقف خلف الإنقلاب العسكري الفاشل على تشافيز الذي عرفته فنزويلا سنة 2002 والذي تمت بموجبه إزاحة الرئيس عن "عرشه" ليومين لا غير، عاد على إثرهما لممارسة مهامه.

التحالف مع روسيا

ولتحصين جبهته في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، سعى تشافيز إلى عقد حلف استراتيجي مع الدب الروسي تضمن بالأساس اتفاقيات تعاون في المجالين الطاقي والعسكري. حيث منحت فنزويلا امتيازات لموسكو في مجال صناعة النفط والغاز، كما باتت من أهم الموردين للسلاح الروسي. ووصل التعاون بين البلدين إلى حد إجراء مناورات عسكرية مشتركة أزعجت الجانب الأمريكي.

وقد أراد الكرملين من خلال هذه المناورات وفي ذلك الوقت، توجيه رسالة إلى البيت الأبيض مفادها أن روسيا بوتين غير تلك التي عرفها العالم مع بوريس يلتسين، وأنها على غرار الإتحاد السوفياتي قادرة على الوصول إلى البحر الكاراييبي وتهديد مصالح الولايات المتحدة، وأن الدب الروسي قادر على الرد على الدرع الصاروخي الذي ترغب واشنطن في تطويقه به عبر بلدان أوروبا الشرقية والقوقاز وآسيا الوسطى التي كانت فيما مضى جزء من المعسكر الشرقي.

خلافة تشافيز

لذلك فإن معركة "خلافة" تشافيز التي ستدور رحاها أواسط الشهر القادم بين نيكولاس مادورو نائب الرئيس الراحل والرئيس الحالي بالوكالة وبين هنريكي كابريليس مرشح المعارضة وزعيم حزب "بريميرو جوستيسيا" (والذي تراه جهات عديدة متميزا عن باقي المعارضين الذين ارتبط إسمهم بالفساد قبل مجيء تشافيز)، ستكون بامتياز معركة أباطرة البترول الراغبين في الهيمنة على ثروات فنزويلا واحتياطيها الهائل من المحروقات.

إذ يتوقع أن تدفع الشركات النفطية الأمريكية والبريطانية بحكوماتها إلى دعم مرشح المعارضة رغم ميوله الإشتراكية للقطع مع إرث تشافيز ممثلا بـ"مادورو". كما يتوقع أيضا أن تتحرك "الإدارة العميقة" لشركة النفط الوطنية الفنزويلية بهذا الإتجاه إحياء لـ"أمجادها الغابرة" في الإرتباط بالخارج وتحقيق استقلالية القرار عن الدولة. في المقابل فإن روسيا وشركات نفطها وأسلحتها ستكون في طليعة المساندين لنائب تشافيز حفاظا على مكاسبها، تساندها في ذلك الفئات الفقيرة والمحرومة التي آمنت بتشافيز وكذا أنظمة أمريكا اللاتينية

المعادية لسياسات الولايات المتحدة. لذلك فإن المعركة تبدو متكافئة ولن تحسم بالسهولة التي يتصورها البعض.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اباطرة ام ثائرين ؟؟؟
علي البصري -

لا ادري اذا كان كل هذه الامتيازات التي ساقها المقال عن حكام فنزويلا سيطروا على صناعة النفط لصالح شعوبهم وحسنوا مداخيل الفقراء وقضوا على الفساد ،هؤلاء انتخبهم الشعب في ديمقراطية وحرية وليسوا اباطرة ،الاباطرة من لم يحكموا بدستور وهم طغاة ومتجبرين والانكى ان هذه الدولة تدعم القضايا العربية والاسلامية وهذا سر الكراهية وقلب الامور بالمقلوب !!او ان هؤلاء اعتادوا على الانظمة الدكتاتورية من سلاطين وملوك وامراء وجمهوريات ملكية ولم يشموا نسيم الحرية ولم يذهبوا يوما او يروا صناديق الاقتراع فهم معذورون !!

الأباطرة
أنيس -

أعتقد أن الكاتب قصد بالأباطرة أصحاب شركات البترول الأمريكان والبريطانيين والروس وحتى الفنزويليين، وليس ساسة فنزويلا شافيز أو مادورو.

جرأة أكبر
أبو أيوب -

ما يحسب لكاتب المقال أنه متنوع وقادر على الكتابة في أكثر من موضوع. قرأت له في الشأن الداخلي التونسي وفي القضايا المغاربية والأوروبية والعربية والقوقاز والبلقان وآسيا الوسطى وأخيرا أمريكا اللاتينية. لكن الكاتب مطالب بجرأة أكبر وتبني مواقف ثابتة.

المستبد العادل
المتنبي -

بلدان الربيع العربي التي حكمها الإخوان بحاجة إلى إزاحة هؤلاء عن الحكم والإتيان بمستبد عادل مثل تشافيز لإعادة ضبط الأوضاع فيها. فمصر وتونس دولتان بصدد التفكك بسبب عجز الإخوان وعدم قدرتهم أن يكونوا رجال دولة.