العراق..عشر سنوات من "ديمقراطية في غرفة الإنعاش"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يفلح العراق الجديد بعد عشر سنوات من سقوط حكم صدام حسين، في بناء الدولة الديمقراطية القابلة للعيش، فالجميع في العراق اليوم يعلم قبل كافة المهتمين بتجربته و شؤونه، ان النظام الديمقراطي القائم ما كان له ليستمر يوما واحدا لو انه اخرج من غرفة الإنعاش التي وضع فيها منذ أيام الحاكم "بريمر" إلى يوم الناس هذا، أو قرر رعاته و المستفيدون من وجوده حتى و لو كان رجلا خائر الجسد مريضا، رفع أجهزة التنفس الاصطناعي عنه.
و لا تملك إلا دول قليلة في العالم العربي، و ربما العالم بأسره، هذه الرفاهية في معايشة ديمقراطية فاشلة لمدة عقد كامل من الزمان، فتكاليف الديمقراطية العراقية الفاشلة باهضة جدا ليس بمقدور أي شعب تحمل تبعاتها، و هي على سبيل المثال ليست متاحة أمام الشعب التونسي أو الشعب المصري، الذي لو قدر لديمقراطيته الفاشلة حاليا ان تستمر سنة أخرى أو سنتين لوصلت حالته إلى الخراب التام بانهيار الاقتصاد و توقف دواليب المرافق العامة عن الدوران و عموم الفوضى التامة أرجاء البلاد.
و يحق لكل من تحمس لتجربة العراق الجديد و تحمل بحب معاناة الدفاع عنها، ان يتساءل بكل براءة عن جدوى ديمقراطية ليس ثمة من ضامن لاستمرارها سوى ريع النفط و حراسة المحتل الأجنبي الذي غادر شكلا و لم يغادر حقاً، و قد يجيبه أحدهم بقوله ان يمول ريع البترول الديمقراطية خير من ان يمول الديكتاتورية، و أما عن حراسة الأجنبي فقائمة في الحالتين، و ما فارق العرب التبعية سواء كانوا في دائرة الظلم أو في دائرة المظلومية.
غير ان هذا الحال لا يسري على بلد كالعراق، في حجم تاريخه و حضارته و إنسانه و موارده، كان يعتقد ان ما كان ينقصه لتحقيق نهضته سوى الحرية، فبدا و كانه طيلة السنوات العشر الماضية قد ضيع مشروعه النهضوي مع تحقق شرط الحرية، حتى وجدت هذه الحرية نفسها بعد معايشة العراقيين للفشل الذريع المتعاقب بلا معنى، أو بالأحرى بلا فائدة أو مصداقية، ثم ما معنى هذه الحرية العاجزة عن تحقيق الأمن و إيقاف هدر الدم و وضع حد لتفجيرات الإرهابيين التي ما انفكت تحصد رؤوس الغلابى و المساكين، ممن شكلوا وقودا لحروب الديكتاتور، و يشكلون طيلة العشر سنوات الفائتة وقودا لحروب الحالمين بإعادته.
و تشكل المنطقة الخضراء العنوان الأبرز لغرفة الإنعاش التي جرى تجهيزها بأحدث الأدوات الأمريكية و الأجنبية للإبقاء على رجل الديمقراطية المريض حيا، على الرغم من شلل الدماغ و القلب و باقي أطراف الجسم، إذ من الغريب حقاً ان يقبع رجال الحكم و المسؤولين المنتخبين ديمقراطيا كل هذا الوقت غير قادرين على ممارسة وظائفهم إلا من وراء بروج مشيدة و حراسات متعددة و أجهزة أمنية تكاد تشبه أجهزة الديكتاتور من حيث حصر واجبها في حماية الحاكم لا المحكوم.
و لقد كان اختيار نظام الديمقراطية البرلمانية من باب الحرص على القطع مع ثقافة النظام الرئاسي الاستبدادي، غير ان انقسام النخب العراقية وفقا لكافة أنواع الانقسام التي جبل الله الناس عليها، دينية و قومية و مذهبية و طائفية و أيديولوجية و سياسية و فكرية و مناطقية و حزبية، جعل التوصل إلى بناء مؤسسات الحكم بعد كل انتخابات شبه معجزة لا تتيسر عادة إلا بتدخل العم السام و قرصات اذن من هنا و هناك، و ليتها كانت مؤسسات مستقرة قادرة على المضي في تنفيذ برامج محددة تحقق للشعب بعض انتظاراته، إذ ما يبرح الراعي الرسمي يغادر لقضاء شؤون أخرى في دول ثانية، حتى يعود الساسة سريعا في بغداد و النجف و اربيل و الموصل و غيرها من مدن بلاد الرافدين العامرة الحائرة، إلى ألعاب شد الحبل و كسر العظم و المناورة و المداورة التي أفرغت العملية السياسية من كل معنى، و جعلت هذه النخب البائسة في غالبيتها فاقدة لأي قيمة أو مصداقية في نظر العامة.
و يحضر ريع النفط، الذي ما كان في بلاد العرب إلا فيما ندر على أهله غير نقمة، ليمعن في إفساد الأخلاق و تمييع المعاني السامية للديمقراطية، حيث تتحول العملية السياسية إلى آلية لتوزيع الغنيمة الريعية، لتحل مكان قيم الشفافية و الكفاءة و المهنية و احترام القانون و المحاسبة، عادات المساومة و التغطية المتبادلة على الفساد و تبادل المنافع و المحاصصة و شراء الذمم و الضمائر و الأصوات، تماماً كما تحولت الحرب الأهلية في بعض الدول الفاشلة إلى اقتصاد و مصدر للارتزاق و استغلال للدول المحيطة ذات المصالح في مسعاها لإيجاد موطن قدم و الحفاظ على مركز تأثير.
و اذكر أنني كتبت مقالا نشرته صحيفة الحياة يوم ٩ نيسان/ أبريل ٢٠٠٣، قلت فيه حينها ان " أي بديل لن يكون أسوأ "، و كان قلبي معلق حينها برغبتي العقلية و العاطفية الجائحة في ان أرى العراقيين أحرارا و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، لكنني اعتقدت في نفس الوقت ان الحرية ستفك عقال العراق فتعيده إلى دائرته أنفع و أقوى، و ستجعله قاعدة لنهضة علمية و حضارية يستحقها بما يرده مثلا يحتذى في المنطقة و نموذجا ينسج على منواله، إلا انه و على الرغم من مضي سنين عشرة، و يا لأسف الذات و المعنى، ما شكلت سيرته الراهنة إلا عبئا يثقل كاهل كل حالم بالحرية و الديمقراطية، و يجبره على إعادة طرح تلك الأسئلة الكبرى عن أمة لم تنجح بعد في بناء مفهوم لها، ما تزال متأرجحة في الاختيار بين الخبز و الحرية و التقدم و الديمقراطية و العصر و الهوية.
و إذ يلوح العراق الجديد ديمقراطية فاشلة بامتياز، تهدد البلد نفسه في وجوده بالانقسام، فان تونس الجديدة و مصر الجديدة و ليبيا الجديدة و اليمن الجديد، جميعها أمثلة قد ترفد الحالة العراقية لكي لا تكون شاذة في المنطقة، و لتفقد الديمقراطيين العرب كل ثقة في النفس و تزلزل الأرض الفكرية و السياسية من تحت أقدامهم و تعمق حيرتهم المستمرة منذ دق نابليون نهاية القرن الثامن عشرة أبواب المحروسة
التعليقات
من باب الانصاف
زائر -من باب الانصاف ان توازن في ما كتبت فذكرت شر الحكومه في تبذير موارد الدوله على الانتخابات وتنكرت لدور القاعده كمنظمة واعده في تحقيق الديمقراطية للعراقيين كتبرعها في حماية مراكز الانتخاب والناخبين ونقل الشيوخ من دورهم الى مراكز الانتخابات وتشجيعها على مشاركة الاناث في العملية الانتخابية ومبادرات القاعده لتشجيع الشباب على المشاركه بالانتخابات البلديه والعامه كيف فاتك ان تبخس خدمات القاعده ودورها في بناء المجتمع المتسامح الزاهي بالديمقراطية
من باب الانصاف
زائر -من باب الانصاف ان توازن في ما كتبت فذكرت شر الحكومه في تبذير موارد الدوله على الانتخابات وتنكرت لدور القاعده كمنظمة واعده في تحقيق الديمقراطية للعراقيين كتبرعها في حماية مراكز الانتخاب والناخبين ونقل الشيوخ من دورهم الى مراكز الانتخابات وتشجيعها على مشاركة الاناث في العملية الانتخابية ومبادرات القاعده لتشجيع الشباب على المشاركه بالانتخابات البلديه والعامه كيف فاتك ان تبخس خدمات القاعده ودورها في بناء المجتمع المتسامح الزاهي بالديمقراطية
خير ان تقول الحق او تسكت
عربي -بعد عشر سنوات رأينا الديمقراطية الغربية الجديدة في العراق وعشنا ( دكتاتورية ) نظام الراحل صدام حسين ... ومن حقنا الان ان نقول ان هذه الديمقراطية حولت العراق الى بلد متخلف في كل المجالات والاول في كثير منها من حيث التخلف ولو قارنا ما حصل بما كان في نظام ( الدكتاتورية ) والله سنقول وبلا تردد ان ذلك النظام خير واحسن الاف المرات لاسباب كثيرة حيث انه كان عراقا متماسكا فيه قوانين ومؤسسات تديره وشهد تقدما في مجالات عديدة وكان العراق دولة يحسب لها حسابها عندما تذكر فأين عراق اليوم من عراق الامس ؟؟؟؟
خير ان تقول الحق او تسكت
عربي -بعد عشر سنوات رأينا الديمقراطية الغربية الجديدة في العراق وعشنا ( دكتاتورية ) نظام الراحل صدام حسين ... ومن حقنا الان ان نقول ان هذه الديمقراطية حولت العراق الى بلد متخلف في كل المجالات والاول في كثير منها من حيث التخلف ولو قارنا ما حصل بما كان في نظام ( الدكتاتورية ) والله سنقول وبلا تردد ان ذلك النظام خير واحسن الاف المرات لاسباب كثيرة حيث انه كان عراقا متماسكا فيه قوانين ومؤسسات تديره وشهد تقدما في مجالات عديدة وكان العراق دولة يحسب لها حسابها عندما تذكر فأين عراق اليوم من عراق الامس ؟؟؟؟
تصحيح
جمال -بخصوص العراق ليس صحيحا صاحب أطول ديمقراطية فاشلة ، وإنما لبنان هو الأقدم منذ تأسيسه الحديث ولغاية الآن هو يتخبط بفشله السياسي .. أقترح إدخال عنصر (( الجينات )) الوراثية وتكوين الإنسان العربي والشرقي وعلاقته بالقيم العليا والحضارة في تفسير سبب هذا الإخفاق ، وأرجو من الكاتب مراقبة الجالية العربية والشرقية التي تعيش معه في هولندا حيث يقيم ، ويرى كم واحد من أفرادها مؤمن بالديمقراطية وإحترام الآخر المختلف رغم انهم يعيشون في قلب الحضارة الأوربية ، لكنهم لم يتعلموا منها والسبب الموروث الثقافي والإجتماعي والجينات أيضا !
تصحيح
جمال -بخصوص العراق ليس صحيحا صاحب أطول ديمقراطية فاشلة ، وإنما لبنان هو الأقدم منذ تأسيسه الحديث ولغاية الآن هو يتخبط بفشله السياسي .. أقترح إدخال عنصر (( الجينات )) الوراثية وتكوين الإنسان العربي والشرقي وعلاقته بالقيم العليا والحضارة في تفسير سبب هذا الإخفاق ، وأرجو من الكاتب مراقبة الجالية العربية والشرقية التي تعيش معه في هولندا حيث يقيم ، ويرى كم واحد من أفرادها مؤمن بالديمقراطية وإحترام الآخر المختلف رغم انهم يعيشون في قلب الحضارة الأوربية ، لكنهم لم يتعلموا منها والسبب الموروث الثقافي والإجتماعي والجينات أيضا !
ديممموووقراطيه
جميل -اي ديموقراطيه هذه بربك ايها الكاتب فالكواتم والخطف والسلب والنهب والفشل هي الفيصل في عقل المالكي واحزاب ايران ...ديمقراطية السيستاني والاحزاب الدينيه ا..العراق مسخره مابعدها مسخره مع بائع سبح لايملك اي ثقافه او اي معرفه ...
ديممموووقراطيه
جميل -اي ديموقراطيه هذه بربك ايها الكاتب فالكواتم والخطف والسلب والنهب والفشل هي الفيصل في عقل المالكي واحزاب ايران ...ديمقراطية السيستاني والاحزاب الدينيه ا..العراق مسخره مابعدها مسخره مع بائع سبح لايملك اي ثقافه او اي معرفه ...
Sorry for you
Babilynier -I read all ouyr articles and find you very logical and have enough information, about what you are writting. But in this you wrot a weac one, sorry for you. You know Europe, which needed500 years to "build" democracy, why Iraqi should do it in 10years, first and second, you accept, what the terrorist are claiming.0
Sorry for you
Babilynier -I read all ouyr articles and find you very logical and have enough information, about what you are writting. But in this you wrot a weac one, sorry for you. You know Europe, which needed500 years to "build" democracy, why Iraqi should do it in 10years, first and second, you accept, what the terrorist are claiming.0
إلعب غيرها؟
فريد محمد حسون -ياأخي روح أبحث عن موضوع آخر. تونس فيها ملايين المواضيع تستحق ان تتوقف عندها بإعتبارك كاتب مهموم بقضايا شعوب العرب. او أكتب عن السينما تلك التي جعلتك مديراً لمهرجان سينمائي. لا نعرف الى متى يُنظر الكتاب العرب او ما يشابههم حول العراق، والمصيبة انهم يقترحون حلولاً وهم يعيشون في أوربا. مع التقدير لإيلاف
العكس هو الصحيح
صوت الحق -لو مرت على شعب في العالم احداث مثل ما مر على شعب العراق في ال ٥٠ سنة الماضية لتحول الشعب كله الى وحوش كاسرة ولسقطت دول واصبحت ضيع متقاتلة .. ثلاث اجيال دمرها بطل الحفرة فعلينا انتظار جيل لم يلوثه القائد الصرصورة وحزب الساقطين..
العكس هو الصحيح
صوت الحق -لو مرت على شعب في العالم احداث مثل ما مر على شعب العراق في ال ٥٠ سنة الماضية لتحول الشعب كله الى وحوش كاسرة ولسقطت دول واصبحت ضيع متقاتلة .. ثلاث اجيال دمرها بطل الحفرة فعلينا انتظار جيل لم يلوثه القائد الصرصورة وحزب الساقطين..