"صرت شيوعي"، فماذا بعد..؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"صرت شيوعي" هذا ما قاله لي احد اقاربي ذات مرة لمجرد انه سمع مني قناعات تخالف السائد.
الامر نفسه يتكرر مع الكثيرين، ما زالت اذكر صديقي طارق الذي وصفناه بالشيوعي عندما كنا اسلاميين، فقط لأنه يطرح وجهات نظر "ما بعد حداثية" وليست ماركسية.
لم يأت هذا الاستخدام من فراغ، بل حددته خلفيات واسباب عديدة، اهمها ان الشيوعيين في العراق كانوا من جانب مشككين في اغلب الثوابت الدينية والاجتماعية ومن جانب اخر هم في نظر المجتمع اهل ثقافة، عكس البعثي الذي لم يعرف عنه ذلك.
الاحترام الضمني للشيوعيين لا يخفي خشية منهم. تناقضات طبيعية في مجتمع يراهم مهددين لقيمه وثقافته وثوابته، وفي المقابل اعطى شباب هذا المجتمع الفاقد للبدائل يوما ما، الامل بالتغيير واستعادة الذات وتحسين وضع المجتمع.
ظلت "انت شيوعي" حاضرة رغم كل متغيرات العالم وتحولاته من حولنا. ولكن لم يبق الحزب يعطي الامل للشباب كما اعطاهم في عهد سابق. البريق اختفى، سلبته عنهم المرحلة التاريخية المستجدة، الشباب تغير، طموحاته ومخاوفه واولوياته اختلفت.
بدا الحزب الشيوعي لبرهة وكأنه استعاد المبادرة، عندما سجل حضور شبيبته المهم في التظاهرات غير الطائفية قبل عامين. غير ان المشهد بالفعل كان اكبر منه، سرعان ما فقد المبادرة وسط زحام المخاوف العراقية وغياب الاستراتيجية وضعف امام السلطة وقوة حضورها وتأثيرها. عاد لمخاوف ذلك الكيان السياسي التاريخي الذي عانى من دهاء السلطة او بطشها.
عقد من السنين و"اليسار" العراقي يحتفل علانية بذكرى تأسيس اهم احزابه، الجلاد لم يعد قادرا على منعه، ها هو يستذكر مجددا نضالاته. فماذا عن الحاضر والمستقبل؟.
ان روح الدعوة للدولة المدنية التي يملكها الشيوعيون، واهميته باعتباره قوة سياسية ضاغطة، ليست كافية من حزب يملك كل هذا التاريخ.
مشكلة الشيوعي العراقي ليست في كونه حزبا شموليا كما كانت قبل عقدين او ثلاثة، عقائده لم تعد تخيفنا. الايديولوجيا تكسرت فوق رؤوس حامليها، والايمان بها يبدو التزاما تراثيا ليس الا، فلا وجود للشيوعية كعقيدة شمولية. مشكلته الرئيسية هي انه حتى الان ما زال حزبا شيوعيا. هذا لا يعني ان يغير اسمه، بل ان يتصالح مع الناس ويخلق نظرة جديدة تجاهه عبر خطابه وبرامجه.
الناس تقول "خطية الشيوعيين شسوا بيهم البعث"، هذا لا يكفي كي يؤمن المجتمع بتيار سياسي، بل يخلق نوعا من التعاطف، وهو شيء مختلف عن القناعة السياسية. المطلوب قراءة جديدة للمجتمع العراقي، التوغل في بنيته والبحث عن مجساته، لتحقيق تلك القراءة، ومن ثم خلق خطاب وبرنامج يقترب منها.
ليس المهم ان يعلن الشيوعيون رفضهم للطائفية والفساد والمحسوبية والمحاصصة، الناس تسمع هذا من الجميع. المهم هو ان يقتنع الناس بالبرنامج المقدم لمحاربة الوضع الراهن. كيف يكون ذلك ومتى، هذا ما يجب التنقيب عنه قبل أي شيء. والجهد الذي يقوم به حزب لا يملك قاعدة شعبية ويعاني من بعض الاتهامات ذات الطابع الفكري، اكبر بكثير من جهد حزب اخر يمتلك علاقة متصالحة تفرضها معتقدات المجتمع او عاداته وتقاليده.
احتفلت الشيوعية لعقد، لكنها لم تستثمر أي فرصة، فما فائدة ان يتعدل قانون الانتخابات ليصعد عضو او اثنان او ثلاثة لمجلس المحافظة هنا وهناك، او لمجلس النواب. لقد ملك الشيوعيون قبل هذه الدورة نائبين، ماذا صنعا؟. كانوا يملكون ملف كركوك، ماذا فعلوا؟. ملكوا وزيرا لدورتين، ما الذي جرى؟. لا شيء.
ايضا ان تظاهرات الطبقة المثقفة في ابو نواس والمتنبي ومهرجانات "وسط المدينة" مهمة ومفيدة، لكن هذه الشريحة في العراق لا تخلق الجماهير بل تمارس الضغط. "ام العبائة المتربة"، الحمّال، الطالب، مئات الالوف من الموظفين.. هم واقع التغيير الفعلي. وأي حزب سياسي يفتقر لقناة تخاطب مع هذه الشرائح لن يكون قادرا على فعل شيء كبير، وان فعل سيكون الفعل بحدود ما يحصل: الضغط عبر النخب المثقفة التي تشترك مع الشيوعية في مطلب الدولة المدنية.
مشهد مفرح ان يحتفل الضحية بعيده علانية، ويسترق الجلاد النظر اليه بحسرة بعد ان احتفل طويلا بالسلطة. الا ان الامر لا يعدو اكثر من كونه شعورا معنويا.
التعليقات
أوافق
وسام الركابي -أوافقك الرأي من حيث التحليل العام .. والحقيقة أنه تحليل يصلح أن يكون نقداً موجهاً لأكثر من عنوان موجود في الساحة السياسية والإجتماعية العراقية اليوم ..عسى أن يعي من يوجه له (لأننا نفترض إخلاصه ووعيه بدرجة ما ، ولذا نرقب منه خيراً) الطريق الصحيح للعمل والإنتشار والتأثير في الرأي العام ..لكن التفكير محصور في (المنافع) و(العمولات) ما يمثل حاجزاً منيعاً جداً ضد أي محاولة للتذكير بمبدأ والمطالبة بعمل مخلص !!لن يحصل (تغيير) حقيقي وفاعل في الوجودات المعنية إذا إمتنع تجديد الدماء ، والعقول ، والمحرّكات فيها ..
أوافق
وسام الركابي -أوافقك الرأي من حيث التحليل العام .. والحقيقة أنه تحليل يصلح أن يكون نقداً موجهاً لأكثر من عنوان موجود في الساحة السياسية والإجتماعية العراقية اليوم ..عسى أن يعي من يوجه له (لأننا نفترض إخلاصه ووعيه بدرجة ما ، ولذا نرقب منه خيراً) الطريق الصحيح للعمل والإنتشار والتأثير في الرأي العام ..لكن التفكير محصور في (المنافع) و(العمولات) ما يمثل حاجزاً منيعاً جداً ضد أي محاولة للتذكير بمبدأ والمطالبة بعمل مخلص !!لن يحصل (تغيير) حقيقي وفاعل في الوجودات المعنية إذا إمتنع تجديد الدماء ، والعقول ، والمحرّكات فيها ..
الشيوعية منهج شخصي واجتما
رمضان عيسى -عند دراسة اي موضوع أو نظرية أو فلسفة نجد ان العرب لديهم فكره مشوهة عنها ، فالعرب لا يفهمون الا الجانب السطحي للمفاهيم والنظريات ، وهناك الكثير من يفهم الشيوعية من منظور الميراث المقدس الذي هو خليط من عادات وأساطير ووصايا دينية ، ولا يفهمون ان الشيوعية منهج فلسفي علمي للتفكير ممكن أن يتبناه شخص ، وهذا يساعده في التخلص من الضبابية والعشوائية التي يعيشها العربي هذه الأيام ، ان المذهب الثوري الذي نراه في ثنايا الأدبيات الشيوعية هو مذهب نقدي للثقافة الخطأ السائدة في المجتمع ، ان المادية الجدلية ، فلسفة الشيوعية تكشف السببية الحقيقية الكامنة خلف الأحداث والظاهرات ، وتمنحك الثقة في تصور النتائج لهذه الأسباب . بالاضافة الى هذا فهي فلسفة ذات أهداف اجتماعية تناضل ضد الظلم الاجتماعي والاقتصادي بكافة أشكاله ، لهذا فهي الملهمة للثوار ضد الظلم في العالم . فإذا كانت هذه آرائك ، فانت متمرد ومناضل من اجل حرية بلدك وجماهير بلدك المظلومين ، ولكنك لست شيوعي ، فالشيوعي هو الملتزم في حزب شيوعي ، ويلتزم بالبرنامج الحزبي ، وهذه اعلى درجات الايمان .
الشيوعية منهج شخصي واجتما
رمضان عيسى -عند دراسة اي موضوع أو نظرية أو فلسفة نجد ان العرب لديهم فكره مشوهة عنها ، فالعرب لا يفهمون الا الجانب السطحي للمفاهيم والنظريات ، وهناك الكثير من يفهم الشيوعية من منظور الميراث المقدس الذي هو خليط من عادات وأساطير ووصايا دينية ، ولا يفهمون ان الشيوعية منهج فلسفي علمي للتفكير ممكن أن يتبناه شخص ، وهذا يساعده في التخلص من الضبابية والعشوائية التي يعيشها العربي هذه الأيام ، ان المذهب الثوري الذي نراه في ثنايا الأدبيات الشيوعية هو مذهب نقدي للثقافة الخطأ السائدة في المجتمع ، ان المادية الجدلية ، فلسفة الشيوعية تكشف السببية الحقيقية الكامنة خلف الأحداث والظاهرات ، وتمنحك الثقة في تصور النتائج لهذه الأسباب . بالاضافة الى هذا فهي فلسفة ذات أهداف اجتماعية تناضل ضد الظلم الاجتماعي والاقتصادي بكافة أشكاله ، لهذا فهي الملهمة للثوار ضد الظلم في العالم . فإذا كانت هذه آرائك ، فانت متمرد ومناضل من اجل حرية بلدك وجماهير بلدك المظلومين ، ولكنك لست شيوعي ، فالشيوعي هو الملتزم في حزب شيوعي ، ويلتزم بالبرنامج الحزبي ، وهذه اعلى درجات الايمان .
السةج على المرجعيات
ابو فادي -بدون ادنى شك ان يد الشيوعي العراقي مازالت تظيفة من الفساد المالي المنتشر بين اعضاء الحكومة العراقية ومازال الشيوعي العراقي ينظر اليه على انه ممن من تبقى من العراقيين المخلصين والجاديين في بناء دولة مدنية يتساوى فيها الجميع على اساس المواطنة العراقية ولكن تسلط المرجعيات الدينية على رقاب الملايين العراقيين وتحكمهم في توجيه اصواتهم عند الانتخابات ترك الشيوعيين في عزلة تامة عن الشعب العراقي
السةج على المرجعيات
ابو فادي -بدون ادنى شك ان يد الشيوعي العراقي مازالت تظيفة من الفساد المالي المنتشر بين اعضاء الحكومة العراقية ومازال الشيوعي العراقي ينظر اليه على انه ممن من تبقى من العراقيين المخلصين والجاديين في بناء دولة مدنية يتساوى فيها الجميع على اساس المواطنة العراقية ولكن تسلط المرجعيات الدينية على رقاب الملايين العراقيين وتحكمهم في توجيه اصواتهم عند الانتخابات ترك الشيوعيين في عزلة تامة عن الشعب العراقي
شتان
كمال -شتان مابين الحزب الشيوعي والاحزاب الشيعيه المتخلفه المتسردبه بالخرافات وطيحان الحظ ...الحزب الشيوعي حزب المثقفين والمناضلين وجميع الفنانين والكتاب والادباء وليس السراق والسفله واللطامه واهل السبح ...الحزب الشيوعي تاج راس المالكي وزبانيته العفنه التي احالت العراق الى مزبله وحاوية نفايات كبيره وازالت جميع الاحزاب التي تفضحهم
opinion
ADAM CHWALL -صرت شيوعي..وماذا بعد..؟ـ لترى المشهد على حقيقته ..بدون ضبابيه او تشويه ،ولربما تزويق..هذا ماتمتاز به الاطراف المتصارعه حاليا في الحلبه السياسيه....
opinion
ADAM CHWALL -صرت شيوعي..وماذا بعد..؟ـ لترى المشهد على حقيقته ..بدون ضبابيه او تشويه ،ولربما تزويق..هذا ماتمتاز به الاطراف المتصارعه حاليا في الحلبه السياسيه....