رسالة مفتوحة الى الامين العام للأمم المتحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سيادة بان کي مون الامين العام للأمم،
أکتب لکم هذه الاسطر متمنيا أن تحظى بإهتمام و متابعة من جانبکم فذلك مايمنحنا الامل بأن الدفة الاساسية لمرکب الامم المتحدة في يدکم وانکم أنتم صاحب القرار الاهم و الاخير فيه و الذي يضع النقاط على الحروف!
بداية أود أن أوضح لکم انني من الاقلام التي تکتب ضد الانظمة الدکتاتورية و الشمولية في المنطقة بصورة عامة و في إيران بصورة خاصة، وقد قضيت أکثر من 10 أعوام من عمري في إيران و عايشت معاناة الشعب الايراني عن قرب و کثب، خصوصا وان هذا النظام يحکم و يسير الامور بمنطق ديني کهنوتي و يعتبر کل معارض ضده بمثابة محارب ضد الرب! ولعل إلقاء نظرة سريعة على الطريقة و الصيغة اللتين قام النظام الديني في إيران بتصفية مختلف الاطراف السياسية المختلفة معه فکريا ولاأقصد المخالفة معه، ذلك أن المخالف مع النظام يعتبر"بمنطق و عرف النظام" مخالفا مع الله و لذلك فإن دمه يهدر تلقائيا، ومن هنا، فإن إيران ذلك البلد الذي يعتبر صاحب حضارة عمرها أکثر من 2500 عام، والذي کان حاضرة علم و فن و أدب و ثقافة و عطاء إنساني ثر متواصل على مر الزمان، صار في الالفية الثالثة بعد الميلاد مستنقع آسن للإستبداد و دهليز مظلم لقمع الانسان و کبت و سلب ليس حرياته الاساسية فقط وانما حتى إنسانيته و في ظل ذلك لم يعد هناك من أثر للفکر و الادب والثقافة و الفن وانما هناك غول مخيف و مرعب يقتل و يعذب و يعدم و يقصي بإسم شرائع السماء التي جعلها و صيرها مجرد أدوات لتحقيق غايات و أهداف و أجندة سياسية صرفة!
سيادة الامين العام
اسمحوا لي أن أوضح لکم بوجود إختلاف شاسع بين ماعاناه و يعانيه الشعب الايراني من ظلم و قمع و إضطهاد من جانب نظامه الحالي القائم و بين کل الذي عانته الشعوب الاخرى من ظلم و قمع من جانب أنظمتها الدکتاتورية القائمة، ذلك أنه لم يکن هناك من نظام يتجرأ للجلوس على عرش الاله و إصدار أحکام الموت و الفناء و القمع بإسمه، ومن هذا المنطلق فإن مناصرة الشعب الايراني واجب إنساني ملح جدا يقع على عاتقکم شخصيا بصورة خاصة و على عاتق المجتمع الدولي بصورة عامة بل واجد الحق کله في القول بأن للشعب الايراني حق إضافي عليکم و على المجتمع الدولي يجب الإيفاء به و عدم السماح بالمزيد من تکبيل و قمع و إضطهاد هذا الشعب، وان هذا القول ينطبق بالضرورة أيضا على القوى السياسية المعارضة التي تصدت لهذا النظام الدکتاتوري و کافحت من أجل
إنقاذ الشعب الايراني من براثنه، بل وان مناصرة هذه القوى يزرع الامل و التفاؤل و ينمي الثقة بالارادة الدولية الحرة في مناصرة و مآزرة الشعوب و يساهم بوضع حد للدکتاتورية و الاستبداد بصورة تلقائية و إنسيابية.
سيادة بان کي مون!
لئن کان هنالك العديد من الذين يرفعون أصواتهم دفاعا عن قضية الحرية و الديمقراطية للشعب الايراني، لکن مايقال شئ و ماهو موجود على أرض الواقع شئ آخر، وان التدقيق في الواقع القائم تثبت بأن المعارضة الحقيقية للنظام هي تلك التي يصف النظام الديني أعضائها ب"المحاربين ضد الله"، وقطعا أن هذه الصفة لاتنطبق أبدا على تلك التيارات المنطلقة من رحم النظام نفسه بدعوى إصلاح لن يتم أبدا في ظل مرشد للنظام يعتبر نفسه حاکما بأمر الله! وانما هي تنطبق على اولئك الذين قطعوا کل خطوط الرجعة و التصالح و التوافق و الاتفاق مع النظام، وهذا مانجده يتطابق تماما مع منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة التي أثارت و تثير صداعا و أرقا يقض من مضجع النظام، ولو قمتم سيادتکم بمراجعة مواقف قادة النظام الايراني بشأن إنتفاضة الشعب الايراني عام 2009، فإنکم ستجدون أن النظام قد إتهم منظمة مجاهدي خلق بالسيطرة على الانتفاضة و توجيهها ضد النظام الديني وهو ماجاء على لسان مرشد النظام بحد ذاته، کما أن کل أدبيات النظام و إرشاداته الداخلية تؤکد على التحصن من"المنافقين"، وهي التسمية التي يطلقها النظام على أعضاء منظمة مجاهدي خلق، مما يثبت و يؤکد للعالم أجمع بالدور و الحضور القوي لهذه المنظمة في داخل إيران، وانکم لو دققتم قليلا في الصورة لوجدتم بأن النظام قد بادر الى تضييق الخناق على معسکر أشرف في العراق و الذي يعتبر سکانه أعضاء في منظمة مجاهدي خلق وان المذبحة المروعة التي وقعت لسکان المعسکر في 8/4/2011، والتي ذهب ضحيتها 36 فردا و جرح أکثر من 300 آخرون، قد جاءت في الاساس ردا على دور المنظمة في إنتفاضة 2009، بل وان إصرار النظام الايراني على نقل سکان أشرف الى مخيم ليبرتي"وإعتراف الحکومة العراقية على لسان رئيس الوزراء نفسه بالضغوطات الايرانية بهذا الاتجاه" يأتي من تخوف النظام من صيرورة اسم"معسکر أشرف" بمثابة رمز للصمود و المقاومة ضد الاستبداد و الدکتاتورية، وللأسف الشديد فقد أفلح النظام في نقل السکان الى مخيم ليبرتي غير الآمن و الذي هو أشبه مايکون بمعسکر إعتقال و ليس مخيم للاجئين کما يزعمون، وعلى الرغم من کل تلك النداءات الاستغاثات التي صدرت عن سکان المخيم أو ممثليهم في باريس بشأن الخطر المتربص بالسکان، لکن وللأسف لم يکن هناك من يجيب على تلك النداءات حتى وقع القصف الصاروخي المروع للخيم في التاسع من شباط الماضي و نجم عن مقتل 7 و جرح قرابة 50 آخرين، وهنا أجد من المناسب مکاشفتکم بشأن الدور و المهمة التي أنيطت بالسيد مارتن کوبلر و الاهداف المتوخاة من وراء عمله، ذلك أنه قد کان للسيدکوبلر دور کبير جدا في إنجاز عملية نقل السکان من معسکر أشرف الى مخيم ليبرتي و هو الذي أکد على "جاهزية" المخيم لإستقبال السکان في اوائل شباط عام 2012، في حين أثبتت الادلة و الوقائع الملموسة على الارض ان المخيم کان يفتقر الى الکثير من الخدمات الاساسية و کونه قبل ذلك مکانا غير آمن لوقوعه في منطقة نفوذ خاصة بالنظام الايراني، لکن المشکلة يا سيادة الامين العام أن السيد کوبلر لايزال مستمرا في مزاعمه و لايزال يصر على تکذيب و تفنيد آراء و مواقف و وجهات نظر سکان ليبرتي و ممثليهم في باريس و يصر على دعم و تإييد آراء و مواقف تصب في خدمة و مصلحة ليست الحکومة العراقية فقط وانما صاحب الشأن الاساسي من التضييق على سکان ليبرتي أي النظام الايراني!
سيادة بان کي مون
لئن حاول السيد کوبلر دائما تکذيب سکان ليبرتي و أکد على مصداقيته و واقعيته في إنجاز مهامه کممثل لکم، لکن ماصدر أخيرا من بيانات و مواقف للمتظاهرين العراقيين في نينوى و کرکوك و الانبار و غيرها و التي دعت الى تغيير السيد کوبلر و إستبداله بغيره لعدم أداء مهامه على الوجه الصحيح، يجب أن ينبه سيادتکم الى أن هناك فعلا ثمة شئ مريب في الخط العام للقضية مما يستوجب أن يکون لکم رأي تبتونه بهذا الخصوص لکنني أرجع في نفس الوقت لأذکرکم بماطرحته سابقا بشأن مسألة مناصرة الشعب الايراني و القوى السياسية الفعالة المکافحة بإسمه من أجل تحقيق الحرية و الديمقراطية، وأطالبکم بأن يکون لکم دور ريادي و مشرف في نصرة سکان ليبرتي و دعمهم و دعم قضيتهم التي يناضلون من أجلها وليس تقديمهم کقرابين و أضحية على معبد إرضاء النظام الديني القمعي السائد في إيران، وکلي أمل أن تجسدون موقفکم الانساني على أرض الواقع لتکونوا أول أمين عام للأمم المتحدة يبادر الى إتخاذ موقف مشرف سوف يذکره التأريخ له بأحرف من نور!