فضاء الرأي

صواريخ إيلات.. وحسابات حكومة نتنياهو

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لا شيء يشغل بال الحكومة الإسرائيلية "غضة العود" كما سابقاتها، سوى الهاجس الأمني وتبعاته على استقرار كيان الاحتلال الإسرائيلي، في ظل أوضاع سياسية واستراتيجية شديدة التعقيد والحساسية تمر بها المنطقة، وحالة الغليان الشعبي الذي تعرفه الضفة الغربية مع تصاعد وتيرة العنف والقمع ضد الأسرى.

الصاروخان اللذان سقطا في مدينة إيلات، الأسبوع أعاد تفعيل القلق الإسرائيلي إزاء إمكانية انفجار الأوضاع الأمنية. وتسود التخوفات لدى صناع القرار الإسرائيلي أن هجمات من هذا النوع، لن تبقى محصورة عند الأطراف الجنوبية للكيان، وإنما يتوقع أن تحدث هجمات صاروخية مشابهة، ضد أهداف إسرائيلية، عند منطقة خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان.بعض التحليلات الإسرائيلية وجهت اللوم إلى مصر في أعقاب إطلاق الصاروخين على إيلات، إلا أن القلق الإسرائيلي يتناول هوية الجهات التي تطلق هذه الصواريخ. فهذه هي المرة السابعة التي يتم فيها إطلاق صواريخ باتجاه إيلات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. ومشكلة الحكومة الإسرائيلية مع هذه الهجمات تكمن أنها تنفذها تنظيمات تنتمي إلى ما يسمى بالجهاد العالمي، وتعلن انتماءها إلى تنظيم القاعدة.وعليه، لا يمكن من وجهة نظر خبراء عسكريين إسرائيليين توجيه ضربات رادعة ضد إطلاق صواريخ باتجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي، كما حدث مع قطاع غزة ولبنان في السنوات الأخيرة. فهجمات تنظيمات الجهاد العالمي، في سيناء وسوريا، هي تهديد لا عنوان له وليس ثمة من يمكن تهديده وردعه، بحسب العديد من المقالات والتحليلات الإسرائيلية.المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ألكس فيشمان، أن اعتبر أن الحكومة الإسرائيلية تتحسب من تنفيذ هجمات ضد مسلحين في سيناء، بعد إطلاق صاروخين من طراز "غراد" باتجاه إيلات، خوفًا من إقدام مصر على إلغاء معاهدة السلام بين الدولتين، موضحًا أن الاستخبارات الإسرائيلية حصلت على معلومات حول نية المسلحين في سيناء تنفيذ هجوم ضد أهداف إسرائيلية، وأنه تم نقل هذه المعلومات إلى أجهزة الأمن المصرية "التي لم تفعل شيئًا لمنع الهجوم".وأكد فيشمان أنه في أعقاب ورود معلومات إلى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية حول هجوم محتمل، نصب الجيش الإسرائيلي بطارية "القبة الحديدية" لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، وزج بقوات في منطقة إيلات ورفع حالة التأهب الأمني فيها؛ لكن "القبة الحديدية" لم تعمل، وتحدثت تقارير عن حدوث خلل فيها، وأنها لم تنجح في رصد إطلاق الصاروخين.تعد مدينة إيلات مدينة استجمام وسياحة، واستمرار إطلاق الصواريخ نحوها من شأنه أن يوجه ضربة اقتصادية شديدة، في حال توقف، أو حتى انخفض، توجه السياح والمستجمين إليها خوفًا من هذا الوضع الأمني. وما لا يقل إشكالية هو حقيقة أنه يصعب تطبيق ردع يؤدي إلى وقف إطلاق الصواريخ من الأراضي المصرية. فمن أجل تحقيق ردع كهذا ينبغي توجيه تهديد ما إلى الجانب الآخر، لكن الجيش الإسرائيلي يصف سيناء دوماً بأنها "منطقة بلا حكم" وأنه "ليس ثمة من يمكن تهديده" في شبه الجزيرة من أجل وقف إطلاق الصواريخ. ومعاهدة السلام تنص على منع الكيان الإسرائيلي من القيام بأي عمل عسكري في سيناء. ومعاهدة السلام بحسب وصف عدد من السياسيين الإسرائيليين أصبحت "هشة" بعد سقوط حكم الرئيس المصري السابق، حسني مبارك. لكن إطلاق الصواريخ باتجاه إيلات حدث خلال حكم مبارك أيضاً.الصاروخان اللذان تم إطلاقهما من سيناء هما من طراز "غراد 122 ملم"، وسقوطهما في إيلات لم يفاجئ "إسرائيل" التي وصلتها معلومات استخبارية حول نية مسلحين في سيناء إطلاق صواريخ. لكن عدم عمل "القبة الحديدية" وقدرتها على مواجهة هذه الصواريخ محلية الصنع في معظم الأحيان، سببه أن الجيش الإسرائيلي خفّض مستوى حالة التأهب في صفوف قواته في تلك الفترة، بحسب زعم بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، وهو سبب لم يقنع كبار الضباط في الجيش، ولم يخمد غضب الشارع والساسة من حجم الهجوم ووقعه على الداخل، وتداعياته على مستقبل الوضع الأمني في الكيان.ولعل ما يشغل بال الحكومة الإسرائيلية وهي تواجه تحديات أمنية مع تنظيمات تعتبرها "متطرفة" و"جهادية" أنها لا تقتصر على الوضع في سيناء ومصر، بل قد يشمل سوريا وتهديد الحدود الشمالية برمتها، إذ أشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، إلى أن "إطلاق الصواريخ من جانب إحدى الفصائل المقربة من تنظيم القاعدة قد تصبح ظاهرة ستواجهها "إسرائيل" في الجولان أيضًا، وليس عند الحدود المصرية في سيناء فقط". مضيفاً أنه "في حال انضمام القاعدة والتنظيمات الموالية لها إلى صورة الوضع هذه، وكل التقديرات تشير إلى أن هذا ما سيحدث عاجلا أم آجلا بحسب محللين إسرائيليين، فإنه ليس لدى "إسرائيل" عنوان في الجانب الآخر لتتواجه معه".فهل تكون صواريخ إيلات الأخيرة تدشيناً لمرحلة جديدة من المواجهات بين كيان الاحتلال مع ما تسميه هاجساً أمنياً يتضاعف ويتصاعد دوماً مع زيارة اي مسؤول غربي أو أمريكي للمنطقة؟ وهل تسهم هذه المعالجات في زيادة الدعم الأمريكي عسكرياً لمنظومة القبة الحديدية.. والمنظومة الدفاعية الإسرائيلية برمتها؟!


... كاتب وباحثhichammunawar@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تحديث سايكس بيكو
نعم مؤامرة عمرها نصف قرن -

ما يستشفه القاريء من المقال أن اسرائيل بدأت بالإستعداد لمرحلة من الفرات الى النيل، بعد أن مهدت الطريق عصابات الخميني والأسد وحسن نصر الله والبرزاني ومرسي الصهيونية بذلك. كما خلقت اسرائيل في النصف قرن الماضي صمود وتصدي وممانعة ومقاومة وهمية لتشحد عليها وتبرر جرائمها بحق العرب وإغتصابها لأراضيهم وإجتياح لبنان، فهي تخلق الآن عصابات إرهابية لتبرر الحلم الصهيوني فقد إكتملت الإجراءات على الأرض من قتل وتهجير وتحديد حدود الدول العنصرية الأربعة اسرائيل وفارس وكردستان والنصيرية، وما يقوم به حسن نصر الله في القصير والمالكي في الأنبار سوى وضع اللمسات الأخيرة وبعض الروتوشات لهذه الخطة الصهيونية.

العقل الفلسطيني
سلام -

يبدو أن العقل الفلسطيني لم يتعلم أي شيء من دروس الماضي. لقد راهن هذا العقل على هتلر والنازية لكي يبيد اليهود ويمنع قيام دولة إسرائيل، لكن هذا الرهان فشل وكان وبالاً على الشعب الفلسطيني. بعدها رفض هذا العقل قرار التقسيم وراهن على الجيوش العربية والكفاح المسلح، وأيضاً فشل الرهان ولم يتحقق أي شيء للشعب الفلسطيني. والآن يبدو أن هذا العقل - كما يوحي هذا المقال - أخذ يراهن على القاعدة لكي تحقق للشعب الفلسطيني ما عجزت عنه الجيوش العربية والكفاح المسلح وحماس. أمل أن أكون مخطئاً، ذلك أن مراهنة العقل الفلسطيني على منظمة القاعدة ومن على شاكلتها من منظمات إرهابية، سوف يؤدي الى بالتأكيد نهاية أي تعاطف دولي مع الشعب الفلسطيني، وبالتالي القضاء النهائي على شيء إسمه " القضية الفلسطينية ".