أصداء

صراع الوجود و الفناء

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك



تورط النظام الايراني في الازمة السورية الراهنة و بلوغها مرحلة بالغة الحساسية بحيث بات هذا النظام و عن قصد و سابق إصرار يقطع کل يوم شوطا أخطر من الايام السابقة و يحرق کل اوراق الامل بعودته ولو بماء وجهه من هذا المشوار الدموي الکئيب، هذا التورط يسميه النظام في مجالسه الخاصة بمواجهة الوجود و الفناء لأنه و بعد حسم الموقف بصورة جلية يتبين تماما الخيط الابيض من الاسود و توضع النقاط على الحروف.

التحالف الاستراتيجي القائم بين النظام الايراني و النظام السوري و الذي يعول عليه الاول الکثير و يکاد أن يجعل منه حجر الزاوية الاساسي في تصميم و بناء و توجيه کافة مخططاته و أجندته في المنطقة، ليس في وسع النظام الايراني کما قد يعتقد البعض التخلي عنه بهذه السهولة، لأن ذلك يعني إنهيار الرکائز الاساسية لإستراتيجيته الموجهة من أجل تزعم العالم الاسلامي و السيطرة عليه، ولذلك فليس من وجه الغرابة أبدا أن نجد هناك دائما تقدم للأمام بإتجاه المزيد من التورط في الملف السوري و ليس العکس.

ان مسألة بناء مايکون أشبه بإمبراطورية اسلامية بقيادة مرشد النظام الايراني، هو الهدف الاساسي الذي يعمل من أجله النظام الايراني و من المؤکد بأنه من المحال تخليه عن هذه الفکرة او تغييرها، وانما هو مستعد فقط لتغيير طرق و اساليب و وسائل الوصول الى هذا الهدف و جعله أمرا واقعا، وقد إعتمد النظام على رکيزتي النظام السوري و دويلة حزب الله في لبنان وهو يعمل حاليا من أجل إلحاق العراق کرکيزة جديدة أخرى في سبيل تحقيق هذا الهدف، لکن التطورات و المستجدات السياسية و الامنية التي حدثت على صعيد المنطقة بعد أحداث الربيع العربي، أثرت کما يبدو و بشکل غير عادي على هذه الاستراتيجية ولاسيما بعد أن وصلت رياح التغيير الى عقر دار النظام السوري حتى صارت المراهنات الدولية وليس الاقليمية کثيرة على سقوطه، وقطعا فإن سقوط النظام السوري يعني تلقائيا خنق و إجهاض دويلة حزب الله مما سيقضي على کافة أحلام النظام الديني في إيران و تصل درجة الخطورة في القضية الى حد التهديد المبرم بالتمهيد الفعلي لإسقاط النظام نفسه، ولذلك فإن هذا النظام يعمل بکل طاقاته و جهده من أجل الحيلولة دون ذلك او على الاقل تأخيره لحد إيجاد خيارات و طرق بديلة أخرى لإستمرار استراتيجيته هذه.

النزول المباشر و المکشوف لميليشيات حزب الله اللبناني الى سوح القتال و المواجهة في سوريا بعد أن کان الامر لحد الاسابيع المنصرمة بشکل غير مباشر و غير مکشوف، هو تمهيد لمرحلة أکثر خطورة سيتجسد في جعل تدخل النظام الايراني ذاته مباشرا و من دون أية تورية او مواربة و سوق قوات"حرسه"الثوري من النخبة الخاصة الى داخل سوريا و الشروع في المحاولة الاخيرة الکبرى التي لن تکون بعدها من أية محاولة أخرى، ولعل مايتم تأکيده من قبل اوساط سياسية و إعلامية مطلعة بشأن ان هناك تدفق لقوات الحرس الثوري الايراني الى لبنان تحت مسميات و عناوين مختلفة، يثبت حقيقة أن النظام الايراني يعد فعلا للتدخل المباشر في المستنقع السوري بعدما صار تورط حزب الله أمرا مفروغا منه وهو ماسيکلف هذا الحزب الکثير لأن مواجهة ثورة شعب ليست کتلك المواجهة"المفتعلة"و"المعد لها بدقة"مع اسرائيل، ذلك أن شعوب المنطقة لن تتقبل ذبح أبناء الشعب السوري الثائرين على نظامهم القمعي على أنهم"عملاء لأمريکا و اسرائيل"، ولاسيما بعد أن إکتسبت مسألة تدخل حزب الله بعد و طابعا طائفيا وهو مايعقد المسألة و يدفعها بإتجاهات و سياقات هي تماما غير تلك التي حلم او يحلم بها نظام ولاية الفقيه، والذي يلفت النظر هنا بشکل خاص هي الاحداث و التطورات الاخيرة في العراق نفسه بعد أحداث الحويجة، إذ أن تدخل حزب الله في سوريا و ماجرى في الحويجة أعطى إنطباعا کاملا للشارعين العربي و الاسلامي بأن هناك ثمة مخطط طائفي مقيت يخدم أهداف و أجندة محددة مرتبطة بالنظام الايراني وهو مايمکن أن يرسم ملامح سيناريو جديد يتمثل في مواجهة بين شعوب المنطقة"وليس الدول"، والنظام الايراني، وهي مواجهة سيکون النظام الايراني في نهاية المطاف بمثابة الخاسر الاکبر من دون أدنى شك.

الاستعجال الملفت للنظر لنظام ولاية الفقيه على صعيدي الاحداث في سوريا و العراق، يرتبط بتخوفه من الاحتمالات المترتبة على تداخل السيناريوهات و تتدافع الاحداث بصورة غير مألوفة، خصوصا بعدما بدأ الصبر الدولي ينفذ من"التمويه و الکذب"و"اللف و الدوران"الذي يستخدمه النظام الايراني مع المجتمع الدولي بشأن ملفه النووي و سعيه لتوظيف عامل الوقت من أجل تحقيق هدفه بالحصول على القنبلة النووية کي يصبح مشروع إمبراطوريته الاسلامية في ظل ذلك أمرا قابلا للتحقيق و ليس مستحيلا کما هو الحال الان، لکن الخطر الاکبر الذي يهدد نظام ولاية الفقيه و يتحسب و يتخوف منه أکثر من أي تهديد او خطر آخر هو بروز التهديد القوي لمنظمة مجاهدي خلق ضده و العمل المنظم و الدؤوب الذي قامت و تقوم به هذه المنظمة بهذا الخصوص، وقد تجسد هلع النظام من مسألة بروز المنظمة و إکتساحها للساحة الدولية و تحقيقها إنتصارات غير عادية، الى الحد الذي يبادر فيه الناطق بإسم وزارة خارجية النظام مهمانبرست الى التصريح بإستعداد نظامه لإجراء المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة الامريکية بشأن الملف النووي شريطة قطع الدعم عن منظمة مجاهدي خلق! هذا في الوقت الذي يجب الاقرار بأن المنظمة قد خاضت صراعا سياسيا و قضائيا أکثر من مرير مع الادارات الامريکية المتعاقبة من أجل إخراجها من قائمة الارهاب والذي کان في الاساس صفقة سياسية مشبوهة خسرت فيها واشنطن الکثير و أدارت ظهرها لنضال الشعب الايراني من أجل الحرية و قدمت دعما و إسنادا مشبوها لنظام الملالي و الذي ساعده في النتيجة على إضطهاد و قمع الشعب الايراني و فرض وجوده بالحديد و النار، لکن تصريح مهمانبرست بالاضافة الى الرسائل الاخرى"الاکثر من عديدة" للنظام و التي بعثها لواشنطن من أجل الالتفاف على منظمة مجاهدي خلق و إحياء واقع مسخ و مشوه شبيه بذاك الذي ساهمت بصنعه قبل 15 عاما عندما نجحت في إدراج منظمة مجاهدي خلق داخل قائمة الارهاب في الوقت الذي يمکن إعتبار النظام الايراني أکبر مصنع لتصميم و صناعة و تمويل الارهاب!

صراع الوجود و الفناء، التعبير الوحيد الذي يمکن أن يناسب تماما مافعله و يفعله نظام الدجل و الارهاب في سوريا، لکن من الواضح جدا أن هذا النظام وعلى الرغم من أنه يقوم بإستخدام کافة إحتياطاته في الملف السوري من أجل حسمه بسياق يتفق نوعا ما مع مصالحه و أهدافه، فإن إمکانياته لن تصل أبدا الى مستوى إمکانيات الولايات المتحدة الامريکية عندما تورطت في المستنقع الفيتنامي و إضطرت اخيرا الى الاقرار بالهزيمة و جر أذيال الخيبة و الخروج من المستنقع بأکثر من فضيحة وليس حتى بماء الوجه، ولذلك فإن نظام الملالي سيدفع ضريبة أکثر من باهضة على هذا الصراع غير المجدي الذي يخوضه و الذي قطعا لن ينتهي إلا بنهايته!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حروب بائسة
علي البصري -

بعد ان عجز الاسرائيلين من انهاء حزب الله واخراجه من الساحة كان لابد من ستراتجية جديدة وهذه الستراتجية تتمثل في تطويق حزب الله من سورية قاعدته ومصدر اسلحته وظهره ثم ان سورية فيها العلوين يحكمون وان قطاعات كثيرة من السورين ضد الوضع فجرى استثمار الوضع لهذه الاهداف ،استدرك الايرانين وحزب الله والشيعة عموما ان الخطة هي حرب سنية امريكية بعد ان كانت شيعية امريكية اسقطت صدام ويبدو ان الحرب قد طالت لاسقاط الاسد وهي امام امرين اما بلقنة سورية او تقسيمها او جر كل الشيعة والسنة لحرب طاحنة وجر حزب الله وايران والسنة لمستنقع للتخلص من الجميع والنتيجة واضحة مثل الحرب العراقية الايرانية او اسوء دماء اسلامية عربية واموال خليجية والرابح واضح والخاسون العرب والمسلون كالعادة فهل من متعض لا اعتقد ان احد سوف يخرج من هذه الحلبة ونارهم تاكل حطبهم .

من نبوخذ نصر الى صدام
عامر القندرجي -

نفس الخطاب من 1980 وحتى دخول الاكراد الى ذات الحلبة....(ولذلك فإن نظام الملالي سيدفع ضريبة أکثر من باهضة على هذا الصراع غير المجدي الذي يخوضه و الذي قطعا لن ينتهي إلا بنهايته!)