زهقت من الكتابة في السياسة

لم اكتب منذ ثلاثة أسابيع لان نفسي مسدودة من الكتابة، وأكثرت من اكل الخيار المخلل على أساس ان الخيار المخلل يفتح الشهية ولكن المخلل عمل مفعوله وفتح شهيتي للأكل فقط، ولم يفتح الشهية للكتابة.

والسبب الأساسي هو ان نفسي مسدودة عن الكتابة هو "التكرار" والملل، وقديما قيل ان التكرار يعلم الشطار وفي قول آخر ان التكرار يعلم الحمار، ويبدو ان الحمار قد تعلم من كتر التكرار ولكن الشطار لم يتعلموا وما اكثرهم في بلادنا الجميلة .نفس المشاكل تتكرر ونفس التصرفات تجاه نفس المشاكل تتكرر ولا احد يتعلم شيئا لا من التاريخ ولا الجغرافيا ولا الحساب، حتى الدين وجدتهم يخترعون دينا جديدا، مع ان الدين هو الثابت الوحيد.جاءت ثورة عبد الناصر ٢٣ يوليو ١٩٥٢، فأزاحت الملك فاروق وأطلقت عليه الملك المخلوع وأطلقت على عهد فاروق العهد البائد، وتعلمنا في مدارسنا ان عهد الملك فاروق وأباه وجدوده كانت عهود بائدة وعهود ظلام وان تاريخ مصر كله بدا مع عبد الناصر الذي علمنا الكرامة!! وبعد قرابة الربع قرن ويزيد بدا الناس يترحمون على ايام الملك فاروق واليوم ينشرون في النت صور مصر الجميلة ايام النظام الملكي. وبعد ستون عاما جاءت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ والتي ركبها الاخوان باقتدار ودلدلوا أرجلهم، فأطلقوا على عهد حسني مبارك أيضاً بانه العهد البائد واطلقوا على مبارك لقب الرئيس مخلوع، وبداوا ينشرون وسط الناس ان عهد مبارك كله كان زفت وقطران وفساد ولم يشهد أي صفحة بيضاء أو صفراء او حتى رمادي، ولكن صفحاته كلها سوداء. وان تاريخ مصر بدا مع تاريخ الاخوان، وان الحضارة الفرعونية حضارة عفنة، ولم تمض سنتان حتى بدا العديد من الناس يترحمون عى عهد مبارك وبلغ أعضاء صفحة إسفين يا ريس مليون عضو على الفيس بوك( وأنا منهم)!! كتبت عن كل شئ بلا أي نتيجة بل المشاكل نفسها تتكرر والأخطاء نفسها تتكرر، وتعريف الغباء حسب الخواجة أينشتاين هو ان تفعل نفس الأخطاء مرارا وتكرارا وتتوقع في كل مرة نتائج مختلفة!! كتبت منذ عشر سنوات ان الانفجار السكاني هو أخطر أسلحة الدمار الشامل، فلم يحدث أي شئ بل على العكس زاد عدد سكان مصر خلال تلك الفترة حوالي ١٥ مليون أي مايعادل سكان دول الاسكندنافية مجتمعة!!كتبت أيضاً منذ حوالي ثمان سنوات ان تحرير الشعوب يبدا بتحرير المراة وتوقعت ان تزيد حرية المراة، ولكن ما حدث انه زادت ظاهرة ارتداء النقاب في مصر وزاد التحرش بالمرأة وظهرت صيحات تطالب بانه على المراة الا تخرج من بيتها سوى مرتان مرة الي بيت زوجها ومرة إلى القبر!كتبت عن الفتاوي العجيبة مثل فتوى إرضاع الكبير، فكتبت "إرضاع الكبير على الطريقة الامريكية" وكتبت عن فتوى العلاج بشرب بول الأبل، فزادت الفتاوى العجيبة انتشارا ، حتى سمعنا عن فتاوى من نوع تحريم جلوس المراة على الإنترنت بغير محرم ، واظرف فتوى هي الفتوى بإحلال اكل لحم الجن!! يا سيدنا الشيخ هي الناس لاقية تأكل لحم بقر لما حتا كل لحم جن!! كتبت عن مشكلة فلسطين وأنها مشكلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وان الحل هو السلام بين الطرفين بدون أي وسيط، فاتهموني بأنني أؤيد التطبيع وبأنني أبيع القضية، وكأنه بقى شئ من القضية لم يباع!! ولم يحدث سلام ولم تحدث حرب، وثبت بالدليل القطعي بان العرب غير راغبون في السلام وعاجزون عن الحرب. وان حالة اللاحرب واللاسلم هي افضل حالة ولسان العرب يقول: "انا مبسوط كده ... انا مرتاح كده" واهو كله بيسترزق من القضيةالفلسطينية. انتقدت حماس في حربها مع فتح فقيل أنني عميل للموساد، وبعد سنوات طويلة من الحرب بين فتح وحماس لم تتم المصالحة، واذا فشل الفلسطينيون في الصلح مع بعضهم البعض، فكيف تتوقعون صلحا بينهم وبين إسرائيل؟؟ انتقدت الاخوان المسلمين فقيل أنني علماني وليبرالي، ولم يتحسن أداء الاخوان بعد. أعلنت صراحة أنني ليبرالي وعلماني وافتخر، فتم تكفيري ووضعي في قائمة الملحدين العرب!! انتقدت جبهة الإنقاذ المصرية على أدائها وعدم اعترافها بالرئيس مرسي ورفضها التعاون مع الاخوان، فقيل أنني إخوانجي !! كتبت عن اننا يجب ان نتعلم وناخذ التجربة من إنجازات الشيخ محمد بن راشد في جعل دبي مركز متميز في العالم يزوره المستثمرون والسياح من كل بلاد العالم. فقيل أنني أطمع في دنانير الخليج، واخذتنا العزة بالاثم وبدلا من ان نتخذ دبي نموذجا في التخطيط والتنمية ، رحنا ننقل تجارب باكستان والصومال وافغانستان وحسن اولائك رفيقا!!كتبت عن جريمة ١١ سبتمبر فقيل أنني تامركت وربما أصبحت عميلا للمخابرات الامريكية، واستمرت جرائم التفجير ضد الأبرياء في جميع أنحاء العالم بواسطة تنظيم القاعدة وغيرها.كتبت عن مشاكل نهر النيل وبلدان حوض نهر النيل بل وعرضت حلولا ، ولم يحدث شئ أيضاً وسوف نظل على اعتقادنا بان نهر النيل سيستمر في الفيضان والجريان للأبد!!كتبت عن التفرقة في المعاملة ضد المسيحيين في العالم العربي فاعتقد الكثير بأنني مسيحي أو أنني صهيوني مسيحي، وزاد الاضطهاد ضد المسيحيين وبدأت موجه هجرة كبيرة من المسيحيين إلى خارج بلدان الشرق الوسط.كتبت ان التنمية هي الحل، فقيل لا الاسلام هو الحل، فلم تحدث تنمية ولم يحدث إسلام!!طيب اعمل ايه؟؟ اقطع نفسي، لذلك قررت التوقف عن الكتابة في السياسة حتى أرى تقدما أو أرى حلا لأي مشكلة، يا عالم يا هو "اريد حلا"!!طيب وماذا سأكتب إذن، قررت كتابة رواية باللغة الانجليزية، لعل وعسى يقرأ لي أي مواطن كافر أو غير كافر من أهل الفرنجة.وسوف اكتب بالعربية عن أمور العلم والفن والأدب وربما قلة الأدب أحياناوكل عام وانتم بخير samybehiri@aol.com وتابعونا على تويتر@samybehiri