فضاء الرأي

تتبع المسارات التاريخية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لايمكن معرفة واقع العالم الإسلامي المريض مالم يفهم ضمن قانون ( الصيرورة التاريخية )

السقوط والتمزق الحالي هو ثمرة لأفكار تشكلت عبر القرون ، ولذا لابد أولاً من الغوص في بطن التاريخ لملاحقة الأحداث وتتابعها وترابطها وتأثيرها في بعضها البعض ، فلا يمكن فهم الحدث لوحده معلقاً في الهواء . فعلينا إذن أن نتتبع المسارات التاريخية لفهم أفضلَ لواقع الكارثة في العالم الإسلامي اليوم . عندما كنت في زيارة لمدينة طليطلة ( TOLIDO ) في اسبانيا كنت مهتما برؤية نهر ( التاجه ) والسبب في ذلك هو الانطباع الذي أخذته من كتب التاريخ عن مناعة البلدة ، وأثناء الجولة السياحية تأملت المنحدر الجرانيتي العميق للنهر ، والذي يطوق البلد وكأنه ( التاج ) الذي أخذ النهر منه اسمه . كما تأملت الحصون الثلاثية المرتفعة التي شكلت مناعة خاصة للبلد ، كلفت الاسبان يومها حصاراً مديداً ، قبل أن تسقط ( العاصمة التقليدية ) لشبه الجزيرة الايبرية عام 1085 بأيديهم ، ولكن مع سقوط طليطلة حصل تطور خطير في مصير الاندلس برمته ، وهو انكسار التوازن الاستراتيجي في شبه الجزيرة الايبرية لحساب الاسبان ضد المسلمين ، الذين لم يدركوا يومها تطور المنحنى البياني التاريخي ضدهم ، لإن خلافاتهم الداخلية وصراع العروش الهزيل أنساهم حتى هدير الطوفان المزمجر حولهم . جاء في كتاب دول الطوائف مايلي : (( وهكذا سقطت الحاضرة الأندلسية الكبرى وخرجت من قبضة الإسلام إلى الأبد .. بعد أن حكمها الإسلام ثلاثمائة وسبعين عاماً . ومنذ ذلك الحين تغدو طليطلة حاضرة لمملكة قشتالة ، ويغدو قصرها منزلاً للبلاط القشتالي بعد أن كان منزلاً للولاة المسلمين . وقد كانت بمنعتها المأثورة ، وموقعها الفذ في منحنى نهر التاجه حصن الأندلس الشمالي وسدها المنيع الذي يرد عنها عادية النصرانية ، فجاء سقوطها ضربة شديدة لمنعة الأندلس وسلامتها . وانقلب ميزان القوى القديم ، فبدأت قوى الإسلام تفقد تفوقها في شبه الجزيرة ، بعد أن استطاعت أن تحافظ عليه زهاء أربعة قرون ، وأضحى تفوق القوى النصرانية أمراً لاشك فيه ، ومنذ ذلك الحين تدخل سياسة الاسترداد الاسبانية ( لا .. ري كونكيستا LA RECONQUISTA ) في طور جديد قوي ، وتتقاطر الجيوش القشتالية لأول مرة منذ الفتح الإسلامي عبر نهر التاجه إلى أراضي الأندلس تحمل إليها أعلام الدمار والموت ، وتقتطع أشلاءها تباعاً في سلسلة لاتنقطع من الغزوات والحروب )) كان سقوط طليطلة عام 1085 م الموافق عام 478 هـ ، ويوافق أيضاً مرور 80 سنة على تفشي مرض ( دول الطوائف ) في الأندلس ، فبعد أن غابت الدولة الأموية عن الوجود عام 399 هـ ، بدأت عملية التفسخ الحضاري تأخذ مداها في الجسم الإسلامي ولمدة جيلين بالكامل ، وعاصر الإمام ابن حزم هذه الفترة وذكرها بسخط شديد ، وخلد الشعر العربي تلك المرحلة بالتعبير : ( أوصاف مملكة في غير موضعها ..... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد ) ولكن سقوط ( طليطلة ) بوجه خاص أدخل الفزع بشكل جدي إلى مفاصل ملوك الطوائف ، فهرعوا إلى الدولة الفتية الناشئة في المغرب ( دولة المرابطين ) مع علمهم أن هذا هو نهايتهم على كافة الأحوال سواء على يد ( الفونسو السادس ) أو على يد ( يوسف بن تاشفين ) فقال المعتمد بن العبَّاد قولته الشهيرة ( إن كان ولابد من أحدهما : فرعي الجمال أحب إليِّ من رعي الخنازير !! ) . وكانت معركة ( الزلاَّقة ) على حدود ( البرتغال الحالية ) بين نهري ( جريرو ) و ( جبورة ) من جانب ونهر ( الوادي ) من الأسفل في سهل الزلاَّقة الذي يأخذ اسم ( ساكراخاس ) اليوم ، وكان ذلك يوم الجمعة 12 رجب سنة 479 هـ الموافق 23 اكتوبر تشرين الأول سنة 1086 م أي بعد عام واحد من سقوط طليطلة المفجع . وفيها تم تمزيق الجيش الأسباني بمجموعة من تكتيكات حربية استخدمها العجوز المحنك والبالغ من العمر ثمانون عاماً ( بن تاشفين ) . إلا أن هذا النصر في الواقع لم يكن أكثر من كابح مؤقت لمعارك الاسترداد الاسبانية ، فالمرض في المجتمع الإسلامي كان أفظع من أن يعالج بمعركة هنا وهناك ، لإن العفن كان قد وصل إلى مخ العظام ، وهذا الذي أدركه ابن تاشفين الذي حام حول مدينة طليطلة التي كانت هدفاً استراتيجياً لحملته التي جاء بها إلى الجزيرة ، فأدرك استحالة استردادها ، واكتفى بمسح دول الطوائف الهزيلة ، وبناء دولة مركزية مرتبطة بدولة المرابطين .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لماذا تبكون الأندلس وتطال
Almouhajer -

وتطالبون بفلسطين ؟؟ أليس احتلال الأندلس من قبل العرب إحتلالاً ؟ أم أنه , كما تنافقون فتحاً (مبيناً) لنشر الإسلام ؟ هكذا يجب أن يكون مصير كل معتدي على أراضي الغير . فقد نال العرب جزاءهم وطُردوا من أسبانيا . أتمنى أن يتفكر العرب ويتخلصوا , مما وصفه بدقة كاتبنا الكريم ((فالمرض في المجتمع الإسلامي كان أفظع من أن يعالج بمعركة هنا وهناك ، لإن العفن كان قد وصل إلى مخ العظام)) ويتركوا الدين لله ويجعلوا الوطن للجميع . عندها قد تفيق هذه الأمة من غفوتها وتحافظ على عقولها وتبني حضارة البشر لا حضارة الحجر والأبراج قياسية الإرتفاعات . وتستطيع بناء النفس العربية , التي هي وحدها القادرة على طرد المحتل الإسرائيلي .

لماذا تبكون الأندلس وتطال
Almouhajer -

وتطالبون بفلسطين ؟؟ أليس احتلال الأندلس من قبل العرب إحتلالاً ؟ أم أنه , كما تنافقون فتحاً (مبيناً) لنشر الإسلام ؟ هكذا يجب أن يكون مصير كل معتدي على أراضي الغير . فقد نال العرب جزاءهم وطُردوا من أسبانيا . أتمنى أن يتفكر العرب ويتخلصوا , مما وصفه بدقة كاتبنا الكريم ((فالمرض في المجتمع الإسلامي كان أفظع من أن يعالج بمعركة هنا وهناك ، لإن العفن كان قد وصل إلى مخ العظام)) ويتركوا الدين لله ويجعلوا الوطن للجميع . عندها قد تفيق هذه الأمة من غفوتها وتحافظ على عقولها وتبني حضارة البشر لا حضارة الحجر والأبراج قياسية الإرتفاعات . وتستطيع بناء النفس العربية , التي هي وحدها القادرة على طرد المحتل الإسرائيلي .

الداء ....والدواء!!!!!!!!
مضطهد سابقا!!!!!! -

بدات المقالة في محاولة لطرح اعراض مرض اصاب امة الاسلام ,بعد ذلك اعطيت للقارئ طرحا تاريخيا في محاولة لربطه باسباب المرض . وقفت بعدها حائرا لا تملك الجراءة الكافية لتعلن للقارئ انك شخصت المرض ,واقرب ما وصلت الى ذلك هو حين قلت (فالمرض في المجتمع الإسلامي كان أفظع من أن يعالج بمعركة هنا وهناك ، لإن العفن كان قد وصل إلى مخ العظام ). انحرفت عن مسارك وختمت الموضوع ناقصا العلاج ....... والان لو سمحت لي بكلمة قصيرة ,وهي ان المرض نفسه هو المريض وان احداث 11 سبتمبر ايقظت الغرب لمعرفة المريض والمرض ,وما يحدث الان في امة الاسلام من شرقها الى غربها ما هو الا الدواء الذي قدمه الغرب لعلاج المرض ,ولا احد يدري ما هو العلاج الذي سيستخدم في المرحلة الثانية التي انطلقت بعد احداث 15 من نيسان (ابريل) في بوسطن .ان العلاج قريب لكل من يدعي انه يستلم الاوامر من عند الله ........

الداء ....والدواء!!!!!!!!
مضطهد سابقا!!!!!! -

بدات المقالة في محاولة لطرح اعراض مرض اصاب امة الاسلام ,بعد ذلك اعطيت للقارئ طرحا تاريخيا في محاولة لربطه باسباب المرض . وقفت بعدها حائرا لا تملك الجراءة الكافية لتعلن للقارئ انك شخصت المرض ,واقرب ما وصلت الى ذلك هو حين قلت (فالمرض في المجتمع الإسلامي كان أفظع من أن يعالج بمعركة هنا وهناك ، لإن العفن كان قد وصل إلى مخ العظام ). انحرفت عن مسارك وختمت الموضوع ناقصا العلاج ....... والان لو سمحت لي بكلمة قصيرة ,وهي ان المرض نفسه هو المريض وان احداث 11 سبتمبر ايقظت الغرب لمعرفة المريض والمرض ,وما يحدث الان في امة الاسلام من شرقها الى غربها ما هو الا الدواء الذي قدمه الغرب لعلاج المرض ,ولا احد يدري ما هو العلاج الذي سيستخدم في المرحلة الثانية التي انطلقت بعد احداث 15 من نيسان (ابريل) في بوسطن .ان العلاج قريب لكل من يدعي انه يستلم الاوامر من عند الله ........

سقوط الأحتلال الصليبيّ
فاروق-لبنان -

و قد سبق للأمبراطوريّة الرومانيّة-الصليبيّة وحروبها تحت مسمّى الصّليب.. أن وصلت الى أقاصي الأرض و احتلّت ما احتلّته من الأراضي و الحجر و الشجر .. ثمّ عادت و تقهقرت.. و أصبح الفكر الصليبيّ في المجتمع الغربيّ اليوم هو فكر رجعيّ و غير معموله به.. و تمّ اقتصاره على مساحة صغيرة جدّا في أوروبا اليوم.. و التي هي الفاتيكان.. و حتّى الفاتيكان تنكّر لما فعلته الأمبراطوريّة الصليبيّة المحتلّة.. و أصبح يجد عبارات أكثر توازن تتلائم مع الواقع الجديد

سقوط الأحتلال الصليبيّ
فاروق-لبنان -

و قد سبق للأمبراطوريّة الرومانيّة-الصليبيّة وحروبها تحت مسمّى الصّليب.. أن وصلت الى أقاصي الأرض و احتلّت ما احتلّته من الأراضي و الحجر و الشجر .. ثمّ عادت و تقهقرت.. و أصبح الفكر الصليبيّ في المجتمع الغربيّ اليوم هو فكر رجعيّ و غير معموله به.. و تمّ اقتصاره على مساحة صغيرة جدّا في أوروبا اليوم.. و التي هي الفاتيكان.. و حتّى الفاتيكان تنكّر لما فعلته الأمبراطوريّة الصليبيّة المحتلّة.. و أصبح يجد عبارات أكثر توازن تتلائم مع الواقع الجديد

ما هذه العقليّة ؟
فاروق-لبنان -

بـالفعل شيء غريب أيّها الكاتب.. و هو أمر غير مفهوم.. تريد أن تجعل من سقوط الأندلس و سقوط أراضي أخرى منه.. أنّه مرض الأسلام.............. و الحقيقة هي سقوط الامبراطوريّة الرومانيّة و الامبراطوريّة الفارسيّة و الامبراطويّة البريطانيّة و الامبراطوريّة العثمانيّة و الامبراطوريّة المغولية و البرتغاليّة و الأشوريّة و الساسانيّة................................. و انهيار الاتّحاد السوفيتي و تحرير افريقيا و الدول العربيّة من الأمبراطوريّات.. و سقوط الماركسيّة و سقوط الدول البزنطيّة وووووووووووووو................. يعني على هذه الحالة.. العالم و الشعوب و الأفكار كلّها مرض في مرض ؟؟؟ ........................................................... التفسير الفطريّ لـمعظم هذه السقطات للأمبراطوريّات الذي يتّفق عليه الجميع أنّ الظلم لا يدوم...... و التفسير العملاتيّ أنّ تغيّر الحكّام و الخيانة و تربّص الأعداء و خروج أفكار جديدة سبب في انهيار و عدم ديمومة واقع ماضي..................

ما هذه العقليّة ؟
فاروق-لبنان -

بـالفعل شيء غريب أيّها الكاتب.. و هو أمر غير مفهوم.. تريد أن تجعل من سقوط الأندلس و سقوط أراضي أخرى منه.. أنّه مرض الأسلام.............. و الحقيقة هي سقوط الامبراطوريّة الرومانيّة و الامبراطوريّة الفارسيّة و الامبراطويّة البريطانيّة و الامبراطوريّة العثمانيّة و الامبراطوريّة المغولية و البرتغاليّة و الأشوريّة و الساسانيّة................................. و انهيار الاتّحاد السوفيتي و تحرير افريقيا و الدول العربيّة من الأمبراطوريّات.. و سقوط الماركسيّة و سقوط الدول البزنطيّة وووووووووووووو................. يعني على هذه الحالة.. العالم و الشعوب و الأفكار كلّها مرض في مرض ؟؟؟ ........................................................... التفسير الفطريّ لـمعظم هذه السقطات للأمبراطوريّات الذي يتّفق عليه الجميع أنّ الظلم لا يدوم...... و التفسير العملاتيّ أنّ تغيّر الحكّام و الخيانة و تربّص الأعداء و خروج أفكار جديدة سبب في انهيار و عدم ديمومة واقع ماضي..................

الـتـفـسـير الأسـلامـيّ
فاروق-لبنان -

و التفسير الأسلاميّ أنّ خروج المسلمين عن طاعة الله و الرّسول.. سبب في الهزائم.. لـدرجة أنّ الله عزّ وجلّ حكم على المسلمين في معركة أحد في وجود الرّسول عليه الصلاة و السلام.. حكم عليهم بـالهزيمة و هو موجود بينهم !!!!! لا بل أصيب الرّسول عليه الصلاة و السلام في هذه المعركة............. لماذا ؟ لأنّ بعض المقاتلين لم يلتزموا لـخطّة الرّسول و أمره الذي أمرهم به ايّاه فـنزلوا الجبل و بدأوا أخذ الغنائم.. و حاصرهم العدوّ و هزمهم.................. و هذه الهزيمة كانت عبرة للمسلمين الى يومنا هذا و أراد الله عزّ وجلّ تعليم المسلمين أنّ كلام الرّسول مطاااااااع ثمّ مطااااااع ثمّ مطاااااااااع... يقول تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم : وما أتاكم به الرسول فـخذوه و ما نهاكم عنه فـانتهوا.................................................. كما أنّ ضعف الايمان و الاهتمام بـالدّنيا قبل الاخرة و انتشار الظلم و المعاصي فيما بين المسلمين.. سبب في هزيمتهم..... و هذا بلاء من عند الله عزّ وجلّ .. و حديث الرّسول عليه الصلاة و السلام واضح صريح يحكي الأمور كما هي بـطريقة عجيبة و وصفيّة لما نحن عليه اليوم و قبل زمن غابر : 1- عن أبي عبد السلام ، عن ثوبان ، قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : " حب الدنيا ، وكراهية الموت " . أخرجه أبو داود في سننه (2/10 2) والروياني في مسنده (ج 25/134/2) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عنه

لماذا لا تضعون الردود
فاروق-لبنان -

يا جماعة الخير.. لماذا الردود التي تناقض نظرية الكاتب لا تضعوها ؟ هذا حصل أكثر من مرّة.. و هل الكاتب هنا لا تسمحون بـانتقاده ؟