العرب.. خواطر الربيع والنكبة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يصعب تحديد منطق للتاريخ على وجه الدقة، فمن حيث تتوقع أن يفضي حدث ما مزلزل إلى كارثة فإنه يقود إلى منجز عظيم غير متخيل، تماما مثلما يعجز غالبية البشر على استشراف نهاية واضحة لحالات طارئة قد تستمر ردها من الزمن يفوق أعمارهم القصيرة، و من هنا فإن "النكبة" التي طالما طعنت العرب في كبريائهم القومي و أشعرتهم بالألم الجارح و أفقدتهم الثقة في النفس، قد تكون من منظور "تاريخي" صحوة، تماما كما يمكن أن يكون هذا "الربيع" الذي بدا لكثيرين أنه تحول إلى "صيف قائض" أو "شتاء قارس" أحد تجليات هذه الصحوة الأممية.
و يضرب مثل الأندلس في هذا السياق، إذ لطالما أبدى المسيحيون في القارة العجوز مخاوفهم من انغلاق الدائرة و تحول المتوسط إلى بحيرة إسلامية، خصوصا بعد أن دق سلاطين بني عثمان على أبواب فيينا، لكن منجز التاريخ جاء بما لم يشته المسلمون، فقد ساهم الأندلسيون دون تخطيط مسبق منهم في ترجمة اليونان و نقلها إلى أوربا القرون الوسطى، و ساهمت الرشدية في نفض غبار التخلف عن العقل الغربي، و من تلاميذها "توما الإكويني" الذي نقل الإصلاح إلى لوثر و كالفن ثم فلاسفة الأنوار و صناع الثورة الفرنسية و الثورات المنبثقة عنها، حتى تتويج المسار بما وصل إليه الغرب اليوم من عنجهية و اعتبار.
و قد بدا غرس "الدولة اليهودية" في جسد الأمة العربية و الإسلامية فسادا في الأرض و بؤرة استيطانية استعمارية ظالمة، لكن العجينة "الأشكنازية" الغربية التي صنعت نكبة 48 ليست في واقع أمرها ليست سوى عصارة التقدم العلمي و التقني و العسكري الذي أدركته الحضارة الأوربية، و على الرغم من كونها نشازا في فضائها الجغرافي و الديمغرافي و الثقافي، فإنها لم تعمل طيلة 65 عاما من قيامها سوى تطوير خلايا المناعة في جسم المقاومة و رفع مستوى اللعب مع طرف الصراع الآخر، العربي و الإسلامي في المنطقة.
و لن تعوز المتابع حجة في تقييم أوضاع المجابهين للمشروع الصهيوني في دوائر المواجهة الفلسطينية و اللبنانية، ليخلص إلى أن حالة التقدم الحاصلة جديرة بالرصد و المتابعة، و كان تيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية و مؤلف كتاب "الدولة اليهودية" قد أشار إلى بعض من ذلك، إذ حاول إغراء السلطان عبد الحميد بما سيجلبه الكيان الإسرائيلي المرتجى على أراضي السلطة المحيطة من ازدهار و رخاء، غير أن ما كان متوقعا تحققه بالصداقة ربما تحقق ولو بدرجة أقل عبر الجفاء و العداء و المقاومة.
و لا يجد المؤمن بقوة التاريخ بدا من التنبيه إلى تهافت حل الدولتين، ففلسطين التاريخية يجب أن تظل موحدة بأكملها، في ظل الاحتلال غير مجزأة أو منقوصة، على الرغم من الجدران العازلة و الحواجز المانعة، و لن يكون أمام ساكنتها المتعددة من مسلمين و مسيحيين و يهود إلا النضال لإسقاط دولة "ألابرتهايد" كما فعل الأفارقة، فالأرض لا تتسع لأكثر من دولة، و الاثنيات و الأديان و القوميات و المذاهب و الطوائف و الأحزاب و الحركات قادرة إذا ما حضر العقل و اعتصم بحبل القيم الانسانية و الإبراهيمية الجامعة على تحويل "القدس" إلى مدينة للسلام فعلا بدل الحرب الأبدية، و إلى تحويل بلاد الأنبياء إلى بلاد للتلاقح الحضاري و البناء بدل أن تكون بلاد الحرمان و الشقاء.
و يدرك الإسرائيليون قبل غيرهم، و خصوصا المثقفين و المبدعين المستنيرين منهم، أن العنصرية لا مستقبل لها، و أن الدولة اليهودية و سائر الدول الدينية مقولة لا مكان لها في رحم تاريخ البشرية الموحد المتدافع نحو الدولة المدنية الديمقراطية الإنسانية المؤمنة إيمانا عميقا بوحدة الجنس البشري و كرامته و حقوقه، و أن اليهود لن يفقدوا حقوقهم أو هويتهم أو ديانتهم إذا ما قبلوا بالشراكة التاريخية مع أبناء عمومتهم في فضاء غير قابل للتجزئة و إن فرضت عليه بقوة السلاح و قساوة المشروع القادم من خارجه.
و على الرغم من انقلاب الطقس الربيعي الذي بدا مبشرا بصحوة عربية، و تدحرج المنطقة إلى عاصفة من الخراب الإنساني و الحروب الطائفية و الفوضى الجماعية، فإن القاعدة التاريخية الأنفة لا ترى إلا سارية مفعولها، ففي باطن كل محنة تلوح منحة في الأفق، و من حيث تبدو قيادة الدولة اليهودية مغتبطة بما يجري من انقلاب حال العرب من أمل في الديمقراطية إلى يأس من الثورة، فإن المتغيرات المتوقعة لن تذهب إلا في مجرى عقارب الساعة الثابتة، و لا ضير من التذكير بالدرس اللبناني عندما تمكنت الحلقة الأضعف عربيا من الناحية النظرية من تمريغ وجه الدولة العبرية أكثر من مرة في وحل الهزيمة الساحقة، فما البال بتناسل حلقات من ذات الصنف و الطينة إن لم تكن أشد عصفا.
و سيكون من عبر المرحلة أن تمحص تجارب الربيع الحقائق من الأساطير البالية، و من حيث ظنت جماعات الإسلام السياسي أنه زمن الانتصار ستقف بأم عينها على تجارب الانكسار، و ستتفتح أمام الأمة آفاق العقلانية و الديمقراطية و الروحانية الحقة الرقراقة الصافية، تماما كما تولدت جل حركات الإصلاح و التصحيح و النماء من مخاضات أزمات حارقة عاصفة، و بعد غيمات الضباب التي حطت مع فجر الربيع ستبزغ على الشرق الكبير شمس الحقيقة البائنة التي ستظل أقوى من أي عقيدة ممكنة، و سيكتشف المؤمنون بقوة التاريخ و زخمه أن النكبة مؤقتة زائلة و أن الفصول أبدية دهرية فاعلة.
كاتب صحفي من تونس
التعليقات
حلم
SALIM -هل هذه احلام يقضه ليس هناك مايبشر بخير لان الامور تقرأ بعناوينها وعنوان هذا التحرك العربي هو الخراب والدمار لاشيئ غير هذا
شعارت قومجية !
جمال -أخي خالد .. أين أثر عيشك في أوروبا فترة طويلة ، وأين التلاقح الحضاري معها ، وأنت لاتزال تردد الشعارات القومجية القديمة ، وتتجاهل ان الفلسطينيين أصحاب الشأن قد أعترفوا بإسرائيل وتصالحوا معها ، فهل أنت تزايد عليهم أم هذه بقايا لوثة أيديولوجيا الإسلام السياسي أم غزل ورسالة الى جهة ما ؟
فلسطين (جودة)
عبد السلام -اقوام ما قبل ابراهيم عليه السلام خليط من الشعوب منهم الفلسطينيين حسب ما ذكر في التوراة وتوارث الارض بني ابراهيم واسحاق و بني اسرائيل وكان عليها ملوك داود وسليمان.وكما جاء. في جزء كبير من القرآن كان يتحدث عن بني اسرائيل. وذكرت فيه قصص الانبياء والاسرائليات. وكما اتى في التاريخ عندما اجلى نبوخذ نصر لليهود من تلك الارض. اتت الرسالة المحمدية واختاروا المقدس قبلة على ان الرسالة امتداد لما قبلها من الاديان. ثم تم التنازل عن القبلة استراتيجيات الى مكة . مات الرسول وفلسطين لم تغزى (تفتح) كانت تحت حكم المسيحيين الذين لهم في الارض ما للديانات الاخرى من حق لولادة وحياة المسيح هناك. وبعد ذلك تم غزوها في عهد الخلفاء الراشدين حسب وعد الديانة المحمدية. كما ان زيارة المقدس نافلة ليست واجب ديني
فلسطين (جودة)
عبد السلام -اقوام ما قبل ابراهيم عليه السلام خليط من الشعوب منهم الفلسطينيين حسب ما ذكر في التوراة وتوارث الارض بني ابراهيم واسحاق و بني اسرائيل وكان عليها ملوك داود وسليمان.وكما جاء. في جزء كبير من القرآن كان يتحدث عن بني اسرائيل. وذكرت فيه قصص الانبياء والاسرائليات. وكما اتى في التاريخ عندما اجلى نبوخذ نصر لليهود من تلك الارض. اتت الرسالة المحمدية واختاروا المقدس قبلة على ان الرسالة امتداد لما قبلها من الاديان. ثم تم التنازل عن القبلة استراتيجيات الى مكة . مات الرسول وفلسطين لم تغزى (تفتح) كانت تحت حكم المسيحيين الذين لهم في الارض ما للديانات الاخرى من حق لولادة وحياة المسيح هناك. وبعد ذلك تم غزوها في عهد الخلفاء الراشدين حسب وعد الديانة المحمدية. كما ان زيارة المقدس نافلة ليست واجب ديني
رغم انف المتصهينين
كيان الى زوال -لا علاقة لليهود الغربيين الغاصبين لفلسطين بفلسطين لا من قريب ولا من بعيد فاليهود الغربيون وطنهم الاستعمار الغربي المسيحي في فلسطين ليتخلص من عقدة المذابح التي كان يرتكبها ضدهم على مر التاريخ واخرها زمن النازي عندما احرق كما يقال ستة ملايين يهودي ؟! وليشكل بهم كيانا وظيفيا يخدم اجندة الغرب في منع العرب الاتحاد ومن النهضة ان المؤرخين الصهاينة الجدد ينفون تماما الاساطير التاريخية والتلمودية المؤسسسة للكيان الصهيوني والكيان الصهيوني الوظيفي مألة الى انهيار وسقوط وزوال كما زال نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا بعد ان استنفذ الغرب اغراضه منه وتبدل النظرة الاستعمارية القديمة والكيان الصهيوني على هذا الطريق حتما
رغم انف المتصهينين
كيان الى زوال -لا علاقة لليهود الغربيين الغاصبين لفلسطين بفلسطين لا من قريب ولا من بعيد فاليهود الغربيون وطنهم الاستعمار الغربي المسيحي في فلسطين ليتخلص من عقدة المذابح التي كان يرتكبها ضدهم على مر التاريخ واخرها زمن النازي عندما احرق كما يقال ستة ملايين يهودي ؟! وليشكل بهم كيانا وظيفيا يخدم اجندة الغرب في منع العرب الاتحاد ومن النهضة ان المؤرخين الصهاينة الجدد ينفون تماما الاساطير التاريخية والتلمودية المؤسسسة للكيان الصهيوني والكيان الصهيوني الوظيفي مألة الى انهيار وسقوط وزوال كما زال نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا بعد ان استنفذ الغرب اغراضه منه وتبدل النظرة الاستعمارية القديمة والكيان الصهيوني على هذا الطريق حتما
تمرد
حتى زوال الاحتلال الاخوان -«السيسى» يتجاهل «استدعاء مرسى» صباحاً.. ويحضر اجتماعاً مع مدير المخابرات-- والراسه ترتبك
تمرد
حتى زوال الاحتلال الاخوان -«السيسى» يتجاهل «استدعاء مرسى» صباحاً.. ويحضر اجتماعاً مع مدير المخابرات-- والراسه ترتبك
بشرى لنا
أم هاشم -تحليل منطقي و كاتب متفائل ، جميل أن نأمل بأن وراء كل محنة منحة، علينا بالصبر إدا فالأمل موجود و العدل قائم لا محالة
بشرى لنا
أم هاشم -تحليل منطقي و كاتب متفائل ، جميل أن نأمل بأن وراء كل محنة منحة، علينا بالصبر إدا فالأمل موجود و العدل قائم لا محالة
ثورات زائفة؟
george -الغريب بأن كل ثورات ما يسمى بالربيع العربي هي ثورات أسرائيلية أمريكية كما هو واضح ومع هذا نجد بأن الشعوب العربية بمجملها تسير خلف هذه الثورات التي في النهاية سوف تكون نتائجها أستعباد الشعوب العربية عن طريق فريق من المتشددين الذين لا يفهمون في هذه الحياة سوى لغة القتل والدمار ؟
ثورات زائفة؟
george -الغريب بأن كل ثورات ما يسمى بالربيع العربي هي ثورات أسرائيلية أمريكية كما هو واضح ومع هذا نجد بأن الشعوب العربية بمجملها تسير خلف هذه الثورات التي في النهاية سوف تكون نتائجها أستعباد الشعوب العربية عن طريق فريق من المتشددين الذين لا يفهمون في هذه الحياة سوى لغة القتل والدمار ؟
بيع الأرض
أردني مصاب بخيبة أمل -• اذا بعت الثمين بأرخص الأثمان فهل سيبقى لك قيمة أمام الذين رفضوا البيع بأغلى الأثمان؟
بيع الأرض
أردني مصاب بخيبة أمل -• اذا بعت الثمين بأرخص الأثمان فهل سيبقى لك قيمة أمام الذين رفضوا البيع بأغلى الأثمان؟