أصداء

هل الحل السياسي في سوريا ممكن ام مستحيل؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الحل السياسي بالمعنى الكلاسيكي في الحالة السورية يعني الوصول الى حل بين النظام والمعارضة بالوسائل السلمية ووقف العنف والحرب.
لا احد من الطرفين لديه رغبة في الحل السلمي حاليا، بل يعتبره نوعا من الخيال والوهم ولابد من ان ينتصر احدهما ويلحق الهزيمة بالآخر.
مع ذلك يدخل الحل في خانة المستحيلات في الحالة السورية الراهنة او حتى تاريخه على الاقل.
لماذا؟

مئة الف قتيل حتى الآن في الحرب الاهلية الدائرة منذ اكثر من سنتين. 3 4 ملايين نازح ومهاجر. مئات الآلاف من اليتامى والثكالى والمعاقين جسديا ونفسيا بالاضافة الى حوادث التنكيل بالاطفال والنساء وارتكاب جرائم الاغتصاب التي يندى لها جبين كل من ينحدر من جنس البشر.
الحرب الاهلية الدائرة في سوريا ليست حربا بين النظام والمعارضة كما قلتها مرارا بل هي حرب مذهبية طائفية بين السنة والعلويين وستصبح حربا سنية شيعية اقليمية مستقبلا.

هل يمكن بعد كل تلك المجازر الانتقامية والخراب والدمار ان يعيش السنة والعلويون تحت سقف واحد. معجزة حقا و نرجو ان تتحقق.
سوريا مقسمة بكل معنى الكلمة حيث ان الانقسام ترسخ في الواقع في العقل والروح والفكر لدى هاتين الطائفتين ولم يبقى هناك سوى تحقيق الجزء الجغرافي من التقسيم والطرف العلوي يريد توسيع جغرافيته لتشكيل دولته العلوية الساحلية والتي ستضم كل الساحل وحمص ووادي النصارى وكل حدود لبنان وتقسيم دمشق الى دمشق الشرقية السنية ودمشق الغربية العلوية لتصل الى الجولان حيث اسرائيل على بعد 35 كيلومتر منها وتشكيل تحالف متين معها او بالاحرى اماطة اللثام التحالف الذي كان موجودا منذ عهد حافظ الاسد.

هذا بالذات يفرض على المعارضات مسؤولية تفتيت سوريا مستقبلا اذا لم تتحرك بعقلانية.
ماذا يعني الحل السلمي؟

بكل بساطة يعني القبول بالانفصال العلوي وظهور الدولة العلوية. اذا كانت كل الطرق تؤدي الى روما في فان الحل السلمي والحرب كلاهما يؤديان الى تشكل الدولة العلوية ضمن الظروف الراهنة والفرق هو في الضحايا والتدمير والمجازر والكوارث.
النظام لن يسقط على يد الثوار وذلك بسبب امكانياتهم المحدودة ومن ثم تصدر المنظمات الارهابية قيادة المقاومة العسكرية على ارض الواقع والتي صارت السبب في ان العالم الغربي ادار ظهره للثورة السورية واعتقد انه يرجح استمرار النظام في السلطة على السلفيين والجهاديين.
اذن على المعارضات وقوى الثورة ان تعلم مدى حجمها الحقيقي عندما تنادي بـ " لا بديل عن اسقاط النظام "
قوى المعارضة تتعامى عن رؤية الحقائق والامر الواقع ولا زالت تؤمن بفتح " الفأل " وشعارات الانكار والكلام العاطفي وهي تعتقد ان القوى لاقليمية ستمنع تشكيل الدولة العلوية.

في آب اغسطس 2011 اي لم يكن قد مضى على الثورة السورية سوى ستة اشهر ذكرت في مقالة لي تعبير الدولة العلوية والمقالة كانت تحت عنوان " هل تستعد ايران لحرب طائفية؟ "
وقد نشرت المقالة في ايلاف والمواقع الكردية وجاء فيها :
" أولاً ان النظام السوري لن يتخلى عن السلطة حتى لو ادى ذلك الى تشكيل دولة علوية.السبب او الادعاء وبصريح العبارة هو عدم الاطمئنان الى السنة في حال استلامهم للسلطة.

اربعة عقود من ظلم النظام العلوي في سوريا بما فيها مجازرحماة وتدمر والفساد والافساد....الخ ترك ندبات عميقة لدى الانسان السوري من الاطياف الاخرى خارج السلطة.
ثانياً لا يمكن ان تنتهي الانتفاضة بدليل انها تتسع وان جدار الخوف قد انهار وسالت الدماء وسقط الشهداء. "
للمزيد على الرابط :
https://elaph.com/amp/Web/opinion/2011/8/676577.html
حينها تعرضت الى الانتقاد بل حتى الى التهديد والوعيد من "ابطال الانترنت " بسبب ذكر الدولة العلوية. الدولة العلوية صارت الآن على كل لسان بما فيهم السيد داود اوغلو وزير الخارجية التركي ورجال السياسة والصحافة العالمية دون استثناء بل حتى المعارضات السورية صارت تذكرها و لم يعد بوسعها التعامي عن هذه الحقيقة.

مؤتمر جينيف 2 سينعقد بسبب الاصرار الامريكي الذي بدا واضحا في اقناع السيد رجب طيب اردوغان لدعم جهدوها في هذا الشأن وذلك خلال زيارة الاخير الى واشنطن والاسقبال المهيب والحفاوة البالغة التي تلقاها. ولي العهد السعودي قدم الى انقرة لمقابلة اردوغان على عجل لدعم جينيف 2. فرنسا تراجعت عن قرار رفضها للمؤتمر ايضا.

كل المعارضات السورية ستحضر المؤتمر وذلك بناء على اوامر " اولياء النعمة ".
الطرف الوحيد الذي لا يريد جينيف 2 هو النظام السوري الذي بدا يحقق نجاحات في معاركه ضد الثورة. معارك القصير هو الدليل القاطع على نية النظام هذه وذلك بقصد احراج المعارضات التي ستجلس الى نفس الطاولة مع النظام بينما المجازر تجري في القصير وحمص !!
نعم سينعقد مؤتمر جينيف ولكنه فاشل قبل انعقاده وسيكون مؤتمرا في سلسلة المؤتمرات السابقة واللاحقة تحت سماء الحرب الاهلية ولن تقف الحرب الا بعد ان يتعب الجميع.

هل علينا ان ننتظر الى ان يصل عدد الضحايا الى نصف مليون والمهجرين الى عشرة ملايين وتدمير ما تبقى من الوطن حتى نصل الى الحقيقة الدامغة وهي ان الحل السلمي اوالحل السياسي هو الامثل وكفى هدرا بالدماء والمجازر والتدمير وهذا ما يريده معظم السوريين عدا اللاهثين وراء حلم السلطة وامتيازاتها.


طبيب كردي سوري

bengi.hajo48@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف