المعنى الآخر لمعارك القصير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إبراهيم الزبيدي
حين يفقد السوريون الصبورون المعروفون بأنهم كاظمون للغيض آخرَ ما لديهم من صبر ومن قدرة على احتمال المزيد من الفقر والظلم والفساد، ويخرجون إلى الشوارع هاتفين بإسقاط النظام فإن هذا يعني أن سوريا بلغت حدا لم يعد يطاق من الظلم والفساد.
وحين يثور الشعب السوري المدرك لحجم الفرق الهائل بين قوته وقوة النظام ودمويته، ويصمد لأكثر من سنتين على حرب يشنها عليه جيش النظام والشبيحة بالبراميل المتفجرة وقنابل الطائرات وصواريخ سكود، فهذا يعني أيضا أنه قرر أن يخوض المعركة إلى نهايتها، بكل ما كلفه ذلك من دم ودموع، لأنه أعرف من غيره بأن كلفة التراجع أو التهاون أو الاسترخاء أكبر كثيرا جدا من كلفة الصمود. بمعنى آخر. إنه قرر أن يرضى بواحد من اثنين، النصر أو النصر، ولا شيء غير ذلك.
من هنا يصعب القول بأن حسن نصر الله حين أمر بدخول الحرب إلى جانب النظام، في القصير وغيرها، كان يجهل هذه الحقيقة ولا يعرف أن كسرَ إرادة شعبٍ عنيد وجبار من هذا النوع والانتصارَ عليه ليس بالأمر الهين البسيط.
كان موقنا بأن وجود إيران، برجالها وسلاحها وأموالها، وروسيا بصواريخها وثقلها الدولي، إلى جانب النظام كفيل بحمايته ومنع سقوطه، دون الحاجة إلى توريط حزبه في القتال.
ومن أول التظاهرات السلمية المطالبة بإسقاط النظام، وما تلاها بعد ذلك من انشقاقات عسكرية، وظهور الجيش الحر، وبدء المواجهات الدامية، ظل حسن نصر الله يصر على الظهور على الفضائيات ساخرا وضاحكا لينفي تدخل حزبه في القتال، ويبشر بالحوار وبإصلاحات منتظرة على يد السيد الرئيس. وحتى حين قتلت المقاومة بعض مقاتليه في الداخل السوري وكشفت كذبه ونفاقه، وهو السيد المعمم، كذب مرة أخرى وزعم أنهم متطوعون لحماية المواقع المقدسة، تارة، وللدفاع عن العوائل اللبنانية في قرى القصير، تارة أخرى. ولكن حين يقدم حسن نصر الله على اللعب بالمكشوف، ويضطر إلى الزج بأفضل قوات حزبه في المعركة يصبح واضحا أن شيئا جللا قد حدث يستوجب النفير دون تأجيل أو مداراة أو تقية، مهما كلف ذلك من (شهداء الواجب الجهادي)، ومهما أساء لسمعة الحزب الذي بنى أمجاده على مقاومة إسرائيل وتحرير فلسطين. وهذا يعني أيضا أن حسن نصر الله بات موقنا بأن جميع أنواع الدعم الإيراني للنظام لم تعد كافية، وبأن سقوط الحليف بات أمرا واردا وغير مستحيل، كما كان يقول من قبلُ على الفضائيات بكثير من الثقة والسخرية والتشفي. حتى وهو يدرك جيدا أن دخوله الحرب ضد أشقائه السوريين، سواء هزمه الجيش الحر أو هزم هو الجيش الحر، لابد أن يشعل حروبا طائفية في مواقعه الخلفية في لبنانتكلف طائفته ذاتها كثيرا من أبنائها ومصالحها وأمنها إلى سنوات عديدة مقبلة. إضافة إلى ما يعنيه ذلك أيضا، في الجانب الآخر، من إقحام الطائفة الشيعية اللبنانية الصغيرة في عداوة مستقبلية غير متكافئة مع جارها الأكبر والأقوى والأقدر على الانتقام.
إن ما تقاتل إيران في سبيله بكل ما لديها من قوة وسلاح ورجال هو بقاء سوريا منطقة نفوذ وعبور في المنطقة للحفاظ على ترابط حلقات طوقها الاستراتيجي الذي يصل طهران، عبر العراق وسوريا، بشواطيء البحر المتوسط والذي بدونه تصاب أهدافها السياسية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة بالخلل العظيم وربما تشعل النار في عقر دارها. وسقوط النظام السوري يعني حصار الحزب وقطع خطوط إمداده وبالتالي سقوط هيبته في لبنان وكسر شوكته الجارحة التي أقام بها وعليها وجوده كله.
ولعل أسوا ما فعلته إيران هو إضفاء طابع الطائفية المذهبية على معاركها السياسية مع جيرانها، من أجل توظيف الطائفة الشيعية في الدول العربية لخدمة طموحاتها ومصالحها الخاصة القريبة والبعيدة معا. وعلى هذا الأساس حملت أعداءها العرب على التمترس المذهبي بالمقابل، وجعلتهم يستميتون في حرب إسقاط النظام السوري، وبأي ثمن.
إن هذا الحجم من البغض الطائفي وغرور القوة والجهل أعمت النظام الإيراني، وتابعه حزب الله، عن رؤية الثورة السورية على حقيقتها غير الطائفية والاعتراف بكونها ثورة شعب أعزل ومسالم لم يعد يحتمل الظلم والفساد، كان من واجب العمامة التي يضعها على رأسه أن تنصح الظالم وتنصر المظلومن دون الحاجة إلى إشعال هذه الحروف الطائفية المتخلفة المعيبة في القرن الحادي والعشرين.
خلاصة القول، إن الذي مات في القصير هو العقل والضمير وهيبة رجل الدين. أما الذي ولد فيها فهو لهيب الحقد المذهبي المدمر الذي لن تهدأ ناره المتأججة قبل أن تأتي على آخر أواصرالأخوة والجيرة، وعلى العدل والأمن والسلام، ليس لهذا الجيل وحده، بل لأجيال قادمة عديدة من الطائفتين.
التعليقات
========
lolo -من اين عرفت ان الشعب السوري قرر كذاوكذا.
طائفي تكريتي يتكلم عن
OMAR OMAR -تكريتي يتكلم عن الطائفيه ....حدث العاقل بما لا يعقل فأن صدقك فأنه لا عقل له
تعليق
ن ف -سلمت ويسلم البلدُ. مقالة رائعة.
إلى المعلق الثاني
ن ف -عن ماذا يحدّثنا المعلّق الثاني؟ هل حدّثنا عن التناغم والحياة الحرّة الكريمة في العراق؟ هل حدّثنا عن السلام والعيش بطمأنينة؟ أم عن المساواة وحقوق الانسان؟! أم عن الخرافات والخبل الذي وصل حداً يفوق الوصف؟! ثم ما حكاية التكريتي والبصراوي والمصلاوي والحلاوي؟ هؤلاء هم العراقيون. ومَنْ تكون أنت يا عمر عمر؟
قوته فكيف بباقي المناطق
اذا القصير استنزفت كل -نعم مقاله صادقه من كاتب صدوق.واحب ان اوضح نقطه مهمه هو لو سيطر بشار على القصير فهل سيكون ذلك لساعات ام ايام فقط! فعسكريا عندما يكون هو في المدينه والثوار خارجها فهوالذي سيصبح محاصرا لا الثوار!.وثانيا ان معركه القصير اثبتت ان بشار انتهى حتى لو سيطر على القصير فالمنطق يقول اذا كانت مدينه صغيره كالقصير بها ثمانيه شوارع واعلى ابنيتها لا يتجاوز اربعه طوابق وعلى حدود لبنان اي قريبه من امدادات نصراللات وليست في العمق السوري ومحاصره من ثلاث اشهر بلا ماء او غذاء او كهرباء او سلاح وبها عده مئات من الثوار وتضرب كل لحظه بالطيران وبراميل المتفجرات و وراجمات الصواريخ والدبابات اي تم تمشيطها بالصواريخ وتهاجمها ٨٠٠٠ الى ٩٠٠٠ مقاتل على ٧ جبهات مدعومين بغطاء جوي ٤٠٠٠ آلاف منهم خيره مقاتلين حزب اللات والباقي قوات بشار الخاصه وهم بكل العوامل السابقه لم ينجحوا بالسيطره حتى على ربع المدينه فبالله كم يلزم بشار وحزب اللات من رجال ومال و اسلحه وحصار ليهاجموا ٢٠٠ الف مقاتل من الجيش الحر ويسيطروا على ٧٠ بالمائه من سوريا التي هي في يد الجيش الحر
علمانيون طائفيون!!
عراقي مغترب -للأسف كشر التكريتي عن طائفيته مرة أخرى و يهدد كأقرانه خفيا بأن الشيعه أقليه و سوف يتم أبداتهم من قبل الأغلبيه السنيه,وهذا تعملون به منذ 1400 سنه ولكن تمكرون و يمكر الله. أين أنتم من فلسطينكم !!. والله مملوئون بالحقد الدفين والغيض لأن العراق يحكمه أهله. عراق علي و الحسين سادات العرب.
انتحار حسن نصرالله
كوردي حر -يؤكد حسن نصرالله كل ما ظهر من وكره السري على انه سياسي طائفي غدار بارع في الكذب والنفاق، يقود عصابة طائفية مسلحة داست على استقلال لبنان وسيادته لصالح مشروع ملالي ايران في المنطقة . اشتراك عصابته في القتال الى جانب الطاغية المجرم ضد الشعب السور ي الحر المظلوم كان تلبية لقرار صدر من ملالي ايران ، ولو انهم امروه اليوم او غدا بالانسحاب سينفذ الامر فورا. لقد سقط سياسيا واخلاقيا وانسانيا وظهر على حقيقته كمنافق دجال يضحك على نفسه وعلى القطيع الذي يستمع الى كذبه ونفاقه المنحط . . اكثر ما ازعجني كذبته المكشوفة الفاضحة التي زعم فيها ،وبدون ذرة واحدة من الخجل، بان الطاغية طلب الحوار من المعارضة منذ البداية و هو يعرف وراى بعينيه كما رأى العالم كيف كان حوار الطاغية بالرصاص القاتل مع اهل درعا الذين طلبوا اطلاق سراح اطفالهم المعتقلين في اول يوم من التظاهر. والمقزز في كلمة العميل المكشوف لملالي ايران ان يفرز السوريين الى عملاء للغرب. . لقد قرر حسن نصرالله الانتحار سياسيا واخلاقيا في سوريا . . وربما لا يعرف ان الشعب السوري الثائر المظلوم سيهزمه هو وعصابته في النهاية وسيدفنه في قبره الذي حفرها هو بيديه الملطختين بدم احرار سوريا مهما بلغت التضحيات و طال الزمن.
مقال رائع
برجس شويش -يا للصدف كتبت في مكان اخر وقبل ان اقرأ مقال السيد ابراهيم الزبيدي عدة افكار بجملتين او ثلاث اذ اجدها في هذا المقال , و هذا يعني ان المستقبل للحقيقة و للانسان الواقعي امثال الكاتب القدير ابراهيم الزبيدي , حزب الله سيكون في خبر كان حالما ينتصر ثورة الشعب السوري, و الشيء الاخر الذي كتبته بان السيد حسن نصرالله كذب مرتين مرة للدفاع عن المقدسات و الثاني بانه يحمي القرى الشيعية على الجانب الاخر من الحدود اللبنانية-السورية فقط في الثالثة اعترف بكذبه الاول و الثاني و لكنه صدق حين قال انه سيقاتل و سيمنع سقوط نظام بشار فمن يشاء ليذهب الى سوريا اما يقاتل الى جانب النظام او الى جانب المعارضة , اي انه طلب من اللبنانين ان تكون سوريا ساحة حربهم و ليس لبنان قالها بكل وضوح وجلاء , ولكن حسن نصرالله لا يعرف بانه اقدم على عملية انتحارية كبيرة فيها نهايته ونهاية حزبه وكما قال الكاتب القدير فان الجار الكبير يحوطك من كل جانب فاين المفر و خاصة ان هناك قوى كثيرة في لبنان تناصب حزب الله الخصومة ان لم نقل العداوة