قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لم يعد سرّا أن المقاومة الحقيقية في لبنان هي مقاومة الشعب اللبناني، أو على الاصحّ القسم المعني من هذا الشعب بثقافة الحياة. انّها مقاومة لثقافة الموت القائمة على نشر السلاح في كلّ لبنان وصولا الى صيدا التي تشهد، بفضل النسخة السنّية لـ"حزب الله"، احداثا لا تبشّر بالخير.يرمز "حزب الله" لهذه الثقافة، التي بدأ يلجأ اليها متطرفون سنّة، والتي تستهدف نشر البؤس في الوطن الصغير وتكريسه مستعمرة ايرانية لا أكثر.ليس صدفة أن يتوجه وزير الخارجية اللبناني الى طهران في اليوم الذي انعقد فيه في الدوحة مؤتمر لاصدقاء سوريا، أي أصدقاء الشعب السوري، من اجل ايجاد وسائل لدعم ثورة هذا الشعب. فالوزير اللبناني المذكور لا يمتلك أي صلاحيات من أيّ نوع كان نظرا الى أنه عضو في حكومة مستقيلة من جهة وأن أيّ قرار في شأن زيارة مثل زيارة طهران لا بدّ أن يحظى بموافقة مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية من جهة أخرى. ولكن ما العمل عندما عندما يكون السلاح الموجه الى صدور اللبنانيين صاحب الكلمة الاولى والاخيرة في شان كلّ ما له علاقة بطبيعة العلاقات بين لبنان والدول العربية...أو دولة غير عربية مثل ايران تسعى الى الهيمنة؟ما نشهده في لبنان حاليا يندرج في سياق محاولات مستمرة لتغيير وجه البلد وتحويله الى تابع للمحور الايراني- السوري ومجرّد امتداد له من منطلق مذهبي للاسف الشديد. بدأت هذه العملية منتصف الثمانينات من القرن الماضي، قبل الاعلان عن التدخل المباشر لـ"حزب الله" في الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه ابتداء من آذار- مارس 2011.بدأت العملية المدروسة بشكل جيّد مع قيام "حزب الله" الذي كرّس نشاطه، منذ البداية للسيطرة على بيروت، والقضاء على طبيعة المدينة وتركيبتها. تولّى تهجير معظم المسيحيين اللبنانيين والارمن والمسيحيين الفلسطينيين من بيروت الغربية، خصوصا من الاحياء التي كانوا يقيمون فيها، في المصيطبة والمزرعة وزقاق البلاط ورأس بيروت والخندق الغميق والوتوات ورأس النبع وحتى بعض احياء البسطا...هناك بكلّ بساطة مشروع ايراني في لبنان والمنطقة يستهدف، بين ما يستهدف، الغاء الوطن الصغير خطوة خطوة وتغيير تركيبته. لذلك، كانت هناك دائما معارضة كلّية، بل حرب، على أي محاولة تستهدف ارسال الجيش اللبناني الى جنوب لبنان لحماية الحدود. وحدود لبنان الجنوبية مع فلسطين هي خط الهدنة التي توصّل اليها الجانب اللبناني مع اسرائيل في العام 1948. خط الهدنة هذا يتطابق مع الحدود التي كانت قائمة بين لبنان وفلسطين في عهد الانتداب. وكان في استطاعة الجيش اللبناني حمايته لو اتيح له ذلك بدل ابقاء جبهة جنوب لبنان مفتوحة من أجل تمكين النظام السوري من المتاجرة باللبنانيين والفلسطينيين حتى العام 1982، ثم الايراني والسوري من المتاجرة بكلّ ما تقع يدهما عليه في لبنان، بما في ذلك الجنوب وأهله.بقدرة قادر، صار الجيش في الجنوب. حصل ذلك بعد صدور القرار الرقم 1701 عن مجلس الامن التابع للامم المتحدة نتيجة حرب صيف العام 2006. انها حرب يقول "حزب الله" انه خرج منها منتصرا. كانت نتيجة هذه الحرب اغلاق جبهة جنوب لبنان وتحويل سلاح الحزب في اتجاه الداخل والمواطنين اللبنانيين. تلك كانت المهمة الاصلية لـ"حزب الله". لم يكن ابقاء جبهة الجنوب مفتوحة، بحجة مواجهة الاحتلال سوى غطاء للعمل على السيطرة على لبنان وتغيير وجهه.ما نشهده اليوم من دخول على خط الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه وتفريغ لمؤسسات الدولة اللبنانية وقطع علاقات لبنان بالعرب، خصوصا بأهل الخليج، لا يمكن فصله عن المهمّة الاساسية للحزب.لهذا السبب وليس لغيره كان التمديد لمجلس النوّاب وقبل ذلك كان اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري والاتيان بحكومة نجيب ميقاتي بتركيبتها التي تمثّل اهانة لكلّ مسيحي وسنّي لبناني. لهذا السبب وليس لغيره أيضا، هناك هجوم يومي على رئيس الجمهورية. لهذا السبب وليس لغيره، أيضا وأيضا، هناك عراقيل توضع في وجه تشكيل حكومة جديدة برئاسة تمّام سلام تعيد بعض التوازن الى البلد. فتمّام سلام، لديه مشكلة تكمن في أنّه شخص حرّ لا يختلف اثنان على وطنيته وعروبته الصادقة ورفضه كلّ انواع الطائفية والمذهبية.كلّما مرّ يوم، نكتشف أكثر لماذا اغتيل رفيق الحريري ورفاقه ولماذا كان استهداف شهداء "ثورة الارز" ولماذا التفجيرات المتنقلة والاستثمار في التنظيمات السنّية المتطرفة وفي ادوات مسيحية من طينة النائب ميشال عون وما شابه ذلك...مطلوب تغيير وجه لبنان. مطلوب الغاء المؤسسات اللبنانية، مؤسسة رئاسة الجمهورية ومؤسسة رئاسة مجلس الوزراء تحديدا. مطلوب ارهاب اللبنانيين، كما حصل قبل أيّام أمام السفارة الايرانية في بيروت حيث استشهد الشاب الشيعي هاشم السلمان لأنّه لبناني أوّلا.بات ممنوعا أن يكون اللبناني لبنانيا. بات مطلوبا أن يكون اللبناني أيّ شيء ما عدا أن يكون لبنانيا. بات مطلوبا قطع العلاقة بين لبنان والعرب، مع أهل الخليج خصوصا بهدف نشر البؤس في انحاء الوطن الصغير.هذا هو لبنان "حزب الله"، لبنان الايراني الشريك في الحرب على الشعب السوري من منطلق طائفي ومذهبي. هذا هو لبنان الجديد، حيث لم يعد مكان لمهرجانات بعلبك، المدينة القديمة التي انطلق منها أحد أهمّ المهرجانات الدولية في الشرق الاوسط، بل في العالم...هل مشروع من هذا النوع قابل للحياة؟ الجواب الاقرب الى المنطق أنّ مثل هذا المشروع الذي فشل في ايران نفسها سيسقط في لبنان كما سيسقط في سوريا وحتى في العراق.منذ متى يمكن لثقافة الموت الانتصار على ثقافة الحياة؟تستطيع ثقافة الموت فرض نفسها والسعي الى تغيير وجه بلد...ولكن الى حين، أي ليس الى ما لا نهاية. من كان يصدّق أن المسلّح الفلسطيني يمكن أن يرحل عن لبنان؟ من كان يحلم بأن القوات السورية ستغادر يوما الاراضي اللبنانية. لا يمكن للبنان الاّ أن يلفظ "حزب الله" بتركيبته الحالية على الرغم من أن عناصره لبنانية، فهو مخلوق غير طبيعي في بلد أكثر من طبيعي بكلّ اهله من سنّة وشيعة ومسيحيين ودروز!