أصداء

مهزلة جديدة للسيد القائد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الخمسينات العاصفة من القرن الماضي التى كانت قد أفتتحت بالثورة المصرية فى عام 1952 ثم الثورة العراقية فى عام 1958 جاءتنا بتعابير جديدة أضيفت الى اللغة العربية حين قام البعض باطلاق كلمة (شعبي وشعبية) على ما كان يطلق عليه (فقير وفقيرة)، فسموا الأحياء الفقيرة بـ (الأحياء الشعبية) ومطاعم الدرجة العاشرة بـ (المطاعم الشعبية). وفى حينها قال العلامة اللغوي العراقي الراحل مصطفى جواد ساخرا، انه اذا كانت هناك احياء شعبية ومطاعم شعبية فلا بد من وجود أحياء حكومية ومطاعم حكومية. كان ذلك قبل نصف قرن، ولكن بعد سقوط حكم البعث برز فى العراق اسم (السيد القائد) مقتدى الصدر الذى لم يكمل دراسته الدينية بعد، ولا يعرف شيئا فى السياسة ولا فى الاقتصاد ولا فى الصناعة او الزراعة او التجارة او الشؤون العسكرية، ولا يحسن اللغة العربية (يردد عبارة: إن صح التعبير فى كل خطبه)، وفيما عدا ذلك فهو قائد فذ قام بقسط وافر فى تخريب العراق الذى اصابه دمار مروع نتيجة الحروب التى خاضها القائد الضرورة، ويفتقر شعبه الى ابسط مقومات الحياة الكريمة. ولكن العراق لا يزال بخير طالما كان السيد القائد يستلم الخمس والزكاة و يخطط ليصبح (المرشد الأعلى) للعراق وفقا للطريقة الايرانية. أسس (جيش المهدي) وحاول بكل الطرق اسقاط الحكم والاستيلاء على السلطة بأي ثمن، ولكنه مني بهزيمة شنعاء فى البصرة فى صولة الفرسان فى مارس 2008 وهرب الى (قم/ايران) ومكث هناك يصدر اوامره الى اتباعه من الانتهازيين والجهلة (كما سماهم هو بنفسه عندما قال لهم ذات مرة يوبخهم: جهلة..جهلة.. جهلة). ولكن بسبب جهل اولئك الناخبين حصل على 40 مقعدا فى مجلس النواب العراقي من مجموع 325 !.

وعندما اوشك رئيس الوزراء المالكي على خسارة الانتخابات بفارق صوتين لصالح اياد علاوي، اضطر الى تشكيل كتلة ضم اليها مقتدى الصدر وعمار الحكيم بالاضافة الى تأييد مسعود البارزاني له، ضامنا بذلك بقاءه فى منصب رئيس الوزراء دورة أخرى. ومنذ ذلك اليوم والنزاع على أشده بين قادة الكتل السياسية وحتى ضمن الكتل نفسها والذى ظهر جليا اثناء وبعد انتخابات المحافظات الأخيرة، وحقق مقتدى الصدر نجاحا باهرا لم يكن يتوقعه هو نفسه. هذا النجاح -على ما يظهر- أخل بتوازنه فبدأت تصدر عنه بيانات وتصريحات غريبة متتالية أطلقها فى خلال اسبوع واحد فقط. فقد كتبت الصحف الاسبوع الماضى ما يلي:

- الصدر يتهم المرجعية الشيعية بالانحياز الى المالكي والازدواجية بما يتعلق بالتحالفات مع السنة.
- الصدر يصرح: نحن قادرون على ان نمطر السماء على التكفيريين رجوما تأزهم أزا.
- الصدر يطالب برفع صوره من بغداد ويطلق على محافظها تسمية (خادم بغداد) بدلا من (محافظ بغداد).
- الصدر يطلق مشروع (البرلمان الشعبي) ويضع أهدافه وشروط الانتماء اليه.

هل وجد الصدر ان البرلمان الحالي الذى يضم أربعين نائبا من كتلته هو برلمان (حكومي) فأطلق مشروع البرلمان (الشعبي)؟ تأملوا معى الشرط العاشر من شروط الترشح للبرلمان (الشعبي) الذى يقول: أن يكون مؤمنا بنهج السيد الشهيد الصدر (قدس سره) ومطيعا لخطى ومواقف السيد القائد مقتدى الصدر (أعزه الله).
بهذا منح السيد القائد نفسه سلطة الهية ما بعدها من سلطة. ترى ما هى الفائدة من (برلمان) كهذا؟ أهو لاضفاء صفة الشرعية على القوانين التى سيقدمها اليه السيد ويوافق جميع أعضاء البرلمان (الشعبي) عليها حتى دون مناقشتها؟ اليست هذه مهزلة جديدة تضاف الى مهازل السيد السابقة؟ الى اين سينحدر العراق اذا ما طبقت فيه رغبات السيد ومشاريعه الصبيانية؟ والسؤال الأهم هو : متى سينحسر الجهل فى هذا البلد فيكف أهله عن تقديس الصدر ومن هم على شاكلته من رجال الدين من كل الأديان والمذاهب ؟

مقارنة بكل العهود ومنذ افتتاح اول مجلس نيابي فى العراق على عهد الملك فيصل الأول، لن تجد اسوأ من المجلس النيابي الحالي الذى تفوق على كل المجالس التى سبقته بالرواتب المذهلة التى يستلمها الأعضاء ورواتب تقاعد أعضائه التى تتضاعف بشكل غير معقول مع تتابع الدورات الانتخابية. وتفوّق هذا المجلس ايضا بنسبة الغيابات فيه عن الحضور وتأجيل النظر فى القوانين التى تعرض عليه، وكذلك تفوّق بنسبة الحجاج من أعضائه الذين يغادرون للحج سنويا وفى اصعب الأوقات فلا يكتمل النصاب. رئيس المجلس السيد اسامة النجيفي يتصرف وكأنه رئيس دولة بسلطة مطلقة، يتدخل فى كل صغيرة وكبيرة لا تدخل ضمن صلاحياته، ويصول ويجول بين دول العالم القريبة والبعيدة مكلفا الخزينة العراقية مبالغ خيالية، يستعدى الغرباء والامم المتحدة لاسقاط الحكومة العراقية، بالضبط كما يفعل اياد علاوي زعيم كتلته (اسميا)، ويضع مصلحته الشخصية والحزبية فوق كل شيء. ألا يكفينا مثل هذا المجلس المعجزة ليقوم (السيد القائد) بتشكيل مجلس جديد؟

اليوم 22 حزيران 2013 وفى اثناء كتابتى لهذه السطور سمعت بصدور بيان للصدر )بمناسبة ذكرى ولادة المهدي) جاء فيه، إنه "قد اقبل عليكم النصف من شعبان وهو عند الله يوم عظيم وجليل! وهو افضل من يوم الانتخابات والتعيينات وافضل من يوم استلام الراتب وانه افضل من كل الامور الدنيوية الا فهبوا الى نصرة امامكم الحي القائم بالحق المهدي المنتظر فبايعوه بزيارة جده الامام الحسين عليه السلام".

واضاف الصدر أن "الامام الحجة المنتظر حين ظهوره سيأخذ بثأره وثأر آبائه وأجداده واولاده وذريته واتباعه ومحبيه الى يوم القيامة". ولم يذكر السيد عدد العراقيين الذين سيقتلون نتيجة مثل هذه الزيارات، والخسائر المادية الكبيرة التى يتكبدها البلد نتيجة تعطل الأعمال العامة والخاصة. وليت السيد يتفضل ويخبرنا عن عدد الشهداء الذين سقطوا صرعى نتيجة تدخله فى السياسة منذ عشرة اعوام وحتى اليوم.

ليس كل الشيعة يؤمنون بوجود إمام غائب توارى عن انظارالناس احد عشر قرنا وسيعود للأخذ (بثأره وثأر آبائه وأجداده وأولاده وذريته وأتباعه ومحبيه الى يوم القيامة). وليت السيد يخبرنا كيف سيأخذ الامام المهدي الثأر ممن ماتوا منذ قرون ؟ هل سيعيدهم الى الحياة ثم يقتلهم؟

حذرت الأمم المتحدة قبل يومين من تدهور الأمن الغذائي فى العراق... هل من المعقول ان يحصل مثل هذا لبلد غني مثل العراق؟ كم اتمنى ان يظهر الامام المهدي اليوم ليجد رؤوسا كثيرة قد اينعت وحان قطفها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف