قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
من مفكرة سفير عربي في اليابان لفت نظري وأنا "أتزلج" على صفحات الإنترنت تصريح لسارا بالين، المرشحة السابقة لنائب رئيس الولايات المتحدة، وحاكمة ولاية الاسكا سابقا، على شبكة الفوكس نيوز، تقول فيه لحشد من محافظي تحالف العقيدة والحرية: "وحتى يأتي رئيس يعرف ما يفعله... اتركوا تلك الدول الإسلامية المتطرفة، التي لا تحترم أساسيات حقوق الإنسان، في المكان الذين ينحرون فيه بعضهم بعضا، وهم يصرخون على خطوط حمراء تعسفية، "الله أكبر،" وأعني بذلك دعوا (الخالق جل شأنه) يحل هذه المشكلة."كما لفت نظري ما كتبه عميد كلية "لي كون يو" للسياسات العامة، ووزير خارجية سنغافورة السابق، البروفيسور كيشور محبوباني، في صحيفة اليابان تايمز في الثالث من شهر يونيو الماضي، وبعنوان، الانتقال بسلاسة للمركز الثاني - لم يكن ما توقعه الأمريكيون، يقول فيه: "لقد جاء الوقت الذي نفكر فيه ما لم يكن تصوره. فعصر السيطرة الأمريكية على الشؤون الدولية قد قرب على الإنتها، وحينما نقترب من ذلك، سيبقى السؤال الرئيسي ما مدى الاستعداد الأمريكي لذلك. فالصعود الأسيوي خلال العقود القليلة الماضية هي أكثر من قصة تنمية اقتصادية سريعة، بل هي قصة منطقة تعيش نهضة استنارت فيها عقول شعوبها، واستعادت افاقها المستقبلية. فالتحرك الأسيوي لاستلام موقعه الرئيسي في اقتصاد العولمة، وصل لدفعة لا يمكن إيقافها، ومع أن التحولات الاجتماعية لا تستمر بدون جراح، ولكن لم يعد هناك شك بأن القرن الأسيوي في الأفق، وبأن تشكيلة العالم ستتغير بشكل جذري." ويبقى السؤال لعزيزي القارئ: أين موقع الشرق الأوسط في خارطة تشكيلة العالم الجديد؟تلاحظ عزيزي القارئ كيف تخلصت المجتمعات الأسيوية من عقدة الغربنة، وبدأت تستعيد ثقتها، ومجدها من جديد، بينما بقت منطقة الشرق الأوسط متناسية حضاراتها، والخيرات التي منى الله عليها بها، بل لتتلف هذه الخيرات في حروب فاشلة متكررة، من عقد إلى عقد، بسبب أيديولوجيات انفعالية سقيمة، لتنتهي المنطقة بتخلف تنميتها الاجتماعية والاقتصادية، بل ليبدأ شعوبها في مقاتلة بعضهم البعض يوما باسم القومية، ويوما باسم الاشتراكية، ويوما باسم الشيوعية، ويوما اخر باسم الإسلام، دين المحبة والسلام، بينما يتفرج علينا العالم، ويستغرب، ويضحك. ويجري كل ذلك في الألفية الثالثة، بعد أن تحول العالم لقرية عولمة تكنولوجية صغيرة، ويحتاج شعوبه لتعاون متناغم، لمعالجة تحديات العولمة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. في نفس الوقت الذي وعت شعوب القارة الاسيوية للتحديات القادمة، فوحدت جهودها في مجموعة الاسيان بالرغم من خلافاتها التاريخية، لتمكن شعوبها في تحقيق التنمية المرجوة، بل بدأت تتنافس بشكل جميل على القمة في انجازاتها الاجتماعية والاقتصادية.وقد بدأت تبرز نتائج الرخاء الأسيوي في التغيرات الديموغرافية المستقبلية، وخطط التعامل معها تكنولوجيا واجتماعيا. فقد كتبت صحيفة اليابان تايمز في الخامس عشر من شهر يونيو عام 2013، بعنوان، ستفقد اليابان قمتها في طول العمر إلى هونج كونج في عام 2045، تقول: "من المتوقع أن تتجاوز هونج كونج في عام 2045 اليابان حسب تقرير ألأمم المتحدة الاستقرائي للنسمة. ويعلق جون ويلموث، مدير دائرة السكان في الأمم المتحدة، بأن اليابان تقدمت في القرن العشرين لتصبح الأولي في توقعات طول العمر، ليصل إلى 82.7 سنة، ويبدو بأن الدول الأسيوية بدأت تنافسها بسرعة. فمن المتوقع أن تنافسها هونج كونج في عام 2045، لتنتقل للمركز الأول، بحيث يرتفع متوسط متوقع العمر فيها إلى 89 سنة، بينما ستصبحا، اليابان وكوريا الجنوبية، الثانية، بمتوقع متوسط عمر يقارب 88.4 سنة. وقد كانت هونج كونج في الفترة بين عام 2005-2010 الثانية بمتوسط عمر، بما يقارب 82.4 سنة، وقد تكون المرأة السبب في هذه التغيرات المستقبلية."كما صرحت وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية اليابانية بأن المرأة اليابانية، التي عاشت أطول عمرا في العالم خلال 26 سنة الماضية، ستنتقل للمرتبة الثانية لتتصدر القمة هونج كونج. كما تبين الاستقراءات السكانية العالمية بأن المرأة اليابانية ستنزل للمرتبة الثالثة في متوسط طول العمر، حيث ستصل إلى 94.2 سنة، بينما ستكون هونج كونج الأولى 95.5 سنة، وكوريا الجنوبية 94.9 سنة الثانية خلال هذا القرن. ويعتقد التقرير بأن سبب بروز اليابان في طول العمر في العقود الماضية هو عدالة توزيع الثراء، وطبيعة السلوك الحياتي الصحي.ويشرح "الان تونج" اسباب زيادة متوسط متوقع طول العمر في هونج كونج بقوله: "يعود ذلك لسلوك حياتي نشيط، مع الوعي الصحي المتقدم، بالإضافة للخدمات الصحية المتميزة، وقد تنفي هذه الحقائق بأن تكون الكثافة السكانية سببا في سوء المستوى النوعي للحياة، بل قد يكون العكس. فلم تستطع الدولة في هونج كونج تطوير أكثر من 23.7% من الجزيرة بسبب الجبال والجزر الصخرية المجاورة، فحافظت على خضار 76.3% منها، واستخدمت فقط 6.8% منها، إي ما يقارب 76 كيلومربع، لسكن سبعة مليون مواطن، وذلك بزيادة عدد ناطحات السحاب فيها إلى 6588، لتتجاوز مدينة نيويورك التي بها 5818. وقد تم هندسة التوسع العمراني بحيث أن تكون ناطحات السحاب قريبة من شبكات المواصلات، والأسواق، والمراكز التجارية، لتسهل تمتع الموطنين بالعمل، والتسوق، والنزهة، في محيط قريب من المنزل، ولتخلق بذلك حياة ممتعة متزنة. كما لعب المشي دوره كأحد وسائل التنقل، فيمشي المواطن معدل 1-2 كيلوميتر يوميا، ليساعد كل ذلك على زيادة طول العمر والسعادة.وقد أدى أرتفاع متوسط العمر في أسيا، لارتفاع عدد المسنين والذي وصلت نسبتهم لحوالي ربع السكان، لتواجه هذه الدول تحديات جديدة. وقد كتبت "مي ليدا" في صحيفة اليابان تايمز في التاسع عشر من شهر يونيو عن استخدام الإنسان الآلي (روبوت) في رعاية المسنين فقالت: "لقد تسارعت الجهود في اليابان لاستخدام الروبوت في رعاية المسنين، لمساعدة الممرضات في مسئولياتهم اليومية، وخاصة بعد النقص الشديد في عددهم. فقد حددت حكومة رئيس الوزراء شنزو أبيه مبلغ 2.39 مليار ين ياباني، في ميزانية عام 2013، للمساعدة في تطوير روبوت لرعاية المسنين. وقد اختارت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، 24 شركة لدعمهم بنسبة 50-66%، في تطوير مشروع أجهزة الرعاية التمريضية الروباتية. وستشمل المسئوليات المقترحة للروبوت الجديد، مساعدة كبار السن التحرك في مراكز الرعاية، ومساعدة حاجياتهم في الحمام والمرحاض، بالإضافة ملاحظة عدم تسربهم بين الغرف."ومن المتوقع أن يرتفع عدد المسنين اليابانيين (أكثر من 65 سنة) إلى 7.09 مليون خلال الفترة بين عام 2010 وعام 2025، لترتفع نسبتهم من 23% إلى 30% من السكان، وسيحتاجون هؤلاء إلى ما يقارب 2.4 مليون ممرض، أي بزيادة قدرها 1.5 مليون. ويشكو 70% من العاملين في هذا المجال من الام الظهر، كما أن الكثير منهم ينتقلون لمهن أخرى، بسبب انخفاض الرواتب. ويعتقد السيد اكيفومي كيتاشيما بأن يكون الروبوت أحد الحلول التي قد تساعد في تحسن رعاية المسنينن، وذلك بتوفير عدد كبير منها، وبأسعار مناسبة، أي بحوالي ألف إلى ألفين دولار لسعر الروبوت الواحد، لكي تستطيع أية عائلة شرائه. وستضم الشركات التي ستستفيد من هذا المشروع شركة "تويوتا" للسيارات، حيث ستطور الية لحمل المسنين، وشركة "سيكيسوي هوم تيكنو" لتطوير مرحاض متحرك، وشركة "تولي" لتطوير جهاز لاسلكي يراقب تحركات المسنين.وقد علق أكيرا كوباياشي، رئيس دار المسنين بمحافظة يوكوهاما، على الروبوت "بالرو" الصغير الذي يستخدمونه، بأنه مفيد جدا في مساعدة رعاية المسنين، وقد وفرت مؤسسته هذا الروبوت للمسنين بالمجان. كما وفرت محافظة كاناجاوا روبوت لمساعدة المسنين في الحركة للوصول لمنازلهم، ويقوم الروبوت "بالرو" في دار الرعاية "فيون" بالغناء، والرقص، وحل الالغاز، بل اللعب مع المسنين. ويعلق تسوجي ناكانيشي البالغ من العمر 88 سنة، وهو أحد المسنين بمركز الرعاية بقوله: "يعرف الروبوت "بالرو" كل شيء، وقد تعلمت منه الكثير، فيستطيع فهم لغة المحادثة، والتجاوب معها، كما يستطيع تصحيح الأخطاء." كما تحدث يوكيكو كانيساكا البالغ من العمر 92 سنة عن روبوت حصان البحر فقال:"حينما أقول للروبوت، انت جميل جدا انظر لي. يقوم الروبوت بتحريك رأسه ورجليه ويغمض ويفتح عينيه." ويعتقد أحد مسئولي دار الرعاية في المركز بأن المسنين تقبلوا الروبوت بسهولة، واندمجوا معه، ليخلق متعة نفسية بداخلهم. كما تحاول الوزارة اليابانية المسئولة خفض العبء على الممرضات، بحيث يقوم الروبوت حمل المسنين ونقلهم.ويعلق المدير المسئول على مشروع تطوير الروبوت في الرعاية الصحية بقوله: "لا يمكن في تصوري أن يعوض الروبوت عن التواصل البشري في حرارة القلب والتعاطف، ولكن مع زيادة شكوى الممرضات من الام الظهر، نتمنى أن نستطيع تطوير روبوت يخفف العبء عنهم ويساعدهم على العمل لسنوات اطول. وتتوقع الحكومة اليابانية بأن ترتفع سوق الروبوت للرعاية الصحية من 16.7 مليار ين في عام 2015، إلى 404.3 مليار ين في عام 2035. وقد علق "يومي وادا" أحد الخبراء في هذا الموضوع، بقوله: "أتصور بأنه لو طورنا روبوت يتعاون مع البشر، سيساعد ذلك على توسيع الخدمات التمريضية التي سنستطيع توفيرها."فتصور عزيزي القارئ أين وصلت شعوب دول أسيا، بينما منطقة الشرق الأوسط منشغلة بحروب القتل والتدمير، ويبقي السؤال المحير: هل للتعليم دورا فيما يحدث؟ أليس ذلك خطر على استقرار وأمن المنطقة، بل وعلى انظمتها وقياداتها؟ وهل حان الوقت ليبدأ الجميع لحظة تأمل ويتساءل: كيف سنخلص منطقتنا من هذا الوباء الذي عانت منه افغانستان عقود طويلة؟ ولنا لقاء.
سفير مملكة البحرين في اليابان