قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رغم أن الوقت مبكر لتقييم متوازن للوضع المصري الجديد، وكيف ستتطور الأحداث خلا ل الأيام والأسابيع القادمة؛ إلا أن ما يمكن تسجيله بعجالة الآن ، و بلا تردد، وعلى الفور، هو الإعجاب بحركة الملايين المصرية خلال الأيام القليلة المنصرمة، وانحياز القوات المسلحة المصرية لمطالبها المشروعة. ولا شك عندي أن هذا التحرك الشجاع والواعي جاء تصحيحا لأخطاء المرحلة السابقة، والتي وقعت فيها القوى والأحزاب المدنية وجماهير الشباب، والتي ساهمت في صعود الإخوان للسلطة وإجراءاتهم ومساعيهم للسيطرة على كل شيء وإقصاء الآخرين. ويبدو لنا أن خارطة الطريق المعلنة والمؤيدة من غالبية القوى السياسية والمدنية والدينية المصرية هي خارطة عملية، ومدروسة بعناية برغم أنه يجب الانتظار عن كيفية وخطوات التطبيق، وصولا للانتخابات الرئاسية بعد وضع دستور ديمقراطي وقانون سليم للانتخابات. ولعل من أهم ما صدر عن المؤسسة العسكرية وممثلي المعارضة والشباب والأزهر والبابا هو رفض نهج وعقلية الإقصاء والاستبعاد، والدعوة للمصالحة الوطنية الشاملة على أسس المواطنة والخيمة الوطنية المصرية. وكنا قد حذرنا منذ بداية الانتفاضة على نظام مبارك من عقلية وممارسة الاجتثاث والإقصاء، وضرورة التعلم من الدروس المرة للتجربة العراقية، وما شهدته وتشهده من إجراءات وسياسات الإقصاء وخلق الأزمات ومن الفئوية الضيقة. وكان نلسن منديلا قد نصح مرسي بالاستعبار بتجربة جنوب أفريقيا، أي المصالحة والمواطنة والحرص على جمع الشمل. وطبعا مضوا في غلواء النصر، وراحوا يستثمرون السلطة لأسلمة كل المؤسسات والمجتمع على طريقتهم وبعقلية " الإسلام هو الحل".إن كثيرا مما يحصل في مصر من تطورات لاحقة في المستقبل القريب يعتمد على مواقف الإخوان المسلمين، التي لا تزال سلبية تماما، ومتعنتة، ومعاندة، متشبثين بما يسونها " الشرعية الدستورية"، قاصدين نتائج انتخابات جرت قبل سن دستور، وبأساليب الإغراء واستخدام الشعارات الدينية واستغلال أخطاء الأطراف المدنية التي ساعدتهم كثيرا، كما ساعدتهم لحد كبير مواقف إدارة أوباما التي ساندت الإخوان في المنطقة، وشجعت إيران على التمادي في العدوان، كما لا تزال تساند المالكي،زعيم حزب الدعوة الإسلامي، في العراق. وبالطبع، لا يمكن إنكار أنه كان لإخوان مصر، ولا يزال، رصيدهم في الشارع المصري، وخصوصا في الريف، والفئات الأمية والمتأثرة بالشعارات واللافتات الدينية، ولكن عليهم هذه المرة التحلي بشيء من التواضع، والبحث عن مكان مع الآخرين تحت الخيمة المرية لا تحت راية أممية الإخوان وهوس الاستحواذ والاحتكار والاستبداد. ومن المفارقة، والحديث عن الشرعية، أن مرسي ذهب بعد انتخابه لميدان التحرير مباشرة وكأنه يقول للجموع " الشرعية هي أنتم". لاشك في إزاحة سلطة الإخوان المصريين حدث مهم جدا، وإن نجاح الحركة الشعبية المدنية التصحيحية، المدعومة بالمؤسسة العسكرية، ستكون له تأثيرات وانعكاسات هامة على مركز ودور وحاضر ومستقبل سائر القوى الإسلامية في المنطقة، من حاكمة وغير حاكمة، وسيساعد على شحذ وعي الجماهير في المنطقة بالاتجاه الإيجابي، لتتحرك بدورها لوقف الزحف لإسلامي، الذي يهدد حاصر الشعوب ومستقبلها، ويضيق على حريات المواطن، و يضع المنطقة في ظلمات الكهوف، فتكون منقطعة ومنعزلة عن حضارة العصر وأماني الشعوب في الديمقراطية والمساواة والعدالة والعمل والتقدم وسيادة حقوق الإنسان. وبدلا من أنظمة ديمقراطية منفتحة، كبديل لأنظمة الاستبداد والفساد، لا يمكن للإسلام السياسي، بمذهبيه، إلا أن ينتج ويؤسس دكتاتوريات دموية، منغلقة ومتخلفة.إن المشاكل التي تواجه المرحلة الانتقالية وما يليها كثيرة وكبيرة ولاسيما المشاكل الاقتصادية والمالية والمعيشية والبطالة وتردي هيبة الدولة. وكل الأمل في أن شعب مصر قادر على تخطي جميع الصعاب بنجاح ، وأن تضحياته لن تذهب هدرا. فمحبة لشعب مصر وأطيافه المتنورة، مدنية وعسكرية. وقلوبنا مع شعب مصر الذي يستحق المحبة والدعم..