مصر: حدث ما حدث..وماذا عن المستقبل؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لاحظت في الأيام القليلة الماضية التي أعقبت عزل أو الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي من قبل القيادة العسكرية المصرية، استنادا للبيان الذي ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، مساء يوم الأربعاء الثالث من يوليو 2013 ، أنّ وسائل الإعلام العربية بشكل عام، انقسمت إلى فريقين: الأول هو المرحب ترحيبا عارما بعزل مرسي مع التركيز على انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، وأنّ هذه الجماعة كانت تسعى ل (أخونة الدولة المصرية)، وكان هذا الفريق هو صاحب الأغلبية في الإعلام العربي. أمّا الفريق الثاني وهو الأقل بشكل ملحوظ فهو الذي اعتبر الطريقة التي تمت بها الإطاحة بالرئيس مرسي لا يمكن وصفها إلا بأنّها انقلاب عسكري بدأ التمهيد له بإنذار الفريق أول عبد الفتاح السيسي لكافة القوى السياسية والحزبية المصرية بمهلة 48 ساعة للتصالح والاتفاق، وما إن انتهت المدة حتى صدر بيان عزل الرئيس مرسي ضمن حزمة قرارات (تشمل تعطيل العمل بالدستور وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا منصب رئاسة الجمهورية مع اجراء انتخابات رئاسية ويكون لرئيس الدستورية سلطة اصدار الاعلانات الدستورية وتشكيل حكومة وطنية. وتشكيل لجنة قانونية لتعديل المواد المختلف عليها في الدستور المعطل والانتهاء من قانون انتخابات مجلس النواب واجراء انتخابات مجلس النواب وتشكيل لجنة للمصالحة الوطنية).
هل هو انقلاب أم مجرد نقل للسلطة؟ سأبدي رأيي اجابة على هذا السؤال مع التذكير أنّني لست عضوا في (جماعة الإخوان المسلمين) ولكنني عضو في (جماعة الإخوان المصريين) أي كل الشعب المصري الذي لا يستحق كبقية الشعوب العربية سوى الحرية والكرامة والديمقراطية والعيش السهل المريح، إذ كفاه مظاهرات واعتصامات وسفك دماء وضائقة اقتصادية في أغلب مجالات حياته. وصل محمد مرسي للرئاسة عبر انتخابات لم يعترض على نزاهتها أحد بما فيهم الخاسرون لهذه الانتخابات. وحسب الممارسات الديمقراطية الأوربية والأمريكية والإسكندينافية منذ ما يزيد على مائة عام فلا يجوز ازاحة أو عزل رئيس منتخب إلا من خلال صناديق الانتخابات نفسها التي أوصلته للرئاسة. خلال العام الأول من رئاسته ارتكب الرئيس مرسي العديد من الأخطاء بلا شك، ولكنها لا تقارن بأخطاء رؤساء غربيين خاصة الرئيس الأمريكي بوش الإبن الذي تحدى الرأي العام الأمريكي والأوربي وغزا العراق وأسقط نظام صدام حسين واحتل العراق عدة سنوات، وخسر الشعب الأمريكي اثناء هذا مئات القتلى والجرحى. فهل انقلب عليه الجيش الأمريكي أو طالب الشعب الأمريكي بعزله أم انتظروا عليه حتى أكمل ولايته الرئاسية؟. ومثل هذا المثال الأمريكي العديد من الأمثلة الأوربية، لذلك قياسا على ذلك مع الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبها الرئيس مرسي فإن عزله من قبل قيادة الجيش المصري عمل غير قانوني ولا يمكن وصفه إلا انّه أقرب للإنقلاب العسكري على سلطة منتخبة من الشعب المصري.
وماذا عن الملايين المطالبة بعزله ورحيله؟ويمكن ومن حق البعض أن يردّوا على هذه الحيثيات التي ذكرتها، قائلين: لماذا تتجاهل الحشود الجماهيرية المصرية في كافة مدن مصر وميادينها خاصة ميدان التحرير بالقاهرة مطالبين برحيل مرسي مطلقين عليهأقذع الصفات لا تقلّ عما أطلقوه على الرئيس السابق حسني مبارك؟ لماذا لا تعتبر أنّ قيادة الجيش انحازت لرغبة هذه الجماهير من الشعب المصري وحققت رغبتها وعزلت الرئيس مرسي؟. وللحقيقة فهي حجة منطقية، ولكن ماذا عن رغبة الحشود الجماهيرية المناوئة والداعمة للرئيس مرسي في كافة مدن مصر خاصة ميدان رابعة العدوية بالقاهرة القريب من رئاسة الجمهورية؟. أليست هذه الحشود الجماهيرية من الشعب المصري أيضا، فلماذا اختارت قيادة الجيش الانحياز لرغبة الحشود الأولى المطالبة برحيل الرئيس وتجاهلت رغبة الحشود الثانية المطالبة ببقائه رئيسا شرعيا منتخبا من الشعب المصري؟. إذن ماذا عن المستقبل في مصر؟ لذلك انطلاقا من الحيثيات السابقة، والأخبار الواردة من مصر بعد عزل الرئيس مرسي، فإن المستقبل لا يبشر بالخير الذي نتمناه للشعب المصري وكافة الشعوب العربية، حيث الاشتباكات مستمرة بين فريقي المناوئين والمؤيدين والجيش أيضا، حيث بلغ عدد القتلى العشرات والجرحى بالمئات، والاشتباكات في القاهرة والإسكندرية هي الأكثر شراسة. خاصة أنّ ما أعقب عزل الرئيس مرسي شمل بعض الخطوات التي يمكن أن يفهم منها أنّها نية واضحة لإقصاء جماعة الإخوان المسلمين و الجماعات الإسلامية من المشهد السياسي المصري، ومن هذه الخطوات:1 . اقفال بعض الفضائيات ذات التوجه الإسلامي.2 . حملة الاعتقالات في صفوف قيادات جماعة الإخوان المسلمين، طالت نائب المرشد العام خيرت الشاطر.3 . رفض مطبعة جريدة الأهرام طباعة جريدة حزب الحرية والعدالة، حزب جماعة الإخوان المسلمين.4 . إصدار قرارت بمنع سفر قيادات من جماعة الإخوان ومنهم الرئيس مرسي، ورئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني والقياديون في الجماعة محمد البلتاجي ومهدي عاكف وصبحي صالح وعضوي مجلس الشورى جمال جبريل وطاهر عبد المحسن وعضوي مجلس الشعب عصام سلطان ومحمد العمدة.5 . احتجاز الرئيس مرسي من قبل القوات المسلحة في مكان لا يستطيع أحد تأكيد أين هو؟.6. تأكيد أمني حول اعتقال الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل.واجراءات اخرى عديدة تتنافى مع أبسط مبادىء الديمقرطية خاصة أنّه في سنة رئاسة الرئيس مرسي لم تتم أية اعتقالات مشابهة حتى لمن كانوا معارضين وشاتمين له، ولم يتم غلق أية فضائية بما فيها التي تهاجم الرئيس وحزبه.
من مظاهر التخوف والقلق على المستقبل 1 . شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذي تشاور معه الفريق أول عبد الفتاح السيسي قبل اصدار قرارته الأخيرة، وجلس معه على المنصة مع أسقف البطركية المصرية أثناء القاء خطاب عزل الرئيس مرسي، طالب الشيخ الطيب بالإفراج عن الناشطين السياسيين والقادة الحزبيين، ودعا في بيان له يوم الجمعة الخامس من يوليو إلى "الإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي والناشطين السياسيين والقيادات الحزبية المصرية". 2 . الموقف الذي أعلنه محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين متحدثا إلى عشرات الألاف من مؤيدي الرئيس مرسي في ميدان رابعة العدوية، حيث أعلن (أنّ ما جرى هو انقلاب باطل وكل الاجراءات التي تمت باطلة، فنحن ليس لدينا إلا رئيس واحد منتخب ومجلس شورى منتخب، ودعونا نمضي في خارطة طريق متوافق عليها من القوات المسلحة). وحذّر قائلا: (إنّ هدفنا هو عودة مرسي ولا عودة لحكم عسكري إلى مصر بعد الآن وثورتنا سلمية أقوى من الرصاص والمصفحات).لذلك فالحاضر المصري مخيف للغاية، خاصة أنّه على ما يبدو لن تتراجع القوات المسلحة عن قراراتها بعزل مرسي والاستمرار في ملاحقة القيادات الإسلامية التي بدأت فعلا، ولن تتراجع جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها من الجماعات الإسلامية عن المواجهة والتصدي. فمن سيستمع لصوت العقل، صوت مصلحة الشعب المصري؟. وفي النهاية إنّ أي رئيس قادم حسب خطوات الفريق أول السيسي لن يحوز على رضا كافة الشعب المصري، وسيواجه ما واجههه الرئيس مرسي. إنّه النفق المجهول الذي لا نتمناه للشعب المصري وأي شعب عربي.www.drabumatar.com