إخوان الاردن قد تقرض جيب المخابرات الاردنية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تاريخ المملكة الاردنية الهاشمية يشهد للمخابرات الاردنية و ضباطها قدراتهم الاستراتيجية و امكانتهم المتميزة في الحفاظ على كينونة الدولة و استقرارها و حمايه مكتساباتها، و الاهم الابقاء على مؤسسة العرش بعيدا عن غبار ملوث بادعيات سمية خادعة يغلفها شعارات الديمقراطية و الحرية.
ليس هذا بجديد، منذ عهد ضابط المباحث الذي احضر من الضفة الغربية حيث كان يؤدي خدمته العسكرية الى ان ارتقي سده الجهاز الامني مديرا للمخابرات، و هو الفريق محمد رسول الكيلاني مرورا برجال اوفياء، مفكرين، قارئين، محللين، ائتمنوا على اسرار الدولة الاردنية و التعامل الهاديء و الامن مع اعاصير التغيير منذ المد الناصري القومي العربي، و انقلابات البعث و شهوة ابتلاع الاردن الى التيارات الاسلامية المسيسة و اخيرا و ليس اخرا التدخل الاخواني بعد وصولهم الى سده الحكم في مصر، و حديثا الى سفير الاردن في المغرب فيصل الشوبكي و الذي عين مؤخرا مديرا للمخابرات الاردنية و يدان له بذكاء و عبقرية التعامل مع ربيع عربي جارف، اريد له ان يمر زورا و بهتانا في الاردن عبر حناجر مغرضه و اجندات خاصة تستغل الحراك الشبابي الطاهر و الشريف، وهو البلد الامن المتماسك و القوي بملك هاشمي و ملكية مستقرة تمت مبايعتها دستوريا منذ الازل.
و استطاعات المخابرات الاردنية ان تنقذ الاردن الذي يجلس بين كماشة العراق ذو الرئيس المخلوع و اموال حزب البعث التى جاولت شراء من هنا و هناك و الصرف على انتخابات هنا و هناك في الساحة الاردنية، الى تداخلات الناصرية و القومية و تعاملت مع التنظيمات الفلسطينية في الساحة و العقائدية المرتبطة خارجيا و ذات شهوة الحكم، و كل من تلك التيارات كانت تهدف في لحظة ما الانقضاض على الاردن و تهشيم هاشميته، و في جهة مقابلة كنات تقف دوما كماشة الاحتلال الاسرائيلي غرب النهر و تهديداتها و سعيها الى اقامة النظام البديل.
و لان الساحة الان تدور في فلك "الاخوان " و اقصائهم من السلطة في مصر بعد انكشاف فشلهم في ادارة الدولة المصرية، و تحزبهم، ومايشاع عنارتباطهم الخارجي و اتفاقاتهم مع الرئيس الامريكي اوباما السرية على منح اربعين في المائة من سيناء للفلسطيينين مقابل ثمانية مليارات دولار، لا شك ان "جرسا يدق" لخطة تعامل جديده مع اخوان الاردن.
تنظيم الاخوان المسلميين في الاردن، اثبت انه اكثر الناس قدرة على التفاوض و المراوغه و لعب دور المعارضة لتثوير الشارع و المقايضة السياسية ويمتلكون نفسا طويلا و مدربون على الصوم الطويل و الاضراب عن الطعام واحتمال السجون والاتفاقات تحت الطاولات و خلف الابواب و لديهم من القدرات التنطيمية و الاعداد و لوجستيات الانتقال ماهو اكبر من كل تصور، و هو ما نمى و ترعرع تحت انظار الجهاز الامني الاردني الحارس على امن الوطن و المواطن في مرحلة قديمة من عبق التاريخ السياسي للاردن.
و قد يسأل البعض عن وثيقة اتفاق "اوباما _الاخوان المسلميين " الخاصة بييع مصر و تخصيص جزء من سيناء لاقامة دولة فلسطينية؟ وعن اتفاق مماثل بين اخوان الاردن و امريكا حول الوطن البديل اذا كان ذلك صحيحا؟ فهل هذا وارد ام لا؟ رغم تصريحات كل اطياف الاخوان باقامة دولة فلسطين على ارض فلسطين، من النهر الي البحر، و لكن سقوط اخوان مصر اظهر المخفي و المسكوت عنه، و ما سوف يعلنه على الملأ الفريق عبد الفتاح السيسي الذي اتخذ قرار الانصياع الى ثورة ابناء مصر حفاظا على "مصرية مصر " و على سياده قرارها الوطني و استقلاله.
كثير من الجلسات في داخل اروقة المخابرات الاردنية تمت مع قيادات من الاخوان المسلميين و منذ سمح لهم بالمشاركة العلنية و العمل في الساحه رغم حل كل الاحزاب الاردنية في الخمسينات و استخدمتهم "المخابرات " ورقه سياسية و انتخابية في مواجه البعث و التنطيمات الفلسطينية و الشيوعين و اليساريين، وتمت اجتماعات في عقر دارهم و في فنادق اردنية و عبر شخصيات قيادية جمعت الاخوان و ضباط الامن، نتج عنها خلال سنوات الاتفاق على حدود المعارضة و صوتها و درجاتها، و على امكانات تقاسم السلطة، و على اعداد المشاركين من الاخوان المسلميين في الانتخابات البرلمانيه سواء ثلاثة و عشرون نائبا او تسعة عشر، و على النقابات المهنية و من يرأسها.
و كانت البدايات بترشيح المهندس حسني ابو غيدا نقيبا للمهندسيين على قوائم حماس و الاخوان المسلميين بمباركة دائرة المخابرات، و الذي خرج بالمنصب الى العلن بعد اتفاقات ادارها الفريق سعد خير على ان يكون النائب له من الاخوان و الذي تميز بالخلق و الادب و حسن التعامل ولكنه ايضا كان له "مرشدا" في اطار تنظيم الحركة الاخوانية للاستيلاء على النقابات المهنية و قد نجح المهندس عزام الهنيدي في امتلاك النقابات المهنية، و بعدها فتحت الساحة النقابية لهم ليحتلوا المراكز في النقابات الاخرى لسنوات، دون تواجد تلك الصورة الهزلية لنقيب مؤجر من الدولة او بديل بلا صوت و لا صورة، و هو اسلوبا اتبع في عهد السادات ادي الى انتخاب المهندس عثمان احمد عثمان نقيبا على قائمة اخوانيه تملك هي القرار، و ايضا من اتي بعده المهندس حسب الله الكفراوي على نفس النمط.
و لم تتوقف قدرات المخابرات الاردنية عند هذا الحد و هي التى ادارت دفه الصراع على السلطة و ابطلت مفعوله الاثم، بل ان الاخواني المهندس الشاطر خيرت الذي درس في هندسة الاسكندرية على سبيل المثال نائب المرشد في مصر، كان ضيفا لمده تقارب ثمان سنوات في الاردن، و سبقه زيارات و اقامات لعديد من تيار الاخوان المسلميين استوعبتهم الادارة الامنية الاردنية و رصدت تحركاتهم و تفاهماتهم، و بات يعرف ان قارورة ماء المخابرات الاردينة مليئة بما هو اكثر من الماء الاخواني الاردني، اكثر مما يدلل به انه "زمزم "، و هي التى تمتلك القدره على ازاحة العطش او اغلاق الماء عن راغبي الشرب.
اليوم، و مع بروز كثير من اخطاء تنظيم الاخوان المسلميين في مصر، و اللذين خرجوا من السجون الى كرسي الرئاسة و مؤسسة السلطة دون تاهيل و دون معرفه بالواقع على الارض السياسية و الاقتصادية، يدفعون ثمن غياب فرض عليهم، و تركه ورثوها من نظام "مبارك ".
ايا كان الظرف في الاردن مختلف و لكن اخطر لان "اخوان الاردن " لديهم التجربة و الخبرة، وهم في دائرة الضوء، و ان كانوا يوما او لازالوا في جيب المخابرات الاردنية، في وضح النهار تسلموا وزارات التربية و العمل و الاشغال و غيرها، و استلموا رئاسة البرلمان و النقابات المهنية، و شاركوا في حكومات اقامت سلام مع اسرائيل و برلمانات مررت اتفاقية السلام، و القصد انهم اكثر تجربه و حصافة و معرفة من تيار الاخوان المسلميين في مصر مما يجعلهم اكثر خطورة حتى و ان كان هناك تفاهمات و اتفاقات.
و لكن، و هنا اضع نقاطا واضحة، ان كلا التيارين المصري و الاردني، و هما بالمناسبة غير متطابقين و بينهما خلافا فقهيا و جدلية حول الحكام و مؤسسات و الحكم و الوتقيت في الانقضاض، الا انهما يجمعون على انشاء الخلافة الاسلامية و الاطاحة بالحاكم.
و اذكر هنا واقعة وقت ان اجريت لقاءً متلفزا، استضفت فيه في برنامج السياسي انذاك على شاشة التلفزيون الاردني مع مستشار الاخوان السياسي و نائب في برلمان الاردن عند التصويت على حكومة الشريف زيد بن شاكر، لم يكن وقتها منح لقب الامير من قبل الملك الحسين، حيث قال لي الشيخ حمزة منصور،" اننا لن نمنح الثقة لحكومة امريكية هبطت بالبارشوت علينا، حكومة محملة جوا " انتهي الاقتباس. و بعدها و عند سؤاله و ماذا هدفكم و رؤيتكم؟، فاجاب " اننا نسعى الى تطبيق شرع الله حيث لا ملكية في الاسلام ". و بالمناسبة فأن الشريط كان و لا يزال في التلفزيون الاردني و اطلع عليه نائب رئيس الوزراء ووزير الاعلام انذاك الدكتور خالد الكركي، و مدير التلفزيون الاردني ناصر جودة و الذي تسلم منصب وزير الخارجية الاردنية الحالي وبوجود لواء من المخابرات الاردنية.
و اقصد ان مهما حدث او تم التفاوض عليه او حوله فأن النهج "الاخواني " هو الاطاحة بالسلطة و مؤسسة الحكم في الوقت المناسب و متى اتيح لهم، و هم دوما مفاوضين و مراوغين و مسالمين ثم ينقلبون في لحظة ويعلنونها صراحة " سنقتل و و نضحي بدمائنا في سبيل الشرعية " كما قالها المرشد العام في مصر بعد عزل رئيسها، و كأن الشرعية بالدم و السيوف و رصاص و مولوتوف.
واضح هنا ان "المراجعات " التى تبناها نظام وزير الداخلية المصري اللواء حسن ابو باشا مع المعتقلين من تنظيمات اسلامية في السجون المصرية، و منذ ان اختطف الشيخ " الذهبي " في مصر، و التى عرفت بمراجعات الاخوان للتوبة و الخلاص من "القتل و التكفير " لم تكن الا مرحلة مؤقته و تحايل على الامن المصري لاجل الهبوط و الانقضاض على الحكم، و هو ما يؤشر الى ان الفكر لدى "الاخوان " قادر على التعامل مع الامن مرحليا الى ان يعرقله و يحيده و يعود الى الممارسات الارهابية. بل ان " المراجعات " الامنية المصرية اثبتت فشلها.
المخابرات الاردنية، قامت بدورها الوطني في الحفاظ على الاردن، و حماية مؤسسة العرش، و حماية الشعب بتحويل و تنفيس مسارات الاخوان، التى تميل في الاردن الي العيش بالقرب من دوائر الامن و البشر، الى طرق فرعيه قبل ان تصدم قوة جدار الوطن و تماسكه في مواجهة مخططات التقسيم و التبديل و الخرق و الاختراق لنسيج وطني يرى ان الملكية هي طوق النجاه و سفينه انقاذ الشعب و الوطن.
لرجال المخابرات الاردنية الاوفياء، اللذين وقفوا في مواجه الالات الاعلامية الخارجية وابواقها الداخلية في تصويرهم بغير حقيقتهم كل التقدير و الاحترام، و ليطمئن العالم و شعب الاردن قبلهم ان تلك العيون الساهرة على الوطن لديهم من الجيوب الكثيرة التى تمتليء بما يحقق استقرار الوطن.
ولكن، مع كل هذا و ذاك و جيوب الساحرالامني، لا بد من التحذير انمن في الجيب قد يقرض و يسبب الالم و المرض و أن اسنان الفئران اصلب من الحديد او الصلب مما يمكنها من قرض اخشاب و طوب القصور.
لقد لعب تنظيم الاخوان المسلميين في الاردن دور الذكي المحظوظ و لكن جرعاته التخديرية للامن و بعد سقوط و انكشاف "مرسي " لا يحتمل الا اليقظة و التعامل الحذر اللطيف معهفهو يجلب المتاعب.