أصداء

دولتي انا، لا دولة بشار أو مختار

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

خوف و ارتعاد من كتابه حرف يبثها مجرمون في حق "حرية الكتابة و الابداع " يريدون ارهاب الفكر و منع الكتاب من النشر، و قصص نسمعها كل يوم و بين الحين و الاخر لازهاق روح الامل و الحرية و الفكر، و صديق سوري يعيش في كندا يقص لنا قصصا اغرب من الخيال ان احد السوريين حضر دعوة عشاء في حمص هوجم فيها الرئيس السوري و هو لم ينبت بحرف اثناء العشاء امامه، و لم يقم بالابلاغ عما دار لجهاز الامن، فقبض عليه و زج في سجن لم يخرج منه او يحقق معه حينها الا بعد ثلاث سنوات سمح له بالخروج انذاك. و ان كنت اعتقد ان في تلك القصة مبالغة، و لكنها تحمل صفة الرعب و الخوف و غياب ابسط حقوق الانسان، و هي التعبير الحر، و هدف القصة خلق زعزعة نفسية في النظام و ترويع كل من يكتب او يحاول ان ينتقد.

و اخرون يتحدثون عن قصه الصحفي الكبير رحمه الله عليه، سليم اللوزي رئيس تحرير جريدة الحوادث اللبنانية و التى انتقد فيها الرئيس السوري بكتابة مقاله الشهير " قال لي صديقي الدمشقي " فتم خطفه من مطار بيروت ووجد جثته راعي غنم بعد ان تم حرق يديه بحامض الكبريت و قيدت القضية ضد مجهول في 25 فبراير 1980.

و كان اللوزي كتب قائلا : ldquo;قال لي صديقي الدمشقي: كنت خائفا عليك من التصفية، فأصبحت خائفا عليك مما هو أشد وأقسى!rdquo; والذي كتبه بُعيد لقائه بصلاح البيطار (الزعيم البعثي السوري المنفي الذي تم إغتياله).

كلمات عميد الصافة اللبنانية المرحوم الاستاذ اللوزي كانت تصيب رأس الرئيس حافظ الأسد ونظامه وعملائه بسبب تدخلهم في الشأن اللبناني، و تمت تصفيته بعد ست سنوات من قتل شقيقه مصطفى في طرابلس بسبب مقال و تحقيق في مجلة الحوادث.

و للاسف،فأن حالة الخوف متواجده في الساحات العربية تشاؤما، وللتفاؤل كسرتها مصر بثورتها و تخطت جدار الصمت الى نهرها الخالد و سيمفوينتها "ارحل ياريس " في ابهى صور الديمقراطية التى يحميها الجيش المصري.

و للاسف ايضا، انني اجد اصدقاء عرب، و اكثريتهم سوريون في هذه الايام، يخاطبون البعض بصوت منخفض في جلسه او عشاء او زيارة، و كانهم مراقبون او متهمون او يقومون بفعل فاضح، قائلين، لا تكتب، احذر، اسمك في المطار، انت ممنوع من السفر، انتظر شعبة التحقيق في الجهاز الامني، قد تقتل، او تضرب، او تبعد الى اخر تلك الكمات الحزينه و الموجعه التى لا اساس لها من الصحة.

هم لا يتحدثون عن سوريا فقط و انما عن الاردن في محاولة لنقل الخوف و الرعب الة نفوس كل من يكتب، و احاول جاهدا ان اشرح لهم ان الاردن هي "دولتي " و اقصد دولة كل شخص اردني، و يحق لكل مواطن ان يقول ان الاردن "دولتي " من منطلق الحب و الدفاع عنها و مؤزارتها و اخيتار رئيس حكومة يخدم الوطن، و ان يقوم بالعمل لاجل البناء و التقدم، و ان ينتقد دون ان يجرح او يكذب او يفتعل، و ان..هي دولته التى يفتخر بها و يفديها. انها "دولتي، دولته ودولتنا جميعا " و ليست ملكا لحكومة و رئيسها يغتصبها و يعطل مسارها الاصلاحي.

و اقصد القول، ان الاردن كان دوما مرحبا بالرأي الاخر المسؤول و حاميا له، الراي غير التابع لاجندات خارجية، غير المسيس ماليا من الشرق او الغرب، و كان السقف مرتفعا رغم محاولات بعض من من القيادات الحكومية اغلاق منابع الفكر و ابعاد منهج السلطة الرابعة و اسكات الاخر.

و اجدني مضطرا، في زمن التبس الامر على بعض العامة ممن عاشوا في زنازين و عشش افكارهم المشوشة، و هاجروا هربا من بطش الحاكم و اجهزته القمعيه في بلدانهم، ان اذكر ان "دولتي " غيردولتهم و غير دولة الرئيس بشار التى يتحدثون عنها و يرسمون صورا لها في خطاباتهم و جلساتهم، ان صح قولهم و ادعائاتهم.

وان صاحب القلم و الفكر و الرأي في "دولتي " له من الحرية السماء، و من الملك عبد الله الثاني الرعاية و الحماية. و اسوق هنا، للتاريخ مواقف مختلفه تأكيدا لحرية الراي و منها انني كتبت مقالا نشرته جريدة السبيل عن رئيس الوزراء المهندس علي ابو الراغب، و هو صديق وقفت معه و كنت مساندا له في حملته الانتخابية الاولى لمقعد نقيب المقاوليين و نجح، و هو اول ظهور علني له في الساحة النقابية، و شاركته الرسوب في الدائرة الثالثة في عمان في اول محاولة له للدخول الى البرلمان نائبا، و لا زلت احترم رايه و ان كنت قد اختلف معه حول طريقة معالجتة الاجرائية لبعض من الامور، و هذا لا يفسد للود قضية، لكنه لم يحتمل مقالا بعنوان " اكرام الحكومة دفنها " و كنت اقصده هو بالاسم و حكومته و التى وقف الملك عبد الله الثاني مع الشعب الذي لاحظ الخمول و القصور في تلك الحكومة، و امهل الملك رئيس الوزراء و طاقمه الحكومي ثلاثة اشهر للتحسين و الا الاقالة و فعلا اقيلت.

و اعتبرت في المقال ان رئيس الوزراء لا يقدر على فعل شيء خلال تسعين يوما اذ ما فشل في ادائة في عام، انها ليست مباراة كره قدم، و ان الحكومة في الوقت الضائع.

فقرر الرئيس ان يحولني سجن الجويده و اضاف لي مقالا اخر نشر بعنوان " ما لم يقم به الملك عبد الله "، وان يتهمني باطالة اللسان. و نشر خبر اطالة اللسان، في جريدة المجد الاسبوعية كخبرا مقتضبا قصيرا من عشر كلمات، و تحد ث عن تلك التهمة وزير الاعلام في لقاء مع صحفي الرأي، و الذي اخبر الصحفيين انني سامضي اخر ليلة في منزلي اليوم و غدا في سجن الجويده. و نقلت لي الرواية و الحديث قبل ان ينهي حديثه صحفية حضرت اللقاء.

والحق يقال، ان الفريق محمد الذهبي مدير المخابرات، اتصل معي على رقمي بالمنزل، هو بنفسه مساء هذا اليوم، و قال لي بالحرف الواحد تعليمات جلالة الملك الا يسجن شخص او يعتقل بسبب راي، و انا انقل لك توصية جلالة الملك عبد الله الثاني و تعليماته بشان ما تكتب والا يعترضك احد، و هذا وطنك و تلك "دولتك ".

و في مرة اخرى تعرض لي وزير ثقافة ووزير اعلام، و رفضت احد الصحف ان تنشر ردا لي على ماكيل لي من اتهامات كاذبة بسبب ما اكتب، و تفرد احد مالكي الصحف بمانشيت على احد الصحف الاسبوعية قائلا :" عبد الفتاح طوقان اتي من الضفة و هو من السهل ابتلاعه " و رفضت الاسبوعية ان تنشر لي الرد، فما كان من الفريق سميح البطيخي الا ان اتصل مع الجريدة و من ثم معي و نشرت ردي بعنوان " يا استاذ طارق، انت لست حوتا و انا لست بموسى لتبتلعني ". و عندما شكرت الفريق سميح البطيخي جائني الرد، هذه دولتك و هذا وطنك، اكتب و حق الرد مكفول للجميع حسب القانون.

و مرة اخرى، استمرت القيود، و احيانا الاستدعاءات بسبب مقال هنا او هناك، و اخبرني رئيس متابعة الاعلام العميد فوزي المعايطة من المخابرات، و في مكتبه، ان لديه تعليمات للجميع الا يمس احد من الصحفيين و الكتاب، و ان الرأي مصان و الحريات متوافره.

و اذكر جيدا عندما استدعاني احد صغار الضباط و انبني على مقال نشرته، و انه سيقوم بارسالي الى كل انحاء المملكة و اقسام الشرطة،فتح باب الغرفة اللواء سميح بينو، واعتذر عن فظاظة الالفاظ، و في مكتبه اعتذرمرة اخرى عن هذا التصرف الفردي بكل ادب و اخلاق قل مثيلها.

ليس هذا، بل ان الفريق فيصل الشوبكي مدير المخابرات الحالي، و بنفسه، و في احد المرا ت في مكتبه ايام المرحوم سعد خير و هو لقاء واحد يتيم، قال لي اكتب ما تشاء، و لكن دوما تذكر دولتك و اصلك، و ادين له بهذا التوجيه لانه فيه من الدلاله على حب الوطن الكثير، في وقت يحاول الاخرين تشويه و تحريف الكلام و تركيبه في غير صياغته و استخدام ما ينتج من حرقه و الم على الوطن و رغبه في مزيد من الاصلاح بطموح لا حد له، يقوم بعض من قوى الاثم و الشر باستغلال الكلمات الطيبة، الناتجة من القلب لاجل تراب يعشق و جبال تفوح روائحها في صدورنا حبا في غير موضعها،و تصوير ان ابناء الوطن هم ضد وطنهم و ضد شعبهم، و هو غير صحيح.

وعندما تولى رئيس الوزراء الدكتور عبد السلام المجالي رئاسة الحكومة بما لديه من رشد في الفكر و ابويه حانية في استقطاب ابناء الوطن و العمل على رفعته، عهد الى بعمل برناج تلفزيوني وكانت التعليمات "برنامج بكل ما تعنيه الحريه و دون رقابة "، و هو ما تم فعلا.

و بعد سنوات، و في شارع "مونو " في بيروت و مع الصديق الراحل سمير القصير، صديق اللحظة حيث انه لا يمكن الا ان يكون صديقا من اول لحظه و لقاء بوطنيته و اخلاقياته و احاديثه، و الاعلامية ذو المقدرة الاختراقية لعقول من تستضيفهم و قلوب من يشاهدها جزيل خوري و بتواجد مدير برامج العربية الفضائية العربية نخلة الحاج، و بعد ان انتصف الليل، تحدثت جزيل خوري عن برنامجي الذي كنت اقدمه على الفضائية الاردنية لتقول، ان الملك الحسين طلب من الرئيس الدكتور عد السلام المجالي "فضاءا حرا " و برامجا اقتصادية و سياسية سقفها السماء، و عندها عهد لي الاعداد و التقديم المباشر على الهواء و تمت استضافه كل التيارات حتى خرج الدكتور عبد السلام منزعجا، حسب قولها من هذا البرنامج بسبب تجاوز الخطوط الحمراء و الذي اشتكي الى مدير التلفزيون ناصر جوده، مع العلم ان الدكتور المجالي لم يراجعني و لم يكن الا خير معين و ذو صدر منفتح تقبل كل شيء، و احترمت فيه الراي الاخر، كما لم اسمع اي كلمة نقد او تقييد من مدير التلفزيون باستثناء ما نقلته لي الاعلامية جزيل خوري.

و مرة اخرى، وفي داخل التلفزيون الاردني، و في اجتماع خاص و هام بسبب احداث جسام في مدينة معان من اكثر من خمسه عشر عام، ضمت رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور، الاستاذ هاشم خريسات مدير الاذاعة و التلفزيون، مدير التوجية المعنوي، نضال الدلقاموني من البرامج و كان الحديث حول كيفية معالجة ما حدث، و كان لي رأي خالفه مدير التوجيه المعنوي و اصر على ان يستفرد براي مسبق و ان يمليه على الجميع و يقررهو بمفرده دون الاستماع الى اي من الحاضرين في بداية الجلسة، فما كان من الفريق سميح البطيخي و معه وزير الاعلام ناصر جوده الا ان اشارا من خلف الزجاج لي بالخروج والحديث معهم حيث قال لي مدير المخابرات، ان الوطن حر، و الراي حر، و اشاركك ما تقول، اكتب تصورك و لينقل على الهواء مباشرة.

لم يكن هنالك خوف من ابداء راي، لم يكن هنالك قمع، لم يكن هنالك احتلال لعقول البشر، و نجحنا بفضل حرية الاعلام ان نقول ما نريد دون سيطره احد بعقليه عرفية.

و قراء الاعلامي بشار جرار النشرة بادائه المتميز و نبراته المفسرة لكل حرف و جمله، و هو ما يميزه عن الكثيرين.

و مره اخرى حيث كنت اقدم برنامج على الهواء مباشرة عن الاختراقات للمخابرات، تدخل احد صغار الضباط عندما علم بمحتويات الحلقة محاولا منعي من تقديم البرنامج، و ثني عن عمل حلقة على الهواء دون ان تعرض عليه، و لم نكن نعرض الافكار او الحلقات او محتواها على احد، كان البث مباشرا، و اشير هنا لاول مرة اصادف هذا التصرف الفردي و التدخل، و لم اجبه، و قدمت الحلقة فاذ به يرسل في طلبي، و كان لي الشرف بزيارة دائرة المخابرات الاردنية، و عندما حاول ان يؤنبني، عرضت عليه رسالة بالبريد الالكتروني من قبل الفريق سميح البطيخي وصلتني بعد ان عرض البرنامج ليلا على الهواء، تشكر ادارة التلفزيون و الجهد في الحلقة، طالبا مزيدا من تلك الحلقات.

لقد كانت الحريات و لا تزال تفوق كل ما يتفوه به مغرضين، همهم صورتهم اللامعه في فضائيات ذات هدف مغرض، لا همهم "دولتنا الاردنية ".

من الواجب، ان اذكر دوما، ان الاردن هي دولتي، و دولتك و دولة كل اردني، لا حكرا علي رئيس الحكومة او مغرض، او فردا بعينه يبث سمومه هنا او هناك و يرشق الاخرين بسهامه، هي دولتنا جميعا بناها اجدادانا، و ابائنا، و نكمل معا يدا بيد و مع كل اطياف الشعب، جميعها، تلك المسيرة في اطار " الحلم الوطني الاردني "، غير عابئين بما يقوله السوري الحمصي، او الدمشقي الكندي فلن يرعبنا احد من الداخل او الخارج، فدولتى ليست دولة الرئيس بشار التى يفترضونها، في اجزاء منها، و احيانا من تخيالاتهم.

سنكتب لاننا نحب دولتنا، و سنكتب لان الملك عبد الله الثاني امر ان نكتب و الا يعترض احد كاتب او صحفي او صاحب راي، و سنكتب لان القلم اقوى من كلمة رئيس الحكومة، و سنكتب للاجيال من بعدنا، و سنكتب لاننا لا نخاف و لن يخيفنا احد.

في " دولتي "، الملك يأمر بالكتابة الحرة مثل السباحة الحرة، و المخابرات تحمي من يكتب مثلما يحمي الجيش المصري ثورته، بل اكثر.

"انا " اذوب في دولتي فتصبح دولتي انا و انا دولتي بكل دمي ودموعي، و انا شريانها الاورطي و عضلات قلب تنبض بحبها.

aftoukan@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف