كتَّاب إيلاف

الوجه الآخر لكردستان العراق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إعتادت السلطة وطباليها وزماريها بإقليم كردستان أن يوجهوا إنتقاداتهم الى بعض الكتاب ووسائل الإعلام عندما يتحدثون أو يركزون على بعض الجوانب السلبية لأداء الحكم بكردستان. ويلوموننا لأننا لا نتحدث عن " الإنجازات " و" المكاسب" العظيمة التي حققتها السلطة لأبناء هذا الشعب، ويغضبون عندما نغض الطرف عن عطاءاتها النضالية وجهودها المضنية لخدمة هذا الشعب.ثم يبيعون برؤوسنا دائما ذلك الكلام الممجوج" أن كردستان أصبحت دبي ثانية"، وهناك من يصفها بجنة الله على الأرض.

أنا لا أرى في إنشاء مستشفى أو مدرسة،أو إقامة عمارة سكنية، أي إنجاز للحكومة ولا فضلا لها، لأن هذا من صلب واجبات أي حكومة بالعالم،ثم أن هذه تبنى بأموال الشعب ولا تخرج من جيوب مسؤولي الحكومة أو مما ورثوها من أموال آبائهم وأجدادهم، فلماذا يمنون علينا بكل مناسبة إفتتاحهم لمدرسة ويصورونه بوسائل الإعلام وكأنه إنجاز يبيعوه برؤوسنا؟

أما بناء ناطحات السحاب بأربيل أو السليمانية أو دهوك، وما نشاهده من عمران وإرتفاع البنايات وبناء السوبرماركتات والمولات إنما بنيت كل ذلك وإرتفعت معمها أساسا بالسحت الحرام. فالفاسدون وسارقو أقوات الشعب ومختلسو المال العام معظمهم هم أصحاب هذه العمارات الشاهقة والفنادق الفخمة، وليس المواطن الكردي البسيط الذي إستولت السلطة حتى على الحدائق الموجودة داخل أحيائه الشعبية، ووزعت أراضيها على الدائرين بفلكها.

إعتادت السلطة أنه كلما زار وفد أجنبي أو عربي كردستان أن يمروا به بالأحياء الراقية والشوارع النظيفة، وأن ينزلونهم بفنادق فخمة من خمس نجوم والتي تجهز بكهرباء على مدار 24 ساعة، ويتعمدون بإخفاء الوجه الآخر من هذا الإقليم الغارق في الشتاء بالسيول والفيضانات والوحل، والغارق صيفا بالغبار وهجمات الحر اللاهب، في إقليم يتسلم مع كل رأس سنة أكثر من 15 مليار دولار، ناهيك عن 15 مليار دولار أخرى تأتيه من بيع النفط والضرائب وعوائد الجمارك والسياحة.

إقليم صغير من ثلاث محافظات ميزانيتها السنوية تفوق 30 مليار دولار وهذه توازي ميزانية أربع أو خمس دول، لكنه لحد الآن لم يستطع التغلب على مشكلة الكهرباء، وهو إقليم منتج للطاقة يتبجح قادته بأنه أصبح على خارطة الطاقة العالمية.

قبل يوم واحد من حلول شهر رمضان الفضيل، خرج علينا وزير الكهرباء ليعلن من خلال شاشات التلفزيون بأن وزارته ستجهز المواطنين بكهرباء على مدار 24 ساعة، ولكن في اليوم الأول من الشهر الفضيل شق علينا الصيام بسبب قطع الكهرباء عنا لأكثر من خمس ساعات وفي عز الظهيرة حتى ساعات العصر؟!.
تصدر حكومتنا الرشيدة يوميا مئات الشاحنات من النفط الى تركيا، حاول الكثيرون فضح تلك العملية ووصفها بالتهريب، ولكن الحكومة أكدت بأنها تقايض تلك الكميات بمشتقات نفطية من البنزين والكاز لتغطية الحاجة المحلية، ولكن الإقليم ما زال يعاني من أزمة خانقة بالبنزين، حتى وصل سعر اللتر الواحد الى 1200 دينار ما يعادل دولار واحد، وهذا لا يحدث لا في بعض دول أوروبا وفي أميركا، ونحن إقليم نصدر النفط، وأمام أعيننا تمر يوميا مئات الشاحنات من النفط وتعبر الحدود دون رقيب أو حسيب.

المواطن الكردي ينتظر لساعات في طابور إستلام البنزين الحكومي من محطة تعبئة يتيمة، وبسعر يفوق كثيرا الأسعار المجهز بها بقية محافظات العراق، وكأننا دولة منفصلة عن العراق، والمادة المجهزة هي من أردأ النوعيات تدمر محركات السيارات، والمواطن يسأل" لماذا لا تعمل حكومتنا الرشيدة لتحسين نوعية البنزين لكي يلائم كل السيارات؟!

قبل أيام جاء محصل أجور الماء الى منزلي، وسألني عن مساحة بيتي، فقلت له بأنها 150 متر مربع، فطلب مني دفع 15 ألف دينار أجور الماء، فسألته مستغربا، هل أن أجور الماء تقاس بساعات ووحدات، أم بمساحة البناء، وهل أن بناية من عشرين طابقا سيدفع مثلي 15 ألف دينار، فلم يتحر الموظف المحصل جوابا فإنصرف؟!

الشهر الماضي إشتريت دواءً لخفض نسبة الكولسترول التي تسببها لي أفعال هذه الحكومة، بخمس وثلاثين ألف دينار، وعندما ذهبت الى الصيدلية وجدت بأنهم أضافوا على السعر خمسة آلاف، فسألتهم عن السبب، فأجابوني" بأن الدواء يذهب الى فحص الصلاحية، وكل علبة تفحص على المواطن أن يتحمل أجور فحصها؟!


هذا غيض من فيض ما يجري خلف ظهور الوفود الأجنبية، وما تحاول حكومتنا الرشيدة أن تخفيه عن الآخرين، والقائمة تطول عند الحديث عن الغلاء الفاحش للأسعار، وتجرد التجار من ضمائرهم الإنسانية، وطرحهم سموما بالأسواق يتناوله المواطن في ظل غياب أي دور للحكومة بالمحاسبة. حتى الطعام أصبح عسيرا الحصول عليه بسبب فرض أصحاب المطاعم أسعارا خيالية، وهذا لا يحدث بأي دولة بالعالم. لأن الطعام والدواء من ضرورات الحياة وتباع في معظم دول العالم بأرخص الأسعار حتى يستطيع الفقراء والمعدمين شرائه ليديموا بهما حياتهم.

هذا ما يحدث في كردستان العراق اليوم، وهناك طبالون وزمارون وآكلو السحت الحرام من يحاولون تزيين الأمور وكأننا بشام شريف، وبأن الله أسكننا فسيح جناته حتى قبل أن نموت!

عجبا لمن ينتظرون أن تتحول كردستاننا هذه الى دولة مستقلة كاملة السيادة وعضو بالأمم المتحدة، ولكنهم نسوا بأن ذلك لن يحدث حتى في المشمش؟!

sherzadshekhani@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف