السيناريو الرابع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مع إصرار جموع الإخوان المسلمين في مصر البقاء في الميادين والساحات لا سيما ميدان رابعة العدوية، وبعد تريث معظم الدول العالمية والإقليمية بالاعتراف بالنظام الجديد في مصر، وفي ظل التضامن الإسلامي العالمي مع الإخوان، ومع تخوف إسرائيل والخليجيين من انفلات الأمور أمنيا، فإن المشهد المصري يسوده الضبابية وعدم الوضوح... وهنا تبرز سيناريوهات عدة تلوح في الأفق:
1-إستنساخ السيناريو الفينيزويلي وإفشال الانقلاب العسكري كما سماه الإخوان. يليه عودة مرسي إلى سدة الحكم وإلغاء كل الترتيبات السياسية والأمنية التي تلت أزمة مابعد الثلاثين من يونيو. لكن على ما يبدو أن حظوظ هذا السيناريو ضعيفة جدا. خاصة مع إضفاء الصبغة المدنية على عزل مرسي وشرعنة الإنقلاب ببيان مشترك لجميع أطياف المعارضة المصرية المدعومة إعلاميا وخليجيا وشعبيا.
2-السيناريو الأقوى والأجدى لمصر هو التوصل إلى تسوية بين الإخوان والعسكر.. ومما يعزز من أرجحية هذا الخيار ما يجري من مفاوضات على مدار الساعة مع الإخوان، إضافة إلى ذلك، تريث الغرب حتى الآن الاعتراف بالحكومة الجديدة، كون ما جرى غير مستساغ لدى المزاج الأوروبي الديمقراطي.
الكلام يدور عن صفقة قد تجري مع مرسي يعود فيها رئيسا مؤقتا لمصر، يعلن فور عودته عن انتخابات مبكرة رئاسية، دون استبعاد ترشيحه لنفسه مجددا... وقد يكون ضمن التسوية، الاتفاق على بنود الدستور الجديد... هذا الخيار إن حصل، قد يؤدي إلى إنقاذ البلاد وإخراج بلاد النيل من عنق الزجاجة، ويخفف من وتيرة الانقسام الذي تشهده البلاد، ويعود الجميع ليحتكم إلى الصندوق، دون إقصاء لأحد.
3-ثالث هذه السيناريوهات هو مراهنة العسكر على عامل الوقت، عسى أن يصل الإخوان ومن معهم من الجماهير المحتشدة إلى قناعة أن جموعهم لن تؤدي لأي نتيجة، وبالتالي يبدأ الناس بالانفضاض شيئا فشيئا عن أماكن التجمعات والعودة إلى أعمالهم وبيوتهم. بعدها يشن الجيش حملة اعتقالات واسعة على كوادر الإخوان، يتمكنوا خلالها من فصل رأس الجماعة عن جسدها. بعد ذلك، إما أن يضطر الإخوان لقبول ما يقترحه عليهم العسكر والدخول في العملية السياسية، وإما أن يتدخل الجيش ويقوم بإخلاء الساحات بالقوة. هنا يبرز احتمالان، فإما أن ترضخ هذه الجماهير، وإما أن تنحى باتجاه التصعيد والمواجهة، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث صدامات ومواجهات، تدخل معه البلاد في دوامة عنف، قد تنتهي بتفكيك نسيج المجتمع المصري وحل حزب الحرية والعدالة والأحزاب التي تؤيده. بيد أن هذا الخيار يبدو خيارا خطيرا قد يقترب من التجربة الجزائرية إبان التسعينيات، لا سيما وأن مصر على حدود مع ليبيا التي ما زالت تعاني من فوضى المسلحين والسلاح. الأمر الذي يرجح أن تقوم تلك المجموعات بمد الإخوان والجماعات الموالية لهم بالسلاح، ما ينذر بحرب طويلة المدى، وبفوضى على مختلف الجغرافيا المصرية. لكن هذا السيناريو يبدو مستبعدا، فالسعودية كما يرى الدكتور خالد الدخيل في مقالته "علاقة الرياض والقاهرة بعد الإطاحة بمرسي" لا تحتمل أن تنزلق مصر إلى حالة عدم استقرار قد تطول وتخرجها من التوازنات الإقليمية تماماً، وتحولها بالتالي إلى ساحة لتدخلات إقليمية ودولية. وهذا سيؤدي في نظر الرياض إلى فوضى إقليمية سيكون عليها بمفردها مواجهتها، ومواجهة تبعاتها.
4-أما السيناريو الأخطر فهو ضرب الجيش المصري وتفكيك بنيته العسكرية فقد تحدثت تقارير غربية وإسرائيلية في نهاية التسعينيات عن خطة أطلقوا عليه اسم "الطوق النظيف" وتعني هذه الخطة القضاء على الجيوش العربية القوية التي قد تشكل خطرا على إسرائيل. وهذه الجيوش هي مصر وسوريا والعراق..
عام ألفين وثلاثة اجتاحت القوات الأميركية والبريطانية العراق، وتمكنت من قتل الآلاف من الجنود العراقيين، واعتقال الكثيرين.. وتأسيس جيش جديد أشرف على تركيب بنيته الضباط الأميركيون بشكل مباشر.. أما الجيش السوري، فقد قتل منه خلال السنتين الماضيتين أكثر من مئة ألف جندي، وانشق منه عشرات الآلاف، وأضحى جيشا منهكا بحاجة للدعم العسكري الميداني المباشر من حلفائه، وفي مقدمهم حزب الله.
الآن لم يعد هناك من جيش قد يشكل خطرا على إسرائيل سوى الجيش المصري، فالجيش المصري يعتبر الأقوى عربيا وأفريقيا، ويحتل المرتبة الرابعة عشرة على مستوى العالم بحسب التصنيف السنوي لقوة جيوش العالم عام 2013، ولذا فإن العمل على ضربه ليس مستبعدا.
هذا السيناريو قد يتحقق إذا ما قامت قوى مشبوهة بضرب الجيش من الداخل، وإيهام الرأي العام بأن من قام بهذه العمل هم مجموعات تابعة للإخوان المسلمين، وبالتالي نشوب صراع بين الإخوان والعسكر، يدخل فيه الجماعة بدوامة الفوضى، الأمر الذي قد يتيح للمجموعات المشبوهة من توجيه ضربات قوية للجيش، وتفتيته، والعمل على تقسيمه.، وفي هذا السياق، يمكن أن نضع تصريح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق " اشنكازي" الذي أكد أن الدول العربية بشكل عام لم يعد لديها جيوش قادرة على مواجهة إسرائيل.
*كاتب ومحلل سياسي