فضاء الرأي

الإعلام الغربي بين حرق الكنائس وأعلام القاعدة في مصر..

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


حسنا فعلت الرئاسة المصرية بتنظيم مؤتمر صحفي إيضاحي وانتقادي ناجح لوسائل الإعلام، ولاسيما للغربية منها.
إن المرارة من سوء تغطية الأخبار والمعلومات عما يجري مرارة مشروعة. وأعتقد هي مرارة غالبية المصريين وكل المنصفين الموضوعيين في العالم.
وكان السؤال مشروعا جدا حين جرت الإشارة إلى حرق الكنائس خلال الأيام الأخيرة، [ حوالي 25 كنيسة أحرقها الإخوان في يومين]، والتعتيم الإعلامي الغربي على الحدث، بينما كان حرق كنيسة واحدة في الماضي يثير ضجة في الغرب، إعلاما وحكومات. كيف إذن إن اقترنت هذه الجريمة برفع أعلام القاعدة في الشوارع؟ كيف لا يقلقهم كل هذا، ناهيكم عن استعمال الأسلحة النارية والهجمات على المباني الحكومية وذبح ضباط وأفراد الجيش والتمثيل بجثثهم؟؟ إن أكثر الصور التي تعرض هي لجثث يزعمون أنها إخوانية، أو صورة متظاهر ملطخ بالدم قليلا، في مسعى لتصوير الإخوان "ضحايا" قمع " الانقلابيين"، وهو تعبير استخدمتها محطات تلفزيونية فرنسية وغيرها.
إن المعروف أن كل التيارات الإسلامية المتطرفة قد خرجت من تحت عباءة الإخوان المسلمين المصريين. وعبثا يحاولون اليوم إلقاء مسؤولية حرق الكنائس على " الجهاديين"، وهم الذين أطلقوا من السجون سراح جهاديين كانوا متلبسين بالإرهاب، وهم تعاونوا مع حماس المتحالفة مع إرهابيي القاعدة في سيناء. والمعروف أيضا أن الحلقة القيادية الضيقة لإخوان مصر ولأممية الإخوان تتصف بأقصى تطرف وأنها من مدرسة سيد قطب، وهي التي قادت جمهرة الإخوان لممارسة أساليب العنف والإرهاب وحرب الشوارع. ولم يكتم الإخوان يوما كراهيتهم لأقباط مصر، ضحايا الإسلاميين بكل مدارسهم ومذاهبهم، مثلما هو حال بقية المسيحيين الشرقيين، وخصوصا في العراق. وأرودغان، المهووس بمهاجمة مصر، تمارس حكومته القمع الدموي ضد متظاهرين سلميين، وسياسة تهميش المسيحيين في تركيا، مثلما تدعم جبهة النصرة القاعدية في سورية. أما إيران، التي رفعت هي الأخرى صراخها ضد مصر، وراحت تتحدث عن "الحرب الأهلية"، فالأجدر بها أن ترى نفسها في المرآة لتشاهد الدماء السورية التي تلطخ كل مساماتها وأطرافها وأجزاءها، وأن تتذكر حملات الإعدام الجماعية التي اقترفها الملالي عام 1988، والتي نحروا فيها أكثر من ثلاثين ألف سجين سياسي. وعلى ماكين وأوباما وآشتون أن يفسروا للعالم كيف يمكن التوفيق بين الحملة الإعلامية والدبلوماسية الجارية على شعب مصر وقياداته الوطنية، وبين الحديث عن الديمقراطية ومكافحة الإرهاب. أليست الديمقراطية هي في إرادة الشعب، التي تمثلت في خروج أكثر من ثلاثين مليون مصري للمطالبة بإزاحة مرسي؟ ألم تتحالف سلطة الإخوان مع إرهابيي سيناء، وتفتح أبوابها لقائد فيلق القدس ولأحمدي نجاد؟ ألم تستخدم السلطة لأسلمة البلاد واجتثاث كل الآخرين؟
نعم، التغطية الإعلامية الغربية لما يجري في مصر غير موضوعية ومثيرة للتساؤل. ومن الأسئلة التي تطرح سؤال عما إذا كان لملايين دولارات دولة "الجزيرة" دور ما في هذه التغطية المتحاملة؟!!
الغريب أن الغرب ينسى في زحمة الغوغائية الإعلامية التهويشية الجارية أن مصر هي كبرى الدول العربية، وأن دورها مهم جدا، وأن صداقتها حيوية لأمن المنطقة واستقرارها، وكذلك للمصالح الغربية نفسها. ونقول، في الوقت نفسه، إنه ليس من مصلحة مصر تشجيع أية حملة عدائية ضد الدول الغربية، فهي بحاجة لصداقتها ومعونتها، وخصوصا في هذه الظروف الدقيقة جدا. وقد صدمت حين قرأت أن لفيفا من المتظاهرين المعارضين لمرسي كانوا يحملون صور بوتين، الذي لا يمكن الوثوق به، وهو المشارك بقوة في المجازر السورية وفي دعم النووي الإيراني، والذي يطمح لعودة الإمبراطورية الروسية.
إن عقد مؤتمرات صحفية توضيحية، وتعزيز الصلة بوسائل الإعلام الدولية، وتقديم المعلومات والوثائق والصور الدامغة لها وتنظيم الزيارات الصحفية، هو من واجبات الساعة، فقد يؤثر إيجابيا على بعض وسائل الإعلام هذه. وبالمناسبة، فإن صحيفة الفيجارو الباريسية اللبرالية، القريبة من حزب سركوزي، والتي كانت تكتب كالآخرين عن مصر، نشرت صباح السبت 17 آب الجاري على صفحتها الأولى عنوانا بارزا داخل مستطيل فيه صورة نساء قبطيات هو:
" الإسلاميون يُرهِبون أقباط مصر." وفي الصفحات الداخلة صفحة كاملة لنفس الموضوع، مع صورة كنيسة مينا المحترقة، ومع مقال عنوانه " الإخوان المسلمون هم أعداء ألداء للمسيحيين". وجاء في المقال أن الإخوان وحلفاءهم أحرقوا حوالي خمسين كنيسة، واعتدوا على مؤسسات قبطية، وعلى كل عابر سبيل يحمل صليبا.
إنها مبادرة إعلامية ممتازة في التوجه للرأي العام الغربي. وينبغي تشجيع مبادرات كهذه في عملية توضيح الحقائق للعالم وصد حملات التشويش المغرضة.
وطبعا، إن الدور الأكبر سيكون لضبط الأمن، والنجاح في وقف حرب العصابات الإخوانية الإرهابية وتشتيت شمل مشعليها، وتقديم رؤوس الفتنة الدامية لمحاكمات مدنية وعلنية، وتحقيق درجة من الاستقرار والأمن بما يمكن الحكم الانتقالي من السير بنجاعة لتنفيذ خارطة الطريق. ذلك النجاح سيكون هو الرد الأقوى على كل التخرصات والسفاهات الإعلامية المريضة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف