أصداء

مصر بين مطرقة "مرسي" وسندان "مبارك

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا شك بأن المتابع للوضع المصري حاليا، سيصاب بالحيرة والدهشة في آن، كيف إجتمعت كل تلك الظروف والملابسات في وقت واحد، عزل مرسي، الإفراج عن مبارك و"سيسي" يحاول جاهدا أن يلم الشتات ويحافظ على "مصر" وحدة واحدة....

الوضع صعب، وبلا شك الخروج منه ليس بالأمر الهين، وكل ما مضى لا يقاس بما سيأتي به المستقبل، والمطلوب من جميع الأحزاب والتجمعات التي نمت وإنتشرت وتشعبت بسمياتها المختلفة أن تلزم أماكنها لبعض الوقت، وأن يتوقفوا عن الإدلاء بدلائهم التي من شأنها أن تزيد الأمور تعقيدا وتعطي إنطباع بأن هناك إنقساما في الجبهة الداخلية، يستغلها من يريد أن يتدخل في شؤؤون مصر الداخلية بأي حجة يراها هو مناسبة من وجهة نظره لإحتلال مصر وتقسيمها كالعراق، وما أضحكني ما قرأته في إحدى الجرائد على لسان أحد أعضاء "تكتل القوى الثورية" أنه وكثيرون سيشاركون في وقفة أمام النائب العام وذلك على خلفية الإفراج عن "مبارك" وكإن "مصر" ليس لديها ماتعاني منه كمظاهرات الإخوان وإعتصامهم السلمي "بزجاجات المولوتوف" !!!!
هذه التجمعات والأحزاب والقوى السياسية، مع إحترامي الشديد لهم ودورهم الذي "فضحونا" به وسط الخلق بأنهم السبب في تعديل الأوضاع في "مصر" من خلال ثورة "30 مايو"، ورغبتهم في يوم من الأيام أن يقوموا بجولة عالمية لشرح الأوضاع الداخلية وأبعاد القضية آنذاك، لكن الرحلة تم إلغاؤها لسبب ما وحسنا فعلوا، فمن يقوم بعمل المعروف لا ينتظر الشكر، وعليهم أن ينتظروا قليلا حتى تهدأ الأمور، فما يحدث الآن أكبر منهم ومن إمكانياتهم بخبرتهم السياسية البسيطة التي تحتاج إلى عبقرية سياسية محنكة وخبرة تكتيكية ميدانية لا تتوفر لهم.
بلا شك أن الإفراج عن مبارك في هذا التوقيت بالذات هو "ضربة" معلم، وأرفع القبعة لمن خطط لهذا الأمر،في وقت البلد فيه مشغولة بأمور جليلة ومشاكل لا تعد ولا تحصى، فكان قرار الإفراج بمثابة أمر ثانوي، مقارنة بأمور أخرى كالمذابح التي إنتشرت بطول البلاد وعرضها تنال من أبناء مصر" وكل الدماء عزيزة علينا، أيا كان الفصيل الذي ينتمي إليه من قضى نحبه في هذه الأحداث، ونتألم عندما نشاهد الجثث، ونضع أنفسنا مكان ذويهم، كآبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم...والإفراج عن مبارك بلتأكيد ليس قضية، اللهم إن كانوا يخططون لإعادته لرئاسة "مصر"... ولا نريد أن تستبق الأحداث، لكنها بالطبع لن تكون أحداث سعيدة.
وللإيضاح لست مع أو ضد مبارك، لكني أحترم موقفه المشرف عندما تنحى حقنا للدماء وحفاظا على وحدة الشعب، وأتمنى أمنية شخصية أن لا يزج بنفسه مرة أخرى في أمر يخص الحكم والرئاسة، والإفراج عنه هو أكبر مكسب حققه في حياته المهنية، وليعيش بهذا النصر حتى آخر يوم في عمره.
نعود إلى مرسي" وإمكانية عودته للرئاسة، والتي تعتبر من رابع المستحيلات، فنفسيا وإجتماعيا ودينيا، لم يعد الشعب متقبلا له، هو وجماعته، بعد الوجه القبيح الذي أظهروه وكإن مصر" إقطاعية تملكوها، هم الأسياد ومن ليس معهم هم "العبيد"، يتعاملون معهم من من منطلق فكر محدود بأن العبد ماعليه سوى الطاعة وعدم التذمر حتى لو تم تعذيبه، ونسوا أننا في القرن ال 21، لكن معذورين، فهم "أهل الكهف" الذين فقدوا الإحساس بالزمنلذلك على من مازال به ذرة من عقل ومنطقية من جماعة الإخوان عليه أن يقنع "المعزول مرسي" بأنه آن الأوان لكي نلتفت للصالح العام من أجل إبني وإبنك وليس فقط من أجل "الكرسي" الذي بلاشك له بريق، ولو كنت مكان مبارك ومن بعده مرسي، فلا أعلم ماذا كنت لأفعل في ظل مستشارين بلا ضمير أو أمانة، وكلاهما مستشاريهما جراهما للهاوية، حفاظا على مصالحهم الشخصية وليس الصالح العام.
نحن أمام معضلة سياسية، ونشكر السعودية والإمارات لموقفهم المشرف ووقوفهم معنا وقفة رجل، شدت من أزر "السيسي" الذي بالأكيد ليس في موقف يحسد عليه، وكان بحاجة ماسة لتلك الوقفة التي شدت من آزره وساندته،فالبلد منقسمة، وإن لم يتم التعامل مع الأمر بذكاء خاصة وأن هناك أطراف أخرى تعبث في الكواليس لغرض في نفس يعقوب يختلف من حيث طبيعته وشكله بإختلاف المصلحة، فمصلحة تركيا بالأكيد تختلف عن مصلحة أمريكا، والإتحاد الأوروبي أيضا له فكر مخالف مستقل وينظر لمصالحه بطريقة مغايرة، وإختلفت المصالح، لكنها كلها مصالح تضر بمصلحة مصر، وعودة للسعودية وللإمارات والتي يتهمهما البعض بمساعدتها للسيسي لخوفهم من أن يمتد الربيع العربي لبلدانهم ويتم الإطاحة بالأسر الحاكمة، لانرد عليهم سوى بأن الإمارات في قمة خلافها مع السلطة الإخوانية في مصر، وسب العريان لهم على الملأ، لم يقوموا بإتخاذ إجراءات مضادة إنتقامية من المصريين العاملين على أراضيها وإتبعوا سياسة الإعتدال وظبط النفس ولم ينجروا إلى مهاترات إعلامية، ولمن يقول لماذا قدموا مساعدتهم المالية الآن، نسألهم، هل يقوم شخص عادي بمساعدة محتاج قام بسبه وشتمه علنا، فما بالك بدولة لها كيانها ونظامها وقانونها، وتم التعرض لها ورموزها بلا الحفاظ على أقل القليل من الأدب والإحترام الذي يفرضه البرتوكول السياسي في مخاطبة الدول ورموزها، وإستمر جماعة الإخوان في إدارة البلاد بمنطق عدم الإحترام والصوت العالي، دون أية مراعاة لأبسط قواعد الأدب.
نحن بإنتظار القادم، ونتابع هنا في الغربة ما يحدث، وأيدينا على قلوبنا، حالنا واقف، أمورنا معطلة، حياتنا تعرقلت، دون أي سبب جنيناه سوى أن الشعب إنتخب جماعة لم تحسن الإدارة والتصرف، وحكمت البلد والبلاد بمنطق التخويف والتهديد والترويع، فكان أمر طبيعي أن يقوم "السيسي" بالإستجابة لإرادة الشعب وتخليص البلد من "نظام" لا ينسجم مع طبيعة شعب "مصر" بفرادتها التي أهلتها للريادة بلا منازع، إنتزعها مننا هذا النظام خلال تلك السنة "السودة"، وآن للجميع أن يدرك بأن عقارب الزمن لن تعود للوراء ومن يريد أن يقول أن ماحدث هو إنقلاب، نقول له نحن "الشعب" راضيين ومبسوطين وسعداء وإنتبهوا لشؤونكم الداخلية وحلوا مشاكلكم ودعوا مشاكل مصر للمصريين، فهم أولى بها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف