فضاء الرأي

فيلم "أوليفر ستون" والتحديات الأمريكية القادمة

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
من مفكرة سفير عربي في اليابان احتفلت اليابان في شهر أغسطس الماضي بالذكرى السنوية لإلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناجازاكي. وحضر احتفاليات هذا العام المخرج والكاتب الأمريكي أوليفر ستون، وقد تحدث في محاضرة بنادي الصحفيين الأجانب بطوكيو، عن كتابه الجديد، القصة التي لم تقال عن تاريخ الولايات المتحدة، وقد شاركه في المحاضرة وتأليف الكتاب المؤرخ الأمريكي البروفيسور، بيتر كوزنيك، كما حولا المؤلفان هذا الكتاب لفيلم وثائقي مدته 12 ساعة.يبدأ الكاتبان بمقدمة تقول: "يعالج هذا الكتاب تحدي السرد القصصي للتاريخ الأمريكي الذي لقن لمعظم الأمريكين، وبنظرة شعبية أسطورية، جملت من خلال منشور أمريكي لحب الغير، والنزعة لعمل الخير، والشهامة الأستثنائية، والتفاني للحرية والعدالة، والتي عادة تقدم كطبق ملون مع بدايات الطفولة، وتعزز خلال الدراسة الابتدائية والثانوية، بل وتكرر لتصبح الهواء الذي يستنشقه الأمريكيون كل لحظة. وقد يكون ذلك مسلي، ومريح، ومعزي، ولكنه يقول جزء من القصة الكاملة. وقد يقنع ذلك الأمريكيون الذين لا يتعمقون في دراسة هذا التاريخ، ولكنه في الحقيقة لو تعمقنا في النظر من قرب لتجد بأنه يشابه الهواء الذي يستنشقه الأمريكيين، فهو جوهريا مضر، وملوث، وسام. ليؤدي كل ذلك ليصبح الشعب الأمريكي مقعدا عن فهم واستيعاب نظرة باقي شعوب العالم لبلاده، ممل يجعلهم عاجزين عن تحويل العالم لمكان أفضل. كما يجعل الشعب الأمريكي، وكباقي الشعوب، عبيد لاساطير الماضي. وقد يتناسى الشعب الأمريكي بأن فهم الإنسان لتاريخه بصدق، يلعب دورا جوهريا في تشكيل سلوكه، وأخلاقه، وتصرفاته، وشخصيته ككل. كما يساعد التاريخ الإنسان على إدراك وتفهم ما يمكن التفكير فيه من قضايا في حياتنا التي نعيشها، وما يمكن تحقيقه واقعيا. وبذلك فقد الكثيرون من الأمريكيون القدرة على تصور العالم، والذي هو فعليا وجوهريا مختلف وأفضل من العالم الذي نعيشه اليوم.... ونحن نقدم هذا الكتاب والفيلم لندفع بتغيرات التطور في جميع أنحاء العالم وإلى الأمام، أمليين بأن تثبت المعلومات التي سنسردها فائدتها في نضالهم لعالم أكثر عدالة، وإنسانية، وديمقراطية، وإنصاف."ويسترسل الكاتبين: "نكتب هذا الكتاب في الوقت الذي يسدل الستارة تدريجيا على الإمبراطورية الأمريكية. فقد أعلن هنري لوس في عام 1941 بأن القرن العشرين هو القرن الأمريكي، وقد نحتاج لقليل من التصور لنتفهم مدى حقيقة هذه المقولة التي كتبت قبل انهزام ألمانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية، واختراع القنبلة الذرية، وازدهار الانتاجية الأمريكية بعد الحرب، وإنشاء وبزوغ الصناعة العسكرية، وانتشار الانترنت، وبعد أن تحولت الولايات المتحدة لدولة أمن وطنية، والبلد المنتصرة في الحرب الباردة. وقد كانت رؤية هنري ولس للهيمنة الأمريكية المنفلتة مفندة بحوارات متكررة، وقد استبدلها هنري ولس، نائب الرئيس الأمريكي، بما سماه، بقرن الإنسان العادي. وقد وضع هنري ولس، الذي وصفه الواقعيين بالحالم والمثالي، أسس قاعدة لعالم غزير بالمعلومة والتكنولوجية، عالم يحرم الاستعمار والاستغلال الاقتصادي، وعالم السلام، ومشاركة الازدهار. ومع سوء الحظ تكيف عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية مع روية لوس الامبريالية، بدل روية والس التنموية. ليبرز حديثا، وفي عام 1997، جيل جديد مناصر لهيمنة العولمة الامريكية، يحاول أن ينصب في جناح المحافظين الجدد، الواثقين من عقلية رئاسة جورج بوش الكارثية، وينادون لبدء قرن أمريكي جديد، وهي نظرة أيده الكثير من الامريكيين في العقد الماضي، قبل أن يدركوا نتائج الحروب الأمريكية الأخيرة المفجعة. وقد سجلت الهيمنة الأمريكية الأكثر قوة وسيطرة في التاريخ، بانجازات نفخر بها، وخيبة أمل رهيبة. وسنبحث في كتابنا هذا الجزء المظلم من التاريخ الأمريكي، ولن نحاول سرد هذا التاريخ بأكمله، فهي مهمة مستحيلة، كما لن نركز على الأشياء الكثيرة التي حققتها الولايات المتحدة بطريقة صحيحة، فهناك الكثير من المؤلفات عنها، بل سنهتم بما فعلته بطريقة خاطئة، فانحرفت عن مسئولياتها التاريخية، أمليين أن يكون هناك متسع من الوقت، لتصحيح هذه الأخطاء، ونحن نكمل مشوار القرن الحادي والعشرين. كما أننا منزعجين جدا بتوجهات السياسة الامريكية في الوقت التي هي منشغلة بحرب مع ثلاث دول اسلامية، بل تهاجم طائراتها الحربية وبدون طيار ستة دول اسلامية أخرى لتحقق اغتيالات سياسية."ويتساءل الكاتبان: لماذا تحافظ بلدنا على قواعد عسكرية في كل منطقة في العالم، والتي زادت عن الألف؟ لماذا تصرف الولايات المتحدة ميزانية عسكرية تفوق ما تصرفه باقي دول العالم أجمع؟ ولماذا تملك آلاف من الرؤوس النووية مع أن ليس هناك دولة تمثل خطرا مباشرا عليها؟ ولماذا يرتفع التباين في بلدنا بين الغني والفقير لنسبة تفوق باقي الدول المتقدمة؟ ولماذا هي الدولة المتقدمة الوحيدة المحرومة من نظام رعاية صحية شاملة؟ ولماذا قلة من الاشخاص- ربما 300 أو 500 أو 2000 يسيطرون على ثراء يزيد عن ما يملكه ثلاث مليارات من فقراء البشر؟ ولماذا يسمح لقلة من الاثرياء الأمريكيين يسيطرون على السياسة المحلية الامريكية، ومع سياستها الخارجية، بل والاعلام، بينما يعاني البقية من انخفاض قوتهم الفعلية ومستواهم المعيشي؟ ولماذا يتعرض الشعب الاميركي للمراقبة، والتطفل الحكومي، والتعسف في حرياته المدنية، وفقدان الخصوصية والتي تصدم إبائنا المؤسسين؟ ولماذ تقل نسبة النقابات في الولايات المتحدة عن أية دول متقدمة صناعيا؟ ولماذا يسيطر قلة من الجشعين والمستغلين في بلادنا على الكثرة التي تؤمن بالقيم المجتمعية، كالعطف، والكرم، والتعاطف، والمشاركة، والشفقة، وبناء المجتمع؟ ولماذا أصبح من الصعب على معظم الأمريكيين تصور مستقبل أفضل من الذي حددته السياسات والقيم الحالية؟ وهذه ليست إلا قلة من الكثير من الأسئلة التي سنناقشها في هذا الكتاب، فنأمل أن نعرض الخلفية التاريخية، ليكمل القارئ بنفسه معرفة الحقيقة بعمق. ومن خلال ذلك سنعرض كفاح البعض لتصحيح المسار، فمثلا شجب الرئيس الأمريكي جون كونسي ادم في عام 1821 الاستعمار البريطاني، ورفض فكرة الامبراطورية، وليعلن: "حينما تتغير سياسات الولايات المتحدة من الحرية، للقوة، لتصبح دكتاتورية على العالم، ستفقد السيطرة على روحانياتها." فقد توقع خسارة الولايات المتحدة لتضحياتها لتتحول لامبراطورية القرن العشرين، والذي يعقد الأمور هو انكار الولايات المتحدة لماضيها الامبريالي، والتي هي نتيجة للسياسات الحالية."كما عرض الكاتب مدى جهل الشعب الأمريكي بتاريخ بلاده، فقد بينت الابحاث بأن طلاب المدارس الأمريكية أقل كفاءة في مادة التاريخ لفهم تاريخ بلدهم عن أية مادة أخري، بل أن 12% فقط من طلاب الثانوية سجلوا نجاحا في هذه المادة، ومع ذلك لم يستطيعوا إلا 2% فهم المشاكل المجتمعية في بلادهم. ويعلق الكاتبان: "وقد ملئ هذا الجهل في التاريخ "باسطورة تدعي، بأن الولايات المتحدة منار للعالم، وهي أسمى من باقي العالم الفاسد والمرتشي."وقد حاولت وأنا أقراء هذا الكتاب، أن أتفهم ما الذي أدى بالرئيس الأمريكي هاري ترومان بتغير دفة التاريخ الأمريكي بعد الحرب، بقراره، أن يلقي القنبلتين الذريتين على اليابان، في الوقت الذي دمرت معظم مدنها تماما بالقنابل الحارقة، وكانت مستعدة للإستسلام؟ وما الذي دفعه أيضا بالضغط على الأمم المتحدة للموافقة على الاعتراف بإسرائيل؟ كما يبقى سؤال محير اخر اليوم: هل سيغير الرئيس باراك أوباما، بحكمته، دفة التاريخ الأمريكي مرة ثانية، بتدخل جديد في الشرق الأوسط؟ وكيف سيكون نوعية هذا التدخل؟ ولنا لقاء. سفير مملكة البحرين في اليابان

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف