قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إن تناقضات السياسة الخارجية الأوباومية كثيرة ومربكة للحلفاء وتسبب لديهم المرارة والحيرة كما يرى بعض الساسة والمحليين الغربيين، وبالمقابل تشجع قوى التطرف والعدوان. وها هي روسيا تناقض نفسها حين تنفي أن النظام السوري هو من استعمل الكيميائي مع أن تقرير بعثة مفتشي الأمم المتحدة عن نوعية المواد الغازية ووسائل إطلاقها الصاروخية يؤكد جناية النظام. وروسيا ترفض كل لجوء للفصل السابع لإجبار الأسد على تقديم معلومات دقيقة عن الترسانة الكيميائية ومواقعها والسماح بنقلها وإتلافها تحت طائلة الفصل السابع. كما ترفض تقديم المجرمين للمحاكم الدولية. فلو كان النظام بريئا، فلماذا مثلا ترفض روسيا إحالة المجرم للمحاكم؟! وإن مجرد العرض الروسي والموافقة الأسدية الفورية كانا دليلا على مسؤولية النظام وبطلان من أرادوا اتهام المعارضة، ومنهم من زعموا أن السلاح الكيميائي جاء من السعودية!! وأخيرا، انتهت روسيا لاتهام فريق المفتشين بالانحياز. وقد اضطرت الخارجية الأميركية لانتقاد هذه المناورات الروسية المتتالية واتهمت لافروف بأنه " يسبح عكس التيار".لقد وقف أوباما للتو ليعيد من جديد تصريحات سابقة عن أن دور الأسد انتهى وان الحرب بوجوده مستمرة، وأنه لابد أيضا من عزل الجهاديين وطمأنة الأقليات. وهذا كلام نظري جيد. ولكنه، في الوقت نفسه، يضع برنامجا من مراحل قد تطول سنوات، يستمر خلالها القتل الجماعي. فهو يرى أن المرحلة الأولى يجب أن تنصب على نقل وإتلاف الترسانة الكيميائية، التي تقدر بألف طن، وهي أسلحة منها القديم هي متعددة المصادر. ويقال إن منها كميات أرسلها صدام لسورية للحفظ خلال الحرب، مثلما أرسل الطائرات العراقية إلى إيران، فنهبتها. ولكن، حتى لو كان الأسد جديا ولا يتلاعب، فإن العملية تحتاج لسنوات، ولميزانية ضخمة، ولعدد كبير من الخبراء، ويتشجع الأسد لاختراق الصحافة الأميركية، [ كما اخترقها بوتين في تحامل على السياسة الأميركية]، مطالبا بمليار دولار لتنفيذ المهمة! إن كيري يطلب أن تنتهي العملية في منتصف العام القادم، أي مع انتهاء ولاية الأسد والانتخابات الجديدة. ومعنى كل ذلك بقاؤه حتى ذلك الوقت مع استمرار حرب الموت والدمار، وقد يعود للحكم تحت غطاء " هذا ما يريده السوريون"!إن الملف السوري شديد التعقيد، بسبب المواقف الروسية والصينية في مجلس الأمن وتدخل إيران وحزب الله والعراق والمليشيات الشيعية العراقية، ذات الولاء الإيراني، والقاعدة ودور الإخوان المسلمين الذين تدعمهم قطر وتركيا، والدور السعودي المناهض لبقاء الأسد، وأيضا لاختلاط السياسي بالطائفي في المعمعة وعلى نطاق المنطقة. وقد اقترفت الكتائب الجهادية النشيطة، والتي تسللت بقوة بسبب سلبية الموقف الدولي، جرائم بشعة وشديدة الوحشية، كذلك الذي أكل كبد الجندي السوري، وكشهادة أكراد مهاجرين بان القاعديين من جبهة النصرة قتلوا صبيا كرديا لأنه كان فاطرا في رمضان، وأنهم صبوا البنزين على ثلاثة شبان أكراد وأحرقوهم. وهي همجية من طبيعة همجية النظام، وفي خدمته، وضد سمعة المعارضة. وسبق أن أكدنا على دور أخطاء المعارضة، ومنها دخول مدينة مسيحية شبه مقدسة، مما عرضها لقصف النظام بكثافة ثم لكي يتهم المعارضة بالجرائم التي يقترفها. وهي أخطاء خدمت الأسد وحلفاءه، وساعدت دعاياتهم ضد الثورة السورية. ومن الأخبار الأخيرة السارة تصدي الجيش الحر لكتائب قاعدة "دولة العراق والشام"، والدور الكردي في مطاردة جبهة النصرة.أما كيف سوف تنتهي الأمور، فمن رأينا أن من الصعوبة التكهن بتطورات قادمة لا تواصل نفس المسار. ونعرف أن أوباما يقدم الملف الإيراني على الملف السوري، وقد كشف بنفسه عن رسائله لروحاني مع علمه بان سيد إيران والحاكم الفعلي هو خامنئي. فهو يتوق بحماسة ولهفة لعقد صفقة مع نظام الفقيه، ولا يتردد عن التصريح بأنه لمس من روحاني حرصا جديدا على الحوار والتفاهم وسوف يجرب ذلك، وكأنه لم يجرب النوايا والممارسات الإيرانية منذ ولايته الأولى، ومن قبله، تجارب المجتمع الدولي في المفاوضات على مدى أكثر من عشر سنوات. ومرة ثانية يأتي ثعلب السياسة الروسية لافروف بمقترح نيابة عن إيران، وهو استعدادها لوقف التخصيب العالي بحدود 20 بالمائة على أن ترفع العقوبات. ومعلوم أن ما تراكم لدى إيران من يورانيوم مخصب تخصيبا قليلا وعاليا ومن أجهزة طرد مركزي وقدرات أخرى كفيل بتصنيع عدة قنابل لو أرادوا اليوم. وكان البرادعي قد صرح منذ حوالي ست سنوات بأن ما كان لدى إيران من كميات يورانيوم مخصب تخصيبا بسيطا كان كافيا لصنع القنبلة. وهكذا ستلعب روسيا وإيران من جديد بالملف النووي، وتناوران لكسب الوقت والتشويش وإرباك المواقف الدولية، مثلما تلعبان بالملف السوري. ولكن أوباما لا يزال يضع ثقته فيهما!إن العرب والمعارضة السورية وكل المناصرين للشعب السوري كانوا ينتظرون موقفا أميركيا ودوليا حازما في الملف السوري، يشل في المرحلة الأولى جميع القدرات العسكرية للنظام، مع تدابير ذكية عملية لعزل القاعديين باتفاق مع المعارضة المدنية في الجيش الحر والائتلاف، وبدعم الكتائب الكردية لمطاردتهم.إنه انتظار لا يمكن التفاؤل بقدومه على ضوء وقائع ما جرى ويجري والمعطيات الملموسة. فهل سيقع حدث يكون مفاجأة تقلب المعادلات؟! مجرد احتمال ليس له ما يزكيه اليوم. وخلال ذلك سيستمر الدم السوري بالجريان، وتستمر إيران باللعب على الحبال، وتتصدر روسيا الساحة الدولية! وهكذا ينتصر الجزار وحلفاؤه. وقد ساعدتهم سياسات اوباما، وشلل مجلس الأمن وأمين الأمم المتحدة، ومواقف قوى اليسار الغربي المتطرف المنادي ب"السلم" أيا كان، ومعها مواقف قوى اليمين الغربي المتشدد والانعزالي، والضعف والتشتت العربيان، وتسلل الكتائب الجهادية لصفوف الثورة. وإلى إشعار آخر؟؟؟؟إيلاف في 19 سبتمبر 2013
[ نقطة ضوء: حاول الأستاذ عبد الرحمن الراشد في مقال له صنع ملف إيجابي لاوباما في السياسة الخارجية رغم انتقاده لمواقفه السورية. جاءنا بالسجل التالي: مقتل بن لادن؛ تشجيع الربيع العربي؛ سقوط القذافي. فأما عن بن لادن فإن مقتله كان هاما جدا ولصالح الأمن العالمي. ولكن يذكر أن العملية تمت على أساس معلومات استخبارية تجمعت على مدى سنوات وبجهود كبيرة منذ الإدارة السابقة، وهو مما أعان الإدارة الحالية على النجاح. أما عن "الربيع" إياه، فقد كان أوباما يخرج كل يوم ليهين حليف واشنطن حسني مبارك، داعيا إياه للاستقالة "حالا"، ولكن ليمد اليد لأعداء أميركا والغرب والحضارة- أي للإخوان والسلفيين. وأما في الحالة الليبية، فقد بادرت فرنسا بريطانيا أولا، وتحت ضغوط مشاركتهما العسكرية شاركت أميركا " من الخلف"!]