الفوضى المعلوماتية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كما تكلمت سابقا في مقالاتي الأسبوعية السابقه بأن اللبنة الأولى لتطور الفرد والمجتمع هو التعليم الأساسي ، فعندما غابت القراءة العامة من المدارس في العالم العربي وأصبح الأطفال يشاهدون مسلسلات وبرامج للأطفال على القنوات الفضائيه التي تبث 24 ساعة في اليوم برامج لا تمت للمجتمع ولا لثقافة الطفل بصلة، حتى أصبحنا اليوم نرى الأطفال هم وذويهم مشغولين بمواقع التواصل الاجتماعي والواتس اب والألعاب وغيرها من البرامج التي أصبحت تسيطر على أوقات الأطفال والبالغين على حد سواء.
وقد جاء في أحد الإحصائيات الصادرة من اليونسكو التي تقول بأن الطفل العربي يقرأ حوالي 7 دقائق في السنة بينما يقرأ الطفل الأمريكي حوالي 6 دقائق في اليوم.
اليوم أصبحنا نرى جيلا يعتمد على معلوماته من الرسائل الالكترونية (الإيميلات) ومواقع التواصل الاجتماعي، فكثيرون منا يجلسون في جلسة مع أصدقائهم، ويسمعون من يتكلم بمعلومة غير صحيحة مع أنها معلومة قد تكون علمية أو تاريخية موثقة وعندما تسأله: أين مصدرك؟ تجد الإجابة أنه قرأها في إيميل أو صفحة فيسبوك.
فلم نعد في زمننا الحاضر نجد من يبحث عن المعلومه ومدى صحتها ومصداقيتها ومصدرها في عالمنا العربي حتى من يدعي الثقافة أو من يتصدرون وسائل الاعلام، فتجد الشخص يتكلم ويتكلم وجميع الأرقام والمعلومات التي يوردها غير صحيحه فقد تكون من بنات أفكاره في تلك اللحظة أو يعطي مصدرا مجهول الهوية في الانترنت أو صفحة فيس بوك لا مصدر لها، ويعتبرها مسلّم بها عندما يسأل عن مصدر المعلومة، ولا يسمح لك بالنقاش حول المصدر؛ لأنه يعتبره ثقة مادام الأمر موجودا على شبكة الانترنت.
ولا غرابة في ذلك ونحن نقرأ في الصحف يوميا عن الآلاف من العرب الذين يحملون شهادة دكتوراة أو ماجستير وهميّة حتى أنني قرأت منذ فترة في صحيفة الشرق السعودية عن 13 ألف عربي حصلوا على شهادات دكتوراة وماجستير وهميّة دفعوا للحصول عليها، ومنهم منْ يتبوّأ مناصب حكومية أو يتصدر في وسائل الإعلام ليقدّم النصيحة للأمة العربية!!
أعتقد بأننا لو علمنا الأطفال منذ سنواتهم الأولى في المدارس القراءة وعملية البحث والتدقيق والتعب للحصول على المعلومة والتأكد منها لما وجدنا أنفسنا في هذة الفوضى العارمة.
لدرجة أننا اليوم نجد أنّ الطالب يعتقد بأنّه بالبحث في جوجول للحصول على معلومات تخص بحث مطلوب في المدرسة أنه قام بالمطلوب، ويقوم بإعادة كتابته مرة أخرى كما هو، ليقوم بتسليمه صباح اليوم الثاني للمدرّس الذي لا يجد غضاضة في قبوله وتصحيحه، وهو يعرف تمام المعرفة بأنّ البحث مكتوب بالكامل من الانترنت.
والمحرّر الصحفي الذي يخترع أرقاما ومعلومات لنشرها في تحقيقه في الصحيفة؛ لأنه ليس لديه الوقت للبحث أو التاكد من المعلومة؛ فهو يعرف تمام المعرفة بأنّه لن يفتِّش عنه أحد ولن يسأله أحد: من أين لك هذا؟ وهكذا نجد أنّ المجتمع يعيش في فوضى معلوماتية كاذبة وغير حقيقية وتبنى عليها قرارت مصيرية مهمة.
فما هو الحل لهذه المشكلة؟
أعتقد أنّ الحل هو عودة قوية للمكتبة سواء أكانت الورقية أم الالكترونية للمدارس، واعتماد القراءة خارج كتب الدراسة كمادة مهمة للطلبة، ويتم تدريس الطلبة التحليل والتلخيص، والتوثيق، وكتابة بحث مدرسي بطريقة صحيحة؛ لأنه للأسف لم نعد نرى الطلبة يعرفون بأنّ ما يقومون به يندرج تحت الغش والسرقة، فهم يعتقدون بأنهم يقومون بواجبهم المدرسي بطريقة صحيحة سليمة.
ماجستير إدارة أعمال/ جامعة نيوبرونزويك الكندية
mbamatraf@gmail.com