محنة الأنبار-2
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
(2)
في ظل استعصاء، أو صعوبة الحسم العسكري لأزمة الأنبار، لأسباب كثيرة أشرنا الى بعضها في مقال يوم أمس، يبدو أن البحث عن حلول سياسية مرافقة أصبح ضرورة ماسة للخروج من المأزق، لكن هل الطريق سالك أمام مثل هذه الحلول؟
أصحاب الرؤوس الحارة، في الحكومة أو المؤسسة العسكرية، وحتى في بعض الكتل السياسية، قد لا يعجبهم مجرد الحديث عن حلول سياسية لأزمة الأنبار، ولديهم بعض الحق، فمع من يمكن التوصل الى حلول سياسية؟
رئيس الوزراء نفسه كان قد استبق الدعوات لمثل هذه الحلول وأعلن، قبل مدة قصيرة، أن "لا حوار مع الارهاب". وهذا قرار منطقي وصحيح تماماً، إذا ما افترضنا أن الحلول السياسية المطلوبة يجب أن تتم مع هؤلاء الارهابيين، الذين استباحوا ويستبيحون دماء الأبرياء من دون أي وازع من ضمير أو رادع من خلق أو دين.
ثم أن جميع التنظيمات المسلحة، التي تتواجد في الأنبار وفي سواها من محافظات ومدن العراق، سواء كانت (داعش) أو (القاعدة) أو تلك المرتبطة بحزب البعث المنحل، ليس لديها، في واقع الحال، أي برنامج سياسي من أي نوع، يمكن الحوار بشأنه، إنما لديها هدف واحد وحيد هو اسقاط العملية السياسية برمتها واستعادة السلطة، أو إقامة الدولة الاسلامية في العراق، كما ليس لدى هذه التنظيمات من آلية لتحقيق ذلك غير أعمال العنف والتفجير والقتل والترويع وتعطيل الحياة في البلاد.
وبطبيعة الحال لا يوجد لا في الحكومة ولا في جل الأحزاب المشاركة في العملية السياسية، من هو على استعداد لتسليم البلاد والعباد بيد قاطعي الرؤوس والأعناق من ظلاميي وتكفيريي داعش والقاعدة، أو من أحفاد النظام الديكتاتوري.
إذن في ظل انعدام أية امكانية للحوار مع هذه الأطراف فهل نعدم السبيل الى حل ما يقوم على قاعدة أخرى غير الحوار مع الارهاب؟
إذا اعترفنا بإن جذر الأزمة بين مكونات الأنبار (ومحافظات أخرى أيضاً) وبين الحكومة الاتحادية، هو سياسي قبل أن يتحول الى عسكري، فسيكون لدينا باب يمكن الولوج منه الى الحل السياسي.
بمعنى آخر، أن خارطة القوى في المحافظات المقصودة ليست حكراً على التنظيمات الارهابية المسلحة، برغم سطوتها وقوة بطشها، فهناك أيضاً قوى مشاركة في العملية السياسية وقد تكون حريصة على الاستمرار فيها، إن توفرت لها شروط أفضل للعمل بين جمهورها. ثم هناك قطاعات شعبية ونخبوية واسعة يمكن الاستناد عليها في مواجهة نهج التكفير والتطرف والعنف، الذي سبق وإن انتفضت عليه في 2006 - 2007 ، ومثل هذه القوى مجتمعة هي من يتوجب التوجه إليها في عملية الحوار والحل السياسي، الذي يسبق أو يترافق مع الحلول العسكرية التي يبدو أن لا مناص منها.