الغاضبون على ايران

ليس عبثا ان تتحول ايران الى محور اساسي في كلام الساسة والمحللين في اجتماعاتهم أو تصريحاتهم أو كتاباتهم في وسائل الاعلام، فاليوم ايران قوة اقليمية لا يستهان بها، ولا يمكن تجاهل موقفها خاصة في القضايا الاقليمية.

هناك من يبرر هجومه وانتقاده لايران، بانه لا يقصد الشعب الايراني الطيب وذو الحضارة العريقة وانما يستهدف حكامه الذين اذلوه وقمعوه وحدوا من آماله وتطلعاته، متناسيا ان هذا النظام والحكومات المتعاقبة هي وليدة ارادة الشعب الايراني، فعندما تسلم الامام الخميني الحكم عام 1979 دعا الشعب الى تصويت عام ليبدي رأيه في انه يرغب بتاسيس الجمهورية الاسلامية أم لا، وكان عليه ان يصوت بنعم أو لا فصوتت الأغلبية بأنها تريد جمهورية اسلامية.

بعد التصويت على اختيار النظام الاسلامي، شكل الامام الخميني لجنة لكتابة الدستور وترأسها الشهيد بهشتي وبعد انجاز كتابة الدستور دعا الشعب الى التصويت على الدستور، فصوتت الأغلبية أيضا عليه، من هنا فكل شيء يجري وفق آليات واسس نص عليها الدستور الايراني، لذلك عبثا من يحاول تبرير هجومه على ايران انه يقصد النظام والحكومة وليس الشعب.

ورغم ذلك فهناك فئات عديدة تهاجم ايران والدافع الرئيسي لها ليس ايران وانما ترمي من هجومها تحقيق أهداف وغايات أخرى، وهذه الفئات هي..

• هناك من يرفض اسلمة القوانين وعموم النظام الحاكم، ويدعو الى فصل الدين عن الدولة، وان يبقى المتدينون في مساجدهم ولا ينبسون ببنت شفة، ولا يشكلون حزبا ولا يشاركون في الحكم ولا يخرج نشاطهم عن اطار المساجد، ولا يعترضون على اداء السياسيين مهما عاثوا في الارض الفساد، وهؤلاء يهاجمون ايران باعتبارها احدى التجارب المعاصرة والمهمة في دمج الدين مع السياسة.

وهؤلاء يتجاهلون تماما الفظائع والمجازر والجرائم التي ترتكبها الأنظمة اللادينية لعقود ولكن مجرد ان يعتلي اسلامي الحكم يشنون هجوما عنيفا ضده وضد التجارب التي حكمت باسم الاسلام والدين ويبرهن على رأيه بحكم الكنيسة لأوروبا وكيف ان البلدان الأوروبية تحررت وانطلقت مجرد ان تخلت عن حكم الكنيسة، وكأن الاسلاميين سيحكمون كما حكمت الكنيسة.

• هناك من لديه مشكلة مع الاحزاب الاسلامية المناوئة والمنافسة له، ويما ان هذه الاحزاب على علاقة طيبة مع ايران فانه لا ينتقد هذه الاحزاب وانما يهاجم ايران، وهذا يتكرر دائما في لبنان والعراق، فنرى ان الاحزاب التي لديها مشكلة مع حزب الله اللبناني أو المجلس الأعلى العراقي على سبيل المثال فانها تهاجم ايران.

• هناك من يبغض الشيعة في بلاده ويرفض حتى ممارسة شعائرهم أو احياء مناسباتهم فضلا عن السماح لهم في المشاركة بالسلطة ويعتقد انهم كفرة ويعبدون الاوثان ولكنه لا يجرأ على انتقادهم بشكل علني، خوفا من اتهامه بالطائفية والتكفير، لذلك فانه يهاجم ايران، خاصة أن الدستور الايراني ينص على أن الذي يتصدى للحكم في ايران يجب أن يكون شيعيا.

• هناك من يبغض المرجعية الشيعية ويعارض منحها أي دور في البلاد حتى لو كان هذا الدور يخدم كل الشرائح والمكونات في البلد ويخدم الأمن والاستقرار فيه، ولكنه لا يتجرأ على مهاجمة المرجعية في بلاده فيهاجم ايران باعتبارها تفسح مجالا واسعا للمرجعية بل ان على رأس الدولة في ايران مرجع ديني.

• جميع أعضاء حزب البعث خاصة حزب البعث في العراق يبغضون ايران ويهاجمونها، وعلى الرغم من ان الذي أسقط نظامهم هم الأميركيون الا أن حقدهم وضغينتهم لايران أكبر من أميركا، وعلى الرغم من أن ايران رفضت التدخل الأميركي في العراق ولم تدعم التحالف الذي قادته أميركا لاسقاط صدام، بينما نجد أن هؤلاء يتحالفون مع الدول التي شاركت في هذا التحالف وسهلت عبر اجوائها أو اراضيها ضرب القوات العراقية، ربما حقدهم ضد ايران يعود الى أن الذين تولوا السلطة بعد صدام أغلبهم من أصدقاء ايران.

• بعض الدول التي لديها مشكلة مع ايران تطلب من أصدقائها شن هجوم اعلامي عنيف ضد ايران لثنيها عن مواقفها.

• البعض يهاجم ايران لانه يعتقد ان النهج الذي تسير عليه وخاصة على الصعيد السياسي والمتمثل بنهج مقاومة اسرائيل أفشل الكثير من مشاريع التسوية، وتسبب بظهور مقاومين جدد عكروا أحلام الاستسلاميين.

• هناك معارضون ايرانيون يهاجمون بلدهم من أجل أن يوهموا بعض الدول أن لديهم مشروعا في ايران وبالتالي يحصلون على الأموال الطائلة التي تخصصها لمشروع الضغط على ايران وما أسماه الرئيس الايراني حسن روحاني بإيران فوبيا.