فضاء الرأي

المقدس ينهش جسد العراق 2 ـ 3

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عرف العراقيون منذ القدم بتقديسهم الحياة الدنيا لا الموت، ولم يخضعوا الحياة الدنيا كما الأديان الحالية لضرورات الموت، بل على العكس أخضعوا الموت لضرورات الحياة الدنيا، فكانوا في العهود السومرية والبابلية والآشورية، يبجلون كل أنشطة الفرح الإنساني من حب وخمر وغناء وشعر وموسيقى، وكانت معابدهم صوامع للحب والإنشاد الروحي، وبغداد في كل عصورها عرفت باحتفائها بكل ما عكسته لنا ألف ليلة وليلة من مباهج ومتع وانطلاق جنبا إلى جنب مع العمل والإبداع، والحرص على القيم العليا!

البعض يريد أن يجد مبررا لأحزان العراقيين وبكائهم اليوم بإرجاعها لأحزان عشتار والعراقيين القدماء على تموز، أو غيرها من الطقوس الأسطورية، وهذا تعسف وتجاوز للحقائق، فالممارسة القديمة كانت حالة وجودية وإنسانية عامة، وهي تتفجع على ما يتركه الموت وراءه من فراق ووحشة وقلق، وتنعي خصوبة الأرض التي أماتها الملح، وربيعها الزائل. وتتوسل المطر والنماء.والخير!

وما يجري اليوم من إشاعة للأحزان ونشر للرايات والثياب السود هو تحريك سياسي ونزعة طائفية ضيقة. وشتان بين هذا وذاك. لا يمكن تجاهل دوافع الحزن البشري وحتميته، وإمكانية جعله ينبوعا للخلق والإبداع والتحدي حيث إن كل إبداع في الدنيا مهما يحمل من فرح وبهجة يحمل شحنة من الحزن والأسى أيضا، وهذا غير ما نراه اليوم في هذه المسيرات الجماهيرية المليونية من بكاء متواصل ولطم على الصدور وشج للرؤوس وتراتيل مؤلمة ونواح جارح على مدار السنة، كل ذلك يحيل الرائي إلى نواياها، لا إلى مظاهرها وحسب،ويزيده شكوكا في طبيعة النفس البشرية!

لمئات السنين كانت طقوس الزوار الشيعة العراقيين تتسم بشيء من الهدوء والبساطة، لكن حين سيطر البويهيون الفرس والصفويون على العراق، في حقب زمنية متفاوتة بعيدة أدخلوا إلى طقوسهم الكثير من المظاهر الدموية الخطيرة والمدمرة!

واليوم وفي ظل الهيمنة الإيرانية على العراق من جديد؛ ظهرت بدع أليمة وقاسية لم تكن معروفة في العراق ولا في الوسط الشيعي، جعلوا فيها شبابهم يزحفون على بطونهم في الأرض الوعرة، وينطحون الجدران حتى يشجون رؤوسهم،ماسخين آدميتهم، معرضين حياتهم للموت أو الإعاقة الجسدية والعقلية، ولم ينج حتى الأطفال من هذه القسوة العارمة. وفي إيران اليوم معامل تصدر الزردات "الزناجيل" والقامات والحراب والسكاكين وكل أدوات جلد وتدمير الذات إلى العراق، فيبتلي بها شباب كان يمكن ان يصبحوا طلاب علم ونور وثقافة ومبدعين،لا قاتلين ومشوهين لأنفسهم دون جدوى! ومناسبة لكي يظهر فيها قادة الأحزاب الطائفية مواهبهم في طبخ الهريسة وتوزيع أطباقها بأياديهم الكريمة على الفقراء، فهي اللقمة الخالدة التي سيظلون يعيشون عليها وعلى الطوى حتى مناسبة قادمة!

تصون لائحة حقوق الإنسان، والقوانين الحضارية حرية العبادة للشخص، شرط أن يؤديها دون أن يؤثر سلبا على حياة الآخرين، أو يتسبب في أذاهم، فيقوم بها في بيته أو معبده كما يشاء، بينما الذي نراه اليوم في العراق أنها صارت ذات تأثير ضار هائل على الناس من الذين لا ناقة لهم فيها ولا جمل، إذ هي مظاهرات سياسية كبرى تحتل المدن والطرق العامة وتشل الحياة العامة معظم أيام السنة وتستنزف خزينة الدولة التي لجميع أتباع الأديان والطوائف الأخرى حق فيها. وفق أي قانون يقدم وزير النفط الحالي برميلا من نفط الشعب العراقي مجانا لرجال

يسمون أنفسهم بأصحاب مواكب؟ من خوله التصرف بهذه الثروة الطائلة؟ هل أخذ موافقة البرلمان؟ أليست هذه محاولة مفضوحة لدعاية انتخابية متقدمة يريد بها كسب السذج من الناس، والضحك على الذقون؟ لماذا لا يحاسب؟ ولكن كيف يحاسب وقوات كبيرة من الجيش والشرطة مشغولة بهذه المظاهرات السياسية الملفعة بالمقدس، في الوقت الذي لازال الإرهاب والفساد يبطش بالعراقيين كل يوم!

هذه المظاهرات أضحت اليوم لدى قادة الأحزاب الطائفية ليست طقوسا تؤدى لوجه الله، بل هي تعبئة سياسية؛ لا ينظر فيها إلى الجسد الدامي إلا كبطاقة انتخابية!

إنها ممارسات تضر الشيعة قبل غيرهم، فهي تخنق مدنهم بأسلاك المقدسات الشائكة، وتضييق عليهم حياتهم، وتلغي مستقبلهم الحضاري، وتسيء إلى سمعتهم كثيرا! لذا فمن يحب الشيعة ويتمنى لهم الخير؛ هو من ينصحهم بالكف عنها، أو بالحد من غلوائها، ومن يكرههم ولا يريد لهم خيرا؛ يدفعهم إليها، ويزكيها لهم!

&

الجزء الاول

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رائعة
حسين الناصري -

رائعة وهامة كالجرء الاول شكرا لكم

رائعة
حسين الناصري -

رائعة وهامة كالجرء الاول شكرا لكم

داخل حسن وحضيري ابو عزيز
احمد -

المصيبة في شيعة العراق العرب فقدانهم للهوية لصالح هوية هلامية ( تفصيخ) القامة من ايران والزنجيل من الهتد والمشي من البوذيين واللطم والصور من المسيحين, وخوفي ان اكون يائسا تماما من حياة طبيعية للعراق, فعندما يفقد اكثر من 65 % من شعبه لهويتهم الطبيعية كيف تراكم على هوية اقل مايقال عنها منفصمة للنهوض بالعراق من جديد.

داخل حسن وحضيري ابو عزيز
احمد -

المصيبة في شيعة العراق العرب فقدانهم للهوية لصالح هوية هلامية ( تفصيخ) القامة من ايران والزنجيل من الهتد والمشي من البوذيين واللطم والصور من المسيحين, وخوفي ان اكون يائسا تماما من حياة طبيعية للعراق, فعندما يفقد اكثر من 65 % من شعبه لهويتهم الطبيعية كيف تراكم على هوية اقل مايقال عنها منفصمة للنهوض بالعراق من جديد.

وجهة نظر
فاضل عيسى -

مقال مغرض بامتياز، يفيض كراهية

وجهة نظر
فاضل عيسى -

مقال مغرض بامتياز، يفيض كراهية

تعليق
ن ف -

بادئ ذي بدء، المذهب الشيعي هو المذهب الذي إنبثقت منه المذاهب الإسلامية السّنية الأربعة المعروفة لعامّة الناس. فهذا هو الإمام أبو حنيفة النعمان، صاحب المذهب الحنفي.. وذاك هو الإمام المالكي، صاحب المذهب المالكي.. وذاك أيضاً إمام المعتزلة واصل بن عطاء وغيرهم مما لا تُسعفني الذاكرة بذكر أسمائهم.. هؤلاءِ جميعاً قد تتلمذوا على يد جعفر الصادق (حفيد رسول الله) في العصر العباسي وأخذوا عنه الفقه الإسلامي مثلما استقاه الأخير من أبيه وذاك عن جدّه وصولاً إلى خاتم النبيين. أقول، هناك فرق بين الدين كـ عقيدة وبين الطقس الديني. الطقوس التي تمارسها الطائفة الشيعية اليوم هي في الحقيقة لا تمتّ للدين ولا للمذهب الشيعي بصلة، إنما هي أُقحمت عليه إقحاماً الأمر الذي لا يدركه أبناء الطائفة الشيعية أنفسهُم!

تعليق
ن ف -

بادئ ذي بدء، المذهب الشيعي هو المذهب الذي إنبثقت منه المذاهب الإسلامية السّنية الأربعة المعروفة لعامّة الناس. فهذا هو الإمام أبو حنيفة النعمان، صاحب المذهب الحنفي.. وذاك هو الإمام المالكي، صاحب المذهب المالكي.. وذاك أيضاً إمام المعتزلة واصل بن عطاء وغيرهم مما لا تُسعفني الذاكرة بذكر أسمائهم.. هؤلاءِ جميعاً قد تتلمذوا على يد جعفر الصادق (حفيد رسول الله) في العصر العباسي وأخذوا عنه الفقه الإسلامي مثلما استقاه الأخير من أبيه وذاك عن جدّه وصولاً إلى خاتم النبيين. أقول، هناك فرق بين الدين كـ عقيدة وبين الطقس الديني. الطقوس التي تمارسها الطائفة الشيعية اليوم هي في الحقيقة لا تمتّ للدين ولا للمذهب الشيعي بصلة، إنما هي أُقحمت عليه إقحاماً الأمر الذي لا يدركه أبناء الطائفة الشيعية أنفسهُم!

المقدس ينهش العراق
هلال ال فخرالدين -

عجب لمن ينشر لكم ما تخربشوه الذين دونه خرط القتاد..كان الحسين ولايزال يقض مضاجع الطغاة ومرتزقة الاحبار وجلاوزة الامراء لان الحسين نهضة الهية انسانية لمحاربة الظلم والظالمين وتحرير الانسان من العبودية واحقاق العدالة فرغم جهود كل الظالمين يبقى الحسين منارا خالدا تهفو له قلبوب الشرفاء والاحرار وتظاهرة الاربعين الان تلف الكرة الارضية وتشارك فيها الاديان والمذاهب والقوميات وما احوج الشرق لنهضات حسينية تسقط عروش الجبابرة والفاسدين المهيمنين على مقدرات الشعوب ومستعبديها

الأهم والمهم
عراقي يكره المغول -

مهم جداً أن تُشَذَّب الشعائر الحسينية التي تُطلِق عليها جنابك (طقوساً) تشذب مما لحق بها من شوائب وخرافات تسيء إلى ثورة الحسين الشهيد وسمعة ومكانة الشيعة وخاصة تلك التي تجعل الناس ينشغلون في قشور الثورة تاركين لُبابَها وجوهرها.. لكن الأهم اليوم ليس في العراق وحسب وإنما في عموم المنطقة والعالم التصدّي لأكبر وأشرس خطر يهدّد تراثنا ووجودنا جميعاً وهو الإرهاب الداعشي الذي لا يمكننا أن نغضّ الطرف عنه بأي حال من الأحوال هذا الأرهاب الذي كلّفنا وكلّف العالم أجمع في بضعة شهور تكاليف مادية باهظة وقياسية أين منها ماذكرتَ جنابك من المبالغ البسيطة التي تُصرَف على هريسة يأكلها(غلابة) الشيعة في العراق. لماذا ياسيدي نظل نلاحق شعائراً مارسها الشيعة لأكثر من ألف سنة دون أن يكفّروا أحداً أو يقوموا بذبح البشر كالنّعام كما تفعل داعش اليوم التي تقوم بكل يوم مجزرة مماثلة لتلك التي ارتكبت بحق الحسين وأهله ليس مه الشيعة فحسب وإنما مع السنة أيضاً ..لم يكفّر الشيعة سوى من ارتكب تلك المجزرة أعني يزيداً وجنوده وحتى لو عكس بعض متطرفي الشيعة هذا التكفير معنوياً على من رضي بجريمة يزيد فإنهم رغم مرور ١٤٠٠ سنة على الفاجعة لم نراهم قد اقتصّوا إلا ممن لطّخوا أيديهم بتلك الدماء البريئة الطاهرة كما فعل المختار بن عبيد الله الثقفي في قصة يعرفها الجميع.. والله أنا أعجب غاية العجب عندما أرى هذا الكم الهائل من كتّابنا الكبار يبددون قدراتهم الكتابية الملفتة في مواضيع ثانوية ويتركون القضايا الرئيسية المصيرية الأهم والتي لاتُقارَن مع شعائر تنفع ولا تضر.. ولنفترض أن هنالك كتّاباً أخرين قد تصدّوا لكارثة الإرهاب الذي يهددنا جميعاً فهل التصدّي لشعائر سلميّة أهم من التصدّي لما يفعله الصهاينة بإخواننا الفلسطينيين أم أننا (خَلاص) أسدلنا الستار على أهم قضية مصيرية وكأن الحديث فيها أصبح من باب المستحبّات وصرنا (أصدقاء) الصهاينة نتعامل معهم وكأنهم أصحاب الدار هؤلاء الذين لازالوا يتغدّون بدماء أطفال أخواننا الفلسطينيين نهاراً ويتعشّون بدماء آبائهم ليلاً أين نحن من هؤلاء الأعداء الحاقدين الذين يتربصون دائماً بنا الدوائر والذين هم في الحقيقة من ابتدعوا وأسسوا وعملقوا داعش؟؟؟ !!!