الفساد في الوطن العربي – أسبابه وعلاجه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اعتمدت الجمعية العامة في 31 أكتوبر 2003م إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وطلبت إلى الأمين العام أن يكلف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتولي مهام أمانة مؤتمر الدول الأطراف في الإتفاقية، وأقرت الجمعية العامة أيضا يوم 9 ديسمبر من كل عام بوصفه اليوم العالمي لمكافحة الفساد، وذلك من أجل إذكاء الوعي بمشكلة الفساد وبدور الإتفاقية في الكشف عنه ومكافحته. ودخلت الإتفاقية حيز التنفيذ في ديسمبر 2005م.
يكاد يكون الفساد ظاهرة ملازمة للحضارة البشرية وجزءا لا يتجزأ من الصراعات الإجتماعية والسياسية عبر التاريخ، فما قامت ثورة أو سقطت أنظمة حكم وانهارت أمم إلا وكان الفساد عنصرا فاعلا ومهما في تحقيق ذلك. ولا يختلف أحد على أن المجتمعات كافة في الغرب والشرق تحتوي على قدر معين من الفساد، حيث لا يوجد على وجه الأرض ما يسمى المجتمع الفاضل الذي يخلو من الفساد والمفسدين.
يمثل الفساد إحدى القضايا التي تحتل إهتمام المواطنين في دول العالم عامة ودول العالم الثالث خاصة، وأحد أهم الموضوعات المطروحة على الساحة السياسية الدولية. وقد عرفت "إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003م" مفهوم الفساد من خلال الإشارة الى الحالات التي يترجم فيها الفساد الى ممارسات فعلية على أرض الواقع، وهي: الرشوة بجميع وجوهها في القطاعين العام والخاص، والإختلاس في القطاعين العام والخاص، والمتاجرة في النفوذ، وإساءة استغلال الوظيفة، والإثراء غير المشروع، وغسل العوائد الإجرامية، وإخفاء الممتلكات المتأتية من جرائم فساد، وإعاقة سير العدالة فيما يتعلق بهذه الجرائم، بالإضافة الى أفعال المشاركة والشروع بكل ما سبق.
ما يشغل بال المواطن العربي كل يوم ليس وجود قدر ما من الفساد في المعاملات اليومية، بل حجم الفساد واتساع دائرته وتشابك حلقاته وترابط آلياته بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل، مما يهدد مسيرة التنمية ومستقبل المجتمعات العربية في الصميم. يقول أستاذ الإقتصاد بجامعة القاهرة "محمود عبد الفضيل" في بحثه بعنوان "مفهوم الفساد ومعاييره": يمكن حصر أهم مكونات إقتصاد الفساد في الوطن العربي على النحو التالي:
1.&تخصيص الأراضي من خلال قرارات علوية تأخذ شكل العطايا لتستخدم بعد في المضاربات العقارية وتكوين الثروات.
2.&إعادة تدوير أموال المعونات الأجنبية للجيوب الخاصة، حيث يشير بعض التقارير إلى أن أكثر من 30% منها لا يدخل خزانة الدولة، ويذهب إلى جيوب المسئولين أو رجال أعمال كبار.
3.&قروض المجاملة التي تمنحها المصارف من دون ضمانات جدية لكبار رجال الأعمال المرتبطين بمراكز النفوذ.
4.&العمولات والأتوات التي يتم الحصول عليها بحكم المنصب أو الإتجار في الوظيفة العامة.
5.&عمولات عقود البنية التحتية وصفقات السلاح.
وترتبط ظاهرة الفساد بشكل مباشر بنظام الحكم، فالبيئة المثلى للفساد هي الأنظمة غير الديمقراطية التي تفتقر إلى مقومات الحكم الرشيد من شفافية ومشاركة فعلية ومسائلة وسيادة الحكم القانون. ومن أبرز سمات أنظمة الحكم في معظم (إن لم يكن) جميع الدول العربية غياب المشاركة الشعبية في الحكم والهوة السحيقة بين الحاكم والمحكوم. والإنتفاضات الشعبية التي عمت العديد من الدول العربية في ما أطلق عليه الربيع العربي مطلع عام 2011م، قبل إختطافه وحرف مساره، كانت تعبيرا صادقا عن نقمة شعبية ورغبة صادقة في إحداث إصلاحات جوهرية في أنظمة الحكم القائمة وقتها. واللافت للنظر أن الشكوى من تجذر الفساد وإتساع رقعته تصدرت مبررات تلك الإنتفاضات الشعبية، فالفساد عندما ينتشر ويتجذر يقوض سلطة الدولة ويضعف مؤسساتها ويفتح المجال للتمرد.
مؤشرات الفساد في الدول العربية تعتبر من الأعلى في العالم بحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية للعام 2014م، هذا بالإضافة إلى قناعة المواطن العربي وإدراكه المتزايد بأن الفساد مستشر في الحكومات والمؤسسات العربية بسبب التغييب المستمر والمتعمد للشفافية والمسائلة وحكم القانون. إن ضبط الفساد ومعالجته هما جزء من عملية واسعة لإرساء قواعد الحكم الرشيد وترسيخ نظم الشفافية والمسائلة، وهذا يتطلب دول قوية في تكوينها ومؤسساتها وواثقة من شرعيتها وقادرة على سن تشريعات عادلة وتنفيذها في إطار حكم القانون، ومن خلال أجهزة قضائية وتشريعية وتنفيذية خاضعة للمسائلة العامة وقابلة للتغيير الديمقراطي السليم. وهذا لا يتحقق إلا من خلال وجود إعلام حر ونزيه يلعب دورا أساسيا في كشف الفساد وتعبئة المجتمع ضد مرتكبية، وكذلك وجود شعوب واعية بخطورة الفساد على مستقبل أوطانهم.
آخر الكلام: مؤشر الفساد الصادر لعام 2014م من قبل منظمة الشفافية الدولية، يصنف الدول وفقا لمستويات الفساد في قطاعها العام، وضمت قائمة هذا العام 177 دولة، تحتل فيها الدولة الأكثر فسادا المركز الأخير، والأقل فسادا المركز الأول. حلت الدنمارك ونيوزلندا في المركزين الأول والثاني بين الدول الـ 177 في قائمة النشر. وحلت فنلندا في المركز الثالث، بينما تساوت النرويج وسويسرا في المركز الرابع. من الدول العربية حل السودان في المركز 173، والعراق في المركز 170، وليبيا في المركز 166،واليمن في المركز 161، وسوريا في المركز 159.
&
التعليقات
نعيماً
خوليو -أي الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية هي الأكثر فساداً بينما الدول العلمانية الديمقراطية هي الأقل، المجموعة الأولى تعتبر الغنى رزقة من رب العالمين، ولامحاسبة ولا من يحزنون، فمنهم من جعل رزقهم تحت رماحهم ومنهم من جعله بواسطة أجهزة أمنية تخفي وراء سجونها كل من يجرؤ على المحاسبة ومنهم من يرتلون ليلاً نهارً كتاب اللوح المحفوظ ويعظون ويفتون في كل مكان فينهمر الرزق عليهم مثل المطر الغزير، بينما يسمون فساداً تناول كأس نبيذ معتق أو حرية شخصية لفتاة تريد أن تعيش بملئ إرادتها أو لمجموعات بشرية تريد الطرب والمسرح والسينما والغناء والرحلات، يدعون كل ذلك فساداً في الأرض، ماهي الطريقة لإيقاظ هؤلاء الغارقين في النوم العميق؟