صديقتي.. القارة العذراء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قال "لولا دا سيلفا رئيس البرازيل الأسبق" ذهبت إلى واشنطن في 10/9/2002 وقابلت الرئيس الامريكى بوش وقلت له أن قضيتي ليست العراق ولكن قضيتي هي محاربة الفقر لشعبي...) إذا ملايين البرازيليين من الفقراء والجوعى فكيف لي أن اهتم بالعراق..) فالرئيس "لولا" امتلك الحكمة التي جعلته لا يتورط في صراع مع الولايات المتحدة في بداية فترة حكمه، أما نحن فقد تورطنا في القضية الفلسطينية عشرات السنوات فنسينا ملف من أخطر ملفات أمننا ومصلحة وطننا ألا وهو ملف النيل.
لعل أول زيارة للزعيم الافريقي نيلسون مانديلا لمصر عندما حط بقدميه علي أرض مطار القاهرة ومنه توجه مباشرة إلي قبرعبد الناصر الذي وقف أمامه صامتًا لعدة دقائق ثم قال لمرافقيه من المصريين أنه كان يتمني أن يزور مصر في حياة عبد الناصر ليحظى بشرف استقباله له ورؤيته. وحين فازت جنوب أفريقيا بتنظيم كأس العالم في المنافسة التي دخلتها مع مصر في الفيفا قال مانديلا تعليقا علي خسارة مصر لو كان عبد الناصر حيًا لما جرؤ أحد من الأفارقة علي الدخول مع مصر في منافسة حتي وإن كانت أشرف المنافسات وأعظمها.
أين نحن الأن من الزعامة الإفريقية التي فقدت أهميتها في عهدي مبارك ومرسي وهل أصبحت دول المنابع وعلي رأسها إثيوبيا التي نستمد منها مايقرب من 85% من مياهنا من هضابها تشكل خطرًا علينا؟ وهل دقت طبول حرب مائية بين دول حوض النيل؟
بلاد الحبشة التي هي سقف إفريقيا، كما يلقبونها بحامي حمي أمننا القومي والمائي. ثلاث ساعات كانت كفيلة بان نصل إلي العاصمة الأثيوبية أديس أبابا فنظرة سريعة علي شوارع العاصمة ستجد أن البلد يتغير بسرعة بل وإن هناك نهضة عمرانية سريعة ربما تجعلك تفيق من أوهامك التي تترسخ في ذهنك عن بلاد القارة السمراء بأنها وكر للتخلف والفقر والجهل ومرتع للأوبئة والأمراض المعدية. أديس أبابا بشوارعها وفنادقها ومولاتها التجارية ومحلاتها التجارية الفخمة تجعلك تفيق وتنتبه إلي أنك في واد والعالم الأسمر في وادي اخر.
وفي رأيي أن الأزمة الحالية سببها الرئيسي نقص في التعاون الإدراي بين هذه الدول. اقترح عمل تكتلات اقتصادية بين دول حوض النيل ومزيد من التعاون الاقتصادي فمصر لديها إمكانات وتقوم بجهود لزيادة التعاون التجاري مع دول القارة علي الرغم من أن الدول الإفريقية لا تمتلك الإمكانات أو البنية الأساسية مثل أوروبا، ولكن تمتلك أسواقا واعدة قابلة للزيادة. خاصة أن الذين درسوا السوق الإفريقية جيدا من رجال الأعمال استطاعوا إنشاء مشروعات مصرية ناجحة جدا في عدد من الدول الإفريقية في ظل وجود تجمعات اقتصادية مهمة بالقارة في مقدمتها تجمع "الكوميسا".
ألست معي في أن وصف "القارة العذراء" يلاحق افريقيا من باب التغني الرومانسي بجمالها أو نقائها لكن ألست معي أيضًا في أنه تزداد أهمية إفريقيا على الضفة الأخرى من هذه المعادلة بوصفها قارة واعدة بكل معنى، وأيضًا ما تحويه إفريقيا من ثروات ومواد خام رخيصة الثمن.
اقترح أيضا إنشاء قناة فضائية إفريقية تنطلق من القاهرة، خاصة أن إطلاق مثل هذه القناة سيسهم في تقريب الشعوب الإفريقية ومد جسور التعاون والتعارف بينها.
اقترح مزيد من الحلول الدبلوماسية حتى لا يصبح خيار الحرب هو الخيار الوحيد المرجح بقوة في حال أغلقت جميع الأبواب للوصول إلى اتفاق.
حذرت مجموعة الأزمات الدولية من أن الخلاف على مياه النيل قد يعم المنطقة بأكملها، و أشارت إلى أن واحدا من بين السيناريوهات المرجحة لتطور الأزمة هو أن تشكل مصر بالتحالف مع السودان جبهة مشتركة في مواجهة باقي دول حوض النيل.
ألا يستحق نيلنا العظيم الحفاظ على حصتنا من مياهه المزيد من التواصل مع قارتنا السمراء بصفة عامة ودول حوض النيل بصفة خاصة.
وكما قال شاعرنا الكبير "أحمد شوقي"
حَبَشِيُّ اللَونِ كَجيرَتِهِ مِن مَنبَعِهِ و بُحَيرَتِهِ
صَبَغَ الشَطَّينِ بِسُمرَتِهِ لَوناً كَالمِسكِ وَكَالعَنبَر
Marry_hanna@yahoo.com