قاضي أم نائب أم دلال؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قبيل انتخاباتنا الميمونة وهبوط الصمت الانتخابي، جن جنون المتنافسين كتلا وأحزابا ومرشحين في استعراضات لا ينقصها الكذب ولا الافتراء، وتزينها الكلاوات والوعود الفارغة، حتى انك تصاب بالاشمئزاز من تسول بعضهم للأصوات بشكل صفيق من خلال توزيعهم لرشاوى على شكل مبالغ نقدية أو دجاجية أو بطانيات ومدافئ، تذكرنا بدلالات البسطات أمام الأسواق المركزية واورزدي باك سابقا.
لكن أبشع ما شهدناه حقيقة خلال الحملات الانتخابية تلك المشاهد التي احتوت على مساومات رخيصة جدا، وهي تستهين بالمواطن وتستغل سذاجته وحاجاته الأساسية في السكن أو التملك، ضمن حقوقه الإنسانية المهمة على الدولة ومؤسساتها، دونما منة أو فضل من احد، ولعل الكثير من أولئك الذين حاولوا تجديد عضويتهم في بقالة مجلس النواب وخاصة ممن ذاقوا الطعم وعرفوا من أين تؤكل الكتف وحولوا " الهور إلى مرك والبردي إلى خواشيك "* كما تقول الدارجة العراقية في أجمل توصيفاتها لأهل المزايدات والمبالغات وهم يمهدون لرجعتهم الثانية أو الثالثة إلى عالم المزايدات والامتيازات وسوق دماء ودموع وقوت شعب أدمن نظام القطيع تحت خط الفقر وتخدير مختلف الشعارات من أقصى يسارها إلى أقصى يمينها!؟
ولعله ونحن في مسيرتنا الديمقراطية ذات آلاف ميل ما زلنا في خطواتها الأولى، أكثر ما يؤلم سلوك أولئك الذين شغلوا مناصب تنفيذية بمختلف المستويات من دولة الرئيس إلى فراش المدير، واستغلوا تلك المواقع والمناصب وصلاحياتها لغرض الدعاية الانتخابية لشخص أو حزب أو كتلة، بل إنهم استخدموا آليات حكومية وأموال عامة وعقارات تابعة للدولة، إضافة إلى الأراضي التي وعدوا بتوزيعها وتمليكها لؤلئك المصابين بالعجز الأبدي في المال والسكن والعمل من الفقراء في جيوبهم وعقولهم ووعيهم، أولئك الذين كانوا عبر التاريخ محط استغلال كل الأنظمة والأحزاب اليسارية واليمينية حتى تحولوا إلى قطعان بشرية
تقودهم ذئاب بشرية تسلقت سلالم السلطة والمال في زمن كوليرا الأخلاق والقيم!؟
ولا غرابة أن نشاهد نموذج من تلك المساومات الرخيصة لحاجات الفقراء حينما يتم استبدالها بأصواتهم والتهديد بالحساب بعد الانتخابات في مصداقية التصويت لمن سيمنحهم تلك الأراضي؟*
مشاهد يتوقف عندها المرء عاجزا أو حائرا أمام تعريف لصاحبها أو توصيف لفعله ومهنته فيتيه بين عناوين عديدة، هل هو القاضي الذي وقف أمام ميزان العدل ليحكم مجرمي النظام السابق الذين اخترقوا القوانين واستغلوا مراكزهم ومواقعهم لاستغلال الشعب والاستحواذ على السلطة، أم هو النائب الذي انتخبته الأهالي لكي يمثلها ويدافع عن حقوقها بعدالة وشفافية، أم هو دلال في سوق للمزايدات والمساومات في أسواقنا الشعبية بالشورجة أو باب الطوب أو سرق هرج!؟
حقا صدق من قال " كيف ما تكونوا يولى عليكم!؟ "
ـــــــــ
* مثل شعبي عراقي يضرب على من يبالغ في الأمور فيحول الاهوار إلى موائد طعام وعيدان البردي إلى ملاعق للأكل!
* يوتيوب يظهر مساومات مع مجموعة من فقراء الفلاحين لقاء إعطاء أصواتهم:
https://www.youtube.com/watch?v=ZwV8EKCV-_I