هل الأردن بلد جيد؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل وقت قصير، عرفني أحد الأصدقاء على دكتور من "هونج كونج"، وعندما عرف الأخير أنني من الأردن، ابتسم وثنى ركبتيه رافعاً يده إلى السماء قائلاً: "الأردن فوق.. الأردن فوق"
أراد أن يقول أن الأردن بلد متقدم، ثم أضاف: "الأردن بلد جيد" وقتئذ شعرت بفرح كبير، ولم أستطع أن أخفي مشاعر الفخر أمام أصدقاء من جنسيات مختلفة تجمعنا طاولة واحدة.
عادة ما يكون لدينا مسؤولية خاصة للدفاع عن بلدنا في حال سمعنا ما يسيء، يترافق معها شعور بالامتنان في حال سمعنا ما يسر، لكن هل الأردن بلد جيد بالفعل؟
ما زلت أعتقد أن الأردن رغم كل الظروف الحالية هو مكان جيد للعيش، لكن المشكلة أننا دائماً نسلط الضوء على السلبيات أكثر بكثير من الايجابيات، في حين أن الحقيقة أبسط من ذلك وهي أننا لدينا مشاكل تماماً مثل أي دولة أخرى.
بالطبع، الأردن ليس مكاناً مثالياً، لكنه على الأقل مكان حقيقي بكل مكوناته، حتى مع أعداد اللاجئين المتزايده؛ لأن الأردنيين لطالما كانت لديهم مسؤولية خاصة لحماية الناس الذين يفرون خوفاً على حياتهم.
ما حققه الأردن خلال أكثر من تسعين عاماً، هو واحد من أكثر إنجازات الشعوب فخراً، جعلنا نشكل قاعدة قوية من المعرفة والحب تلهب مشاعر الامتنان والشعور بالمصير المشترك.
ما علينا فعله، هو أننا يجب أن نتخلى عن معيار المثالية في قياس ما يحدث في الأردن، على الشباب أن يعرفوا فقط أنهم ينتمون إلى بلد متقدم وجميل، ربما مع قليل من النضج في الأفكار
والنظرة الواقعية إلى الأمور يمكن تحقيق ذلك، تماماً كما يحدث مع الأولاد الصغار الذين ينظرون دائماً إلى آبائهم على أنهم أشخاص مثاليون لا عيوب لديهم، لكنهم عندما يكبرون يدركون أن آبائهم أشخاص عاديون، مع تلك الواقعية نجد أن حب واحترام الآباء قد ازداد وأن العلاقة بهم باتت أكثر قوة وتماسكاً، بحيث تكون كافية لتجاوز التدقيق والأخطاء. يمكن اسقاط ذلك على الحالة الأردنية، إذ إن ما نحتاجه هو ما يمكن أن أسميه "الحب الناضج للأردن"
اليوم، مع الارتقاء في المستوى الفكري والسلوكي الفردي، يتوجب علينا الانتقال إلى التحرك الجمعي البناء، بحيث يجب خلق حالة من الوجدان الجمعي في كافة المناطق الأردنية ترتكز إلى مبدأ العدالة واحترام الحريات، وهنا المسؤولية مشتركة بين الحكومة والشعب.
واليوم أيضاً، هناك طوق من نار حول الأردن، وهو فرصة مناسبة لخلق حالة من التحرك الجمعي الايجابي ترتكز على الأولويات التي أهمها حفظ أمننا قبل كل شيء، وتأجيل كل الخلافات حتى لا نخسر كل شيء. يجب ان لا نسمح لأنفسنا أن نفقد التركيز على تلك الأولويات.