أصداء

عن داعش و العراق و أقليم كردستان!

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&ليس هناك أدنى شك بأن تنظيم داعش المُهدِدة حالياً لكل شيء في العراق، لم يأتي من الفراغ، ثمة ظروف سياسية و أمنية و حتى إجتماعية و ثقافية موآتية في هذا البلد تُغذي ولادة مثل هذه العناصر المسلحة و المتطرفة دينياً و سياسياً. والحق أن العراق أصبح، منذ زمن بعيد، مكاناً ملائماً لظهور و بروز مثل هذه التنظيمات. أرهاب الدولة إذبان حكم النظام السابق (1998-2003م) تجاه البلاد و العباد و تبعية الحكومة الحالية في العراق، من حيث الثقافة السياسية غير الوطنية، لثقافة نظام البعث البائد و عدم قدرتها على تجاوز عقلية الترهيب و الإعتقالات أو التهديد و الإقصاء، رسخت في النهاية، في بلد مهد الحضارات!، ثقافة خطيرة، هي ثقافة العنف و الكراهية، أو القتل و الدمار، أي الروحية الثاناتوسية المُحِبة للموت و تدمير الحياة.&
&&بمعنى آخر، أصبح مع الزمن كل شيء في هذا البلد مُقلق و مُميت و مفتقر للحد الأدنى للأمل و الطمأنية، فضلاً عن غياب أي آفاق كبيرة حتى الآن، يراهن المواطن عليها للخروج من دوامة القلق هذا و الخشية من كل ما يحيط به، بل يمكن القول أن هذا القلق المدمر، الذي يعصف على سايكولوجية الإنسان في العراق إزاء وجوده و هويته و حاضره و مستقبله، أصبح بحد ذاته عامل آخر من عوامل الشرور السائد في البلد بل العامل الكامن وراء أفتقاد بعض من أبناءنا و شبابنا للحب للدنيا و الوعي بإنسانيتهم و آدمية الآخرين و التعامل بكل هذه القسوة و العنف مع الإنسان، ذلك لأنهم لم يعودوا أساساً أناساُ طبيعيون يفكرون في الحياة بقدر ما باتوا ضحية للمخططات الخارجية و الداخلية و جهنم تفكير الآخرين، المتمرسين في ثقافة القتل و ترهيب الإنسان.&
&&العراق لم يعد قادراً على الخروج من هذا النفق المظلم، الذي لا أحد يعلم ماذا يجري في داخله سوى أولئك الذين يعرفون حرفة الذبح و القتل و الإرهاب، و يتقنون جميعاً، رغم تناقضاتهم الفكرية و السياسية مع البعض!-على مستوى الإدعاء!-، لغة مشتركة هي لغة الموت و الدمار و الهمجية. هؤلاء الناس لا يهتمون أبداً بما يحدث!، و إنما الأهم عندهم ليس سوى ممارسة السادية و سفك الدماء، أو يبقون الى الأبد في سلطتهم و سلطانهم أو عقائدهم الإرهابية المسوَغة بعباء الدين الإسلام الحنيف. هم لا يأبهون بشأن المناظر التراجيدية لقتل الجنود العراقيين، و المشاهد الأليمة التي شاهدناها نحن في كردستان، قبل أيام، أثناء فرار و نزوح عشرات الآلاف من المواطنين العراقيين في الموصل و مناطق أخرى، سيراً على الأقدام، الى أقليم كردستان، خوفاً منهم من إرهاب عناصر داعش من جهة و قصف الجيش العشوائي على ديارهم و سكناهم. نعم هم لا يبالون بما يجري و لا قيمة للإنسان لديهم أصلاً!. لا أحد فيهم يفكر في المدنيين العزل، و الأسوأ هو أنه لم يعد أحد في هذا البلد عموماً يهتم بحال الإنسان و أبسط حقوقه هي الأمن و العيش بأمان، أصبح الكل يخشى من الكل، حتى نحن في كردستان العراق حينما نستقبل النازحين من أبناء العراق نخشى - دون أن نعبر عنه بصراحة! - من أن يُحدِث هذا الأمر شرخاً أمنياً تستغله المجاميع الإرهابية لضرب الأقليم و مؤسساته.
&&و مع ذلك لا مراء من أننا تألمنا فعلاً لحال أهالي الموصل مع هذه لأحداث الأخيرة، و قد ذكرتنا المشاهد بالهجرة المليونية للكُرد أثناء قمع النظام البائد للإنتفاضة الكردية عام 1991، إذ كنا نعيش في ذلك الحين في أسوأ الأيام و الأزمان، و لحسن الحظ، قد يختلف الحال مع النازحيين من أهالينا في الموصل و المحافظات الأخرى غير الآمنة، إذ أنهم يلجأون اليوم الى الجزء الآمن من البلد و يُستقبلون هناك و لا أدنى شك في أن الأقليم و مواطنيه سوف يقدمون كل ما يؤَمن لهم الحياة لحين العودة الى ديارهم، فهم دون شك على أرض كردستان الطاهرة، حيث لا داعش و لا أي قوى إرهابية أخرى، وذلك بفضل وحدة موقف الكرد و أحزابه.&
&&نعم نحن نعي تماماً بأن الشعب و القوى السياسية هنا، في الأقليم، قد يختلفون سياسياً أو جتماعياً على أمور كثيرة، و الإختلاف فضيلة!، ولكن عندما يواجهون تحديات من هذا القبيل سيقفون جميعهم جنباً الى جنب و ربما هذا هو سر بقاء شعبنا الذي يناضل من أجل حقوقه و الدفاع عن ترابه منذ آلاف السنين.&
&&بإختصار، لا لداعش مكان في كردستان العراق و لا لديها أية قاعيدة شعبية أو أي دعم إجتماعي و سياسي ما تتغذى به و توظفه لتحقيق مآربها هنا، الكل هنا في أهب الإستعاد لمواجهة الإرهاب و أية جماعات مسلحة إن كانت تحت أي أسم من المسمى، و إذا كان الشعب العربي في العراق، بجميع مكوناتهم المذهبية و الثقافية، يرومون تحقيق تجربة كهذه في مواجهة تحديات الإرهاب والتي يستفيدون منها اليوم هم أيضاً كما هو الحال الآن، فعليهم العودة الى طاولة المفاوضات و الحوار الوطني و حل الخلافات و التوزيع العادل للثروة و السلطة، أي جملة من الأمور التي لا غنى عنها أبداً لتحقيق الأستقرار و الأمن و السلام و ولدعم ثقافة الحياة و التواصل الحضاري و التلاحم الوطني.&
&• كاتب و صحفي &- كردستان العراق

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف