فضاء الرأي

الفلسفة و المجتمع

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هناك سؤال شائع علي السنة الناس منذ القدم و حتي عصرنا هذا هل للفلسفة أهمية في حياة الشعوب؟ بمعني آخر هل للفلسفة كعلم نظري مجرد دور يمكن أن تلعبه في المجتمع؟ الإجابة نعم للفلسفة دور حيوي و فعال في حياة المجتمعات و الشعوب، وذلك لان الفيلسوف هو ضمير عصره، وابن بيئته يؤثر فيها و يتأثر بها، و هذا ليس كلام مرسل بل يؤيده الواقع التاريخي.

في العصر اليوناني مثلا لعبت أفكار سقراط دورا هاما في تغيير المجتمع الأثيني و معتقداته، و حرك المياه الراكدة، وأحدث ثورة فكرية تنويرية من خلال أرائه الفلسفية، حاور الناس في الطرقات و الاسواق و الشوارع، و استخدم منهج التهكم و التوليد و حاور السوفسطائين و أظهر جهلهم، ودعا إلي الفضيلة والمعرفة. كما أرسي قيم خالدة، ومات في سبيل مبادئه، و أطلق عليه احكم الناس في عصره. وكذلك أفلاطون في محاورته الشهيرة الجمهورية، كانت أرائه الفلسفية بمثابة القوة الدافعة في تغيير الكثير من الأفكار في عصره،لما تحمله من رؤي نقدية و أفكار جريئة، أخذ بها مفكري السياسة فيما بعد عن علاقة الحاكم بالمحكومين، و تقسيم طبقات المجتمع، و عن دور الحاكم الفيلسوف في الدولة وأنه يجب أن يكون علي رأس السلطة، و هذا لما للفلسفة من أهمية في المجتمع، و لما يتميز به الفيلسوف من قدرات عقلية و مواهب ذهنية، و قدرة الفيلسوف علي تشخيص مشكلات عصره، و كذلك قدرته علي صياغة حلول لهذه المشكلات.

أيضا في العصر الوسيط الإسلامي كان للفلسفة و الفلاسفة دورا لا يمكن إغفاله في الحياة الاجتماعية، علي سبيل المثال الفيلسوف (الكندي) من خلال رسائله إلي المعتصم و التي لعبت دورًا في إحداث تغيير في المجتمع، و لفت أنظار المعتصم لما يصلح البلاد و العباد. أيضا ( الفارابي) و كتابه (أراء أهل المدينة الفاضلة) و الذي يمثل أهمية كبيرة لكل من جاء من بعده من الفلاسفة السياسيين و فلسفة السياسة بوجه عام، لان فيه أفكار هامة عن الشروط التي يجب توافرها في الحاكم، و أهمها القدرات العقلية. و في العصر الحديث و المعاصر لعبت الفلسفة نفس الدور الهام و بقوة، نجد مثلًا أفكار ( روسو &- مونتسيكيو- فولتير) كانت بمثابة الإرهاصات الأولي للثورة الفرنسية من مبادئ الإخاء و الحرية و المساواة.

و كذلك أفكار ( كانط &- هيجل) لعبت دورا هاما في الحياة الألمانية و فاوحت هذه الأفكار إلي بسمارك بفكرة الوحدة الألمانية. كذلك أفكار ( وليم جيمس- و جون ديوي)صبغت المجتمع الأمريكي بالصبغة البرجماتية. من هنا نري أن الفلسفة علي مر العصور لم تكن منعزلة عن مشكلات المجتمع، و لم يكن الفيلسوف يعيش في برج عاجي يفكر فقط بل عاش الفلاسفة هموم عصرهم و مشكلات مجتمعهم، و ليس هذا فحسب بل وضعوا حلول و صاغوا مقترحات، وقادوا مجتمعاتهم إلي التقدم و الازدهار و الرخاء.

لم يكن الفلاسفة والفلسفة يوما ما بعيدة عن المجتمع و مشكلاته، بل الفيلسوف يعيش هذه المشكلات و يشخصه، و يضع الحلول لها. بل لا نجافي الحقيقة بالقول أن نهضة أي امة تتوقف علي ما فيه من فلاسفة، إذا أردت أن تبحث عن تقدم الأمم ابحث عن عدد الفلاسفة.&

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لذلك خسر الربيع العربي
نبيل -

ولذلك لم ينجح الربيع العربي كما نجحت الثورة الفرنسية بوجود المفكرين مثل فولتير وغيره الذين قادوها فكريا . خلو الربيع العربي من المفكرين ادى به الى السقوط بيد الاسلاموين لان الساحة كانت خالية فملؤا الفراغ .

الفلسفة والواقع الإسلامي
Sam -

نعم ياسيدي بدون شك ان هناك من قادة الفكر والفلاسفة من كان لهم تأثير فعال في المجتمعات التي عاشوا فيها في عصور مختلفة وفي مناطق مختلفة. ولكن ما لم تذكره هو وجوب توافر البيئة لظهور مثل هؤلاء الفلاسفة ففي كل الأمثلة التي ذكرتها كان العامل الحضاري وانتشار حرية الفكر والاعتقاد وازدهار الآداب والفنون بشكل عام هو العامل المشترك بين كل هؤلاء لظهورهم وتفوقهم ومقدرتهم علي توصيل رسالتهم الي اكبر عدد من الناس في جيلهم والاجيال اللاحقة . المشكلة في الدول الإسلامية هو ان هناك الكثيرين من الأمين الذين لا يستطيعوا القراء وهناك الكثير من المتعلمين التي لا تقراء والأكثر من هؤلاء وهؤلاء رجال الدين والمتدينين الذين أصروا علي إغلاق العقل والتمسك بالأساطير والخرفات علي انها نصوص مقدسة وما عداها فلا يستحق النظر اليه او الاقتراب منه بل اكثر من هذا معاداته وتحطيمه كما صنع العرب عندما غزوا البلاد ذو الحضارات التي كانت قائمة بالفعل. وكما يفعل داعش الآن بكل ما هو حضاري و راقي . ان ما يصنعه الآن مما أسموهم بالمفكرين الإسلامين هو مهاجمة كل النظريات العلمية والفكر المستنير الذي يكشف تخلف القصص والأساطير التي وردت في القران والأحاديث برغم معاداتها للعقل والمنطق. اما ما ذكرته عن الفلاسفة المسلمين فهم لم يكونوا عرب بل هم كانوا من بلاد حضارية احتلها العرب وفرضوا إسلامهم عليهم . بل ان العرب اعتبروهم زناديق وقاموا بسجنهم وقتلهم.