كتَّاب إيلاف

خرج من لبنان...ليخرج من سوريا

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


مرّت في السادس والعشرين من نيسان ـ ابريل الجاري الذكرى العاشرة لجلاء القوات السورية عن لبنان. من كان يصدّق أن القوات السورية، ومعها الأجهزة الأمنية، يمكن أن تخرج يوما من لبنان بعد إحتلال استمرّ رسميا نحو ثلاثة عقود تحت شعار "شعب واحد في بلدين"...وذلك قبل أن يتبيّن أن هناك شعوبا عدّة في بلدين وفي ما يمكن أن يصبح أكثر من بلدين ودولتين.
لا شكّ أن اللبنانيين لم يتمكنوا من التنعم بالحرّية التي يعنيها الإنسحاب العسكري السوري. هذا عائد إلى أسباب عدة من بينها خسارة رفيق الحريري الذي إغتيل قبل شهرين واسبوعين من الإنسحاب السوري والذي كان دمه وراء الإستقلال الثاني الذي سمّاه الشهيد سمير قصير "استقلال ـ ٢٠٠٥".&
بقيت خسارة رفيق الحريري من النوع الذي لا يعوّض، لا في لبنان ولا في سوريا نفسها، حيث شعر النظام بمدى قدرته على لعب دور إيجابي في مجال نسج علاقة طبيعية بين لبنان وسوريا وبين اللبنانيين والسوريين، وبين السوريين أنفسهم، بما يخدم في نهاية المطاف البلدين في آن.
كان الدور الذي يمكن لرفيق الحريري أن يلعبه في هذا المجال سببا كافيا كي تعمل ايران والنظام من أجل التخلص من الرجل الحالم بالعروبة، بمعناها الحضاري أوّلا، وبوضع الوطن الصغير، الذي اسمه لبنان، على خريطة العالم والمنطقة مجددا.
من بين الأسباب الأخرى التي حالت دون تمكن لبنان من التنعم بالحرية، مسارعة ايران عبر "حزب الله"، وهو ليس سوى لواء في "الحرس الثوري"، إلى ملء الفراغ الناجم عن الإنسحاب السوري.
تلا ذلك افتعال حرب مع اسرائيل، كي تعيد الأخيرة، مستخدمة إرهاب الدولة، البلد سنوات إلى خلف.
ثم جاء اعتصام استمرّ سبعة عشر شهرا في الوسط التجاري لبيروت شارك فيه، إضافة إلى ميليشيا "حزب الله" تيار النائب المسيحي ميشال عون الذي باشر باكرا لعب الدور المطلوب منه ايرانيا، خصوصا في مجال تغطية عملية نشر البؤس في البلد. أصبح عون، بكل بساطة، عنوانا للغطاء المسيحي لعملية نشر البؤس في البلد.
في سياق تعداد الأسباب التي جعلت اللبنانيين غير قادرين على الإستفادة من جلاء الإحتلال، موجة الإغتيالات التي بدأت بالصديق والأخ سمير قصير. استهدفت الإغتيالت شخصيات معيّنة يمكن أن تلعب دورا في بناء البلد وتحصين مؤسساته الوطنية والدفاع عنها.
كان مطلوبا في كلّ وقت إفشال التجربة اللبنانية المختلفة التي تمثّلت يوم الرابع عشر من آذار ـ مارس ٢٠٠٥، حين نزل كلّ لبنان تقريبا إلى الشارع لتأكيد أن هناك بلدا يستأهل الحياة.& أكّدت تظاهرة الرابع عشر من آذار أنّه يمكن أن يكون هناك بلد على المتوسط يشكل نموذجا للعيش المشترك بين طوائف ومذاهب وقوميات بعيدا كلّ البعد عن النظام الأقلّوي في سوريا ونتائج ما اسفر عنه الإحتلال الأميركي للعراق.
جاء ظهور تنظيم "فتح الإسلام" السوري في مخيّم نهر البارد الفلسطيني قرب طرابلس كمحاولة واضحة لإيجاد شرخ في العلاقة بين اللبنانيين وإظهار السنّة بأنّهم يمثلون كلّ ما هو متطرّف وأنّ الجهود يجب أن تتركّز على بناء حلف الأقليات الذي عماده النظام السوري. استفاق النظام فجأة على مكان دفن مار مارون، بعدما ارتكب كلّ ما ارتكبه في حقّ الموارنة خصوصا والمسيحيين عموما.
بعد عشر سنوات على الإنسحاب السوري من لبنان، يمكن الخروج بمجموعة من الإستنتاجات التي كان في اساسها هذا التطوّر المحوري على الصعيد الإقليمي.
قبل كلّ شيء، تبيّن أنّ على لبنان الإستمرار في المقاومة من أجل استعادة حرّيته ووضعه الطبيعي ودوره المفترض في المنطقة. هذا الدور ليس وهما، بل هو نتيجة منطقية لصمود اللبنانيين عموما وقدرتهم على المقاومة. الدليل على ذلك أنّ اللبنانيين قاوموا الوصاية السورية وهم الآن يقاومون الوصاية الإيرانية التي لا بدّ من الإعتراف بأنّها نجحت إلى حدّ كبير في تحقيق إختراقات في مجال تغيير طبيعة المجتمع الشيعي في لبنان من جهة والعثور على أداة مسيحية من جهة أخرى.
في ظلّ المقاومة اللبنانية المستمرّة، هناك أمران لا بد من التوقف عندهما. الأوّل أن بشّار الأسد لم يستوعب، إلى اللحظة معنى إضطراره إلى سحب قواته من لبنان. لم يتصرّف من منطلق أن إغتيال رفيق الحريري جريمة في حجم جريمة إجتياح صدّام حسين للكويت وأن عليه القيام بتغيير جذري على كلّ صعيد في حال كان يريد تفادي الوصول إلى مرحلة الرحيل عن دمشق، كما بات مطروحا الآن. فات الآن أوان القيام بمثل هذا التغيير!
تصرّف الأسد الإبن من منطلق أن الإنسحاب من لبنان، يُعتبر ثمنا كافيا للتغطية على الجريمة. تبيّن مع مرور الوقت أن هذا الثمن ليس كافيا وأنّ أقل ما عليه عمله هو الخروج من السلطة. سيحصل ذلك عاجلا أم آجلا. ما نشهده اليوم في الغوطة والقلمون ودرعا وحتّى في احياء تعتبر جزءا من دمشق...وفي حلب وادلب ودير الزور وجسر الشاغور، دليل على أن خروج النظام من لبنان كان بداية خروجه من سوريا أيضا. لم يكن كافيا تسليم لبنان إلى ايران كي يسلم رأس النظام في دمشق.
تستطيع ايران ابقاء هذا النظام على قيد الحياة سنة وسنتين وثلاث واربع وخمس سنوات. تستطيع المشاركة في ذبح الشعب السوري مباشرة أو عبر ميليشيات لبنانية عراقية وباكستانية وأفغانية...كما تستطيع إلغاء الحدود الدولية بين لبنان وسوريا، ولكن في نهاية المطاف، لا يمكن لأحد الإنتصار على الشعب السوري.
كان يمكن لبشّار الأسد أن يبدأ مراجعة حساباته اللبنانية والسورية والإقليمية لحظة إضطراره إلى الإنسحاب من لبنان. كان يُفترض به& إدراك أنّ عليه الإهتمام& من الآن فصاعدا بسوريا والسوريين ووقف الحديث المضحك ـ المبكي عن "الممانعة" و"المقاومة". هذا العنوانان تستخدمهما ايران لتوريط من يحب أن يورط نفسه في لعبة لا تخدم سوى مصالحها مع "الشيطان الأكبر" و"الشيطان الأصغر".
في النهاية، هل كان رئيس النظام السوري يمتلك من القدرات والتواضع ما يسمح له بتقدير حجم الجريمة التي شارك فيها، أو التي وجد من يشركه فيها؟
في كلّ الأحوال، سيبقى تاريخ السادس والعشرين من نيسان ـ ابريل من السنة ٢٠٠٥، تاريخا مفصليا. إنّه تاريخ بدء العدّ العكسي لخروج النظام السوري من سوريا بعد خروجه من لبنان!
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
باقون في لبنان وفي سوريا
صادق -

اتعجب عندما يحاول كاتب كبير قلب الحقائق او انه غير مدرك لمايدور حوله وسابدا من التاريخ لتتوضح الامور للاستاذ الكاتب والقارئ على السواء , العلويين في سوريا من اكثر الطوائف التي وصلت الى حد الاستئصال في التاريخ للاسباب المعروفه والتكفير حتى لجا من بقي منهم الى الجبال الوعره في الساحل اجيال على هذا البلاء وهذا يبقى في الذاكره وهو هاجس الحكم في سوريا هذه حقيقه , يهيجون السنه ويدخل جيش تركي , على هذا دخلت القوات السوريه الى لبنان اساسا لحماية سوريا وحتى لايعيد التاريخ نفسه واناط الاسد الاب للدكتور بشار هذا الملف لاهميته الفائقه , والحقيقه منحت الاقدار وقتا ثمينا للعلويين في سوريا فقد شرع صدام في حربه ضد ايران بدلا من مهاجمة سوريا فحصلوا على عشرة سنوات واخطا صدام في اجتياحه الكويت فحصلوا على عشرة سنوات اخرى وبحماقة بن لادن في نيويورك 2001 حصلوا على عشرة سنوات اضافيه , ساعدتهم العقود الثلاث في ترتيب اوضاعهم وقويت شوكة حلفائهم وترجحت الكفه في لبنان والعراق , اما في لبنان فمعلوم ان الحريري الاب كان واجهه سعوديه , اخذت الصلاحيات في اتفاق الطائف من الرئيس المسيحي واعطوها الى رئيس الوزراء السني واعتقدت المملكه انها سيطرت على لبنان الا ان انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 اظهر حزب الله كقوه كبيره وعجز الحريري الاب في احتوائه وهكذا قامت المخابرات السعوديه على اغتياله في تفجير 2005 [اغتيال الحريري اكبر من قابلية سوريا ولن تجرؤ على ذلك فاما اسرائيل واما السعوديه او دوله غربيه والارجح السعوديه ] لتستفيد من الحادثه الكبيره في استصدار القرار 1701 القاضي بانسحاب القوات السوريه وسحب سلاح حزب الله فاضطرت سوريا للانسحاب وواصل حزب الله صموده فكلفوا اسرائيل بمهمة القضاء عليه في 2006 الا انه كان ملتفتا ونجح في تغيير توقيت الحرب من رمضان وبداية الشتاء الى تموز 2006 ليصمد المدنيين في الصيف وهكذافلت حزب الله من المكائد الداخليه والخارجيه ثم اندار عليهم في 2008 وقضى على ملشياتهم التي جاؤوا بها من سنة قرى الشمال باسم شركات حمايه ثم اكمل ترجيح الكفه في 2010 باسقاط حكومة الحريري بينما كان الحريري وحلفاءه يتامرون في نيويورك لمهاجمة سوريا باسم الربيع العربي والثوره السوريه الممتده تفاصيلها الى اليوم ووصلت الجرأه بالحريري ان ذهب الى العراق يستطلع وزار المرجعيه في النجف وكذلك الى ايران والسيد ار