فضاء الرأي

زلزال النيبال وشهامة العالم الديمقراطي!

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مرة أخرى، وربما مرات، نعود إلى ما كان الغرب اديمقراطي يَبهرنا به من قيم الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، وقد تبين لنا، بالأدلة الباهرة والوقائع المعاشة، أنها موجودة وقائمة وراسخة هناك، وتلتزم باحترامها وعدم تجاوزها الحكومات والأحزاب، وحتى الشركات والمؤسسات غير الحكومية، ولكن لمواطنيهم وحدهم. وفي حالات معينة هي لمواطنيها الأصليين وليس للمتجنسين من أبناء الهجرات الخارجية.&

ولكن دول الحرية والديمقراطية والعدالة، أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، تحديدا، لا يهمها، دائما، أن تسود الحرية والديمقراطية والعدالة خارج حدودها أو لا تسود. وفي أحيان عديدة تغمض عيونها عن انتهاك تلك القيم في سجون الحكام أو بالذبح بالسكاكين أو بصواريخ الجيوش النظامية، بل إنها تفرح وتصفق لمن يدوس عليها ويقمعها حين تقتضي ذلك مصالحُها السياسية والاقتصادية الحيوية العليا.&

وكثيرا ما قدمت حكومات غربية عريقة في الحرية والديمقراطية والعدالة حماية ورعاية لقتلة ذباحين، أو لحكام مختلسين هاربين لفظتهم شعوبهم، بمزاعم وذرائع مختلفة لتبرير هذا النفاق والانحراف.

والغريب أن هذه الانتهازية الأخلاقية والسياسية لا توجد لدى الحكومات وحدها، بل هي متوفرة لدى المواطن الغربي نفسه. فهو في الوقت الذي يسميت فيه في التمسك بحرياته كاملة والدفاع عنها لا يتورع عن إعطاء صوته في الانتخابات، بحماس وثبات، لحكام يعرف جيدا، ويرى ويسمع ويلمس لمس اليد، أنهم، خارج حدود بلادهم، قتلة وجزارون وممولون للإرهاب ومصاصو دماء شعوب. ولا يعجز هو أيضا عن إيجاد المبررات، والتذرع بأولوية المصالح الوطنية العليا على المباديء والأخلاق.&

تقوم الدنيا ولا تقعد إذا تنصت جهاز أمن أو مخابرات على هاتف مواطن دون أمر من قضاء. وتلتهب أجهزة الإعلام جميعها حين يقتل شرطيٌ مواطنا، حتى لو بالخطأ غير المقصود. وتتشاتم الحكومة والمعارضة، وتتشابك أيدي نواب البرلمان، بسبب جريمة اختلاس بطلها وزير أو نائب أو مدير، حتى لو كان المبلغ المختلس لا يتعدى الألوف. أما خارج بلادهم فهم يرفعون سيوف الحريات وحقوق الإنسان، في زمن، ويغمدونها في زمن آخر. يُسقطون بها (س)، وينصرون بها (ص). لا تصحو حميتهم وغيرتهم على دماء الأبرياء إلا حين يُختطف أو يُذبح واحد من أبنائهم. عندها ودون انتظار، تغير طائراتهم غاضبة مجلجلة هادرة تصب أطنانا من القنابل الحارقة على مواقع القاتل أو المختطِف ومخازن سلاحه، دفاعا عن العدالة وانتقاما للمبادي الإنسانية السامية.&

ولكنهم يتشاورون، ويتبادلون الأفكار، ويتدارسون الحلول، ويخرجون من مؤتمر ليدخلوا في مؤتمر، ومن اجتماع إلى اجتماع، أياما وأسابيع وشهورا وسنوات، ودماءُ الرجال والنساء والشيوخ والأطفال تتدفق، في هنا وهناك، حول العالم، وأشلاء القتلى، بمئات الآلاف، تتبعثر بين أنقاض البيوت المهدمة، إذا كانت المصالح تريد ذلك.

يقتلون داعشيين في (عين العرب)، وعلى حدود أربيل، وفي الموصل، وتكريت، والرمادي، بلا هوادة، بأطنان القذائف والصواريخ، ثم يتركونهم في سوريا وليبيا يصولون ويجولون، ويتسلحون ويتمولون، بحرية وأمان.

يعمَـوْن تماما عما يرتكب فرسان مليشات الحشد الشعبي من ذبح وحرق وتهجير ونهب في المدن التي يدخلونها بعد أن تخرج منها داعش، وتصمت أجهزة إعلامهم عنها، إلا قليلا يتناثر هنا وهناك في بعض أجهزة الإعلام الغربية، لرفع العتب.

إنهم يسكتون عما ترتكبه إيران، علنا، في العراق وسوريا واليمن والبحرين وفلسطين ولبنان، ومع سبق الإصرار والترصد، من عبث بأمن الشعوب، وتخريب لحياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأمنية، كدولة محتلة وغازية بمفهوم القانون الدولي. بحجج وذرائع ليس لها نهاية.

والأغرب من الغرابة صمتُهم عما يرتكبه نظام الملالي بأهل إيران نفسها من تكميم للأفواه، وتقطيع للأيدي والألسنة والرقاب، بما لا يختلف عما تفعله داعش من جرائم وموبقات.

وفي سوريا، من أربع سنوات، تتساقط البراميل المتفجرة، ويستخدم بشار كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا على المدنيين، وترسل إيران مقاتلين من حرسها الثوري، ومليشات لبنانية وعراقية تابعة لها لمؤازرة الحاكم الذي صنفه أغلب رؤساء أوربا وأمريكا، والأمم المتحدة، بأنه فاقد لصفته (البشرية)، وقادة الدول الغربية القادرة على ردعه وعقابه يرون ويسمعون ويطنشون.

وفي ليبيا، وكل أخبارها تصلهم بانتظام يوما بيوم، وساعة بساعة، تموت الناس وتتمزق الدولة وتتحول ليبيا إلى ماكنة لتفريخ القتلة والجزارين، ولا يتحركون. ويصرون على ضرورة الحوار، والحل السياسي، لإنهاء (المشكلة). وكأن الذي حدث في ليبيا مجرد اصطدام سيارة بأخرى، أو عراك بين عابريْ سبيل. بعبارة أوضح. إنهم يريدون منا أن نستمر في الجدل العقيم إلى يوم القيامة، هل الدجاجة من البيضة، أم البيضة من الدجاجة؟!.&

إن مناسبة هذا الكلام المحزن هو (الفزعة) الساخنة الغربية لنجدة ضحايا زلزال النيبال. تابعوا معي قنوات الغرب الديمقراطي. راقبوا معي CNN وBBC وتغطياتهما المستمرة المتلاحقة لتفاصيل الكارثة.&

طبعا لا يمكن لأي منا إلا أن يحزن جدا لهذه المصيبة وأمثالها، أينما حدثت، ولأي شعب، وفي أية بقعة أرض في هذه الدنيا الواسعة. ولكن زلزال النيبال جاء ليقول لشعوبنا، أكثر من غيرها من الشعوب المبتلاة بالكوارث، إن دول الغرب الديمقراطي منافقة من رأسها إلى أخمص قدميها، حين نكتشف أن مجمل ضحايا الزلزال ألفان وخمسمئة إنسان، فقط، ومجموع القتلى المدنيين غير المقاتلين في سوريا زاد على مئتي ألف، وفي العراق قدر بمئات الأولوف، وفي اليمن بعشرات الألوف، وفي ليبيا بالألوف. أما الأسر الآمنة التي تهرب من مواقع جرائم العصابات وجيوش الحكام القتلة ومليشياتهم، وتهيم ضائعة بأطفالها ونسائها وشيوخها في البراري والأودية والجبال فمئات الألوف، والعالم الغربي الديمقراطي، والأمم المتحدة، و BBC وCNN ترى وتسمع ولا تتكلم.

فيا لرقة قلوب الزعماء والأحزاب وهم يتسارعون إلى تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لضحايا النيبال، وقنواتهم تتسابق لتصوير هذه المساعدات ومتابعة جهود الإنقاذ، وعلى مدار الساعة. إنها شهامة بحجم الفضيحة، أو بطعم الصفاقة. ولله في خلقه شؤون.

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
واين شهامتكم
omar -

في حماية الناس الفقراء لماذا لا تستقبل الدول العربية الغنية أللاجئين اللذين يهربون من دولكم الى العالم الكافر كما تدعون ،وأنتم تدعمونهم فقط بالسلاح القاتل والأفكار الهدامة فيا لرقة قلوب العرب والمسلمين !

أنتم أ
فول على طول -

لماذا تلومون الغرب فى كل نواحى حياتكم ؟ ماذا تريدون من الغرب بالتحديد ؟ تكرهون الغرب وتدعون علية ليل نهار وتتمنون زوالة وتفجرونهم فى عقر دارهم وفى نفس الوقت تطلبون مساعدتة وتلومونة ؟ أى نفاق هذا وأى كراهية هذة ؟ نعم من حق الانسان الغربى أن يهتم بالداخل أكثر من اهتمامة بالخارج وما العيب فى ذلك ؟ لماذا لا تهتمون أنتم مثلهم ؟ أنتم تصنفون البشر حسب أهواءكم ومعاييركم العوراء والعرجاء ...هذا كافر وهذا ذمى وهذا نؤمن ..وهذا بعثى وهذا داعشى . دواعش سوريا تسمونهم مقاومة شريفة ودواعش اليمن تسمونهم ارهابيون ودواعش بوكوحرام لا تنطقون بأسمائهم لأنهم يقتلون الكفار ... أنتم جميعا منافقون وقتلة . أين عاصفة الحزم ؟ ولماذا لا تحزم أموركم فى ليبيا أو سوريا أو العراق أو أو ؟ يا رجل كفاكم . ثم أن المتضررين فى نيبال بفعل الطبيعة يستحقون المساعدة وما العيب فى ذلك ؟ أما المتضررين فى اليمن أو سوريا أو العراق فهى بفعل أيديكم وأقلامكم وأفكاركم ..اذن لماذا تلومون الغرب ؟ ألا تتعبون ؟ .. . كفى كفى .

نجدة ضحايا الزلزال
عبدالله -

سارعت ثماني دول على الاقل عربية واسلامية لنجدة ضحايا زلزال نيبال منها السعودية والكويت وقطر والامارات والجزائر والباكستان وماليزيا وتركيا

ان الموضوع ليس سياسي
غيث -

في الزلازل والتسونامي تكثر الاوبئة والامراض الانتقالية . فعندما تتدخل الدول العظمى ليس لسواد عيون هذه البلدان الفقيرة وانما خوفا من ان تنتقل الامراض الى الغرب كما حدث في مرض الايبولا في افريقيا وكيف ان امريكا تحزمت وحاصرت المرض داخل افريقيا . بالاضافة الى ان هناك اتفاقيات وبنود في منظمة الصحة العالمية تلزم هذه الدول بالمساعدة . فلا اعتقد ان الموضوع سياسي بحت . مع التحية

Iraq
Iraqi -

هذا حال اغلب المسلمين يجلسون ويدعون الغير لحل مشاكلهم.انهم يدعون الله في كل شيء ايجابا وسلبا فهم يدعونه لرزقهم المال الكثير وليشفي مرضاهم وليفني عدوهم ويزوجهم بذات الجمال ويربحهم بكرة القدم وليقطع نسل عدوهم ويدعون على ايران لتنهدم واسرائيل لتزول وامريكا لتحترق يطلبون كل هذا وهم جالسون على قفاهم يلومون القدر والزمان والحظ الاعوج لان مطالبهم "البسيطة" لم تتحقق. سؤالي الاول ماذا سيكون لو استغل هؤلاء ربع هذا الوقت للعلم والعمل ؟ سؤالي الثاني الايعتبر الدعاء الى الله بمثابة وسيلة ضغط عليه وانقاص من قيمته وعلمه ورحمته؟ اليس هو يعلم مالاتعلمون؟ ان تذكيركم له بامنياتكم الحسنة والبغيظة وسلسلة مطاليبكم كل دقيقة الا يعتبر دليل على انكم لاتثقون بقدراته وعدالته؟ ...مجرد راي.

قل ..ولا تقل !
مسلمون ! -

كان بودي أو ينبغي عليك بان تكتب عنوان مقالتك هذه هكذا ..زلزال النيبال وشهامة العالم ( الغير المسلم ) ..مع احترامي لشخصكم ..

Tried but failed
Salman Haj -

The responsibility of creating liberal democratic ocieties under the banner of freedom, liberty, justice, and equality under the law, in Arab and ISLAMIC countries is the responsibility of Arabs and Muslims. Liberty, freedom, justice and rule of law can''t be imposed from the outside . .. Americans tried to impose these values in Afghanistan and iraq and failed miserably after spending two TRILLION dollars and much life and blood. The west succeeded in east Asia and India because their cultures and system of ideas were receptive to Western values regarding conditions that respect the dignity of each human individual human. Not so in Arab and Islam. .. It is about time to stop blaming the West,mand start taking care of their own selves. . Regards

لهؤلاء نقول موتوا بحقدكم
,,,,,,,,,,, -

يبدو ان بعض القراء لم يفهموا قصد الكاتب او فهموه وعاندوا واستغلوه من اجل التنفيس عن احقاد دينية ونفسية وتاريخية لديهم ضد الاسلام والمسلمين ونحن نقول لهؤلاء موتوا بحقدكم السرطاني

الى صاحب النقاط( 8) !
قريشي -

لعلمك انه في الثلاثينات من القرن المنصرم عاد الحجاج المصريين الى بلادهم بعد اداءهم الحج وهم مصابون بالطاعون ولولا اتصال الملك المصري برئيس الحكومة البريطانية حيث طلب منهم انجادهم بالمصل الشافي من المرض فان الوباء سوف ينتشر في كل مصر والدول الاسلامية المجاورة فارسلت بريطانيا فريقا طبيا مجهزا بالمصل الواقي والشافي من المرض بطائرة خاصة وتوقفت الطائرة في مطارين للتزود بالوقود لان طائرات ذلك الزمن لم تكن متطورة مثل الان واخيرا هبطت الطائرة في القاهرة وامكن انقاذ مصر والمصريين من خطر الابادة فمن هو الشهم ايها المسلم ؟! ..

Not supported by observation and facts
Salman Haj -

8.لهؤلاء نقول موتوا بحقدكم,,,,,,,,,,,-GMT 11:43:45 2015 الأربعاء 29 أبريليبدو ان بعض القراء لم يفهموا قصد الكاتب او فهموه وعاندوا واستغلوه من اجل التنفيس عن احقاد دينية ونفسية وتاريخية لديهم ضد الاسلام والمسلمين ونحن نقول لهؤلاء موتوا بحقدكم السرطاني - .... ..... If kafirs have been wasting their times and energies on hating Muslims and Islam for religious, psychological, and historical reasons, as the commentator claims otherwise, the kafirs would be as backward, uneducated, and in a state of turmoil as Muslims and Islam are.. .. As rain falls on all without discrimination, Allah loves all without discrimination. The type of land and the mentality of the people detrimnes the outcome of the rain and blessings of Allah. Regads