فضاء الرأي

أدونيس وعبد القادر الجنابي نموذجاً

الضفة الاخرى: تأثير الشعر الاوروبي في الشعرية العربية

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

&

1. استلهم الادب العربي الاشعاعات الكونية للادب الغربي ( الاوروبي والامريكي ) في الشعر بشكل خاص، حيث قرأ جيل الرواد التجارب الطليعية للشعر الغربي. فمع ت. س. اليوت، ازرا باوند، اديث ستويل، شلي واخرين بان بداية التحول في الشعر العربي بان التأثر والتاثير الذي حدث بشروط موضوعية وغير موضوعية كما سنذكر فيما بعد وحسب تصريح السياب في اذاعة B.B.c في نهاية الخمسينات انه تساءل لماذا لاتكون لدينا قصائد مثل قصائد شلي. والشعر الحر هنا، تسمية او ترجمة خاطئة لشعر التفعيلة، فالشعر الحر كتب فيما بعد مع جيل الستينات والسبعينات الذي مد سعدي يوسف ظله عليه بينما مد ادونيس ظله على جيل الثمانينات في العراق بشكل خاص.... ففي الستينات ومع جيل الوجودية التي انقسمت الى وجودية كامو وسارتر الفرنسية ( الوجودية الفرنسية ) ووجودية النازي هيدغر(االوجودية لالمانية، يتسائل الكثيرون كيف يمكن لكاتب كتاب الجودية والانسانية ان يكون نازيا منظرا للمحارق ) كذا يمكن التساؤل..،، فمع جيل الوجودية والعدم بكل تاثيراتها السلبية والايجاتبية في التمرد كموضة خلاقة سلبية لان التمرد الحقيقي والثورة الفكرية الحقيقية جاءت مع الدادائية والسريالية كما نظر للثورة الشعرية الفكرية ( والفنية الادبية ) ولم تظهر لدينا لوحات تشكيلية سريالية كتيار تستلهم مذهب اندريه بريتون على قدم المساواة مع الثورة الشعرية. ومع الريادة الشعرية لنازك الملائكة السياب البياتي بلند الحيدري محمود البريكان الذي ظل يجرب وكتب القصيدة النثرية اضف اليهم صلاح عبد الصبور. ثم لاحقا ادونيس الذي كتب ( اغاني لمهيار الدمشقي 1961) وسعدي يوسف الذي كتب ( الاخضر بن يوسف ومشاغله بداية السبعينات ) ثم جيل يوسف الخال كامتداد طبيعي لجبران خليل جبران والت وايتمن والمدرسة الفرنسية في الترجمات فيما بعد الامر الذي جذب ادونيس ( علي احمد سعيد ) ثم ظهرت قصيدة الموجة لمحمد الماغوط الذي جذبه ادونيس الى مجموعة الشاعر يوسف الخال وهو يكتب نثرا مركزا مثل الريادة الحقيقية لحسين مردان في العراق الذي لم يذكر اسم قصيدة النثر بل النثر المركز.&

وعلى العكس مما هو شائع فان ثقافة السبعينات هي الاكثر جدية من جيل الستينات المتمرد ذلك ان جيل السبعينات لاسيما العراق انفتح على الترجمة والمنغى فكريا في البلاد العربية نتيجة التحولات الاجتماعية السياسية الثقافية والطفرة النفطية ( لاسيما التحول في العراق ولبنان في الشعر ومصر في الرواية ) خاصة في الشعر مع ترجمات الترجمات الاولى لبودلير، رامبو ولوثر يامون فيما بعد، وسان جون بيرس وكتب الشاعر كاظم جهاد كتابا عن تاثيراته في شعر ادونيسن مالارميه وفاليري ثم لاحقا ريلكه ووايتمن ترجمه سعدي يوسف فيما بعد كذلك ثم بانت الاشعاعات الشعرية الفكرية للدادائية والسريالية حين دخلت بيانات اندريه بريتون والدادائيه لكرستيان تزارا الذي رفض الانضمام الى المجموعة السريالية.. على اية حال كان ثمة اراغون وبول ايلوار واخرين حيث انفتحت حركة الترجمة. لقد ادخلت التحولات في البلاد العربية مفهوم اللامعقول في الادب ومدرسة العبث تحت التاثيرات الكونية بشروطها الموضوعية وغير الموضوعية ( لان التعصب السياسي او الايدلوجي كان حجابا فكريا احيانا ) نتيجة الاضطرابات السياسية او التحولات الفكرية المضطربة ثم ظهرت ايضا كتابات عبد القادر الجنابي انسي الحاج سركون بولص فاضل العزاوي ولاحقا من الاجيال اللاحقة خالد المعالي كاظم جهاد وحسن عطيةالنصار ( يكتب بالايطالية ) وجويس منصور وبول شاؤول واخرين في التجريب الشعري الحداثي- المفروض اعداد قائمة امينة نوعا ما بهم -. كما وظهرت من جانب اخر ترجمات الادب الروسي بوشكين باسترناك، ديستوفسكي ومكسيم غوركي..، لقد انتهت حالة التجييل الشعرية في العراق الان فليس ثمة جيل التسعينات في التقليد الادبي العراقي كالمعتاد الان وقد سادت الامية الثقافية مع قتل المثقفين وقتل الترجمة اذ انفرطت القلادة وهاجر غالبية المثقفين الى المنفى.

2. ينتمي الشاعران ادونيس وعبد القادر الجنابي الى تيارين متضادين كالجرح في الرؤية الادبية والسياسية لكنهما يلتقيان كروحين في تحديث الروح الشعرية للقصيدة العربية وبقراءتهما العميقة للتراث الاروربي والشعرية الغرنسية بشكل خاص. اذ انهما ظلا مسكونين بالشعرية ويكدحان لتحديث القصيدة العربية كل على طريقته.... فكريا في الشكل والمضمون. ان موسيقى القصيدة اللغوية العربية الصاخبة مرت الى مثواها هنا ومرت مثل شبح غريب بمراحل وواكبت نكبات التحولات الاجتماعية السياسية الثقافية وظلت مركونة في مرآة التحديث الشعري، ظلت في زاوية ميتة داخل مصباح علاء الدين السحري. جربت الشعرية العربية منذ الملائكة والسياب البياتي والبريكان وبلند حظهما في التجديد وفي الثورة الشعرية الحقة. سائرة و مؤصلة الوعي الشعري الاوربي المتضارب في الشعر العربي. اذ ليس من السهولة بمكان الحديث عن الناثير المعرفي الشعري الغربي بالشعر العربي مثلا هنا في شعر وقصائد كل من ادونيس وعبد القادر الجنابي دون شرطه الموضوعي الاصالة والازاحة الفكريتين. لان حضور التجارب الغربية كتراث انساني في شعرهما الحديث حدث بشروطه رغم حضور التكوين المعرفي والشكلي للقصيدة الكونية او العالمية.

ان التاثر والتاثير لهما شروطهما الموضوعية التي هي اولا انهما يحدثان بين العقول المتكافئة مثل قراءة ريلكة لبول فاليري في ( المقبرة البحرية او ديوانه قصائد ساحرة وترجمته له - اخذ جهد ثلاث سنوات ) - وثانيا التاثر والتاثير بين النصوص يحدث كازاحة كونية بعد تامل واختمار التجربة او كما في النظرية النسبية. ان الازاحة العلمية هي نفس قانون الطفرة النوعية بعد تراكم الكم وتاتي بعد تمثل وتامل ثم ياتي التاصيل الفكري. اي التنشابه في الاختلاف. وهذا ماحدث في الاسلوبية الشعرية عند كل من ( ادونيس ) و ( عبد القادر الجنابي ) كما في قصيدته ( الطيف العائد) حيث يصبح الموت تاريخ ومراة الشاعر تأريخ الكائن- القصيدة هي الموضوع - الامر الذي يشبه قصيدة الفكرة الباهرة او القصيدة الذكية اذا صحت التسمية وفيها يتجسد (العود الابدي) للفيلسوف نيتشه وليس قانون العود الابدي للتاريخ الذي يدحظه ميلان كونديرا في روايته ( كائن لاتحتمل خفته او خفة الكائن اللامحتملة ) قلنا نظرية العود الابدي وليس قانون لان النظرية قابلة للدحض وقابلة للاثبات اذا ثبتت صارت قانونا او قوانين كقوانين سقراط عند افلاطون او قوانين ( الارغنانون لارسطو ) كضابط للمنطق كعلم لان المنطق قانون يعني العقل بينما البيان اقرب للسفسطة منه للعلم ويمكن التاويل والتفسير. وذلك مالا ينطبق غلى القصيدة الدائرية او المدورة العربية التي جربت حظها الشكلي في السبعينات وجربها عبد الرحمن طهمازي وعلي جعفر العلاق وحتى دشنها سعدي يوسف. القصيدة التي اعتنت بالشكل بالمنطق الشكلي للقصيدة. ان الاختراق الروحي - الشكلي في بيئة القصيدة عند الشاعرين اتى بعد تمثل للشعرية الغربية، كوعاء كوني ( كسمولوجي ) مناخ عالمي حدث كطفرة لشعراء مابعد الرواد، اي الانطلاق نحو فضاء النص المفتوح، فضاء التجريب الرمزي برموزه المفتوحة.

فمثلا ليس من السهل القول بعدم وجود تاثيرات علمية على فكرهما وشعرهما في تحولاته فهما يكتبان كشاعرين مفكرين وبينما ادونيس يكتب الشعر كمفكر وشاعر تحولات،كمفكر يكتب شعرا، يكتبه عبد القادر الجنابي كشاعر ومفكر. وكلاهما ترجما عن الفرنسية قوة شعريتها ترجمة عالية وعن لغات اخرى وهنا فهما مفكران يحوزان الفليلوجيا او فقه اللغة اللغة الخبرة والتجربة من الضفة الاخرى.

ان ليس من السهل القول بتاثر ادونيس بسان جون بيرس او رامبو او ابن عربي او النفري في تجلياته الروحية وموسيقاه الشعرية - كذا سعدي يوسف - كذلك عبد القادر الجنابي لكن الاصح، ان التاثيرات هي ازاحة علمية حقيقية وهذا يعني تطويرا للقصيدة العربية ومن الواضح بمكان ان الشاعر عبد القادر الجنابي ذهب الى السريالية كشاعر مفكر واشبعه تمردا مع جويس منصور، وظل مخلصا ليس ايدلوجيا وانما امتص نسغ المذهب السريالي الذي وجد نفسه فيه كفكر غرائبي عجائبي يريد بفكرة الصدمة - الخلق ان يوقظ ويطور الحلم الحلم: الروح الشعري....، لقد جذبه مغناطيس السريالية التي بواسطة الصدمة او الدهشة تريد العودة بالفكر الشعري. الاحرى العقل الى منابعه الاولى. فالغرائبي انما يقتنص صورا فريدة تاتي لايقاظ الدهشة فينا، اننا نقول نحن هاهنا نوجد بتلقائية كما في الكتابة الالية لاندريه بريتون او الخربشة الطفولية هي النبع الصافي اي الحلم وليس الوعي او اليقظة. ان بامكان القارئ لشعر الشاعرين ادونيس وعبد القادر الجنابي ان يجد الروح الشعرية الغربية لكن بهيئة اخرى في ( المختلف انما هو المتشابه ) اي الاختلاف. ان فكر الاختلاف الذي كتب عنه ادونيس في كل كتبه سيجد صداه عند جيل الثمانينات الذين قرؤا رامبو مثلا ليس من الفكر الام بل من خلال ادونيس وهكذا. لاننس ان كليهما ضابطان للقصيدة الكلاسيكية وقصيدة التفعيلة ومواكبان لجيل الريادة المجنون. الملائكة والسياب البياتي والبريكان وبلند...... ثم جاءت صدمات بودلير ورامبو وفاليري ثم تدفق - السابق والت وايتمن معاصر او سابق لبودلير فبينما كتب هو اوراق العشب كتب بودلير ازهار الشر - ثم نثرية سان جان بيرس - ليوجدا بهيئة اخرى: ( اذا اردت ان تتبعني فانكرني ) ابو حيان التوحيدي اي اختلف عني فكريا بعد ان تمثلت هذا المغزى الصوفي العميق في التشابه. ان ادونيس اراد ان يجد في غرائبية السريالية اساسا نوعيا في الصوفية العربية وحاول ان يؤصل الوجودية على طريقته الصوفية، لينكرها.&

ان التاثر والتاثير هو مستويات القراءة كقراءة افلاطون لسقراط. او ارسطو لافلاطون وهكذا ننتقل الى القوة المعرفية في النصوص، الاشعة المعرفية التي تتحول الى اشراقات روحية بعد التجربة.&

- مستوى التاثير، التاثير هنا يساوي التمثل المعرفي. عبر الانفتاح الفكري. يقظة فكرية التي هي: تيار الوعي في التحديث الشعري العربي. ان رؤيوية ادونيس هي رؤيوية الوجد الصوفي في اكتشاف الحقيقة، بينما رؤيوية الجنابي رؤيوية الوجد السريالي في اكتشاف الحقيقة عن طريق اخر يمكن القول الغرائبية السريالية والغرائبية الصوفية - الصوفية هي مثل جمل او كلمات الحلاج او النفري وابن عربي عبارة مقتضبة بهيئة لمحة او ( لمح فكرية او هنيهات روحية ) هي: عبارة ضيقة تكشف واسعا. ( اذا اتسعت الرؤية ضاقت العبارة ) النفري. لقد اصبحت لدى ادونيس شعرية... حاول ان يحول من خلالها السريالية ويمزجها في كيميائه بالمزيج الغربي، يمزج تمرده بالصوفية كذا فعلت الشعرية العربية بينما ناى عبد القادر الجنابي بسرياليته عن ذلك عن تلك الكيمياء وردها الى منبعها مصدرها كحركة عالمية وكتب متحررا. كما لو ان الرؤية السريالية هي صافية عنده وعليه بعد ان تمثلها وآمن بها ان يؤصلها على طريقته الخاصة. الحدة والدقة في قصائد الجنابي تناسبان الصدمة وتصطفان معا الى جانب الغرائبية بالاحرى العجائبيةالتي تريد ايقاظ الدهشة لكن ماهي الدهشة. انها الفكرة الصافية البدهية الصافية، الاكتشاف. السريالية انها قصيدة اللامعنى انها اساس قصيدة ( اللامعنى ).

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف