العراق: الجيوش البديلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يمض على انهيار الجيش في الموصل عام حتى انسحب من الرمادي لتحتلها داعش. وإذا كانت المباغتة سبباً يبرر ما جرى في نينوى، فلا وجود للمباغتة في الانبار. وفي الحالتين، لم تنقص الجيش العدة والعدد إذا ما قورن بجماعة داعش الارهابية. حتى الفرقة الذهبية، المعروفة بتجهيزها العالي وبسالة جنودها، انسحبت من الرمادي.
بالتأكيد إن غياب الداعم والظهير المجتمعي عامل ضعف للقوات المسلحة، فهي موجودة ضمن بيئة رافضة. يتحمل الجيش جزءا كبيرا من مسؤولية الاضرار بسمعته، بسبب سلوكيات معروفة ساهمت بفقدانه لغة تواصل مع الشارع السني. والمسؤولية الاخرى تلقى على عاتق العقلية السياسية العراقية التي اخذت المؤسسة العسكرية الى مهمة طائفية، سواء في هذا الزمن أو السابق. وأما المسؤولية الثالثة التي لا تقل أهمية عن السابقتين فتتحملها القوى التي هرّجت وصعدت وحرّضت على الجيش، ما خلق موقفا عاما معارضا وكارها، وذلك لأغراض طائفية وسياسية وفئوية معروفة.
بالتزامن مع هذه الانتكاسات، طرحت الخدمة الإلزامية كضرورة تعيد للجيش عقيدته العسكرية. فكرة لا تصمد كثيراً أمام التاريخ القريب. مثلا، فرق الاعدام التي وقفت خلف القوات العسكرية في حربي الخليج الاولى والثانية، وحدها ما منع تفككه حينها، وليس الولاء. فالجيش هو انعكاس لشعبه، وهناك مشكلة عميقة داخل المجتمع العراقي. الولاء مأزق يعاني منه العراقيون، دائما هناك فكرة ما وراء الوطن يؤمنون بها قبل الوطن. الطائفة السنية للأمة الكبيرة المتمثلة بالاسلام او العروبة، والشيعية لهوية خاصة متمركزة حول ايقونات تاريخية. ولم يستطع المتصارعون حول الوطن ان يكونوا عقداً اجتماعيا يؤسس لـ"الوطن المصلحة" الذي يدافع عنه ابناءه حماية لوجودهم ومصالحهم.
البديل هو جيوش تمثل الهوية الأساسية، الشيعية والسنية فضلا عن الكردية. هي القناة التي ينظر للوطن من خلالها، وليس النظر اليها عبر قناة الوطن. فالطوائف لا تنظر لطوائفها عبر العراق، بل تنظر إليه بمنظارها المذهبي او القومي الخاص. وعلى هذا؛ فهي تبحث عن ما يحقق هذه الرؤية، اي القوة التي تحكم القبضة على تشكيل الوطن بمقاساتها. وهذا طبيعي، في ظل تراجع فرص نمو جيش وطني، وفي ظل فشل عراقي مستحكم يمنع أن يكون الجيش حاميا للوطن، وليس للنظام، كما في السابق.
الجيوش البديلة، الموجودة كالبيشمركة وفصائل الحشد الشعبي، أو المقترحة كالحرس الوطني او قوات العشائر، هي جيوش اكثر التصاقا بالمجتمع، اكثر قدرة على تمثيل تطلعاته وهويته. وهي بالنهاية جيوش اكثر كفاءة في الدفاع. كما أنها لا تنطلق من منهجية الخدمة الالزامية التقليدية، بل خدمة الزامية من نوع آخر لا يعتمد على تدخل الدولة، بل على توظيف المقدس والانتماء. فأغلب الموجودين في الحشد الشعبي جاؤوا تلبية لنداء المرجعية بحثا عن رضا الله، او جاؤوا بناء على انتماءات سابقة كما في شبان التيار الصدري الذين يعملون تحت راية "سرايا السلام".
ويبدو أن الامريكيين يعملون على هذه النقطة بشكل جدي. ربما لأنها أكثر واقعية، او بحثاً عن أهداف ستراتيجية معينة. لكن اظن بأن فشل انشاء جيش وطني بفعل غياب المجتمع الوطني، والاحزاب الوطنية، سبب كاف لقناعة الوصي الامريكي بوجود هذه التشكيلات. ولأن الحشد الشعبي يسعى لتفسير العراق شيعيا، وهذا ما لا يرضي الامريكيين، فإنهم يعملون على تدعيم قوى مسلحة سنية ودعم البيشمركة الكردية لمنع ذلك.
ان هذه التشكيلات تأتي دائما على هامش الفشل الوطني، الانقسام المجتمعي الحاد، مع وجود عدو خارجي او نزاع داخلي. الجناح العسكري لحزب الله في لبنان و"مشروع" الجيش الحر في سوريا، يمثلان نموذجين لهذا الفشل والانقسام فضلا عن ضعف المؤسسة العسكرية أو عدم الثقة بها. وفي أحيان تقوم السلطات المركزية بذلك، عندما تبحث عما يعزز ثقتها بقوتها، او حين لا تمتلك ثقة كافية بالمؤسسة العسكرية. ولذلك قام نظام صدام حسين بتشكيل الجيش الشعبي، باعتباره قوة تمارس الدور الرديف الذي يحتاجه.
فهذه الجيوش "الواقعية"، تمثل النتيجة الطبيعية لانقسام مجتمعي، وهي في الوقت ذاته تنتج أحد خيارين؛ امام خضوع طائفة لأخرى، أو تقسيم البلدان وامتلاك كل جزء لقوته الخاصة. أو انها ستكون مرحلة انتقالية يعاد بها تشكيل الأوطان. الاحتمال الأخير الأفضل لوحدة الاوطان ومنع ظهور رسمي لدويلات مذهبية، الا انه يستدعي، قبل كل شيء، عدم الاستستلام لمشاريع التقسيم.
&
التعليقات
إلى من يهمه الأمر
ن ف -رغم أني أتلهف شوقاً لقراءة مقالات الكاتب القيمة، إلا أنّني أتردد في التعليق عليها أحياناً وذلك لسقم الأوضاع في بلدنا. أقول، لم يكن الجيش العراقي يوماً مؤسسة تدافع عن البلد، بل على العكس تماماً.. كان وما يزال أداة في يد الأنظمة التي تحكمنا. نعم، لقد كان الجيش العراقي في زمن الديكتاتورية نظامياً ومهنياً، إلا أنه دافع عن ((حزب البعث)) وعن شخص الديكتاتور تحديداً، كما أستخدمه النظام لقمع المعارضة في الداخل أيضاً. أما اليوم فالجيش العراقي يدافع عن طائفة بعينها. وكم هو مضحك اسم ((الحشد الشعبي))؟! ألا يذكرِكم بـ ((الجيش الشعبي))؟ كان الجيش الشعبي عين النظام البائد في الداخل وأداة لمقاتلة ((الفرس المجوس)) على الحدود! أما الحشد الشعبي، فهو أداة النظام الثيوقراطي في الداخل والداخل! أداة قمع و قتل في آن واحد. كيف يُفسر لنا أولي الألباب خروج شاب في مقتل العمر من احدى الجامعات وذهابه إلى محافظة ثانية وقتل مجموعة من المدنيين العُزّل ((من أبناء جلدته)) والعودة إلى مقاعد الدراسة في غضون أيام؟ يبدو أن القتل ((في بلدي)) أصبح حرفة! ومَن يدري، ربما سيكون لها جمعية في قادم الأيام.
فرق موت
حمد -الجيوش البديلة لعنة على العراق كما هي حزب الله لعنة على ايران! ولاءها ليس للوطن وإنما الطائفة و العشيرة- و خراب العراق هو بالضبط بسبب ان الأمريكان اعتمدوا على مثل هذه الجيوش الاجرامية....
الوطن البديل
shehrzad -فالجيش هو انعكاس لشعبه، وهناك مشكلة عميقة داخل المجتمع العراقي. الولاء مأزق يعاني منه العراقيون، دائما هناك فكرة ما وراء الوطن يؤمنون بها قبل الوطن. الطائفة السنية للأمة الكبيرة المتمثلة بالاسلام او العروبة، والشيعية لهوية خاصة متمركزة حول ايقونات تاريخية. ولم يستطع المتصارعون حول الوطن ان يكونوا عقداً اجتماعيا يؤسس لـ"الوطن المصلحة" الذي يدافع عنه ابناءه حماية لوجودهم ومصالحهم.
الوطن البديل
شهرزاد -فالجيش هو انعكاس لشعبه، وهناك مشكلة عميقة داخل المجتمع العراقي. الولاء مأزق يعاني منه العراقيون، دائما هناك فكرة ما وراء الوطن يؤمنون بها قبل الوطن. -
الجيش العراقي
Rizgar -جرائم ارتكبت من قبل الجيش العراقي : 1- جريمة انفال ثمانية الاف برزاني اختطفوا من مناطق سكناهم عام 1983 و اختفوا منذ ذلك الوقت و تبين انهم قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية و قد عثرعلى رفاتهم في في مقابر جماعية في اربيل و السليمانية و نقرة السلمان .. 2- جريمة قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية و التي أدت الى استشهاد اكثر من خمسة الاف انسان دفن معظمهم في مقابر جماعية . 3- جريمة الانفال من عام 1987 الى 1988 حيث شنت حملات عسكرية استخدمت فيها الاسلحة الكيمياوية و التي أدت الى استشهاد 182 الف انسان و تم نقل اعداد كبيرة من السكان كالاسرى الى منطقة الحضر في محافظة الموصل و الى نقرة السلمان في محافظة السماوة حيث دفنوا احياء مع عوائلهم في مقابر جماعية . 4- ضحايا قمع انتفاضة اذار المجيدة عام 1991 حيث قتل عشرات الاف من الناس في المحافظات الوسطى و الجنوبية و كردستان و استخدمت ضد المنتفضين كل انواع الاسلحة و هدمت البيوت على رؤوس ساكنيها و دفن معظم الشهداء في مقابر جماعية . 5- الضحايا الذين اعدموا في سجن ابوغريب عام 1996 -1997 و يقدر عددهم بين 1500-2000 و قد دفنوا في مقابر جماعية . 6- ابناء المهجرين الشباب الذين اعتقلوا خلال تهجير عوائلهم الى ايران بحجة انهم من التابعية الايرانية عام 1980 , و قد اختفوا و تبين انهم اعدموا و دفنوا في مقابر جماعية و يقدر عددهم بحوالي سة الاف شخص . 7- الكويتيون الذين خطفتهم القوات العراقية خلال انسحابها من الكويت فتبين بعد سقوط النظام انهم قتلوا و دفنوا في مقابر جماعية.
الجيش العراقي
Rizgar -الجيش العراقي ابطال في انفال المد نيين واغتصاب القاصرا ت في كوردستان والاعتداء على النساء ....منحطين اخلاقيا . جيش منحط اخلاقيا منذ ١٩٢١ , اقترفوا جرائم لا اخلاقية في معسكرات الرما دي وصحراء عر عر و السماوة .....!!! هل كان بامكان صيانة دولة لقيطة ؟ بدون جيش غير منحط اخلاقيا ؟
الى المعلق 1
ديار -الجيش الشعبي كان بالاكراه وهي واحدة من اسباب مقت الشعب العراقي لنظام البعث الصدامي اما الحشد الشعبي فهو تطوع اختياري وعن ايمان وقناعة واظنه يشبه المقاومة الشعبية في مصر اثناء العدوان الثلاثي عام 1956 وكذلك يشبه قوات ( البسيج ) الايرانية اثناء حرب الثمان سنوات مع ايران ..
جيش السنة
عراقي حزين -إذا كانت البيشمركة جيش الأكراد والحشد جيش الشيعة فهل داعش جيش السنة؟ سؤال جوابه مر حين يكون نعم فهي لعنة وحين يكون لا فمن للسنة؟