استعادة المبادرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إنّ الأمة العربية ذات الثقافة الواحدة والمصير المشترك، تتصارع في داخلها الآن قوى وجماعات وكيانات، وتتهجّر من أراضيها كفاءات وعقول، وتتعمّق في المجتمع الواحد دعوات لمزيد من الانقسامات على أسس إثنية أو طائفية أو حتى مناطقية أحيانًا.
كما تتنازع في الأمة الواحدة الآن "هويات" جديدة على حساب الهوية العربية المشتركة. بعض هذه الهويات "إقليمي" أو "طائفي" وبعضها الآخر "أممي ديني". ومن المؤسف في واقع الحال العربي، أنّ التعامل مع هذه التحدّيات والهموم المشتركة لا يتم في إطار رؤية عربية مشتركة تصون الحق وتردع العدوان وتحقق المصالح العربية. وأؤكد الآن أننا على مفترق طرق: إمّا أن نرسخ قيم التعددية والتنوع أو نستمر في بناء الجدران التي تفصل الثقافات والناس وتُفاقم الطائفية وتزيد من الفرقة والانقسامات، كما تعتدي على إنسانيّتنا المشتركة.
وفي إطار لقاء فكريّ تناول بالمناقشة والتحليل المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معي مؤخرًا قناة روسيا اليوم حول "العالم العربي اليوم. الواقع والآفاق"، تمّ التأكيد على أهمية المحافظة على الموضوعية والتجرّد في تعاملنا مع التحديات التي تواجهنا اليوم، وفي مقدمتها الإرهاب والفكر الطائفي وتقرير مصيرنا مؤسّسيًّا من خلال الحوكمة الرشيدة.
كذلك، لا بد من التمسّك بالموضوعيّة في عرضنا للحقائق التاريخيّة مع التركيز على قيَم المحبّة والسلام والاحترام، كيْ ينشأ جيلٌ يؤمن بالتعايش مع الغير واحترام قيَمه. وهو مشروع بحاجة إلى تكاتفنا جميعًا من أجل المساهمة في صوْغ فصول تاريخنا المبنيّ على الحوار والتعاون والتكامل، لا على الصراع والتصادم. وهنا تقع مسؤوليّة كبيرة على عاتق النُّخب الفكريّة وإرادتها في تشكيل معالم المستقبل. فلا بد من العمل المعرفيّ الدؤوب، والمتابعة المتبصّرة، والميْل النّقدي المسؤول، والرغبة في التغيير والتجدّد، والنظر في مصير الأمة.
لقد أصبحت أجيالنا الشابة محاصرة بالطروحات والرؤى التي لا تقدم للمواطن العربي سوى "سيناريوهات" التقسيم والتجزئة وإعادة رسم الخرائط وتفتيت الدول وإعادة تركيبها على أسس إثنية وطائفية ودينية جديدة. ومن الضروري التوقّف عن بثّ رسائل التخويف والترهيب واليأس إلى أجيالنا الشابة، والعمل على تشجيع روح المبادرة والتطلع نحو مستقبل أفضل؛ آخذين بعين الاعتبار أنّ الإنسان، بعلمه ومعرفته وقدرته على البحث والتقصي والريادة والتميز، هو الثروة الحقيقية لأي مجتمع إنساني.
ومع اختلاط الرؤية واختلال الموازين وعدم وضوح الهدف، تنامى لدى الشباب العربي الشعور بالإحباط واليأس، ما دفع بعضهم للتفكير في اتخاذ واحد من خيارين أحلاهما مرّ : الأول هو التفكير بالهجرة من الوطن العربي الذي أصبح الشباب ينظرون إليه على أنه سفينة غارقة لا محالة، والثاني هو انضمام بعضهم إلى الجماعات المتطرفة لأنها تقدم "مشروعا بديلا" لا يقوم على أسسس منطقية أو دينية صادقة، لكنه يقدّم وعودًا تخاطب مشاعر الشباب المغيّب عن الواقع وكيفية التعاطي معه بعقلانية.
هكذا حوصر شبابنا العربي بمشاعر الإحباط وغياب الأمل من كل حدب وصوب، ما ينذر بحرمان الوطن العربي من كفاءاته القادرة وطاقاته المنتجة على المدييْن المتوسط والبعيد. وسواء أكان هذا مقصودًا أم جاء نتيجة لغياب الرؤية الكلية للأحداث، فالنتيجة واحدة، وهي أن الانكباب على الحدث اليومي المباشر والخبر العاجل من دون وجود بدائل مقنعة ورؤى كلية للشباب يؤدي إلى كسر الإرادة وإفقاد الرغبة في الحياة. كما ينذر بالعواقب الوخيمة على الوطن العربي وطاقاته البشرية.
لقد مرت هذه الأمة في العقود الماضية بظروف وتحديات لا تقل جسامة عما تمر به الأمة من أحداث عظام في هذه الحقبة من تاريخها، لكنها قادرة اليوم - كما كانت قادرة بالأمس &- على اجتياز الصعاب وقهر العقبات إذا ما استوثقت بالرؤية النهضوية التي وحّدت صفها وجمعت قواها واستثمرت مقدراتها للدفاع عن حقها في الوجود ولحماية كينونتها وهويتها من أخطار الطمس والإلغاء والمصادرة.
إننا بأمس الحاجة اليوم إلى تذكير الشباب العربي بالقيم النهضوية للثورة العربية الكبرى التي يحتفل أحرار العرب بذكراها المئوية العام المقبل. فبهذه القيم يستعيد العرب المبادرة ويكونوا فاعلين في تحديد مصيرهم ورسم معالم مستقبلهم.
بهذه القيم النهضوية، التي صلحت في الماضي وما تزال صالحة في الحاضر والمستقبل، نستطيع أن نمنح شبابنا الأمل وننتزعهم من براثن اليأس والإحباط. فقد استطاع العرب من خلال ثورتهم الكبرى التى انطلقت من مكة المكرمة أن يكسروا القيود ويفرضوا وجودهم ويحافظوا على هويتهم وحقهم في الحياة. وتحقق ذلك في الماضي بفضل الوحدة والتماسك ورص الصفوف وبالالتفاف حول الدور المحوري لمكة كنقطة إجماع للأمة وبتفعيل قيم الشورى والزكاة والصدقة.
إن هذه المفاهيم صالحة لكل زمان ومكان. وكما كانت سببًا في نهضة الأمة في الماضي، فإن المطلوب اليوم أن نرجع إلى هذه القيم النهضوية ونستعيد المبادرة ونعطي الشباب الأمل الذي يراد لهم أن يفقدوه. إن الاعتصام بهذه الرؤية النهضوية هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات والأخطار وتمكين الأمة من تحقيق نهضتها الجديدة المرجوة.
إننا، بمعنى أكثر تحديدا، بحاجة ماسّة إلى رؤية تنويرية جديدة تستلهم قيَم الماضي النهضوية العربية، وتعيد إحياء دور مكة كنقطة إجماع للأمة وتستلهم قيم الشورى والصدقة والزكاة، ليس فقط لمواجهة أخطار الرهاب والتطرف، ولكن من أجل التصدي بعمل مؤسّسي لأمراض الأمية والفقر والبطالة التي لا تقلّ فتكًا عن التحديات الخارجية. وضمن هذا الإطار، تكون كرامة الإنسان مكفولة وتُستبدل بالنظرة القاصرة للاجئ على أنه عبء النظرة الواقعية المنصفة إليه على أنه كفاءة وطاقة يجب أن تُستثمر في عملية البناء والنهوض للأمة بأسرها.
حان أوان استعادة المبادرة وإعادة الأمل إلى شبابنا والوقوف سدًا منيعًا أمام الأخطار المحدقة بنا. ولا يساورني شك في أن قيَم النهضة العربية تجري في عروق الكثيرين من أبناء هذه الأمة، وهؤلاء هم من يعوّل عليهم لإحداث النهضة المرتجاة. أما موتى القلوب، فلا أمل فيهم ولا جدوى من توجيه الخطاب لهم من حيث المبدأ.
&
التعليقات
غريبة
كلكامش -لاجديد على السطح ,,,,,فكرة معادة,,,,, لوضع ميئوس منة ,,,ثم ,تشخيص دون علاج وطرح بلا تصليح ..... كنت اتوقع مقالة اكثر جرأة وهو ما عودنا علية الامير مع الشكر
فكرة للمناقشة
عراقي مغترب -نعم يا سيادة الامير لقد شرحت الواقع العربي بكل تفاصيله بشكل دقيق وموضوعي ولكنك لم تقدم اي اقتراح او حل لهذا الحال المزري المتهالك المريض الذي نحن نعيشه فكرتك بالعودة الى قيم الثورة العربية على انها مفاهيم صالحة لكل زمان ومكان لا تختلف كثيرا عن فكرة ان الاسلام هو الحل وهو الصالح لكل زمان ومكان وهكذا فاننا سنكون سائرين في حلقة مفرغة تجرف معها الكثير من الضحايا والنكساتبودي ان اقدم هنا بعض الافكار التي اعتقد بأنها ستكون صالحة لمستقبل أمن ومستقر لبلداننا وشعوبنااولا.ان تقوم سيادتك بتشكيل مؤسسة عالمية ومقرها عمان تدعوا اليها كل اصحاب العقول النيرة والمنفتحة من اصحاب الكفاءات العلمية والاجتماعية والحقوقية والاقتصادية وغيرها من الجنسين ثانيا .تعني هذه المؤسسة بدراسة وتحليل موضوع فصل الدين عن الدولةثالثا ..ان تطرح هذه المؤسسة بعد ترسيخ اقدامها موضوع الدستور العلماني الذي يضمن قانونيا حقوق الفرد في حرية الفكر وحرية العقيدة وحرية المراة وحرية ارتقاء المناصب وحسب الكفاءة وتضمن له كرامة العيش داخل بلده كمواطنرابعا .ان تطرح هذه المؤسسة افكارها على الملأ وتقوم في كل مرة باستضافة شخصية كبيرة مثل الوزراء او حتى رئيس وزراءيقبل بالمشاركة بها
كيف تكون المبادرة
كريم الكعبي -كيف يكون استعادة المبادرة ودعاة الغلو والتكفير هم امراء وحكام العرب المصيبة التي حلت بنا هي انطلقت من امارة ابن اخيك عبدالله صاحب نظرية التخوف من الهلال الشيعي التي جلبت لنا كل اراذل الارض وشذاذها لاعادة اي خلاقة لانعرفها خلاقة الثلاثة وحذف الرابع ومقاتلة محبيه فواضح هؤلاء كاذبون سقطت قضية الخلافة بنيت فكرتهم بقتا ل الخليفة الرابع افكاره واتباعه والخلافة بدون الامام علي ع لان الرسول ص قال لعلي ع انت مني بمنزلة هارون من موسى لكن لانبي بعدي. لو ازحت الطفل الصغير ابن اخيك وتوليك الحكم ربما لم يحدث هذا في المنطقةمن غزوا عصابات اشترك بها ملوك وامراء ومخابرات دولية لتجعل من الشباب العربي محرقة للموت لسبب واحد لاغير بقاء هؤلاء الحكام واطفالهم يتراقصون على كراسي الحكم فجميع رقاب الاطقال والشباب والكهول والنساء فداء لذلك الكرسي لايهم كم مليون يموت ..الطامة الكبرى نتنياهو يحذر داعش عند وصولها لمنفذ طريبيل من جهة العراق يقول الحدود الاردنية خط احمر بالنسبة لاسرائيل وابن اخيك يذهب شرقا مهددا ايران الاسلامية بالدواعش وخوفه من الهلال الشيعي ..
نحن ونحن
سرجون البابلي -لا أعتقد بأن القومية والدين يمكن الموافقة بينهما وخاصة في الشرق الأوسط ، فإما أن تكون مع الدين أو القومية فليس هناك قومية ذات دين واحد أو طائفة واحدة وبالأخص في الشرق الأوسط ، فعليك الاختيار بين العام اى القومية أو الخاص الدين والطائفة ، لقد تعبنا من اللامحدود في حياتنا فهل نحن حقا قومية واحدة أم دين واحد أو طائفة واحدة ؟ أنا أعتقد بأن الحقيقة التي يجب أن يواجهها الخليط الشرق أوسطي هي أننا مختلفون في كل شئ بين مدينة وأخرى بل بين قرية وأخرى ولكن هناك جامع يجمعنا مع كل اختلافنا إلا انسسانيتنا ولا شئ آخر أعتقد بأن صرخة المسيح أحبوا اعداءكم هي الحقيقة التي تجعلنا نتقبل اختلافنا وليس غير ذلك ، مع الشكر للأمير الأردني .
راي اخر.
زبير عبدلله -حسب اعتقادي بناء دولة عصرية, والبداية بدولة عربية, الاردن,او تونس... مثلا, واجراء التغييرات اللازمة على بنيتها التحتية, بما يتناسب والمعايير العصرية للدولة الحديثة, وهذه الدول كثيرة في العالم, ومن الاولويات, قبول الاخر المختلف, دينا, طائفة,قومية....والاعتراف له ما للاغلبية في تلك الدولة, .توفير الاموال اللازمة من صندوق نقد مساهم,يتم تاسيسه, لهذا الغرض, ويشرف عليه لجنة خبراء من جميع الاختصاصات, ويرافق هذا البناء, للدولة المعنية, تطويرا متكاملا لجميع نواحي الحياة, والبتدريج الانتقال الى دولة اخرى, لها قابلية البناء, ....فكرة قد تحتاج الى انتباه. ..
مزيد من الطلاسم
فول على طول -يبدا المقال بأنّ الأمة العربية ذات الثقافة الواحدة والمصير المشترك..وهذة أكبر غلطة فى التاريخ ..الأمة تم تعريبها بالقوة وليست ذات ثقافة واحدة ثم أن الثقافة الواحدة ليست ميزة وخاصة لو أردنا دمجها بالقوة بل ان التعدد والتنوع الثقافى هو ثروة كبيرة لأى شعب والأمة العربية ليست ذات هوية واحدة الا بالاكراة وفى عقول الذين لا يعترفون بالحقيقة والتاريخ وهذا لا يصلح الان . ومحاولة الدمج بالاكراة وعدم العدالة بين مكونات الشعوب هو سبب رئيسي فى فشل ما يسمى بالأمة العربية ..والغريب أن سمو الأمير يطالب بها مرة ثانية فى اخر المقال ويطالب بفرض القيم النهضوية للثورة العربية الكبرى وتنطلق - أو التى انطلقت - من مكة . ويؤكد على أنها صالحة لكل زمان ومكان بالرغم من ثبوت عدم صلاحيتها لمدة 14 قرنا ولا أعرف كم قرنا أخرى نحتاجها كى نتعلم ؟ وتفعيل الشورى والذكاة والصدقة هو ما تفعلة داعش بالضبط وسمو الأمير يطالب بها ولا تعليق . واغرب ما جاء فى المقال هو : اننا على مفترق طرق: إمّا أن نرسخ قيم التعددية والتنوع أو نستمر في بناء الجدران التي تفصل الثقافات والناس وتُفاقم الطائفية وتزيد من الفرقة والانقسامات، كما تعتدي على إنسانيّتنا المشتركة. ..انتهت الجملة . أى أن سمو الأمير يعرف تماما أضرار الجدار الذى يفصل الثقافات والناس ومع ذلك يطالب بة ...وعجبى .
ضاعت عليكم ياقبط
,,,,,,,,,,, -القبطي على طول زعلان خالص لأن عمرو بن العاص فتح مصر
تعقيب
فول على طول -أولا هناك هويات متعددة فيما يسمى الوطن الوطن العربى - زورا وظلما - مثل الأشوريين والأزيديين والكلدان والسريان والموارنة والأقباط والأمازيغ والتركمان والأكراد الخ الخ وكلها هويات ليست عربية اطلاقا ولكن تم تعريبها بالقوة والغصب وهذا هو تاريخ ولا يقدر أحد أن ينكرة الا من ليس لة ضمير أو جاهل بالتاريخ . وأهل هذة الهويات لديهم أيضا ثقافات مختلفة أى ليست ثقافة واحدة ولا ثقافة عربية وهذا تاريخ أيضا . والجغرافيا تحدد العرب هم أهل شبة الجزيرة العربية فقط لا غير أما بقية الدول لها أسماء معروفة وكفاكم تزوير فى التاريخ ..السورى تعنى سورى والمصرى تعنى مصرى . ومصر لم تكن مقفولة كى يفتحها عمرو بن العاص بل غزاها ونهبها هو وأتباعة من بعدة مثل أى محتل ..رومانى أو فرنسى أو انجليزى ومن يشجع الغزو - أى غزو - فهو ليس وطنى بالمرة بل خائن للوطن . وكل الأنظمة العربية والاسلامية قائمة على العنصرية البغضية وفى أبشع صورها ولذلك فشلت وسوف تفشل ما لم تعرف العدل .
الحقيقة
عربي -مقالة هادفةالاردن تستحق الخير لانكم استطعتم قيادتها بحرفية