فضاء الرأي

وداعا لمعلمي وصديقي د. أحمد أبو مطر

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&يمضي قطار العالم، وتجر الأيام ساعاتها ودقائقها،ليرحل عن دنيانا رجل طيب، بدوي الطباع، كريم النسب، رائع الخلق، تميز بالطيبة و التواضع، ونهل من رحيق الحياة حتى الثمالة، كان شعلة من الأمل والطموح والصبر وعدم الخنوع لليأس، ونموذجا ثريا للعطاء الإنساني المتدفق وهو يفيض بكرمه من المثل والأخلاق والذكر الطيب، لقد رحل غريبا في دولة الإمارات العربية، وبعيدا عن مغتربه النرويجي حيث محطته الحياتية الأخيرة في محطات العمر أستاذي ومعلمي وصديقي لسنوات طويلة الدكتور الأكاديمي والكاتب الصحفي المغفور له أحمد أبو مطر، والذي كان أحد نجوم وكتاب إيلاف المخضرمين، كما كان قطبا إعلاميا متميزا في القنوات الفضائية العربية الشهيرة، ومحاورا بارعا في الدفاع عن الإنسان في كل مكان، وفارسا من فرسان القضية الفلسطينية التي كان يحملها في وجدانه حتى وهو يعيش أزماته الصحية المتتالية في خريف العمر. & لقد عايشت الراحل الكبير الذي كان أستاذا وزميلا في نفس الوقت لسنوات عديدة في مغتربنا المشترك مملكة النرويج، وكانت لقاءاتنا الخاصة عنوانا للتواصل والتفاعل الحي بين الأستاذ والتلميذ، فقد تشرفت بمعرفة الراحل أحمد أبو مطر في رحاب كلية الآداب بجامعة البصرة عام 1980 حينما كانت طالبا في تلك المرحلة وجاء لتدريس اللغة العربية أستاذ فلسطيني كان وقتها حاصلا على الدكتوراه من جامعة الإسكندرية المصرية حول الرواية الفلسطينية، وتعرفت عليه وأنا طالب وهو أستاذ وكان شابا قويا عزوما نشيطا، إلا أن تلك العلاقة سرعان ما أنقطعت لخروجي من العراق عام 1981، وليدور الزمن دورته وتأتي الدياسبورا الفلسطينية الكبرى الجديدة بعد الغزو العراقي للكويت عام 1990 ليأتي عام 1992 وألتقي بأستاذي القديم في العاصمة النرويجية أوسلو التي وصل إليها لاجئا من تونس عاصمة الشتات الفلسطيني وقتها!، كان أحمد أبو مطر وقتها مشغولا بتصاريف الحياة بعد أت أضطرته المخابرات السورية لمغادرة التراب السوري والعيش في جزيرة قبرص قبل أن يقرر أبو مطر الرحيل شمالا ضمن قوافل الراحلين، لقد عانى أستاذي الراحل من مشاكل سياسية عدة في أوسلو تركت آثارها على صحته كقضية معاناة زوجته المناضلة الفلسطينية القديمة ( سهيلة ) من معاناة المتابعة الأمنية وإعتقالها لسنوات في ألمانيا ثم النرويج بتهمة القيام بعمليات فدائية عام 1977، وهي القضية المعروفة التي هزت النرويج، وكان الراحل وقتذاك يدير معاناة أسرية وإنسانية ظلت تشكل هاجسا وقلقا له، وتحمل ما تحمل بشجاعة وبأس وصبر معروف عن شعب الجبارين &حتى أنفرجت الأزمة التي تركت آثارها الحادة دون شك على صحة الراحل الكبير. & & &على المستوى العلمي والإعلامي كان د.أحمد أبو مطر شعلة من النشاط والحيوية ولم يمنعه مرض القلب اللعين الذي أصيب به قبل سنوات قليلة من العطاء والسفر والتحرك والكتابة والنشر، بل كان دائم الحضور في جل الفعاليات الإعلامية، وكان له وجوده في الإعلام العربي وهو وجود فاعل ومؤثر، وكنت في حالة تواصل معه إلى قبل ساعات من رحيله المفاجيء الذي شكل صدمة شخصية تضاف لصدمات عديدة موجعة، لقد رحل أحمد أبو مطر عن دنيانا الفانية وقد إختلف حوله وفيه الناس إختلافا كبيرا، فبين مبغض قال ومحب له تفاوتت الآراء في مواقفه المناهضة للتطرف والمسالمة والقوية جدا في معارضة الإستبداد، إستبداد أنظمة الشرق التعيسة، وكان حتى آخر لحظات العمر مؤمنا بالحرية، مدافعا جسورا عنها، تحمل بصبر عجيب مختلف الإتهامات الظالمة دون أن تهتز له شعرة أو ينكص ويتراجع عن مواقفه المبدأية... سيكون فراغه كبيرا و مؤثرا، لقد خسر الإعلام العربي أستاذا نقيا صادقا رحل لجوار ربه بعد أن أدى الأمانة وترك خلفه أبناء مبدعون ناجحون يعبرون عن عزيمة وصلابة وقدرة الإنسان الفلسطيني المبدع... وداعا يا أستاذي ومعلمي البدوي الجميل الأصيل القادم من أعماق صحراء النقب، وداعا يارفيق الغربة وزميل مهنة المتاعب وأستاذي القديم الذي ترجل عن الصهوة بعزيمة وكرامة الفرسان، المجد لروحك الطيبة، والرحمة والغفران من عند مليك مقتدر، ورحمك الله أيها الأستاذ الجليل، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وسلام على روحك الطاهرة وهي ترفرف لتحيي الأحرار و تشيع البسمة والأمل في وجوه المحرومين... وداعا أحمد أبو مطر وإلى رحمة الباري بعون الله. dawood.albasri@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الفراغ. ..
زبير عبدلله -

عندما يودعنا احدهم ,وعرفنا عنه الاخلاق الكريمة, والتسامح, والانسانية, هل هذا الفراغ الموحش الذي حير البشرية, يمكن ان يملاه انسان اخر بصفاته, اوبمعرفته, اوبقدراته العقلية, والمعرفية....يبدو ان هذا الفراغ, تملا بشيئ لانعرفه اوتحديده ,وهذا حير اكثر العقول البشرية, والمادة التي تصبح تحت الارض, يصبح رميما,اما ذالك الروح, في. اي حجم واي فراغ يملا...عمليه الخلق الجديدة, لايححمل لا الصفات الجسدية ولا العقلية...للذي رحل عنا,...احمل للمرحوم ذكرى جميلة, من خلال قرائتيله لا اكثر...كان يقرا لكل قرائة, ويتفاعل معهم ...ادعومن الله ان تتفاعل مع روحه الطاهرة, رحمته تعالى ولعائلته الصبر...

رحم الله روحك يا د.احمد
george -

هذه هي الحياة رحلة نمضيها الى النهاية دون ان نعرف كيف ستكون النهاية .. والمشكلة ليست بالرحيل بل في الوداع الذي قد يفاجيء الانسان ويشعره بالفراغ ... رحم الله روحك يا د. أحمد أبو مطر .. فقد خسرنا أنسان كان مهما لنا على صفحات ايلاف العزيزة !

لك الرحمة ياكاتب الحقيقه
دلير احمد صالح -

ماذا نقول للموت وانت في قمة العطاء ٫فالموت حقا يدخل كل الابواب فاخذك منا ٫ادخل الحزن في نفس كل من قرء كلماتك التي كانت تهز اركان الانظمة الدكتاتوريه٫كلماته كانت تتكلم وتحكي وتمنح العزم والثقة بالقادم٫ اخوانك الاكراد لم ينسوا وقفتك معهم في المحن و مقارعة الانظمة التي اظطهدتهم ٫ووفاءا منا للاوفياء نبعث عبر صحيفة ايلاف التي احبتك واحببتها واحتضنت كلماتك لنعبر عن حزننا العميق ومآسينا لعائلة الفقيد ومحبيه ٫ ان لله وان اليه راجعون٫

استاذ دَاوُدَ .. شكرا جزيلا
غياث احمد ابو مطر -

استاذ دَاوُدَ ، شكرًا جزيلا على الكلمات الرائعة عن الوالد الرائع رحمه الله. الوالد لم يتوفى غريبا و كان بين اهله واولاده في ابو ظبي، و سبحان الله شاءت الاقدار ان يكون هنا و ان نكون معه و بقربه. كل الشعوب التي كان يدافع عنها هي ايضا اهله و أقرباءه و هو حقيقة ( وليس لانه فقط الوالد) خسارة كبيرة لكل الشعوب التى أفنى حياته مدافعاً عنها و عن حقوقها.. رحم الله الدكتور احمد رحمه شاملة و ادخله بإذن الله فسيح جناته.

كان مهموما بقضايا العرب
سالم -

بالرغم من هموم ومشاكل وطنه المسلوب فلسطين فلم يكن المرحوم احمد أبو مطر مقتصرا بهمه ومعاناته على فلسطين فقط بل كان دائما مشغول بقضايا العرب من المحيط الى الخليج. لقد تعرفت على الرجل من خلال كتاباته وكنت من المتابعين له على صفحات ايلاف العزيزة وكان هناك نوع من الحوار الخفي الذي يقوم بين الكاتب وقارئه بفضل شفافيته وصدق طرحه. لقد تنقل الرجل بين عواصم الهم والالم العربي دمشق وبغداد ولكن اختتام الرجل لحياته في دولة الامل العربي وهي دولة الامارات لهي رسالة خفية لنا يقول لنا بأن لا نيأس لان القادم افضل لأمة شرفها الله بحمل رسالته للبشرية. رحم الله احمد أبو مطر واسكنه فسيح جناته اللهم امين.

الى غياث ابو مطر
فول على طول -

تعليق رقم 4 باسم غياث أحمد ابو مطر : لكم كل التعزيات لوالدكم العزيز ...نحن عرفناة من كتاباتة ومؤتمراتة التى كان يدافع فيها عن المظلومين بغض النظر عن ديانتهم وجنسياتهم ...كنا نختلف معة أحيانا ونتفق معة كثيرا فى كتاباتة ولكن على المستوى الشخصى نكن لة كل الاحترام والود والوقار . تحياتنا لروح والدكم العزيز وكل العزاء لأسرتة الكريمة . نحن لا نعرف بعضا على المستوى الشخصى ولكن على المستوى الانسانى نعتبر الدكتور أبو مطر من أقرب الأقرباء بالرغم من بعد المسافات واختلاف الديانات والجنسيات . فقدنا أخا عزيزا كريما وكاتبا مرموقا .

لا شماتة في اليوم
سلمى -

احمد ابو مطر اختار ان يقف في الصف مع اعداء الأمتين العربية والإسلامية واختار ان يكون أحد الخناجر المسمومة في ظهور طموحاتنا واحلامنا وآمالنا لا نسامحه وهو الآن بين أيدي المولى عز وجل ان شاء عذبه وان شاء غفر له .

إلى غياث أبو مطر والعائلة
أسامة عثمان -

رحم الله الدكتور، أحمد، وألهمكم الصبر والسلوان، وتعازينا الصادقة لكم، كنت أتواصل معه، بين الحين والآخر، وكان في كل مرة إنسانا نبيلا، وصادقا.

خسارة
Rizgar -

خسرنا انسانا كبيرا وصديقا وفيا لكوردستان ، اتذكر مقالة قديمة للمرحوم ، تصورت الكاتب كورديا ، لم اكن اتصور ان اقراء لكاتب عربي بنوع من الشعور الا نساني ، كاتب عربي وخالي من العنصرية ، تعجبت كثيرا ، وبالكاد كنت اقراء العربيةً او افهم .مثقف كبير وبعكس اكثرية الكتاب العرب ، Rest in peace .we will always remember you as a great personality

من أنتِ ..... سلمى
غياث احمد ابو مطر -

سلمى .. الظاهر انت من الناس المستفيدة من الام الشعب العربي و الاسلامي.. فطبيعي ان يكون الدكتور احمد رحمه الله خنجرا مسموما في ظهرك و ظهر كل المستفيدين من آلامنا و الام كل الشعوب المقهورة... الظاهر ان خنجره أوقف امثالك من المنافقين و الغير غيورين على مصالح امتنا و مصالح ابنائنا . نحن نعرف تماما من أنت و جميع القرّاء يعرفوا من انت . يا أسفاه عل وجود أناس من امثالك في مجتمعاتنا المظلومة . وانا اسف انه خنجر الدكتور أوقف طموحاتك و آمالك لان كلمة الحق دائما محاربة من الناس الذين خسروا مصالحهم من الام و دموع الشعوب المقهورة.