كتَّاب إيلاف

إدوارد سعيد بين الشرق والغرب

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عن دار Payot الفرنسيّة صدر عام 2014، كتاب حمل عنوان "في ظلّ الغرب". وهو يحتوي على ثلاث حوارات مسهبة أجرتها في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، مجلاّت أنجلو -ساكسونيّة رفيعة مع المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد(1935-2003). وفي الحوارات المذكورة، هو يعيد بلورة، وصياغة أهمّ الأطروحات التي اشتهر بها، والمتّصلة بالإستشراق، والإسلام، وعلاقة الشرق بالغرب، والمنفى اللغوي، والجغرافي.كما تحدث إدوارد سعيد في الحوارات المذكورة عن جوانب تتعلقّ بحياته الخاصة، وبالتأثيرات التي فعلت فيه على المستوى الفكري، والفلسفي. وهو يقرّ بأنه عاش دائما قلقا واضطرابا بشأن هويّته. فهو عربي إلاّ أنه ليس مسلما. وقد أمضى سنوات طفولته ومراهقته في مصر دون أن يكون مصريّا. وهو كتب مجمل أعماله بالإنجليزية، غير انه لا ينتمي الى الثقافة الانجليزية. وعلى مدى ثلاثين عاما، درّس في جامعة "كولومبيا" بنيويورك من دون أن يكون أمريكيا.كما يقرّ إدوارد سعيد بأن وعيه بمأساة فلسطين، وطنه الأصلي، جاء متأخرا. مع ذلك أمكنه أن يعرّف بالقضية الفلسطينية في الأوساط ألأمريكية، وأن يدافع عنها في المنابر الكبيرة متحديّا اللوبي الصهيوني، ووسائل الإعلام المتعاطفة مع إسرائيل. ومثلما فعل في كتابه الشهير حول الاستشراق،أكّد إدوارد سعيد من جديد أن الشرق لم يوجد إلاّ في أحلام الغربيين وذلك إنطلاقا من القرن الثامن عشر.كما أكدأن الأبحاث والأعمال التي أنجزت حول الشرق لم يكون لها هدف ثقافي، وحضاري بحسب ما ادّعى ذلك أصحابها، وإنما كان لها دور فعّال في تركيز الهيمنة الإستعمارية، وتبرير الجرائم التي شرع الغرب في ارتكابها في العالم العربي انطلاقا من بداية القرن التاسع عشر. ومعبّرا عن تشاؤمه إزاء حدوث توافق بين الشرق والغرب، قال إدوارد سعيد في حوار أجري معه عام 1996:”أعتقد أن الوضع يزداد سوءا يوما بعد آخر. ويمكن أن أقول بانه لا يكاد يوجد أمريكي شمالي واحد يعرف العالم الإسلامي. فهذا العالم هو بالنسبة له بعيد، وصحراوي. وفيه عدد كبير من الخرفان، والإبل، وأناس بسكاكين بين أسنانهم يقومون بأعمال ارهابية. من ناحية أخرى ينظر المسلمون إلى الأمريكيين وكأنهم مهووسون بالجنس، ولهم أقدام ضخمة، ويبالغون في الأكل. والنتيجة أن هناك فراغا عوض أن يكون هناك حضور بشري، وعدم وفاق عوض أن يكون هناك توافق، وتبادل أراء ". مع ذلك يرى ادوارد سعيد أنه لا بدّ من مواصلة العمل لكي يخفّ الصراع بين الشرق والغرب، وتتقلص الخلافات بينهما لأن في ذلك ضمانا للسلام العالمي. وفي الحوارات المذكورة، قدم إدوارد سعيد تحليلا معمقا لأعمال أدبية وفنيّة مشهورة مثل "في قلب الظلام"لكونراد، و"الغريب" لألبير كامو، و"روبنسون كريزوي"لدانيال دفو،ولسمفونية "عايدة" لفاردي. ومعلوم أن هذه الأعمال الأربعة المذكورة تتحدث عن العلاقة المتوترة بين الإنسان الغربي والآخر. وعن البيركامو، قال إدوارجد سعيد:"كامو لعب دورا مهمّا بصفة خاصّة في الإنتفضات المشؤومة التي رافقت الولاد العسيرة والمؤلمة لمرحلة إنهيار الإستعمار الفرنسي. إنه وجه إمبريالي جاء متأخرا. وهو لم يعش فقط الفترة التي بلغت فيها الإمبراطورية الإستعمارية ذروتها، بل عاش أيضا الفترة التي أصبح فيها كاتبا"كونيّا" يمدّ جذوره في استعمار بات اليوم منسيّا". ويرى إدروارد سعيد أن روايتي كامو، "الغريب"، و"الطاوعون"، ومجموعته القصصيّة:”المنفى والملكوت"، تمثّل حجة لاواعية بإقرار كامو بالهدف الإنساني والحضاري للإستعمار. وبالنسبة لصاحب كتاب "الإسشراق"، لا يختلف جوزيف كونراد الذي أعدّ عنه أطروحة جامعية، عن ألبير كامو. فهو أيضا ساند غزوات بريطانيا لمناطق مختلفة من العالم. ومرة كتب يقول:"لقد وضعت إصبعي على البقعة البيضاء، التي هي إفريقيا، وذات:"ذات يوم سأذهب إلى هناك!".

وفي الحوارات يبدي إدوارد سعيد رفضه للقوميّة العربيّة في مفهومها الإيديولوجي الضّيق، والذي يضفي عليها مسحة شوفينيّة. كما يبدي نفوره من نظرية "تصادم الحضارات" التي صاغها المفكر الأمريكي صامويل هنتغتون في التسعينات من القرن الماضي، أي في الفترة التي احتدّت فيها المواجهة بين الشرق والغرب بسبب الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد نظام صدام حسين في العراق.

وما أنا استنتجته شخصيّا من هذه الحورات هو أن إدوارد سعيد يتخلى أحيانا عن الفكر في جوهره الصحيح، لينقاد إلى الإيديولوجيا التي غاليا ما ترى غير لونين: الأبيض والأسود، غافلة ومهملة بقية الألوان. واعتمادا على هذه الإيديولوجيا، هو يسمح لنفسه بإصدار أحكام قد تكون قاسية ومُتجنية، وأحاديّة الجانب، وخالية من الوضوعية. وهذا ما تبينته من خلال إنتقاداته لكل من كامو وكونراد. فقد أهمل إدوارد سعيد المستوى الفني والأدبي والإنساني لأعمال هذين الكاتبين، ليسقط عليها أطروحات سياسية، وأفكارا إيديلوجية قد يكونا هما بريئين منها. فالكاتب الحقيقي هو الذي يصيغ الواقع إنطلاقا من تعقيداته وتشعباته، وليس إنطلاقا من إيديولوجيات تزعم أنها تنتصر للقيم الإنسانية السامية، ولحرية الشعوب في تقرير مصيرها!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا شرق ولا غرب
جبار ياسين -

في أدوارد سعيد شئ من مصطفى سعيد ، بطل موسم الهجرة للشمال . ما اقصده هو النظرة الأنتقامية تجاه الغرب الأشقر .كمفكر قدم ادوارد سعيد اطروحات قيمة لكنها محملة بجانب كبير منها بالعصبية العربية مما افقدها موضوعية ضرورية. هذه العصبية جعلت منه ايقونة للمصابين بعصاب الغرب من اليساريين عربا و اوربيين و امريكان .مسيحيته و برجوازيته و ربما ، ايضا ، بروفيسريته جعلت منه ، خصوصا في سنواته الأخيرة مفكرا احاديا اما اسود واما ابيض . في الوقت الذي يستدعي الفكر ، على راي افلاطون ، كتابة ومسح ثم اعادة كتابة . وهو لم يمارس ذلك . في المقالات التي نشرها في السنوات الأخيرة من حياته اتخذ سعيد مواقفا دفاعية عن الديكتاتوريات العربية ، بشكل مبطن ، بحجة مهاجمة الغرب . هذه النظرة ذاتها لم تجعله يقيم ملفيل او كونراد او كامو بشكل دقيق بحكم انجذابه الى الايدلوجيا " الأحادية بالجذر " اكثر من انجذابه بتوجهات النصوص. وهو كما اعتقد قد اخطأ . خورخة لويس بورخيس كان اكثر عمقا منه في تحليل اعمال ملفيل و كونراد ، رغم بورجوازيته ويمينته السياسية .ربما لأن بوخيس لم يكن استاذا جامعيا بل محاضرا لذلك هو اكثر اتساعا في افقه التحليلي . فلسطينية ادوارد سعيد لم تكن واضحة قدر وضوح فلسطينية محمود درويش ، الذي قدم لفلسطين اكثر من منظمة التحرير. فهو ، حتى في قصائده الذاتية ، جعل من الجرح الفلسطيني اسطورة تضاهي الأوديسة .بقي ادوارد سعيد ينظر للحياة كمشكلة سياسية ولم يعط في نتاجه البعد الأنساني لأفكاره ، لذلك لم يفهم البير كامو وملفيل وكونراد في العمق . شاهدته مرة واحدة في حياتي في لقاء معه في باريس . اصبت بالخيبة حينما رأيته يتصرف بتعال فج مع مواطن فلسطيني فقير.

لم أفهم ماذا يريد ...
فول على طول -

أنا لم أفهم ماذا يريد اداورد سعيد بالضبط ..؟ أحيانا عربى متطرف جدا ...مع أنة ليس عربى وهذا ليس تقليل من شأن العرب بل يجب أن نعرف الأشياء بحقيقتها ....وغالبا متجنيا على الغرب ويحملة مسئولية مشاكل الشرق كلة وكأن الشرق ليس علية أدنى مسئولية ....وكما قال الكاتب فان ادوارد سعيد أحادى الفكرة ولا يقبل المناقشة بل يؤكد على معرفتة وامتلاكة الحقيقة المطلقة ...عموما رحمة اللة .

Edward The Hypocrite
Balqis Nassarwah -

Edward Said was a fake icon. Like many Arab members of the intelligence he was a confused soul and a one-note propaganist: an American who decried American values and tried to concoct a fancy theory of orientalism blaming the West for all the ills of the Arab society. He ignored the real maladies of the Arab culture and the despicable and miserable record of the Arab tyrants who caused depredation, poverty and misgovernance of their citizens. Said was also a practioner of double standards and a bigoted and racist Arab nationalist: he denied that the Halabja massacre was perpetrated by Saddam Hussein regime.

موش ح تفهم أبداً
,,,,,,,,,,,,, -

هوه في حاجة إنت فاهمها ؟

إلى المعلق الثاني
ن ف -

إذا قرأت كتاب الإشتراق (1978) لـ أدورد سعيد فإنك ربما ستفهم ما أراد سعيد قوله. وإن لم تفهم شيئاً من ذلك الكتاب فعليك بقراءة كتاب الثقافة والإمبريالية (1993) لنفس الكاتب. وإن لم تفهم شيئاً من هذا أو ذاك فالخلل حتماً في ثقافتك. وأنا أرجّح موضوع الخلل، لأن ثقافتك شفاهية وهي مستقاة من المؤسسة الدينية.