فضاء الرأي

عودة الى (مأزق الثقافة العربية)

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في بداية القرن نشرت مقالا موسعا بعنوان (مأزق الثقافة العربية) وعدت للموضوع في مناسبات عديدة تاليه ومنها وفاة نجيب محفوظ والأوضاع العراقية والإيرانية، والحديث عن ما سمي (بالربيع العربي) ويمكن التوسع في اطلاق وصف (المأزق) على الثقافات السائدة على عموم العالم الاسلامي ومفهوم (ثقافة) هنا هو بالمعنى الواسع المتعدد الجوانب والفروع، من سياسية واجتماعية وتعليمية ودينية وإعلامية... وكان اكثر ما ركزت عليه هو الجانب السياسي والجانب الديني المسيسّ الذي يبلغ مداه الخطر في ايديولوجيات الاسلام الجهادي، أي الارهابي (القاعدة وفروعها وداعش ومبدأ تصدير الثورة الخمينية).

ولقد لاحظت ان الثقافة العربية اليوم قد تراجعت الى الوراء بأشواط كثيرة، ليس فقط مقارنة بثقافات العصر، بل ايضا بما كان سائدا في الاربعينيات المنصرمة، من نشاط ونتاج عشرات المفكرين والكتاب والشعراء المبرزين، وموجة الترجمة المنفتحة على العالم وروائع نتاجاته وبدقة متناهية من الترجمة، مما نفتقده اليوم في معظم التراجم العربية. ولا شك في ان صعود التيارات الاسلامية، من اخوانية واخواتها وسهولة اطلاق نعوت المرتد والمس في الذات الإلهية و ماشاكل، قد لعبا الدور الاول في هذا التراجع الموجع للثقافة العربية.

ان الثقافة السائدة تتسم بخصائص منها:

1- النظر الارتدادي الى وراء وكأنه كان مثاليا في كل شيء

2- تراجع الموقف من المرأة تراجعا تاما

3- عقدة المؤامرة، بدلا من النظر اولا الى ما في داخل البيت العربي والبيت الاسلامي من عيوب ونقائص، منها الاستبداد والإرهاب الجهادي وكراهية الاخر وهوس العنف

4- عقدة تأثيم الغرب رغم ان العرب والمسلمين يهرولون ليل نهار، وأحيانا مخاطرين بحياتهم وحياة اولادهم نحو دول الغرب الديمقراطية طلبا للحرية وحياة افضل. فأية ازدواجية؟؟؟؟؟

5- وفي الحياة السياسية هنالك هوس العنف والاجتثاث ورفض المراجعة والنقد الذاتي والعمل بشعار (اما كل شيء او لاشيء) أي بلا مرونة مطلوبة. ومفهوم الديمقراطية نفسه مقلوب على رأسه

6- عدم احترام حرية الرأي والعقيدة، والانفعال الغاضب عندما يرسم غربي او يكتب ما يعتبره المتطرفون اساءة للإسلام والله، والرد ليس بالمنطق واستعمال الحجة بالحجة، بل بالإعمال

العدائية ولحد القتل ومهاجمة السفارات وغير ذلك. نتهم الاخرين بالإساءة للإسلام والتمييز الديني، ونقول ان كانت هناك حقا جماعات او شخصيات غربية مسيئة، فأنها لا تمثل المجتمعات والحكومات الغربية، وهذا بصرف النظر عن السياسات الخارجية. والحال ان التمييز هو فينا، شائع وعشرات المرات اضعافا.

7- سهولة انتشار الغوغائية الشعبوية سواء باستغلال المشاعر الدينية والمذهبية وتأجيجها او باستغلال القضية الفلسطينية التي تاجرت بها وتتاجر، اطراف كثيرة، سابقا واليوم، ومنها النظامان البعثيان السوري والعراقي، ونظام خميني، وهو استغلال اساء لحد كبير للقضية، واستخدام لممارسات الاستبداد والمغامرات والعنف مما دعم الارهاب وشجعه... وهنا نود التاكيد على ان نزعات العنف والتشنج والميل الى الغاء الاخر، نجدها حتى بين المثقفين والكتاب ومساجلاتهم، كما نجدها في التعليقات على المواقع الالكترونية حول هذا المقال او ذاك.

8- ولو نظرنا الى المناهج التعليمية، ولا سيما في كتب التاريخ، فسوف نرى تمجيد طغاة وغزاة قتلوا ودمروا وسبوا النساء وحولوا الكنائس الى مساجد من امثال خالد بن الوليد وطارق ابن زياد ومن لف لفهم. وهذه المناهج ايضا لا تهتم بنشر افكار التعايش وقد تشوه التاريخ كما يجري تشويه علاقة الامام علي بعمر بن الخطاب، حيث كانا متقاربين ومتعاونين ومتصاهرين ولكنهما بعد وفاتهما انقلبا في الكتب وأساطيرها الى عدوين لدودين وذلك ما شجع الطائفية ويشجعها

9- واما فكرة الاصلاح الديني، ووضع كل شيء في نصابه التاريخي وظروفه فان ذلك محّرم تماما في العالمين العربي والإسلامي. وعلى هذا النحو فان ثقافة تمجيد العنف، وازدراء الاخر واستصغار المراة لايمكن ان تساهم ايجابيا في الحضارة البشرية الراهنة. فالاكتفاء على الماضي وعلى النفس بالضد من الانفتاح والنظر الى الأمام، وهو بمثابة ينابيع تفرخ الارهاب وتمجد سفك الدماء وتسيء الى سمعة العرب والمسلمين.. ان لثقافتنا المتخلفة دوراً كبيرا في ازمات المنطقة وتداعياتها الخارجية، من اعمال ارهابية وتهجير عشرات الملايين للخارج، وذهب كثيرون ضحايا لايديولوجية الاسلام السياسي، المشتقة من ثقافة متخلفة، مفكرون ونوابغ مثل فرج فودة، والذي اغتيل، نصر حامد ابو زيد الذي افتوا بتفريقه عن زوجته، ونجيب محفوظ الذي همّوا بقتله، واليوم الكاتب الاردني ناهض حتر، وآخرون، ناهيكم عن صحفيين غربيين كانت جريمتهم الوحيدة ممارستهم لحقهم الديمقراطي في النشر والتعبير.. واما عن علاقات التخلف الثقافي العربي بالأزمات الساخنة، فهو ما سنعود اليه في مقال تال.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
السكوت والتواطؤ
سلامة موسى -

ثمة عديد من كتاب سكتوا عن الردة السلفية المتشددة ذات الصبغة الإرهابية التي اجتاحت وتجتاح البلدان العربية ، بل ان قسما منهم تواطؤوا مع الصحف و المواقع ــ ذات السلفية المبطنة واللبرالية الزائفة والساكتة عن دور بعض البلدان العربية ذات الأنظمة الثيوقراطية في تصدير الإرهاب ،إلى جميع نحاء العالم بينما قسم أخر ركز فقط على دور النظام الإيراني فقط في نشر الإرهاب وغض النظر دن دور أنظمة أخرى في هذا الصدد ، وذلك إما بدافع الارتزاق أو الحصول على إمكانية النشر في هذه الصحف والمواقع البارزةة وواسعة الانتشار و ذات الارتباط ببترودولار !! إلىالعالم

تحية للكاتب ولكن ما الحل
فول على طول -

كل ما جاء بالمقال صحيح مائة بالمائة ..نعم فان التراث الاسلامى والثقافة الاسلامية من أهم عوامل تدمير الاسلام والمسلمين أنفسهم قبل تدمير الأخرين ...ولكن ما الحل ؟ الذين امنوا يرون أن الحل هو الرجوع للاسلام نفسة ويتشدقون بأن ابتعادهم عن الاسلام هو سبب تخلفهم ومصائبهم ..أى يرون الدواء فى نفس الداء وهذة هى المعضلة الكبرى . بالفعل هم فى ورطة كبرى ....تورطوا بالقول أن الاسلام صالح لكل زمان ومكان ...والاسلام دين ودولة ...والاسلام خير الأديان ..وهو الدين الوحيد الذى لم يحرف الخ الخ ...ونحن نسأل : هل يصلح ملكات اليمين ؟ وهل يصلح مثنى وثلاث ورباع ..؟ وهل يصلح متعة ومسيار ..؟ وهل يصلح اقتلوا المشركين ؟ وهل يصلح الجزية وهم صاغرون ؟ وهل يصلح الدعاء على البشر يوميا وتكفيرهم والقول بأن اللة كفرهم ؟ هناك أسئلة لا حصر لها وكلها تؤكد أنة ليس صالح لا للمكان ولا للزمان ولا للاستخدام الادمى ...اذن هل ترى أن هناك حل ؟

المأزق الحقيقي
أنكم مجرد -

هههههه نحن نعتقد ان المأزق مأزقكم وأنتم في مأزق حقيقي

ليته يصمت هذا البروفسور
ولم ينعق! -

لعل من أبرز الرسائل المستقاة من كتاب برنارد لويس المشهور "أين يكمن الخلل؟" استبعاده ان يكون الاسلام بحد ذاته سبب الخلل، وترجيحه ان تكون خيارات العرب مثل فوليو وخوليو وبوليو هي "مصدر الخلل الأساسي". السبب واضح، العلم والحرية انتعشتا في الحضارة الاسلامية منذ القرن الثامن حتى القرن الخامس عشر، ولم يحصل تناقض متأصل بينهما. دلائل أخرى أحدث: ماليزيا وتركيا واندونيسيا.

الحل يبدأ بالاسلام
وليس بغيره -

فعلاً انها ازمة الثقافة العربية، بعد ان عبدت الاشتراكية والقومية فانقرضت، وبعد أن قدست الليبرالية والعلمانية فانتشرت الفوضى.

لانه لا منطق ولا حجه
هيـام -

يعجز هؤلاء المسلمين عن الرد بعقل أومنطق على اي رسوم او مواضيع يعتبرونها مسيئه للاسلام , وذلك لانه لا منطق ولا عقل في ما يدافعون عنه , فيكون جوابهم الاسهل هو القتل لترهيب الاخرين وتخويفهم من التسائل والنقد , وكدليل على افلاسهم العقلي والمنطقي , فهم عاجزين عن تبرير ما في دينهم من اللامعقول واللا انساني , لذلك يرعبهم ويحرجهم اي نقد او تسائل .مثلا , كيف يمكنهم تبرير نشر الاسلام عن طريق الغزو والقتل والنهب والسبي !!أو تبرير قتل المرتد , أو اضطهاد المرأه !! أو جنة الحوريات والخمر !! وكيف لهم ان يدافعو عن كل هذا الارهاب الاسلامي اللذي يعم العالم والمدعوم بنصوص وتعاليم دينيه اسلاميه !!ليس لديهم الا العنف والترهيب , فهو اصل الاسلام ونهجه منذ البدايه .

نقطة
نظام -

والحق يقال، أنت من هو غير صالح لتفهم الدين الحق منذ آدم حتى أخر الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

مهلاً هيام!
مراد -

تتَوالى الدِّراساتُ العلمية لمحاوَلة تحديدِ الأسبابِ الحقيقية التي أدَّت إلى الوضع الراهن المسدود، وتحظى إضاءةُ أوليفر روي Olivier Roy، صاحب كتاب "فشل الاسلام السياسي"، باستِحْسان كبير لما يعتبرُه القُرّاءُ نظرةً جديدةً. إذ إنَّ أوليفييه يشيرُ باقتِضابٍ إلى عدمِ جدوى الموقِفِ الايديولوجي السائدِ الذي يضعُ المسؤوليَّةَ على عاتقِ الإسلامِ . كما أنَّه يذهبُ إلى أبعَدَ من ذلك، فهوَ يقترِحُ فرَضيَّة “أسلَمةِ التطرُّف” كبديلٍ نظريِّ للطريق المسدودِ الذي تؤدّي إليه فرَضيَّةُ “تطرُّفِ الإسلام”.

شكرا للكاتب
أحلام أكرم -

ألف شكر على هذه المقالة القيمة .. لقد وضعت الأمور في سياقها بشكل ممتاز ولكن أعود للقول لقد حللت ووجدت العلة وإن لم تذكرها بالإسم .. ولكن يبقى السؤال الأهم .. ما هو الحل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟في رأيي المتواضع أن الطريق الأسرع للخروج من هذا المأزق ..للمرة الألف أقولها , فصل الدين عن الدولة .. ولتسريع تغيير الثقافة العنفية السائدة في كل المجتمعات العربية .. تشريع قوانين للمرأة مستندة إلى القوانين العالمية للحقوق .. مع تغيير شامل للمناهج التعليمية .. هذه التغييرات ستأخذ على الأقل جيلين لترسيخها .. ولكنها ستحمي أرواح الكثيرين من أطفالنا ..