ليس تشفيا ولكن

&

هذا هو التفجير الثاني خلال شهر في تركيا يسفر عن قتلى وجرحى، ولا بد أن تركيا تدرك الآن أنها عندما جلبت "الجهاديين" من أصقاع الأرض للتصدي للمد الشيعي، إنها ليست في منأى عن نارهم التي أحرقت كلما طالته ايديهم. وقد ذاقت الولايات المتحدة السم الذي طبخته في أحداث 11 سبتمبر وها هي تركيا تذوقه مرة أخرى.&إن أسوأ طريقة للتصدي للطائفية هي ضرب المذاهب ببعض. فهي نار لن تخبو لسنوات قادمة، وسوف يمتد سعيرها إلى أبعد مكان يمكن لها أن تصله، وإذا كان الهدف الإصلاح وليس التدمير، فهو مقاتلة الطائفية بجميع أشكالها، بهدف وضع الأمور في نصابها الصحيح وتصحيح المسار في كامل المنطقة وتربية الشعوب على الحضارة ومحاربة كافة أشكال التطرف. ولكن من سوء حظ العرب أنهم ابتلوا بالمخربين يحيطون بهم من كل صوب. فبعد أن انزلق العراق في أتون الطائفية، وقعت دول أخرى في نفس الكمين الذي نصبته لها الدول التي تسعى لتدمير المنطقة. أما الدول التي تغرق "المجاهدين" بالمال لكي لا يتناولوها بالأذى، فربما يأتيها يوم لتذوق السم الذي أطعمته للآخرين.&إنني أتمنى أن ينقلب السحر على الساحر في جميع البلاد التي استغلت الفوضى وجلبت الوحوش تارة بالإغراء بالمال وتارة بالتحريض ونشر الكراهية وأن تجرب المآسي التي تسببت في وقوعها جراء القتل والتدمير والسبي والاسترقاق. وهو درس لكل من ساهم ويسهم في تأجيج الحروب القذرة التي تخاض باسم الله والصحابة والتابعين ومن والاهم.&إن هذه مرحلة كان يجب أن تكون انتهت منذ زمن بعيد مع كل ما تقوم به الحكومات من تطوير في مؤسساتهم التعليمية والتربوية، وكان يجب أن تنجح في صرف الناس عن التفاهات وجنون القتل والتدمير وتوجيههم إلى البناء والتنمية. إذ كيف يمكن للعرب أن يستردوا أراضيهم المحتلة وحقوقهم الضائعة إذا كانوا يخوضون حروبا غبية في كل زاوية من زوايا هذه المنطقة المنكوبة؟ لقد نجح أعداء العرب في تدميرهم وتفتيهم وإغراقهم في الفتن والكراهية المستحكمة، وكان يجدر بهم ألا يتفوهوا ولا يكتبوا ولا يتناولوا أمورا دينية أو طائفية أصبحت لغوا وحديثا باعثا على الامتعاض خاصة عندما يخالطه بكاء الواعظ المبجل.&لقد كان أجدر بالبلاد المتناحرة على المذاهب أن تتداول السلطة ولا يهم من يتولاها سواء كان سنيا أو شيعيا أو كافرا طالما أنه مواطن في ذلك البلد ويتمتع بحقوق المواطنة ولديه رؤية وبرنامج سياسي وتنموي. ولكن شتان ما بين الأمل والألم الذي نحن فيه، لقد أحضروا لنا ثعالبهم وأعادونا إلى الخلف مئات السنين. وها هم يدفعون بعض ثمن الويلات التي تسببوا بها.&