فضاء الرأي

من مفكرة سفير عربي في اليابان

هل حان الوقت لدعم الجار الإيراني؟ (2)

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ولنكمل عزيزي القارئ حوارنا مع كاتبنا العزيز فيقول في مقاله: "إذن، الشيعة العرب يعرفون تمام المعرفة كل هذه الحقائق عن مخططات النظام الإيراني وعما يرتكبه من جرائم بشعة في دولهم.. يحدث هذا في الوقت الذي يعيش فيه الشيعة العرب في دول مجلس التعاون الخليجي بالذات في ظل أوضاع معيشية وسياسية أيضا هي أفضل بملايين المرات من الأوضاع التي يعيشها الشيعة في إيران. قارن مثلا الأوضاع التي يعيشها شيعة البحرين من حيث مستوى الخدمات الإقتصادية والإجتماعية التي توفرها الدولة لكل المواطنين، ومن حيث الحريات السياسية المتاحة، بالأوضاع في إيران. الفارق هو كما الفارق بين السماء والأرض.والشيء نفسه يمكن أن يقال عن أوضاع الشيعة في السعودية أو في الكويت مثلا. إذن، الشيعة العرب في طليعة من يدفعون ثمن الجرائم التي يرتكبها النظام الإيراني في دولهم، وثمن الأطماع والمخططات الفارسية الإيرانية في المنطقة العربية. والنظام الإيراني يصور الشيعة العرب للعالم كله على أنهم مجرد تابعين له يمتثلون لأوامره، وعلى أنهم لا ولاء لهم لأوطانهم وأنهم مستعدون لخيانته والتآمر عليه، لا لشيء إلا خدمة لإيران. على ضوء كل هذا، كان من المفترض أن يكون الشيعة العرب في مقدمة من يرفضون جرائم النظام الإيراني في الدول العربية، وفي مقدمة من يعلنون رفضهم لمخططاته وأطماعه الفارسية، وفي مقدمة من يواجهون هذه المخططات والأطماع. كان من المفترض أن يكون الشيعة العرب في مقدمة المدافعين عن أوطانهم، وأول من يرفعون أصواتهم في مواجهة النظام الإيراني. لكن هذا لم يحدث للأسف الشديد. على امتداد السنوات الطويلة الماضية وحتى اليوم، غاب الصوت الشيعي العربي المستقل المدافع عن أوطانهم في مواجهة الإجرام الإيراني." إنتهى.

نعم سيدي الفاضل يعرف الشعب البحريني بجميع أطيافه الدينية والعرقية بأن الزمرة الفاسدة الصفوية ترتكب جرائم مرعبة في المنطقة، بل وبين أفراد شعبها من سنة وشيعة مسيحيين أو يهود أو.. بل بين جميع أعراق بلادها. نعم تحاول هذه الزمرة المجرمة أن تبين بأن الشيعة العرب تابعين لها ويمتثلون لأمرها، ولكن أليس حينما نتهم جميع الشيعة العرب فأننا نؤكد ما تدعيه هذه الزمرة؟ وهل فعلا صحيح بأن على الشيعة العرب أن يخرجوا ببيان لنبذ هذه الزمرة السرطانية؟ وهل يعني ذلك على جميع السنة أن تخرج ببيان تنبذ زمرة داعش الفاسقة، والتي ولدت من ضلوع الزمرة الصفوية الفاسدة؟ اليس ذلك بيان يؤكد الطائفية، والذي تحاول أن تنشرها هذه الزمرة الثيوقراطية الطائفية الصفوية المجرمة في المنطقة؟ أليس من واجبنا أن نقف معا كشعب بحريني وشعب خليجي وشعب عربي وشعب شرق اوسطي بل وكشعب عولمي، لا ومع الشعب الإيراني المظلوم، للتخلص من هذه الزمرة الثيوقراطية الطائفية الفاسدة، ووكلائها في المنطقة، والتي عانى منها الشعب الإيراني نفسه خلال الأربعة العقود الماضية؟

ويستمر كاتبنا العزيز في حواره فيقول:"ماذا نقصد بغياب الصوت الشيعي العربي المستقل؟ المقصود هو الصوت المنظم القوي الرافض بحزم ووضوح لمشروع إيران وجرائمها والمدافع بلا تردد عن الأوطان العربية. صحيح انه في السنوات الماضية، اتخذ افراد من الشيعة، رجال دين أو مثقفين وكتابا، موقفا وطنيا وأعربوا بوضوح في كتاباتهم أو أحاديثهم عن رفضهم للمشروع الإيراني ودافعوا عن اوطانهم العربية في مواجهته. ولكن هؤلاء قليلون جدا، ومواقفهم هي مواقف فردية في نهاية المطاف. وصحيح انه في مناسبات قليلة اصدر عدد من العلماء ورجال الدين الشيعة بيانات تعبر عن مواقف وطنية تحمل تأييدا للدولة وادانة للتدخلات الأجنبية. حدث هذا في البحرين مثلا، وفي السعودية ايضا. ولكن، مع التقدير الشديد لبيانات هؤلاء العلماء ورجال الدين، الا اننا لا نستطيع ان نقول ان موقفهم يمثل موقفا دائما أصيلا لكل علماء ورجال الدين الشيعة. نريد ان نقول ان هذه المواقف الوطنية التي يعبر عنها افراد، أو يعبر عنها عدد من رجال الدين الشيعة في بيانات متفرقة، تمثل استثناء ولا تمثل قاعدة." إنتهى.

نعم سيدي الفاضل نحن نتفق معك بأننا في حاجة إلى صوت منظم قوي رافض بحزم ووضوح لمشروع الزمرة الاستعمارية الصفوية وجرائمها، بل والمدافع بلا تردد عن أوطاننا العربية. ولكن يبقى السؤال: هل نحتاج لصوت شيعي طائفي، وآخر صوت سني طائفي، بل وصوت مسيحي ويهودي وهندوسي وبوذي، أم نحتاج لصوت عربي قومي موحد مدوي من الخليج إلى المحيط، يلفظ هذه الزمرة الطائفية الثيوقراطية الفاسدة؟ وهل أصلا هناك سنة وشيعة في الإسلام؟ فهل دعى رسولنا الأعظم لتناغم دين الإسلام، أم لخلافات وصراعات طائفية سنية شيعية؟ بل لماذا أنزل الخالق جلت عظمته الأديان على عباده؟ هل لتخلق البشر صراعات دينية طائفية بينها، أم لكي يطهر جلت عظمته سلوك البشر، إلى سلوك إنساني تعاطفي روحي حكيم متزن، ليعيش البشر بتناغم في هذا الكون، وليتعلموا ويكتشفوا أسراره، ليعيشوا بعلومهم وإكتشافاتهم حياة قنوعة سعيدة رغيدة هانئة؟ أليس الصراعات الدينية الطائفية التي يعيشها البشر هي بسبب عدم طهارة نفوسهم، ولضعف إيمانهم، أو لجهلهم، أو لسفاهة طمعهم على المصالح المادية الحياتية الزائلة؟

ولنكمل مقال كاتبنا العزيز ليقول: "حين نتحدث عن صوت مستقل للشيعة العرب في مواجهة إيران ودفاعا عن الأوطان، فإننا نتحدث عن حركة شيعية منظمة ومستقلة ودائمة تتخذ المواقف الوطنية المفترضة في مواجهة النظام الإيراني ومشروعه، سواء كانت حركة سياسية أو مجتمعية عامة. نتحدث عن حركة شيعية بهذا المعنى تجعل من المواقف الوطنية للشيعة العرب موقفا ثابتا دائما ومسموعا في العالم كله. نتحدث عن حركة شيعية وطنية تخاطب جمهور الشيعة بشكل عام، وتسعى لحشدهم في اطار مشروع وطني في مواجهة النظام الإيراني ومشروعه ومخططاته وجرائمه. نتحدث عن حركة تسعى بشكل دائم ومنتظم إلى صياغة مشروع شيعي وطني عربي في مواجهة مشروع إيران الفارسي العنصري الذي يستغل الشيعة العرب. نتحدث عن حركة تجسد الارادة الوطنية المستقلة للشيعة العرب بعيدا عن إيران ونظامها وارادتها. هذا هو المقصود بالصوت الشيعي العربي المستقل الذي طال انتظارنا له، ومازال غائبا. ومازال هذا الصوت غائبا في البحرين وفي السعودية والكويت والعراق وحتى في اليمن." إنتهى.

نعم سيدي الفاضل نحن نحتاج لحركة منظمة ومستقلة ودائمة تتخذ المواقف الوطنية المفترضة في مواجهة الزمرة السرطانية الثيوقراطية الصفوية ومشروعها الإستعماري، سواء كانت حركة سياسية أو مجتمعية عامة، وتجعل من المواقف الوطنية للمواطنين موقفا ثابتا دائما ومسموعا في العالم كله، تخاطب الجمهور الشعبي، وتسعى لحشد الجميع في اطار مشروع وطني في مواجهة النظام الإستعماري الصفوي، ومشروعه ومخططاته وجرائمه. ولكن يبقى السؤال: هل فعلا نحتاج لحركات منظمة طائفية منقسمة إلى سنة وشيعة ومسلمين ومسيحيين ويهود وهندوس وبوذيين، أم نحتاج لصوت شعب بحريني وطني موحد، مؤمن بملكه ووطنه وقيادته ودستوره، ليقف بحزم وقوة، بالصوت والفعل، امام هذه الزمرة الإستعمارية الثيوقراطية الطائفية الفاسدة، مع وكلائها المأجورين في الشرق والغرب؟ ألم يكن علماء ديننا الأفاضل، بمختلف دياناتهم وطوائفهم في مملكة البحرين، عبر التاريخ، حصنا منيعا لوطنهم وقيادتهم، ضد الأطماع الأجنبية، ووكلائها المأجورين؟ أما ما يسمون بخطباء المنابر السياسية، أي وكلاء الشرذمة المجرمة الثيوقراطية الصفوية الفاسدة، هم ليسوا من علماء دين هذا الشعب الابي، بل ما هم إلا قلة من وكلاء مأجورين، قصدا أو جهلا، من قبل هذه الزمرة الإستعمارية الثيوقراطية الطائفية الفاسدة.

ويتساءل كاتبنا العزيزي مرة أخرى: "السؤال المحير هو: لماذا؟.. ما هي الأسباب التي يمكن ان تفسر هذا الغياب حتى الآن؟ الاجابات التي يمكن تقديمها لهذا السؤال كثيرة. هل السبب مثلا انه في نهاية المطاف، فانه بالنسبة إلى كثير من الشيعة، فإنّ الانتماء للمذهب يأتي قبل أي انتماء آخر، والولاء الطائفي يأتي حتى قبل الولاء للوطن؟ وحتى إذا كان الأمر على هذا النحو، فما علاقة ذلك بالصمت عن مشروع فارسي توسعي إيراني لا علاقة له بدين أو مذهب؟.. ما علاقة ذلك بالصمت عن إرهاب إيراني يسعى إلى تدمير دولنا العربية من اجل السعي لتحقيق اطماع توسعية فارسية عنصرية؟ هل يكون السبب هو الخوف من مراجع الشيعة، وتصور ان أي موقف وطني مستقل يجاهر برفض المشروع الإيراني سوف يغضبهم أو لن ينال رضاهم؟ هل يكون السبب هو حكوماتنا العربية نفسها التي فشلت في ان تطرح مشروعا وطنيا واستراتيجية وطنية لتكريس الولاء الوطني الذي يعلو فوق أي ولاءات اخرى طائفية أو قبلية، ولتعميق القيم الوطنية الجامعة لدى كل المواطنين، شيعة وغير شيعة؟ لا ربما تكون كل هذه الأسباب مجتمعة تفسر معا هذه الظاهرة." إنتهى.&

نعم أستاذنا الفاضل، هذه أسئلة فكرية عميقة تحتاج للفحص والدراسة والتأمل، ولكن أليس الصمت هو الغالب في مجتمعاتنا العربية؟ ألم تبين الأبحاث الإحصائية البيولوجية الإجتماعية بأن 95% من شعوبنا هي شعوب صامتة لا تبدي رأيا عما تحب أو تبغض، ومتفرغة لعملها وتوفير قوت أطفالها. بينما هناك 2.5% من هذه الشعوب تجمع بين الفكر والرصانة والحكمة، كما ان هناك 2.5% منشغلة برفع الصوت والمعارضة، بل وتنقسم هذه المجموعة الأخيرة المعارضة أيضا إلى 95% منها معارضة قلبية متفرجة، بينما 2.5% معارضة فكرية أيديولوجية رصينة، وأما 2.5% الأخرى هي معارضة متحمسة متطرفة إنفعالية غاضبة ومتشددة، وأحيانا إرهابية؟ أليست هذه المعارضة الإنفعالية هي معضلة تطور مجتمعانتا؟ فهل سنسمح لهذه المعارضة المتطرفة أن تمزق وحدتنا وتناغم مجتمعاتنا وتطورها، بالتفرغ لإتهام بعضنا البعض بالسكوت والخيانة؟&

ثم يناقش كاتبنا الفاضل موضوع المسئولية ليقول: "لكن الأمر المؤكد في تقديرنا ان المثقفين الشيعة يتحملون مسؤولية اساسية هنا. المثقفون الشيعة من اساتذة ومفكرين وكتاب الذين من المفروض انهم ليسوا اسرى للاعتبارات الطائفية الضيقة، هم الذين كان يجب أن يقودوا هذه الحركة الشيعية المستقلة. لكنهم للأسف اما أيدوا القوى والحركات الطائفية الموالية لإيران، واما لاذوا بالصمت لأسباب غير مفهومة. والأمر المؤكد أيضا ان رجال الدين الشيعة يتحملون مسؤولية كبرى. رجال الدين هؤلاء عجزوا ان يفرقوا بين الانتماء الطبيعي للطائفة والمذهب، وبين الانتماء السياسي للنظام الإيراني. وكثيرون منهم قادوا في السنوات الماضية عملية الشحن الطائفي لأبناء الشيعة ولم ينطقوا ولو بكلمة واحدة انتقادا للقوى والجماعات العميلة لإيران والمنخرطة في مخططاتها ضد الدول العربية. على أي حال، هذه ظاهرة خطيرة. هي خطيرة لأنّ غياب هذا الصوت الشيعي العربي المستقل يعني في جوهره دعما للمشروع الإيراني وللإرهاب الذي يمارسه النظام الإيراني في الدول العربية.. يعطي الانطباع بأن الشيعة العرب يؤيدون مخططات إيران ولا يعنيهم ان تتدمر دولهم.وهي ظاهرة خطيرة لأنّ هذا الصمت بكل ما يعنيه يعمق الشرخ الاجتماعي ويكرس عدم الثقة بين طوائف وقوى المجتمع. عموما، هذه الظاهرة تستحق النقاش الموسع. ونتمنى ان يكون للإخوة الشيعة رأي وموقف وتفسير لهذه الظاهرة. " أنتهى.&

نعم سيدي الفاضل يجب أن يقف المثقفون صفا واحدا لفضح هذه الزمرة السرطانية الثيوقراطية الفاسدة ووكلائها في المنطقة، ليبينوا بأن أية زمرة أو نظام ثيوقراطي طائفي لا يؤدي إلا إلى دمار البلدان وتمزيقها، والذي هو واضح في ما أقترفته هذه الزمرة الطائفية من حروب متكررة مدمرة، والتي إنتهت بالقضاء على الثورة الخضراء الإيرانية، وخلق الوحشية الداعشية، مع دمار العراق وسوريا ولبنان واليمن، وجرح وقتل الملايين من شعوب الشرق الأوسط، بل وباقي العالم، وخلق أثنى عشر مليون لاجئ، وبأسم الدفاع عن "المستضعفين" وتحرير فلسطين. وأرجو أن لا نستغرب من هذا السؤال الأخير: ألم تنتهي سويسرا بعد الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر، من عدة ولايات متحاربة، إلى فدرالية محايدة مسالمة، بل ولتتحول اليوم لأسعد اقتصاد عالمي؟ ألم تكن السويد دولة غازية ومستعمرة لجيرانها، لتتحول اليوم لجزء من إسكندنافيا الموحده، ولتصبح منطقة لأنجح رأسمالية عالمية، ذات مسئولية اجتماعية، وشبه مثالية؟ فهل ستعمل شعوب منطقة الشرق الأوسط عرب وأتراك وايرانيون، بل ومسلمين ومسيحيين ويهود، وباقي الأديان والأعراق، للقضاء على البدع والخرافات الثيوقراطية السرطانية الطائفية، لكي تنشر السلام في المنطقة، ولتجمع شمل أبناءها في بوتقة منطقة شرق أوسطية متناغمة، روحانيا واجتماعيا واقتصاديا، ولتنشأ سوق حرة مشتركة، ولكي تتحول إلى "سويسرا" الشرق المستقبلية السعيدة؟ ولنا لقاء.

سفير مملكة البحرين في اليابان

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف