فضاء الرأي

تطاحن النخبة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قد ننظر إلى مقولة "اختزال الصواب في رأي واحد" على أنها من البديهيات التي عفى عليها الزمن، وأننا تجاوزناها إلى مقولة أخرى أكثر اعتدالاً، وهي "كل رأي يحمل جانب من الصواب"، وبالتالي فإننا وفقاً لهذا الاعتقاد نضع مجمل الآراء المخالفة لنا موضع الاعتراف والتقدير أحياناً. وبهذه الصيغة المتكررة والمبتذلة تنهض صفحات التواصل الاجتماعي للدرجة التي يخيل إلينا أن المجتمع محاط بأفراد متسامحين لا يحاول أحدهم إقصاء الآخر، وأن التطاحن الإلكتروني اليومي مجرد اختلاف صحي في الرأي ومحاولة لتقريب وجهات النظر ليس إلا.&

وتكاد تتفق معظم الكتابات العربية على مفهوم: أنت وأنا على حق. وهذا من خلال ما يُنشر في صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، بل أن هذا المضمون ينطوي عليه قدراً لا يستهان به من المؤلفات الأدبية، وهو أمر يوحي بوجود أذهان متسامحة جداً تجاه الآخر. لكن ما يفتأ هذا المتسامح أن ينقلب إلى غول لا يرتضي التقليل من رأيه أو وجهة نظره المطروحة، وكأن الذي كان بالأمس حملاً وديعاً أصبح اليوم مخلوقاً مفترساً قاسياً. &

طبعاً ما يعنيني هو مناقضة مقولات التسامح الأخلاقي والفكري المتبناة من ذات الفرد، تجاه الأفكار التي تقابلها من جنسها، وبذلك تكون الأفكار والمقولات التحريضية والداعمة للجماعات المتطرفة خارج هذا السياق. من حيث أنه يجب دائماً مخالفتها.&

والقصة القصيرة التي سأذكرها الآن من باب طرح نموذج حي لا يمثل جوهر الأفكار المنتمية لها أطراف القصة.

حدث قبل بضعة أيام أن سالت الدماء الإلكترونية بين شخصيتين أحدها (ليبرالية) والأخرى (إسلامية وسطية) وفق معرف كل منهما بموقع التواصل تويتر، وذلك حول قضية إغلاق مكبرات الصوت وقت الصلاة. وكانت الشخصية المنتمية للإسلام الوسطي قد طرحت رأياً شخصياً يعبر من وجهة نظرها عن مساوئ إغلاق المكبرات وقت الصلاة. وبعد التجاذب في عدد كبير من التغريدات والردود التي لم تخرج عن اختزال الصواب في الرأي من كِلا الطرفين، طوت كل من الشخصيتين باب النقاش مخلفين وراءهم طرفة جديرة أن تحكى بصدد: أنت وأنا على حق.

هذه النماذج من الحوارات تجسد الواقع الممتلئ بالشعارات المزيفة، التي تصور الحرية والتسامح والفضيلة بصور أقل ما يقال أنها مشوهة. فالليبرالي الذي لا يفهم من الليبرالية إلا قشورها يريد أن يختزل الحرية كمثال إنساني متعالي في مذهبه، والإسلامي لا يرى الفضيلة ولا يريد من الآخرين أن يرونها إلا في مذهبه. ولأن معظم الجماهير لا تقرأ ولا تبحث عما يقربها من حقيقة الأفكار من حولها، فإنها تتصورها في الشائع من الأفكار، تلك التي يتبناها الشخصيات المعروفة، وتتبدى في حواراتها وشعاراتها. &

ولذلك لا يكفي القول إن الفضيلة هي عباءة المرأة وصوت الأذان كما يصورها رجل الدين، ولا الحرية هي إزاحة العقبات وفعل ما يرغب به الناس دون قيد أو شرط كما يصوره المتحمس لليبرالية، بل إن الفضيلة والحرية مُثُل إنسانية متعالية يقترب إليها البشر بأفعالهم، ومتى زعم المتمذهب أن المثال الإنساني تحقق في مذهبه، فأعلم أنه انزلق في تشويه المثال ومسخ المذهب.&

إنه خطأ ثنائي تقع فيه النخبة والجماهير، فالأولى تسعى (غالباً) بمحدودية فهمها إلى تجسيد المُثُل في عالمها الذي تتأثر به الجماهير، والثانية تستوحي هذه المُثُل من النخبة وتعتقد أنه الصواب، وهي لا تكلف نفسها نزراً من الجهد للبحث أو المسائلة.&

إن ما يُحيط بنا من أفكار ليست مصاغة بصورتها النهائية والمثالية، بل ليست على الصبغة التي أرادها مؤسسوها الأوائل، وأن واجبنا يقضي بأن نُعمِل أذهاننا، فالعقل هِبة إلهية للتفكر في مادية العالم وفكره وروحانيته، أكثر من كونه آلة للاستقبال وإعادة التدوير المحض.&

*كاتب سعودي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تطاحن مقصود
تسعره النظم المستبدة -

بعيدا عن الهذيان المتوقع لابناء الخطية والرهبان الصليبيين المشارقة الذين يتدخلون فيما لا يعنيهم وهربا من واقعهم البائس حيث الطغيان الكنسي والارهاب الاقطاعي. فإننا نقول ، تستفيد النظم الطاغوتية المستبدة من تطاحن النُخب ، بتمزيق المجتمعات الى فئتين او اكثر وفِي الغالب ان هذه النخب تكون محسوبة على السُلطة ، ومطلوب منها ادخال المجتمع في صراع لا ينتهي فيما تستمتع النظم بخيرات الاوطان ، و تستمتع النخب بفتاتها ..

حتى الكبار يسقطون في هذا المزلق
ابراهيم -

كم شخصية عربية ومعروفة في مجال الفكر والادب لم تدعي ان رأيها كتيار ومذهب هو الحق والصواب؟؟؟؟ قليل جداًاما في مواقع التواصل الاجتماعي فالامر مخجل جدا !!حتى اولئك الذين نظنهم كبار يسقطون في هاوية اختزال الصواب والحقيقة والعرب منذ القديم لا يجيدون الحوار لأنهم يفهمونه بمعنى الجدال ... لابد ان ينتصر احدهم

تشويه المثل الانسانية
dr.ehab -

الذهنية المتأججة بالأفكار المثالية مع سطحية فهم حقيقتها ومدى تناغمها مع الوجود الإنساني تقود صاحبها بالضرورة الى التبيان/التمظهر بأحقية بلوغها او الوصول اليها. مع اليقين انها مثل مفارقة للوجود لكن هكذا عقلية تستلهم ما يوحى اليها من الافكار الطافحة على سطح المجتمع وتقوم باجترارها مرة بعد اخرى

لا توجد مثالية لكن يوجد حق بيّن
ياسمين الفيضي -

الشخص المنتمي للتيارات المنفتحة لا يقبل ادنى رأي من الشخص الوسطي والعكس صحيح ليس لان كل منهم يرى الحق في جانبه ولكن لامتلاء وتراكم المخزون الفكري المتهيّج لكل منهم ضد الاخرويكون من المستحيل غالبا ان تتوافق الرؤى لكن كيف حكمت يا استاذ احمد النخبة قاصرة في فهمها؟ فاذا كان قصدك انهم يقولون مالا يفقهون فقد ظلمتهم وان كنت تقصد انهم لن يصلوا للحقيقة الكاملة فانا اتفق لكني اجد باباً لنقد مقالتك من زاوية هذا المعنى وإجمالاً فانت محق ان الساحة العربية ممتلئة بالمثاليات الطوباوية التي لاتجد مكانها في الواقع

المؤدلج فكريا محكتر للحقيقة
الهمزاني -

النماذج المتطاحنة على حد تعبير الكاتب منغلقة تحت ايدلوجيات بالرغم انها تزعم خلاف ذلك !!! حتى الليبرالي المدعي انه منفتح تراه منغلق لاخمص قدميه ...فكيف يقول انه غير مؤدلج وهو يؤمن بأفكار معينة ؟؟؟؟ حتى الكاتب لا يمكنه الهروب من هذا الواقع الا اذا وضع البرهان ان الليبرالية لا تحكمها ايدلوجيات !!!! هل هذا خطأ وتدوير محض ؟

ما معنى اسلام وسطى ؟
فول على طول -

عنوان التعليق هو سؤالى وسؤال الكثيرين ونبحث لة عن اجابات ...هل من مجيب ؟ هل تعنى أن هناك أنواع عديدة من الاسلام وانت تختار ما يناسبك ...يعنى ممكن تختار الداعشى وممكن تختار الشوقيين أو جماعة التكفير والهجرة أو المرابضون أو عصائب أهل الحق الخ الخ - أكثر من مائة اسلام - أو هل تعنى الاسلام الشعبى الذى يقيم الشعائر فقط ولكن يتعامل بالانسانية مع الشارع ومع الجيران ..او تعنى أن تأخذ ما تريد وتترك ما تريد حسب الموقف ؟ أو تقول الاية أو الحديث التى تخدم موقفك وتهرب من الذى لا يخدم موقفك ؟ هذا هو السؤال ونتمنى الاجابة رحمة بالمسلمين أولا وبالعالم أيضا .

مقال رائع
ضياء -

سيفهم من ينبذ العنصرية .

عيب الحاقدين أمثالك يا مردخاي فول عسر الفهم والتمييز
بسام عبد الله -

مردخاي فول الزهايمري يسأل عن معنى الإسلام الوسطي! الإسلام الوسطي هو الإسلام الحقيقي والوحيد وكل ما هو غير ذلك لا يعتبر إسلام، وحتى نقربها إلى دماغك المصطوم ، سنعطيك مثالاً عن ذلك، بتشبيه الإسلام الوسطي بالمسيحية الوسطية أي الكاثوليك دين الإيمان الحق بين الأرثوذكس والبروتستانت. والفرق بينهما تماما كالفرق بين ديانة الخميني ودين الإسلام الحق وهو كالفرق بين الديانة الشنودية والديانة المسيحية الكاثوليكية الحق كما نوهنا، وكذلك بين ديانة السفرديم وديانة الفلاشا وديانة الأشكناز. لأن الكنائس الشنودية صارت مرتعاً لبث الفتن والدسائس بين مكونات المجتمع في الداخل والمهجر كونها بؤر لزرع الحقد والكراهية والعنصرية. لأنها تحشو أدمغتهم بالخرافات والشعوذات تماماً كالخمينية فالخميني أصله هندي وهو قرين شنودة الغجري اليوناني ونتنياهو البولندي وجدك مئير كهانا من فلول يهود سيناء يا موردخاي فول الزهايمري، الخمينية ليست شريعة ولا علاقة لها بالإسلام وهي طقوس مجوسية وهندوسية وحسينيات معيبة وتجمعات دينية حاقدة وموبوءة، تماما كما قال قداسة بابا الفاتيكان عن الأرثوذكسية بأنها تجمعات دينية وكنائس معيبة بوثيقته الشهيرة ولا علاقة لها بالديانة المسيحية وأبلغ وصف لهم هو الذي صدر عن المطران جورج خضر الذي قال : “إله العهد القديم إله جزار وأنا أكفر بهذا الإله الجزار” ولو كان الأقباط هم الأغلبية في مصر لكانوا إضطهدوا المسلمين وجاء هذا نتيجة لمعرفته الوثيقة بقيادات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كونه عضو في مجلس كنائس الشرق الأوسط ويعرف ما يدور بعقولهم تجاه الأغلبية المسلمة في مصر.

اختار الاسلام الذي قبله الارثوذوكس المصريين
بمعدل اسبوعي لافت وآلاف يخفون اسلامهم -

ثمانية وستون الف مسيحي مصري اسلموا بعد أن تكحلت عيونهم بالإسلام، استطاعوا رؤية الحق الإلهى كاملا، كما أنزله الله فى القرآن الكريم على نبيه محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، فوضعوا على عاتقهم مسئولية توصيل الدعوة للإسلام إلى جموع وملايين المصريين المسيحيين الذين كانوا مثلهم قبل أن يتغمدهم الله بالهداية إلى الصراط مستقيم.. مجموعة مسيحية سابقة قبلت الإسلام تخلصاً من كل قيود العقائد المسيحية التى كانوا يرسفون تحت أغلالها، حسبما وصف.وأضاف: «صنفنا ركاما هائلا من الطقوس (أنظمة العبادة) البشرية المخترعة والعقائد الفلسفية الإنسانية الموضوعة التى جعلتنا نعيش فى مغارة لا مخرج منها، ولم يكن لها مطلقا نص من الكتاب المقدس أو الإنجيل يدعمها، ولا يلغو بها إلا القساوسة والكهان من أبناء الطائفة التى تدعى أنها الأم وما غيرها زيف وبهتان (الكنيسة الأرثوذكسية يقول يا لهول هذه الأمور المتعارضة الفجة! وهكذا لقد شُيدت الكنائس والكاتدرائيات بالرخام والمرمر الخالص، وكُللت صورها وأيقوناتها بماء الذهب، وتبارى أهلها (هؤلاء القساوسة) فى جعل الكنائس قطعا فنية تمتلئ بالنحت والصور والتماثيل الفخمة، ويموج هواؤها بالبخور المستورد الغالى الثمن، وهى أمور لم تذكر فى الإنجيل بين أيديهم أبدا، وتثير استهزاء وسخرية العالم و عاش مسيحيو المشرق ولا يزالون تحت عبودية هؤلاء القسيسين والكهان، ومن يعترض على ثرائهم ومظاهر الأبهة والفخامة والمظاهر المثيرة، لن يحصد إلا حرمانه من دخول الكنسية، بل وعدم الصلاة على جثمانه حينما توافيه المنية، ويكون مآله جحيم الابدية وهكذا عاش ومات الملايين من المسيحيين تحت ركام العقائد الكاذبة المصطنعة

الى بائس عبد اللات أو بسام عبداللة
ف -

لا تهرب يا بائس عبد اللات .... ما هو الاسلام الوسطى ؟ وهل يوجد أنواع أخرى مادام هناك شئ اسمة اسلام وسطى ؟ وهل اقتلوا واغنموا وانهبوا وبنات الأصفر ..الخ الاخ تعتبر اسلام وسطى أم منسوخات ؟ وهل انكحوا مثنى وثلاث ورباع الخ الخ ..اسلام وسطى أم منسوخ ؟ وهل أمرت أن أقاتل الناس حتى يعطوا الجزية الخ الخ ..اسلام وسطى أم منسوخ ؟ نقول تانى ؟ ننتظر الاجابات دون هروب .