فضاء الرأي

مَن المستفيد من ضريبة التبغ الجديدة؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تجاوزت وزارة الشؤون البلدية والقروية حد المبالغة في الرسم الواجب تحصيله نظير فاتورة المشتريات من المطاعم والمقاهي التي تقدم منتجات التبغ (الشيشة). إذ أن الوزارة لم تحصر مضاعفة قيمة المشتريات على مبيعات التبغ، بل شملت جميع المنتجات الأخرى التي تقدمها المطاعم والمقاهي بما فيها المشروبات والمأكولات، وقد يُضاف إلى هذا المبلغ رسوم الخدمة التي تفرضها بعض المطاعم والمقاهي خاصةً في الفنادق.&

ولعل هدف الوزارة من خلف هذا الرسم الباهظ، هو الحد من تداول واستخدام منتجات التبغ، وهو هدف صحي نبيل، لكني لستُ متأكداً ما إذا كانت الوزارة قد استحضرت أثناء عملية بحث هذا الرسم الآثار الاقتصادية المباشرة والغير مباشرة. فهو يدور في حمى الجوانب الاقتصادية أكثر من صلته بالتوعية الصحية وحدها. وتبعاً لهذا الرسم الباهظ فإن الحد من انتشار واستعمال منتجات التبغ يُعد أثراً مباشراً وهدفاً بحد ذاته، لكن وعلى المدى البعيد، فإن إجمالي الخسائر المنطوية على ما يدفعه التاجر والمستهلك (للرسوم فقط) ومن ثم على أوجه الاقتصاد المتنوعة، تشكل أثراً بعيداً قد نغفل عن احتسابه نظراً لمحورية الأثر المباشر الذي تركز عليه الوزارة وتطمح إليه.

فإذا كان إجمالي مشتريات المستهلك الواحد (100ريال)، وعلى افتراض تقسيمها على النحو التالي: (40 ريال مقابل منتج التبغ، و 10ريال مقابل كوب قهوة)، فإنه سيدفع للمطعم أو المقهى (105 ريال) يذهب منها 50 ريال رسوم للوزارة، فيما يحصل مبلغ 5 ريال كضريبة للقيمة المضافة. وتبعاً لهذا السيناريو البسيط، فإن المستهلك (الواحد) يخسر 50 ريالاً كان من المفترض أن ينفقها في إطار احتياجاته على سلعة أو خدمة أخرى. بمعنى أن هناك منتجاً آخر أو خدمة قد خسر مبلغ 50 ريال نظراً لإنفاق هذا المستهلك لهذه الرسوم. ونقيس على ذلك إجمالي الرسوم التي سيدفعها جميع المستهلكين. فلو افترضنا أن إجمالي القوة الشرائية للمطاعم والمقاهي التي تقدم منتجات التبغ في فترة محددة هو (خمسين مليون) ريال، فإن نصفها تخسره التجارة والخدمات الأخرى نتيجة ذهابها لصالح الوزارة. ما يعني توزيع هذه الخسارة على مصادر اقتصادية متنوعة ومختلفة قد تكون ذات أهمية عالية للفرد والمجتمع.

إذن لابد للقوة الشرائية أن تنخفض في مكانٍ ما وعلى حساب سلع وخدمات متنوعة إذا كانت هناك رسوم (أي رسوم) تُدفَع لمنتجات وخدمات بعينها. فالفرد الذي ينفِق 1000 ريال شهرياً على الرسوم، وبالتالي المستهلكين الآخرين مثله، فإن قدرته الشرائية تنخفض بمقدار 1000 ريال على مختلف السلع والخدمات، كما تنخفض قدرات الآخرين الشرائية &أيضاً بالمقياس نفسه. وفي هذا ضرر بالغ على الأفراد وعلى من يرتبطون بهم معيشياً ومالياً، بل ويلحق الضرر الاقتصاد نظير خسارة التجارة المتنوعة للمبالغ التي ينفقها المستهلكون على الرسوم ضمن فواتير المطاعم والمقاهي المقدمة لمنتجات التبغ. &&&&&&&&

وعلى الجانب الآخر والمهم، يأتِ أصحاب المطاعم والمقاهي، فمع رغبة هؤلاء في التشغيل على المدى القصير والطويل، فإن الرسوم العالية والتي ترتبط بعلاقة مباشرة وطردية بقرارات المستهلك، فإن هذا الأخير سوف يرشد استهلاكه نظير الرسوم العالية، مما يسترعي تقليل نفقاته على المطاعم والمقاهي، وبالتالي ضعف العوائد والمبيعات للمقاهي والمطاعم التي تقدم منتجات التبغ، مما يستوجب في المقابل قرارات من التجار لتأمين أوضاعهم المالية. وهنا قد تقود بعض القرارات إلى تسريح العمال أو خفض أجورهم، بل قد تؤدي بعض القرارات إلى إشهار الإفلاس كنتيجة لارتفاع الالتزام المالي مقابل تدني العوائد. &وضرر ذلك كما هو معلوم يمس الأجور والوظائف من جانب، ومن جانب آخر يمس معدلات البطالة.&

ولذلك فإن قرار فرض الرسوم بنسبة 100%& على إجمالي فاتورة المشتريات لسبب وجود منتجات التبغ، بحاجة إلى إعادة النظر فيه. فتبعات هذا القرار قد تأخذ منحى يتجاوز موضوعية التوعية بآثار التدخين. فهناك آثاراً اقتصادية بعيدة المدى تؤثر على مستويات متنوعة ومتعددة لا يقف مساسها لحدود قدرات الأفراد والتجار المالية، بل إن آثارها تمتد إلى المساس بالقدرة الإنتاجية والقوة الشرائية لتجارة المنتجات والخدمات الأخرى.

إننا على أمل أن تعيد وزارة الشؤون البلدية والقروية نظرها في هذه الرسوم، حتى وإن كان هدفها صحياً. خاصةً وأن هذه الرسوم تُعد تهديداً لتشغيل قطاع واسع جداً وهو قطاع المطاعم والمقاهي. وهو القطاع الذي يشارك بنسبة لا يُستهان بها في الناتج المحلي. علاوةً على الانعكاس المحتوم الذي مفاده أن دفع الرسوم سوف يقلل ويخفض من القدرات الشرائية للأفراد إزاء منتجات وخدمات أخرى، الأمر الذي سوف يشكل تهديداً على قطاعات مختلفة ومتنوعة تتشارك جميعها خسارة النفقات التي تذهب كرسوم للوزارة.& &&

*كاتب سعودي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
يجب محاربة التبغ
فؤاد -

جميع دول العالم تحارب التبغ لتسببه في انتشار امراض كثيرة اهمها سرطان الرئة والسياسة التي تتبعها معظم الدول هي معالجة مرضى التدخين من جباية ضريبة بيع وشراء التبغ ومعدلات امراض الرئة ترتفع سنويا لزيادة وانتشار التبغ خصوصا بين المراهقين. هذا تقريبا ما يجري في الدول. لكن اظن سياسة الضريبة التي فرضتها وزارة البلدية غريبة جدا .. كيف ادفع ضريبة بقيمة مئة بالمئة على الاكل والشرب عشان المحل يقدم شيشة؟ يعني حتى لو ما اطلب شيشة راح ادفع ضريبة!!الحقيقة تبدو محاربة التبغ بهذه السياسة تعسفية جدا. هناك طرق للتوعية من التدخين لكن ليست بهذه الطريقة

حرب على المطاعم والمقاهي
م. ابتهال -

انا ضد التدخين كمبدأ لكني ضد الضريبة الانتقائية لأنها عشوائية ولا تستند على مبادئ موضوعية:: فمثلاً التدخين فرضت عليه الوزارة ضرائب عالية ومع ذلك لم ينخفض معدل التدخين ولم تنخفض معدلات الامراض السرطانية:: فأين ذهبت مليارات الريالات؟ثانياً فرض ضريبة 100% على الزبون حتى لو ما يطلب شيشة يعتبر في نظري حرب على المطاعم والمقاهي وهي مثل ما تفضل الكاتب وجهة يومية للافراد والعائلات:: فبعد الضريبة الناس بتبحث عن وجهات بديلة اقل خسارة او سيبحثون عن أماكن لا تقدم الشيشة. أتوقع لو تم تنفيذ هذي الضريبة ستخسر المقاهي ليس بسبب الدخل لكن بسبب عزوف الناس عنها

الضرائب عند العرب وعند الغرب
Fatimah -

في الدول المحترمة تؤخذ الضرائب من المواطنين وترد اليهم على شكل خدمات وتسهيلات - وعندنا تؤخذ من المواطنين وتذهب لجيوب اصحاب النفوذ والمسؤولين على شكل حوافز ومكافئات ...المتضرر في النهاية جيب المواطنالمستفيد في النهاية جيب المسؤول

اخذ اموال الناس بالباطل
ادريس -

ضريبة متهورة وجديدة من نوعها ،، يبدو ان الاشقاء السعوديين وجدوا مدخل لذيذ لزيادة الثروة عن طريق الضريبة فهي نجحت في ضريبة الvat واصبحت تنظر لسد العجز من خلال فرض المزيد من الضرائب غير مفهوم ان تأخذ ضريبة ١٠٠ بالمئة على منتجات لا يستفيد منها احد؟ادفع لعلبة البيبسي دبل الثمن بسبب ان المحل يبيع شيشة؟ اين يحصل هذا؟