فضاء الرأي

الثورة السودانية الفريدة (4)

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في أوائل شهر ابريل 2019 بدأ نظام البشير يترنح وأينعوحان قطافه ، وساد شعور عام وسط الناس وخاصة الغلابة بقرب بزوغ فجر الخلاص من قبضته مما زاد حماسهم للانخراط في الثورة. وكانت الخرطوم وعطبرة وسودري وكسلا وخشم القربة وكل مدننا الجميلة تفيض بالأمل في تلك الأيام ، وتزامن هذا التفاؤل مع دعوة تجمع المهنيين السودانيين الشعب السوداني لمليونية " الرحيل " او 6 ابريل الحاسمة والقاصمة لحكم البشير البوليسي الجائر ، وكانت حكومة الإنقاذ الكيزانية متمثلة في كبار قادتها يسخرون من هذه الدعوة ويتحدون ان يخرج أحد، وصرح نافع علي نافع احد جبابرة دولة الكيزان ساخراً " كلها يومين وحا نشوف ". بينما دعا الأمام الصادق المهدي أنصاره وجموع السودانيين للمشاركة بكثافة في هذه المليونية وان المشاركة فيها فرض عين. وصرح الإعلامي الكوز المعروف حسين خوجلي صاحب قناة امدرمان الفضائية مغاضباً بأننا نحن الإسلاميين التيار الوطني العريض من الشعب الذين نمثل 98% لن تستطيعوا أيها الشيوعيون الذين لا تمثلون سوى 2% الضحك علي أولادنا وبناتنا يا عمر الدقير والخطيب ، غدا سيخرج التيار الإسلامي العريض وترفعون أيديكم عنهم يا شذاذ الآفاق.

استبقت الحكومة هذه المليونية بحملة اعتقالات مكثفة للناشطين من الشباب والشابات ( الكنداكات ) وأعضاء تجمع المهنيين وداهمت الحملة البيوت والجامعات تستهدفهم أينما كانوا حتي امتلأت بهم السجون وفاضت ولكن لم ينضب رحم الثورة من ميلاد ألف ناشط وناشطة هنا وهناك ، فكل الشعب أصبح ثائراً وناشطاً . عرفت الأجهزة الأمنية ذلك وأيقنت ان هذه الثورة ثورة غبن ولن تجدي معها الاعتقالات فتيلا، ومن باب الترهيب خرج علينا نائب الرئيس الفريق الركن عوض ابن عوف مخاطباً قوات الدفاع الشعبي مطالبا اياها للقيام بدورها وإعداد العدة للتصدي لأعداء الوطن والمخربين ودعاة الفوضى بقصد بث الرعب في الناس وإخافتهم من هذا الجناح الإرهابي من الجيش المسمى بقوات الدفاع الشعبي . كما صرح الفريق اول ركن كمال عبد المعروف ان القوات المسلحة جاهزة للقيام بدورها وملتفة حول قيادتها ولن تسمح للمتربصين لجر لبلاد لمزالق الفوضى. أيضا لعب الدجاج الالكتروني التابع للنظام دوراً كبيراً في الترجيف وتخويف الناس من عواقب الانجرار وراء تجمع المهنيين وحاول زرع الشك بأن هذا التجمع ما هو الا كيان هلامي لا وجود له علي ارض الواقع ، وهم مجموعة من الشيوعيين الذين يعيشون خارج البلاد ويسعون الي تقويض دولة الشريعة والفضيلةليعودوا بالبلاد للفسوق والتعري والانحراف الأخلاقي .

أما الدعاة وأئمة المساجد فهؤلاء كانوا أكثر الفئات وقوفاً مع السطان الجائر وولي نعمتهم وعلي رأسهم الشيخ / عبد الحي يوسف الكوز الكبير والمفتي والعالم في بلاط حكم البشير والمستنفع من الأموال التي يأخذها نظير المساهمة في الهاء الشعب بالخطب الدينية العاطفية التي ترسخ لحكم الأخوان والتلاعب بمشاعر البسطاء بالشعارات الدينية الفضفاضة ، فظل يردد هؤلاء الأئمة أن سبب الغلاء وانعدام السلع ما هو إلا ابتلاء من الله لكوننا متمسكون بشرعه وأننا محاربون من العالم الكافر بسبب ديننا ، وأن هذه الابتلاءات ليست من الحكومة وحدها ولكن بما أيديكم أيها المسلمون، ويطلبون من المصلين ان يتوبوا إلي الله حتي يرفع عنهم البلاء وان الحاكم لا علاقة له بالجوع والفقر الحاصل ويجب طاعته ولو متنا من الجوع لأننا سندخل الجنة زمراً برفقة هؤلاء القادة الأتقياء ، فتوالي الاعتداء عليهم من قبل الشباب وإنزالهم من المنابر لكونهم علماء سلطان مأجورين لا يقولون الا ما يتماشى مع مصلحتهم ويتطاولون علي الشعب بتحميله سبب الضائقة الاقتصادية الطاحنة التي سببها السرقة وسؤ الإدارة والفساد الظاهر لمنسوبي النظام الذين يكابرون وينكرون ويطالبون كل من لديه مستندات تدين احدهم تقديمها وهم المتحكمون في النيابات والقضاء وكل الأجهزة العدلية بالبلد.

ولكن كما أسلفنا في الحلقات السابقة ان الشعب قد اقتنع بأنه لا خيار للتراجع عن هذه الثورة مهما واجه من تهديد ووعيد او وعود كاذبة بالإصلاح ، فالتف حول قيادة تجمع المهنيين وسار ورائها بعد ان لمس حنكتها في إدارة هذه الثورة وأنها تسير بها في الاتجاه الصحيح لإنهاء حكومة الظلم والهوان التي جثمت على صدره 30 عاماً. فكانت جداول وخرائط تجمع المهنيين غاية في الدقة وحسن الإدارة ، فانتشرت الثورة في الأحياء ، زاد حجم المظاهرات الليلية هنا وهناك ، وبالمقابل تفرقت جهود قوات الأمن وفشلت كل خططها فما أن تخمد مجموعة هنا تظهر أخرى هناك ، وصار الشباب في بري وغيرها ينصبون الكمائن " لعربات التاتشر " وهو اسم محلي للسيارات المسماة في السعودية " جيب شاص " فتمكن الثوار من " بهدلة " العسكر وكسر شوكتهم وقلب سيارتهم والقبض علي بعضهم مع المحافظة التامة علي السلمية. حيث كان شعار سلمية سلمية شعارا حقيقياً لم تنجرف الثورة لاي عنف مضاد او قتل او انتقام رغم محاولاتالنظام وصم الثورة بالتخريب والاعتداء علي ممتلكات الناس ولكن كل يوم تثبت الثورة أنها سلمية تماماً وكل شيء موثق في هذا العصر ولا مجال لإلقاء التهم جزافاً.

في يوم السبت الواحدة ظهراً الموعد المضروب لمليونية 6 ابريل خرجت جحافل الشعب من كل الفئات والأعمار صوب قلب الخرطوم المشرئب للانعتاق وبزوغ فجر الحرية والخلاص في ذلك النهار الغائط. فخرجت الخرطوم عن بكرة أبيها رجالها ونسائها وشيبها وشبابها بصورة أذهلت حتى تجمع المهنيين نفسه الذي لم يكن يتوقع خروج هذه الجموع المليارية ، وانتهى بهم المطاف حسب خارطة تجمع المهنيين الي ساحة قيادة قوات الجيش وتم توجيههم من قبل قيادة تجمع المهنيين للاعتصام هنا والبقاء في هذا المكان في حرم الجيش وتحت عينه وحراسته وارتفعت الحناجر مناشدة الجيش بالانضمام للشعب ( جيش واحد.. شعب واحد ) ، هنا اصيب نظام البشير بصدمة كبيرة ودخله الرعب وان هذه الثورة وصلت مرحلة اللا عودة ويصعب إخمادها . ولكن الجيش المؤدلج وخاصة كبار قادته كانوا من الاستحالة بمكان إن يقفوا مع الثورة ضد نظام حكمهم ولكن حدثت مفاجآت من الرتب الوسيطة وصغار الضباط وكان لقوات الدعم السريع دور محوري في الأحداث اللاحقة لبداية الاعتصام. وانتظم الاعتصام وسادت الأجواء الاحتفالية والهواء الطلق معبق بأنغام الموسيقى واستقر الناس ونصبت الخيام وتوفر الطعام والماء وتوارى الظلام وحان سقوط اللئام.

في الحلقة القادمة... سقوط البشير في 11 ابريل واستمرار الاعتصام وما حدث فيه من جمال وإبداع وفن والتفاف وانبهار إلي حين فضه بالقوة في 29 رمضان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نهاية الثورات الفريدة
فول على طول -

فى بلاد الذين أمنوا كل الثورات فريدة وكل الثوار أحرار وقامت على الظلم والطغيان الخ الخ ولكن النتيجة واحدة وهى استبدال طغاة بأخرين والتطاحن دائما بين العسكر والمشعوذين - مع أن كلاهما مشعوذون -والأكثر شعوذة هم الشعب وقادتهم الثوار . حقيقة واضحة كالشمس أن مشاكل المؤمنين فى شريعتهم وتعاليمهم - شريعة عنصرية ..دموية ..ارهابية ..ظالمة ...قطع أطراف وجلد ورجم وظلم للمرأة وظلم مبين للمخالفين لدين اللة الخ الخ - واستحمار للشعوب باسم الشريعة الغراء وما أن يصل الثوار الأتقياء أو الأنقياء الى الحكم ومن ورائهم الثوار من الشعب الذين ساندوهم الا ويطالبون بالمزيد من الشريعة ....أى العودة للمربع صفر وبذلك يثبت المؤمن أنة يلدغ من نفس الجحر منذ 14 قرنا ولا يتعلم شيئا . فى مصر أم الدنيا استولى العسكر على الحكم وتم تبرئة عسكر مبارك وحاشيتة وناقص فقط أن يتأسف المصريون لمبارك .. اذن لماذا قامت الثورة اذا كان مبارك وحاشيتة أبرياء ؟ انتهى - فى العراق تم الانتفاض ضد داعش ولكن عاد الدواعش الشيعة أكثر وحشية من السنة والبغدادى ولكن تحت ستار القانون هذة المرة وبعلم القيادة السياسية أو غصبا عنها ...انتهى - السودان أو ليبيا أو تونس أو الجزائر لن يكونوا أفضل حالا ..سوف يتولى السلطة المشعوذون وهم الأكثر حظا وشعبية أو العسكر المسعوذون أيضا مثل البشير ..انتهى .

ثورات الشعوب كشفت أقنعة أقليات البلطجة والخيانة والحقد والغدر
بسام عبد الله -

وكيف تنتصر ثورات الشعوب وهناك من يطعنها من الخلف من دواعش الأقليات الباطنية العنصرية الحاقدة؟ هل كان أحدنا يتصور أن صديق الطفولة ومن كان يجلس بالأمس إلى جانبك على نفس مقعد الدراسة أو زميل العمل أو غيره ممن يعيشون بيننا وغفلنا عنهم لقرون يحملون حقداً علينا تعجز الجبال عن حمله؟ نعم قد يكون الأمر مفجعاً ومؤلماً في بدايته ، ولكن الإنسان بطبيعته يبحث عن وسائل للدفاع عن نفسه ، فهم كالأمراض الخبيثة التي تعالج بالبتر والإستئصال أو يتم الوقاية منها باللقاح، فمعرفة الداء نصف الدواء ولنا في بعض المعلقين مثل المدعوين مردخاي فول الأرثوذكسي المصري ومنخوليو الماروني اللبناني ورزكار البرزاني الكردي العراقي وبتاع اليوتوبيا الجبان قبيح القبحي كمثال لا للحصر، فعندما يكون عدو الشعوب أحد مكوناتها التي تطعن من الظهر يستحيل على ثورات الشعوب أن تنتصر أو ترى التطور والتقدم قبل إبادة هذا المكون الذي يحمل حقداً وكرها وعنصرية رهيبة، ويخوض حرب إبادة ضد الغالبية العظمى للشعوب، وهم من بعض الأقليات التي تدعي المظلومية كالأسدية في سوريا والشنودية في مصر والأورانجية والخمينية في لبنان والبرزانية في العراق أقليات تماماً كالسرطان الخبيث لا ينفع معها علاج وعلاجها الوحيد البتر والإستئصال. لا تعرف ولا تفهم معنى الحوار والمشاركة والتعايش السلمي في الوطن ظنناهم شركاء بالآلام والآمال وإذا بهم أفاعي وعقارب. إذا حَكَمَتْها الأغلبية تلطم وتشتم وإذا حَكَمَتْ هي الأغلبية أبادتها عن بكرة أبيها. كما حصل مع الأقلية النصيرية الأسدية في سوريا التي قتلت وشردت ودمرت وباعت الوطن لأعدائه لتبقى جاثمة على صدور الشعب، وعصابة دجال الضاحية التي همها فرج المسردب بقتل أطفال سوريا والعراق ولبنان واليمن وطريق تحرير القدس عن طريق تدمير العواصم العربية، والبرزانية التي طردت العرب من قراهم وألغت اللغة العربية وفرضت الكردية والعبرية، وكما هو حاصل في مصر مع أرثوذكسها الذين يشتمون العرب والإسلام والمسلمين ليلاً نهاراً فقط، والذين قال عنهم المطران جورج خضر أنهم لو حكموا ليوم واحد لأبادوا المسلمين جميعاً.

اقرأ تاريخكم
فول على طول -

السودان نال استقلالة عام 1956 ومنذ هذا التاريخ وهو محكوم بالعسكر أو المشعوذين ...لا أعرف لماذا يتوقع الكاتب أن السودان سوف يخرج عن هذة القاعدة مع أنة فى كل مرة كنا نسمع نفس الكلام عن الثورة الفريدة ؟ العسكر لا يقلون شعوذة عن المشعوذين الأصليين الا فى المظهر الخارجى فقط . سوف تعودون ياالى نقطة الصفر أى نفس المربع وسوف يتم سفر البشير - معززا مكرما الى احدى بلاد اليمان كى يمضى بقية عمرة هناك وحاملا معة كل ما سرقة وسوف يدعون أن البشر فر أو هرب - زين الهاربين بن على التونسي سبقة فى هذا الطريق ..ولا تنسي أيضا جعفر نميرى ولا تنسي مبارك الذى تم تنويمة فى مستشفى فاخر الى أن أطلق سراحة هو وأولادة وكل رجالة ... ويأتى حاكم السودان الجديد مؤكدا على تطبيق شريعة ربكم ويؤكد أيضا أن سبب مشاكل السودان هو عدم تطبيق الشرع الصحيح ولن يعترض أحد من المشعوذين مفجرين الثورة الفريدة لأنها ثقافة عامة عند الذين أمنوا . ..لم ولن يتعلموا شيئا أبدا وعلى مدار 14 قرنا ...ثم ينقلب الثوار - رفقاء اليوم وأعداء الغد - على بعضهم كالعادة وهذا يحدث منذ بدء الدعوة وينفرد أكثرهم خيانة وأشدهم لؤما بالقيادة ويجمع من حولة شلة أو ثلة منافقين مؤمنين وهكذا دواليك . هذا من الاخر ولا تتعب نفسك وتتفاءل دون داع .

كراهيتكم للبشر يا مردخاي فول تجاوزت جميع الحدود
بسام عبد الله -

وماذا عن تاريخكم المشؤوم يا مردخاي فول الزهامري، يا سليل الحقد والكراهية؟ لماذا تسقط بلاويكم على الإسلام والمسلمين الذين لولاهم لما وصلت لإيلاف لتشتمهم، هل نسيت أو تناسيت ما قاله شنودة بتاعك لقداسة بابا الفاتيكان عن بشاعة جرائم الحروب والإبادة لمئات الملايين التي تسبب بها مسيحيين ومن ضمنها أن الحرب في جنوب السودان كان بين مسيحيين ذهب نتيجتها مئات الالاف منهم وأكلوا لحم بعض حقيقية لا مجازاً كشف تقرير للاتحاد الإفريقي أن أكل لحوم البشر القسري وبتر الأعضاء البشرية وتجنيد الأطفال وانتهاكات أخرى كانت السمة التي اتصفت بها حرب جنوب السودان بين طرفين مسيحيين شملت بتر أعضاء بشرية" اخصاء وحرق جثث وتصفية دماء أشخاص قتلوا للتو وإجبار آخرين من الطائفة ذاتها على شرب هذه الدماء أو أكل لحم بشري محترق. وجاء الرد سريعاً بأن رهباننا لا يقتلون بعضهم البعض بوحشية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها من أجل حفنة من الجنيهات من ريع المخدرات كما حصل في جريمة مقتل الأنبا إبيفانيوس المروعة، وكذلك من المطران جورج خضر بأنكم إرهابيون لو حكمتم ليوم واحد لحرقتم المسلمين أحياء.