نصيب الفرد من فساد المال العام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"الفساد والإنسان سيان لا يختلفان".
تمتلئ هذه المقولة بالكثير من التشاؤم بالنسبة لأولئك المثاليون الذين يتصورون سلفاً خلو الإنسان من النزعة التسلطية وحب الاستغلال والاستيلاء على مقدرات وموارد الغير. فهم لا يعبئون بقياس الفارق الذي يُحدثه أدنى الفساد على معيشتهم خاصةً مع أمانهم على ما بحوزتهم من موارد. ففي لحظة الأمان هذه، لا يدخل ضمن حساباتهم ما كانوا جديرين حقاً بحيازته لولا الفساد المتخفي، والذي لا يلاحظه الفرد بينما تلاحظه المقاييس التي تُعنى بقياس الفساد.&
فخبر يومي كمحاسبة مسؤولين بتهمة الفساد بالمال العام يمر مرور الكِرام علينا وكأننا نشاهد "مانشيت" لتطبيق قانون الجرائم بحق مجموعة مسؤولين فاسدين، بينما الواقع خلاف ذلك. ففي حقيقة الأمر لم تكُن تلك الأموال مسلوبة من الدولة فحسب، بل مسلوبة ومنتقصة أيضاً من الحلقة الاقتصادية وبالتالي من نصيب كل فرد كان في وسعه المشاركة قليلاً أو كثيراً في مقدارها. فلو أخذنا آخر المؤشرات تداولاً في محيط كل منا بشأن انخفاض معدلات دخل الفرد، أو انخفاض معدلات الانفاق على السلع أو حتى على الرفاهية العامة، لنمى إلى علمنا أن قضايا الفساد من بين أكبر العوامل التي أثرت على ذلك الانخفاض، وإن كانت المؤشرات الرسمية لا تتطرق إليه غالباً.&
فمليون دولار فقط ينهبها مسؤول واحد، يفقدها في المقابل عمل ضخم في الحلقة الاقتصادية. فهذا المقدار يمكنه تشغيل مجموعة مصانع صغيرة يعمل بها مئات الأفراد. وبهذا المقدار من المال أيضاً يمكن إنتاج آلاف السلع وبيعها وشراءها والانتفاع بها من قِبَل آلاف الناس. وفي وسع هذا المقدار نفسه تأسيس عدة مؤسسات تنموية صغيرة، وقِس على ذلك عشرات الاتجاهات المختلفة لتدوير وتشغيل تلك الأموال. فماذا إذا كان مقدار ما ينهبه المسؤولين مئات الملايين من الدولارات وليس مليوناً واحداً؟&
وعادةً ما يقال بأن الفقر يدعو للفساد بينما يعمق الفساد الفقر. فعملياً تتجلى نتائج الجزء الأخير من هذا القول في الوضع الاجتماعي الواقع تحت نيران الفساد العام. ففي معظم الدول العربية والإسلامية "وهي الأسوأ في قضايا الفساد"، يُعادل مجموع ما يتم نهبه والاستيلاء عليه من الأموال العامة سنوياً، المقدار الكافي لرفع المستوى المعيشي لشريحة كبيرة من الفقراء من حد العوز إلى الحد الأدنى لمستوى الحياة الكريمة. يعني ذلك على سبيل المثال، أن الفرد "من شريحة الفقراء" الذي يقل دخله عن 150 دولاراً في الشهر، سيرتفع إلى 350& دولار في الشهر فيما لو جرى توزيع الأموال التي ينهبها الفاسدين على شريحة الفقراء في أي دولة نامية.&
والجدير بالذكر بحسب الكثير من الإحصائيات الدولية كتقارير البنك الدولي، أن ما لا يقل عن مليار شخص حول العالم يقل دخل كل فرد بينهم عن 33 دولاراً في الشهر، بين تلك الأعداد نسبة لا يُستهان بها في مختلف الدول العربية.&
أعود للقول بأن كل دولار مسروق يسلب الفقراء فرصاً متساوية في الحياة ويمنع الحكومات من الاستثمار في رأس مالها البشري. هذا صحيح دائماً لأن كل مقدار يتم نهبه من المال العام يعني فقدان الدورة الاقتصادية والحركة التجارية لهذا المقدار بالتحديد. ما ينعكس على حرمان كل فرد كان جديراً بهذا المقدار لولا استيلاء الفاسد عليه. فهل نتصور كيف يدمر فاسداً واحداً فقط حياة آلاف الناس؟&&&
لسنا من بين العالم أجمع الأقل حظاً في علوم مكافحة الفساد، ولكن ربما الأكثر حظاً في سوء تطبيق تلك العلوم. &
التعليقات
الفساد العام في كل دولة
فؤاد -فساد المال العام موجود في كل دولة ووجه الاختلاف هو مقدار هذا الفساد بين الدول.ويمكن لضعف الرقابة وتفشي المحسوبيات وهشاشة الانظمة القانونية ان تفاقم مستويات الفساد. وعلى مستوى كل دولة تتناقص معدلات التنمية كلما زاد الفساد والعكس صحيح.ولكن مثل ما اشرت تمتاز الدول العربية عن غيرها بتزايد الفساد العام ولذلك يظهر رد فعل الفساد في هيكل البنى التحتية ومستوى التعليم وغير ذلك.الفساد يعطل التنمية ويزيد الغني غنىً والفقير فقراً
من زاوية اخرى
ابتسام العروي -اعجبني عمق النظر في المقالبالفعل علينا ان نقيس الفساد بمقدار الفرص الضائعة التي تعادل الأموال المنهوبة لان الفساد لن يختفي مهما تطورت اساليب الكشف ((الفقر يدعو للفساد بينما يعمق الفساد الفقر)) .. عبارة للتأمل
الأهم من نصيب الفرد
فول على طول -الأهم من نصيب الفرد فى الفساد أن تكتب لنا عن أسباب الفساد فى بلاد الذين أمنوا وكيفية القضاء علية ...ونرجو أن تكتب بالصراحة ودون مواربات حتى تعم الفائدة . ننتظركم فى المقال القادم ان كان فى العمر بقية لعلك تلبى طلباتنا وشكرا مقدما .
رد على تعليق مردخاي فول السخيف
بسام عبد الله -يتحدث هذا الدجال والمنافق والعنصري والحاقد المدعو مردخاي فول الزهايمري عن الفساد وهم بؤرته، ويتشدق بحضارة الغرب وكأنه هو من قاد حركة التطور هناك، وهو من يوزعها على العرب المتخلفين ، ويتفشخر ويتبنى وينسب التطور في الغرب لنفسه لمجرد إدعائه بأنه شنودي صهيوني، مع أن الكنيسة لا علاقة لها بالتطور أولاً، والغرب المسيحي يتبرأ منهم ويهرطقهم ويكفرهم حسب وثقيقة البابا ثانياً، وإذا كان هناك فساد وتخلف في الشرق فأمثاله هم سببه ثالثاً لأنهم سبب البلاء ليس لنا وحدنا بل للبشرية جمعاء فحقدهم وعنصريتهم وخيانتهم وطعنهم لنا بالظهر هو من عوامل تخلفنا بسبب تسامحنا معهم الذي لامنا عليه الغرب المسيحي مراراً لأننا أنقذناهم من إبادة الرومان لهم ، ويشمتون بنا أحيانا قائلين أنتم من جنيتم على أنفسكم بحفاظكم على سرطان خبيث بين ظهرانيكم، ولو تركتمونا نبيدهم لكنتم اليوم معنا بالحضارة جنباً إلى جنب، ولما وجد عنصري حاقد يستهزيء بالقول أن سكان مجرة درب التبانة سبب الفساد عندكم ويتآمر عليكم وهو من غجر اليونان أو فلول يهود موسى التائهة في صحراء سيناء، ونسي أن الحضارة في الشرق الأوسط لم تظهر إلا عندما شكمناكم ولن تعود إلا بشكمكم مرة اخرى فانتظروا وعدكم في الحياة الدنيوية وبحيرة الأسيد في الحياة الأبدية.
الفساد يبدأ من الرأس
أوس -اكبر سراق المال العام هم الأشخاص النافذون في الانظمة العربية من الحكام فما دون ، وهولاء اللصوص توفر لهم الحماية داخليا وخارجيا ، من المساءلة القانونية والمحاسبة ..