كتَّاب إيلاف

إيران ومعارك الكونجرس الأميركي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية، تبقى إيران ملفاً حيوياً ومادة للصراع السياسي في الانتخابات الأميركية كما كان الحال في منافسات انتخابية سابقة، ولكن مع زيادة وتيرة السجال السياسي حولها هذه المرة.

الكونجرس الأميركي أعلن أنه يستعد لعقد جلسات سرية تستهدف مناقشة إصدار تشريع يحد من قدرة الرئيس ترامب على شن حرب ضد إيران، وقالت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، إن مسؤولين كبارا في إدارة ترامب وفي الخارجية، سيقدمون "إفادات سرية" في جلسات مغلقة، بشأن السياسة المتعلقة بإيران، وأوضحت اللجنة أن تلك الجلسات السرية، ستأتي قبل التصويت بصورة نهائية على تشريع يحد من قدرات الرئيس الأميركي على شن حرب على طهران.

وتأتي مناقشات مجلس الشيوخ بعد أن صوّت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، في وقت سابق من هذا الشهر، لصالح منع ترامب من القيام بمزيد من الأعمال العسكرية ضد طهران.

هناك عوامل عدة تشير إلى صعوبة تمرير هذا التشريع ليس فقط لأن مجلس الشيوخ يسيطر عليه الجمهوريون، ولا لأنه يتزامن مع فتح ملف التحقيقات مع الرئيس ترامب في مجلس الشيوخ، ولكن لأن التشريع يبدو بنظر معظم المتخصصين نوعاً من المناكفة السياسية التي تستهدف تقييد سلطة الرئيس والحد من هامش المناورة المتاح أمامه.

في أمور التدخلات العسكرية الخارجية، لا تعلو الولاءات الحزبية عادة على أي اعتبارات أخرى، ولكن تبقى الأولوية لتوجهات أعضاء الكونجرس وطموحاتهم السياسية ورؤاهم الشخصية، باعتبار أن مثل هذه المواقف المحورية تبقى علامات بارزة في سجلات الساسة الذين يحرصون على التمسك بآرائهم والتعبير عن مواقفهم بحرص شديد بالتوازن النسبي مع اعتبارات الانتماء الحزبي، لذا نجد أن بعض أعضاء الكونجرس الجمهوريين على سبيل المثال، يعلنون تمسكهم بالاستماع إلى إحاطات مقنعة حول التهديدات الايرانية كي يحددوا مواقفهم من أي تشريع يخص صلاحيات الحرب، لاسيما أن المصالح السياسية الشخصية تتقاطع أحياناً مع اتجاهات الرئيس حتى في حال الانتماء الحزبي الواحد.

مسألة تقييد صلاحيات الرئيس الأميركي على الصعيد العسكري من جانب الكونجرس من ضمن الأمور التي تمثل مجالاً للنقاش، فالدستور الأميركي يمنح الرئيس صلاحية إصدار أمر بالقيام بعمل عسكري على أراضي دول أخرى ولكن من دون أن يصل الأمر إلى حد إعلان الحرب، الذي يملكه الكونجرس بمفرده، وحدد الدستور مدى زمني لهذه العمليات بحدود 60 يوماً قابلة للزيادة عند الضرورة إلى 30 يوماً أخرى، على أن يقدم الرئيس تقريراً للكونجرس يوضح فيه مبررات كافية لاتخاذ هذا القرار.

الشواهد تؤكد أن الرؤساء الأميركيين يستخدمون عادة صلاحياتهم في توجيه ضربات عسكرية محدودة من دون موافقة مسبقة من الكونجرس، ونتذكر جميعاً على المدى القريب الكثير من هذه الوقائع، التي كانت موضع إجماع أمريكي، فلا يكاد يوجد رئيس أمريكي في العقدين الأخيرين لم يأمر بالقيام بعمل عسكري من دون موافقة مسبقة من الكونجرس، وبالتالي فالمسألة ليست عابرة ولا طارئة في الساحة الأميركية.

ورغم ما يثار بشأن مخاوف الديمقراطيين من توسع الصراع مع إيران وانتقاله إلى حرب فعلية، فإن هناك أيضاً من الشواهد مايؤكد رغبتهم في تقييد سلطات الرئيس ترامب قدر الامكان كي لا يحقق أي انتصار في سياسته الخارجية بما يرجح كفته بقوة في صراع الفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات نوفمبر المقبل.

نقاشات الكونجرس في هذا الموضوع لن تعرقل على الأرجح إدارة الرئيس ترامب للأزمة مع إيران، لأنه لا ينوي بأي حال إعلان حرب ضد الملالي، ويستغل فقط سلطاته الدستورية في توجيه القوات المسلحة الأميركية باعتباره قائداً عاماً لها، ومن صلاحياته الأمر بتنفيذ عمل عسكري محدود، علاوة على أن المدى الزمني المتاح للرئيس في استخدام القوة العسكرية بشكل محدود وابقاء الجنود الأميركيين خارج البلاد، أي فترة الشهرين القابلة للزيادة لشهر ثالث، كافية جداً لردع أي تهديد خارجي يعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر في ظل الرهان الحصري على استراتيجية الضربات الصاروخية المحدودة اعتماداً على التفوق العسكري الأميركي الكبير في مواجهة الخصوم الاستراتيجيين، وكل مايمكن للكونجرس القيام به في هذا الشأن هو رفض أي طلب لتمويل العمليات العسكرية الاضافية، ويبقى للرئيس صلاحيات وسلطات واسعة في تقدير مدى تعرض مصالح الولايات المتحدة للتهديد من جانب قوى أجنبية، حيث يتعين عليه اتخاذ قرار الرد العسكري مع الاكتفاء بإخطار الكونجرس، الذي يقول الرئيس ترامب أنه لا يمكنه إبلاغه بالقرارات بشكل مسبق نظراً لفقدان الثقة بينه وبين الديمقراطيين في مجلس النواب تحديداً.

الخلاصة أن الرئيس ترامب لا يحتاج على الأرجح إلى تفويض من الكونجرس للرد على أي تهديد إيراني محتمل خلال الفترة المتبقية من ولايته الرئاسية الأولى، ويبقى الموضوع مجالاً للسجال السياسي الداخلي الأميركي من دون تأثير حقيقي على فاعلية استخدام الرئيس للقوة العسكرية الأميركية في الوقت الراهن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
زواج متعة ومصلحة ومفاخدة ولطم وتطبير وإنتخابات
بسام عبد الله -

لا توجد أزمة جدية بين امريكا وايران بل مفتعلة ومفبركة، وكل ما حدث ويحدث وسيحدث مسرحيات من عدة فصول متفق على خطوطها العريضة، تنسيق غير مباشر بدأ منذ شحن المقبور الخميني على طائرة فرنسية إلى قم قبل حرب صدام خميني، وكان بالتأكيد عامل وحيد داخلي أمريكي أثر في اتخاذ القرار ودفع ترامب في الاقدام على خطوة مشابهة باتجاه ملالي الدجل وهو موضوع التحقيقات التي يجريها الكونجرس ورغبة البيت الأبيض بالتعتيم على القضية والتشويش على الديمقراطيين الذين أرادواً "حبس" الرئيس ترامب في غوانتانامو أو عزله أو استقالته كأضعف الايمان. لأن الرئيس ترامب ليس برئيس قوي كما يشاع، بل هو ضعيف وأضعف من اوباما الذي استطاع أن يسحب الأسلحة الكيماوية من المجرم بشار أسد بالتهديد، ويمكن إعتبار قتل المجرم قاسم سليماني قرار إرتجالي كما يقول المثل بالنسبة للعرب رمية من غير رامي إستفاد منه خامنئي وبوتين، لأنه تراجع عنه وخاف من عواقبه حتى قبل حدوثها، كما حصل مع المجرم حسن نصر الله في عام 2006 بعد الرد الإسرائيلي عندما قال لو كنت أعلم لما فعلت. وكلاهما أي ترامب وخامنئي فعل ما فعل لمصلحة شخصية بحتة لا علاقة لها بالصراع الدائر في المنطقة، فالأول لهدف إنتخابي والثاني لتلميع صورته والتخلص من مركز قوى يهدد وجوده كما كان يحصل مع قادة الجيوش عندما تهدأ الحروب ويعودوا إلى بلادهم لجني الغنائم والتاريخ حافل ويذكرنا بالعديد منهم مثل نابليون الذي تم نفيه إلى جزيرة هيلانة للتخلص منه. لو كان ترامب قوياً وعارفاً لقدرة امريكا، لقام بإجتياح ايران والقضاء على الملالي في بداية عهده كما فعل البوشين الأب والابن مع صدام حسين. ولأنقذ أرواح الملايين من الأبرياء والأطفال والنساء في العراق وسوريا واليمن ولبنان.