كتَّاب إيلاف

صفقة القرن والاتجار بالقضية الفلسطينية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لم يكن معظم ماورد في إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن "صفقة القرن" بخصوص القضية الفلسطينية مفاجئاً للكثيرين، فأمور مثل وضع مدينة القدس والمستوطنات واللاجئين وحدود الدولة الفلسطينية المقترحة معروفة للجميع، أو على أقل التقديرات يبدو الموقف الأمريكي حيالها معروف مسبقاً وبشكل رسمي، لاسيما منذ إعلان الرئيس ترامب قرار نقل السفارة الأمريكية والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وإذا أضفنا إلى ذلك حديث الرئيس ترامب المتكرر عن مساندته ودعمه المطلق لإسرائيل، والتسريبات الاعلامية المتكررة للغاية حول محتوى "الصفقة"، فإن الأمر يبدو واضحاً ومتوقعاً، والاشكالية لا تصبح في الاعلان بحد ذاته، بل في كيفية التعاطي الفلسطيني والعربي مع الموضوع منذ بدايته، فلا يجب اغفال حقيقة أن استمرار وتعمق الانقسام الفلسطيني بل وغياب البوصلة عن التنظيمات والقيادات الفلسطينية قد تسبب فيما آلت إليه الأحوال.

لا يجب أن تراهن القيادات الفلسطينية على فكرة التنصل من مسؤولية استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينية والقاء العبء على الأنظمة والحكومات والشعوب العربية في وقت يدرك فيه الجميع حجم التحديات المتفاقمة التي تواجه النظام الاقليمي الجماعي العربي، والتحديات الاستراتيجية الضخمة التي تواجه دول عربية محورية كان ولا يزال لها الثقل الأكبر في إدارة الملف الفلسطيني.

علينا أن نتذكر جيداً أن سيناريو الصفقة كان مطروحاً منذ سنوات مضت ولم يحرك هذا التطور الكبير ساكناً في الصف الفلسطيني، ولم يكن باعثاً أو دافعاً من أجل وحدة الصف والكلمة والقفز على الخلافات بين التنظيمات والقيادات الفلسطينية سواء في الداخل أو الخارج، بل استمرت الخلافات وفشلت كل الجهود العربية المبذولة من أجل رأب الصدع وإذابة الخلافات وما زاد الطين بلة أن بعض القيادات الفلسطينية قد ازدادت ارتماء في أحضان نظام الملالي الايراني واستمر رهانها عليه متجاهلة الحاضنة الطبيعية العربية للقضية طيلة تاريخها.

لم يطلب أحد أن يقوم الفلسطينيون بمهمة تسوية قضيتهم بأنفسهم ومن دون دعم عربي مباشر وقوي، ولكن على الأقل كان لزاماً عليهم تهيئة البيئة المناسبة لهذا الدعم واعداد البدائل والمقترحات اللازمة للوصول إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية واعداد استراتيجية متكاملة للتعاطي مع تطورات حيوية خطيرة كانت معلومة سلفاً بدلاً من التفرغ للحروب الكلامية والصراعات العبثية، ثم الاعتماد ـ مع سبق الاصرار والترصد ـ على الشعارات والخطاب الاعلامي المتكرر في الرد على إعلان الصفقة الذي يمثل أحد أهم منعطفات القضية الفلسطينية في تاريخها.

الواضح من ردود الأفعال الداخلية أن الشعب الفلسطيني ذاته قد فقد الثقة في قدرة النخب السياسية الحالية على تحقيق تطلعاته المشروعة في بناء دولته المستقلة، وإعلان الصفقة ليس حدثاً مفاجئاً وما يحدث هو ترجمة لما شهدته منطقتنا من تطورات وتغيرات استراتيجية متسارعة وعميقة منذ عام 2011 وحتى الآن، ومن ينتقد محتوى صفقة القرن عليه أن يتذكر أنها ليست سوى اقرار لواقع صدرت به مواقف وقرارات منفردة، ولم تواجه سوى بمواقف إعلامية وسياسية صاخبة سرعان ماتلاشى أثرها بمرور الوقت.

يجب أن تعترف النخب الفلسطينية، لاسيما من يسمون بقادة المقاومة وتنظيماتها وحركاتها وجماعتها، قبل غيرهم، بالفشل في التعاطي مع القضية وتطوراتها، والانغماس في صراعات شخصية وتصفية حسابات لا ناقة للشعب الفلسطيني فيها ولا جمل، بل والارتماء في أحضان أنظمة عواصم معادية لكل ماهو عربي، وتتاجر بالقضية ويستغلها قادة هذه الأنظمة لتحقيق مكاسب دعائية.

صحيح أن النظام الجماعي العربي يعاني منذ انتشار الفوضى والاضطرابات عام 2011، حالة ضعف استراتيجية غير مسبوقة كانت ولا تزال من الأسباب والعوامل التي تغري بالافتئات على قضية العرب المركزية، ولكن هذا الوضع العربي لا يبرر الارتماء في أحضان عواصم لديها مطامع واضحة في أرض وموارد عربية! فلن يغامر السلطان أردوغان بمصالحه من أجل عيون الفلسطينيين ولن يترك أطماعه في غاز المتوسط من أجل نصرة القضية الفلسطينية كما يعتقد الواهمون ومريديه في الحركات والتنظيمات الفلسطينية، والأمر ذاته ينطبق على ملالي إيران، الذين يبحثون عن "الصفقة" مقابل "الصفقة"، ولو وجدوا مايريدون من البيت الأبيض فلن يسمع لهم صوتاً حول الفلسطينيين وقضيتهم التي تحولت إلى ورقة ابتزاز ودعاية وخداع العقول بيد الملالي!

الواضح للعيان أن صفقة القرن قد لا تكون بالون اختبار ولن تسقط أو تنتهي بالتصريحات والشعارات كما نقرأ في تصريحات البعض، بل هي تطور نوعي فارق يستحق الاهتمام والمتابعة من أجل الحد من آثاره ولجم عواقبه، والأمر يتطلب جهوداً سياسية جادة ومدروسة ومسؤولة للتعامل مع هذا المنعطف التاريخي في مسيرة القضية الفلسطينية، وإدارة هذه الأزمة بكثير العقل والحكمة بعيداً عن العنتريات والشعارات الجوفاء والمتاجرين بالقضية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
فلسطين من النهر الي البحر ومن الجليل الى النقب بلا يهود
لطفي ابوسعيد -

لاشك ان مشاركة بعض العرب في تدشين صفقة العار ، عار تاريخي يلحقهم لن يمحى ، لقد جمع اليهود أطنان الذهب ليشتروا فلسطين من خليفة المسلمين العثماني فأبى والمفارقة اليوم ان العرب يجمعون المليارات من اجل لليهود لتقديمها لهم فوق البيعة ، ان عمر فلسطين اطول من عمر الغزاة ومن عمر خان و من ايد وموّل ..

عليكم بالشعارات والشتائم والتخوين كالعادة
فول على طول -

تحية للاستاذ الكتبى على هذا المقال العقلانى والواقعى وبعد : سيدى الكاتب أنتم لكم 14 قرنا وأكثر تتعاطون ثقافات غير انسانية - التداوى بالبول والحجامة - .كيف لكم أن تتعاطوا أو تتعاملوا مع قضية فلسطين والتى سقطت من ذاكرة العالم كلة بسببكم ؟ - العالم أدرك تماما أنكم ليسوا طلاب سلام ولا عيش مشترك ولذلك تعاطف تماما مع اسرائيل مهما فعلت ...العالم يردد كان اللة فى عون اسرائيل على العيش وسطكم . بالأمس فقط حادث طعن فى بلجيكا وحادث طعن فى انجلترا وحوادث دهس فى المانيا وفرنسا من قبل الخ الخ ..وبالطبع فان الارهابى مسلم ولاجئ تقريبا ..أى تطعنون أهل البلاد التى تأويكم ...اذن كيف يصدقون أنكم تطلبون السلام مع أحد ؟ ناهيك عن الشعارات الجوفاء مثل : لعن اللة اليهود والنصارى وأحفاد القردة والخنازير وسوف نلقى باسرائيل فى المحيط الخ الخ ..اذن كيف يصدق العالم أنكم ترغبون فى العيش المشترك مع أحد ؟ الأهم هو ثورات الربيع العربى وقتل غير المسلمين وتهجيرهم والاستيلاء على أملاكهم ..هل هذة الأفعال لا يراها العالم ولا يعرفها .. ناهيك عن الاقتتال فيما بينكم - قبل طرح بنود الصفقة تم رفضها من الأزهر ومن منظمة المؤتمر الاسلامى ومن كل العرب ..يعنى من أولها ..وبدلا من أن تشكروا ترامب تهاجمونة ..ألا يكفى ترمب أنة افتكر القضية المتكلسة اياها ؟ الأزهر أعلن أن القدس بالكامل وفلسطين بالكامل هويتها عربية اسلامية هل هذا كلام يعقل هل الأزهر لا يعرف القران والتفاسير ؟ بالطبع هذا البيان أو الفتوى الأزهرية أغلقت كل الأبواب أمام كل القادة العرب والمسلمين بالرغم من أنها مزايدة رخيصة واستحالة تطبيقها ..الأسوأ أنكم جعلتم قضية فلسطين قضية دينية اسلامية وسمعة الاسلام والمسلمين معروفة عالميا وخاصة الان وبسبب أفعال وأدبيات المسلمين - يكفيكم الشعارات والتخوين والشتائم .ناموا وتصبحوا على خير . كل الفرص التى كانت متاحة أمامكم رفضتوها بحماقات منقطعة النظير وتتباكون بعدها .. . عندما تتعايشون فيما بينكم سوف يصدق العالم أنكم تقبلون بالتعايش مع غيركم وخاصة مع اليهود . تحياتى استاذ سالم .

عفواً أستاذ سالم ــ سنعطيه كلمتين بالعضل.
بسام عبد الله -

كلما قرأ المدعو فول حقيقة عن العرب ولغتهم والمسلمين والإسلام يفقد صوابه ويصاب بنوبات صرع ويهوج ويموج كثور في متحف خزف. مع العلم أن أمثاله ممن وضعوا جلود قفاهم على وجوههم عديمي الإحساس، فيبدأ بالصياح والصراخ على قدر ألمه. ويرش أسئلة سخيفة وغبية ويستنتج إستنتاجات أسخف منها تفضح غباء منقطع النظير، مثل التداوى بالبول والحجامة، ولعن اللة اليهود والنصارى وأحفاد القردة والخنازير وسوف نلقى باسرائيل فى المحيط الخ الخ ، اسطوانته المشروخة كالعادة،وقد رددنا عليه مليون مرة عندما كنا نظن أنه عاقل ويسأل ليفهم لا ليجتر، والمضحك أنه يتوهم أن هناك من يهتم بأمره أو سخافاته. أمثالك يا فول وتفتخر لا ينفع معهم كلام ولا يجدي معهم حوار. لأنهم عنصريون حاقدون كارهون. لا يقرؤون ولا يفقهون ولا يفهمون حتى تعليقاتهم ولا يعتبروها شتائم لأنها جزء من ثقافتهم التي تلقنهم إياها كنائسهم المعيبة وتجمعاتهم الدينية المشبوهة والمطبوعة على الغدر والخيانة التي هي طبعهم وطباعهم وديدنهم، يرون الشوكة بحذائنا عمود والعمود في عينهم شوكة. لما لا تلتفت وتهتم ببلاويكم المتلتلة ورجال دينكم وقضاياكم بدل حشر أنفك بقفانا؟ نحن لا ندعي الكمال ولكن النقض من عنصري حاقد مرفوض لأنه هدّام وليس بنّاء، ولا يأتِ بحلول، وخاصة من أهل الخيانة والحقد والغدر والتآمر على الشعوب. والسؤال هنا: من أنت حتى تنتقد الأديان والشعوب والكتاب والقراء؟ هل عقلك المريض يوحي لك أنه لمجرد كونك أو إدعاءك بأنك مسيحي يعطيك الحق بالوكالة عن الرب والتحدث بإسمه؟ وتمنح صكوك الغفران وحقوق الأرض وإصدار الأحكام والقوانين؟ أنت سقفك تسرح بشوال بطاطا على الكورنيش وماتنساش قرينك جاك لأن تعليقه لا يستحق الإجابة. يا واد صرت أضحوكة للقراء والكتاب والمحررين بتعليقاتك الممجوجة التي ستنقلب وبالاً عليك فحقدك سيفطر قلبك.

اصطفاف أيتام المهجر
متابع وراكم وراكم يا ارثوذوكس -

امر لافت اصطفاف أيتام المهجر من غجر مصر والمهجر مع اليهود ، يعود ذلك الى جذورهم اليهودية ، ولا عجب في ذلك .

الكنيسة و رعايا الكنيسة في استقبال شارون في القاهرة ؟!
متابع وراكم وراكم يا غجر -

لو كانت ثغرة شارون نجحت ، ووصل شارون الى القاهرة فلن يجد في استقباله سوى اباء و رعايا الكنيسة الارثوذوكسية في مصر

ما معنى فلسطين بلا أقصى ولا قدس ** فلسطين بلا قدس كجثمان بلا رأس
محب الأقصى -

ما معنى فلسطين بلا أقصى ولا قدسِ .. فلسطين بلا قدسٍ كجثمان بلا رأسِ

ايتام المهجر
صالح -

على مر العقود من الخمسينات والستينات والى اليوم هاجر قلة من اليهود والمسيحين من العالم العربي الاسلامي الى المهجر بالالاف وعشرات الالاف, ومنذ الربيع العربي الاسلامي هاجر عشرات ومئات الالاف من الايتام المسلمين للمهجر

الوعد العجيب المرتقب بإخراج اليهود من فلسطين كما اخرجوا من يثرب قبل الف واربعمائة عام ..
حفيد الصحابة -

{ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ وَلَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ } الآية ٢و٣ من سورة الحشر

لخطة كوشنر
ابن الجزيرة العربية -

فعلاً متاجرة بالقضية الفلسطينية